منذ رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بدا وكأنه ثمة تغير ملموس في مشهد الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ تراجعت وتيرة الصراع بينهما بنسبة كبيرة، وحصل تغير نوعي في خطابهما السياسي، واستؤنفت الاتصالات التفاوضية، على أكثر من مستوى، بينهما.
كثيرة هي الأوصاف التي يمكن إعطاؤها للقمة الرباعية المنعقدة في شرم الشيخ. وهي تختلف بإختلاف الزاوية التي ينظر منها الى هذا الحدث السياسي الاول من نوعه منذ مدة. فالقمة قد تكون في منظار منظمات الرفض الفلسطينية إعلان نهاية الإنتفاضة المسلحة من دون مقابل سياسي واضح أللهم غير تعهدات إسرائيلية بوقف التصفيات وعمليات التوغل العسكرية، وربما إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين لم تلطخ أيديهم بدماء اسرائيلية، ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك بالنسبة الى هذه التنظيمات كما بالنسبة الى سائر الفلسطينيين من سكان غزة والقطاع فإن إزالة الحواجز الاسرائيلية عن مداخل المدن الفلسطينية والسماح لهم بحرية التنقل لن يحدث الآن، ولن تشهده القمة الحالية.
حين يقف وزير المالية بنيامين نتنياهو على منصة الكنيست أو أمام كاميرات الإعلام، فإنه يشرع في نثر ارقام "انجازاته" في الاقتصاد الاسرائيلي، بشكل خطابي شبيه الى درجة المطابقة باساليب الوعظ الأميركية، ولكن أيا من هذه الارقام ليس ملموسا في الشارع الاسرائيلي، لا بل ان بنك اسرائيل يقف له بالمرصاد ليبدد المعطيات ويكشفها على حقيقتها
الصفحة 648 من 1047