فتحت خطوة الاستقالة المفاجئة التي أقدم عليها وزير المالية الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك قبيل موافقة الحكومة في جلستها أول من أمس الأحد (7/8/2005) على إخلاء مجموعة أولى من مستوطنات قطاع غزة (3 مستوطنات صغيرة) اعتباراً من 17 آب الجاري، الباب على مصراعيه أمام موجة من التساؤلات والشكوك والتكهنات لدى مختلف الأوساط في الطبقة السياسية والإعلامية في إسرائيل، بشأن جملة من قضايا ومواضيع الساعة المطروحة على الأجندة الرسمية للدولة، وفي مقدمتها مصير "خطة الانفصال والإخلاء" التي علل نتنياهو استقالته على خلفية معارضته لها، ومستقبل حكومة الائتلاف الهش الذي يترأسه أريئيل شارون، والمنحى المفتوح على كل الاحتمالات لحالة الاحتقان والصراع المحتدم داخل صفوف وأجنحة حزب ليكود المتزعم للائتلاف على خلفية خطة الانفصال ذاتها، فضلاً عما أثارته الخطوة (الاستقالة) من حالة اضطراب وبلبلة على صعيد الاقتصاد وسوق المال الإسرائيلي، لا سيما وأنها (أي استقالة وزير المالية) ولدت تساؤلات وشكوكًا جادة فيما يتعلق بإقرار مشروع الموازنة العامة للسنة الجديدة والتي كان من المقرر أن تبدأ إجراءات التصديق عليها في الحكومة والكنيست خلال هذا الأسبوع.
أكد شمعون شيفر، المعلّق السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الخميس 9/6/2005، أن الرسائل التي أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي، أريئيل شارون، تمريرها من خلال جلسة اللجنة الوزارية لشؤون الانفصال، التي انعقدت يوم الأربعاء 8/6/2005 وكانت مفتوحة أمام مراسلي وسائل الإعلام، تتمثل أكثر شيء في رسالتين:
ذكرت صحيفة "هآرتس" (9/5/2005)، في تحليل كتبه مراسلها العسكري عاموس هرئيل تعليقًا على نتائج الانتخابات البلدية المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أن أي إنجاز لحركة "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي القريبة من شأنه أن يكوّم المصاعب أمام خطة الانفصال عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، التي يحاول دفعها رئيس الوزراء أريئيل شارون. وأضافت أن "النجاح النسبي لحماس في الانتخابات البلدية الأخيرة، الأسبوع الماضي، أدى إلى نشوء تماثل- يعتبر نادرًا في نوعه- في المصالح بين إسرائيل وقيادة السلطة الفلسطينية، إذ أصبحت الآن مصلحة كبيرة لدى الطرفين في تأجيل انتخابات المجلس التشريعي المقررة في 17 تموز/ يوليو".
أحد الادعاءات التي يواجهنا به محاورون يهود ليبراليون بخصوص ما حصل في فلسطين الأربعينيات والخمسينيات أن ما كان هو بمثابة غُبن لا بُد مِنه بحقّ الفلسطينيين في الطريق إلى إزالة الغبن بحقّ اليهود. كان لا بُد- وفق الإدعاء- من إنتاج المسألة الفلسطينية من خلال المشروع الصهيوني لحلّ المسألة اليهودية. ويحاورون كأن المسألة في حكم التاريخ، حصل ما حصل وهيا نتّفق على الآتي. يشجعوننا على قبول روايتهم للرواية، قراءتهم للتاريخ، ويحثّوننا أن نكون عمليين، براغماتيين، ونذهب معهم في مشوار كأنه جديد مقطوع النسب التاريخي مفتوح على الازدهار وجنّة عدن.
الصفحة 646 من 1047