تلقت حكومة بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، صفعة معنوية مُدوية في انتخابات نقابة المحامين، إذ إن المرشح الذي دعمته مباشرة، واستنفرت أحزابها بقوة لتجنيد أصوات له، خسر بحصوله على نسبة 19% فقط، مقابل 73% للمدعوم من القوى المعارضة لتعديلات القوانين، التي من شأنها أن تضرب مكانة جهاز القضاء الإسرائيلي، خاصة صلاحيات المحكمة العليا، وهذا بحذ ذاته مؤشر لحالة الشارع الإسرائيلي، ما يضع نتنياهو أمام خيارين: التجاهل والاستمرار في مشروعه، أو أن يلجم مبادرات حكومته التشريعية، خاصة وأن صندوق النقد الدولي انضم لمؤسسات وأطر دولية في التحذير من مبادرة تعديلات القوانين المتعلقة بجهاز القضاء.
في 21 حزيران 2023، اندلعت مواجهات بين السوريين في هضبة الجولان المحتلة والشرطة الإسرائيلية، احتجاجا على مشروع بناء مراوح هوائية (توربينات) على أراضيهم. وعلى خلفية مشهد المواجهات العنيفة، والاحتجاجات التي امتدت إلى مناطق أخرى في الجليل، أعلن الوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، أنه "لا يمكن أخذ القانون عنوة"، وأن أعمال البناء ستستمر في اليوم التالي. هذه المقالة تنظر في العلاقة المعقدة، والمتبدلة، بين السوريين في هضبة الجولان ودولة إسرائيل، خصوصا أن بعض مركبات مشروع الاستعمار الاستيطاني (مدّ نفوذ الدولة على مساحات أكثر من الأراضي للهيمنة على حياة سكانها الاجتماعية والاقتصادية) يتم تنفيذه من قبل "القطاع الخاص"، عبر شركة "إنرجيكس" (Energix Renewable)، المتحالفة مع الدولة (كما سيتضح أدناه)، ولهذا دلالات لا بد من استشراف تبعاتها.
يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ضغوطا من قبل شركائه في الائتلاف الحكومي خاصة أحزاب الصهيونية الدينية تصل إلى درجة الابتزاز لتحقيق مكاسب سياسية كمواقع رسمية أو صلاحيات، أو لفرض وقائع على الأرض. في بعض الأحيان يقدم نتنياهو ما يمكن وصفه بالرشاوى السياسية، لتجنب أو امتصاص غضب وضغوط هؤلاء الشركاء. لكن في أحيان أخرى يلجأ نتنياهو إلى توصيات المستوى الأمني ليواجه بها ضغوط وزرائه عليه. وهذا يتناقض مع شخصية نتنياهو القوية والمناورة خاصة في فترة حكمه قبل خسارته الانتخابات قبل أكثر من عامين. إذ أدرك نتنياهو من جهة وشركاؤه من جهة أخرى مدى حاجته للائتلاف الحالي، في ظل استطلاعات الرأي العام التي تشير إلى أن اليمين لن يحصل على أغلبية في الكنيست مرة أخرى.
"التحولات الجوهرية الحاصلة منذ فترة بين المسيحيين الأفنجيليين تحتّم على إسرائيل إعادة التفكير في الأمر. على خلفية الشرخ القائم والآخذ في التعمق مع اليهود الأميركان، وإذا ما فقدت إسرائيل أيضاً دعم محبّيها الأفنجيليين، فقد تجد نفسها متورطة في مشكلة جدية وعميقة"- هذه هي الخلاصة التحذيرية التي ينتهي إليها كوبي باردا، الباحث في معهد "ميتفيم (مسارات) ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية" والمتخصص في تاريخ السياسة الأميركية، الحركات الشعبية والجيوستراتيجية، في تحليله للسيرورات البارزة بين الأفنجيليين الأميركيين خلال السنوات الأخيرة، مشيراً بشكل خاص إلى النتائج التي أظهرها استطلاع للرأي العام أجراه مؤخراً معهد أبحاث أميركي بارز (معهد PRRI في واشنطن) حول المعتقدات الدينية في الولايات المتحدة، وفي مقدمتها الهبوط الحاد، بنسبة تقارب الـ 40%، في عدد الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم "أفنجيليون" في غضون أقل من عقدين من الزمن ـ من حوالي ربع السكان في الولايات المتحدة في العام 2006 إلى نحو 13.5% في نهاية العام 2022.
الصفحة 92 من 859