مرة أخرى يخرج إلى الضوء العام ملف قديم/ جديد من مربعات ظلام السياسة وظلاميتها. إنه ملف الرقابة والملاحقة بواسطة المخابرات لمؤسسات التعليم والعاملين والعاملات فيها بصفة مربين ومربيات ومدرّسين ومدرسات. هذه المرة وصلت الأمور درجات من العبث الذي بات يميّز كل جهاز الحكم التنفيذي الإسرائيلي الراهن، لدرجة أن مَن يريد سياسيو اليمين الشعبوي تكليفه بمهمة الرقابة الجديدة، وهو جهاز الشاباك، يزعم التحفظ بنفسه من المشروع المطروح، من ناحية حجمه وبنيته على الأقل وليس جوهره.
تتسبب بعض نقاط الخلاف التي اندلعت بين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية إدارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سير الحرب على قطاع غزة ومحاولته عدم التماشي مع ما تطرحه الإدارة الأميركية الحالية من خطوط سياسية عريضة تتعلق بـ "اليوم التالي"، بإغواء كثير من المحللين الإسرائيليين للخروج بسيناريوات تتعلق أكثر من أي شيء آخر بمستقبل الحرب وتأثيرها على السياسة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبأفق العلاقات الإسرائيلية- الأميركية على حدّ سواء.
في شباط 2024، بدأ الجيش الإسرائيلي بشق طريق يقطع قطاع غزة من شرقه إلى غربه، ويسمى "طريق عابر القطاع" أو شارع 749. ويعزل الطريق شمال قطاع غزة عن جنوبه، ومن شأنه أن يشكل نقطة ارتكاز للجيش الإسرائيلي، وله أبعاد استراتيجية أخرى تتعلق بالاستيطان، والتحكم بسكان القطاع عبر منع عودة سكان الشمال إلى منازلهم.
جرت، يوم 27 شباط الماضي، انتخابات المجالس البلدية والقروية في إسرائيل (انتخابات السلطات المحلية)، وذلك في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة. هذه أول انتخابات إسرائيلية تجري في ظل الحرب، بعد أن تم تأجيل موعدها مرتين، إذ كان من المفروض إجراؤها يوم 30 تشرين الأول العام الماضي، وتم تأجيلها إلى نهاية كانون الثاني الماضي، ثم إلى نهايات شباط، والانعكاس الأكبر للحرب هو انخفاض أشد في نسبة التصويت، أكثر من ذي قبل، إذ إن هذه انتخابات معروفة عامة بنسبة تصويت منخفضة في الشارع الإسرائيلي، وبارتفاعها في المجتمع العربي.
الصفحة 42 من 859