كان نتنياهو، بعد ظهر أول من أمس الأحد (7/8/2005)، كمن يحمل أمتعته يريد الهرب من وجه العاصفة التي تنتظره، لقد وصل إلى قناعة أنه أمام معركته الأخيرة، وأمام فرصته الأخيرة للعودة الى سدة الحكم، من خلال عودته إلى زعامة الليكود، ولم يكن قراره السريع بعد اقل من اسبوعين من إعلانه تشبثه بمقعده الوزاري، إلا دلالة على حالة التوتر التي تملكته مع إعلان زعيم جناح اليمين المتشدد عوزي لنداو ترشيح نفسه لرئاسة الليكود، فقد انقض لنداو على "الكعكة" التي كان يستعد نتنياهو لالتهامها (اقرأ تحليلا منفصلا حول الموضوع).
ليس لدينا أدنى شك في أن العملية الإرهابية اليهودية التي نفذها عيدان نتان زادة بحق مواطنين عرب فلسطينيين من شفاعمرو، تأتي في سياق الاقتراب من تنفيذ خطة الفصل الشارونية. ويقف المتابع للشأن الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة حائرا أمام تسارع التصريحات والكم الهائل من المعطيات التي يجري تقاذفها في الإعلام الإسرائيلي بين مؤيد لشارون وبين معارض له ولخطته، تجعلك تبحث من يقف حقا وراء هذه العملية التي استهدفت مدنيين عرباً، هل هم المستوطنون أم المؤسسة الإسرائيلية نفسها؟
لا معنى لقراءة مجزرة شفاعمرو (الخميس 4 آب 2005) من دون التمعن في سياقيها السياسي والثقافي.
وإذا كان السياق الأول يرتبط الآن بخطة فك الارتباط وما تثيره من تداعيات وتجاذبات سياسية مختلفة في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي العام، فإن السياق الثاني الذي لا يقل أهمية لا يبدو منوطًا بمحور زمني آني، لأنه يحيل أساسًا إلى جوهر التربية الفاسقة التي يخضع لها كل إسرائيلي منذ المهد، فيما يتعلق بصورة العربي الفلسطيني.
بعد الإعلام العبري، هناك بعض المتحدثين العرب. والفرق شاسع من حيث المنطلق، بل إنه فرق مطلق. لا حاجة للإسهاب في هذا.
المقصود هو نوع قراءة وشكل التعاطي مع العملية الإرهابية التي نفذها مستوطن كهانيّ مسلّح بسلاح عسكري رسمي في باص داخل حيّ سكني في مدينة شفاعمرو، عصر يوم الخميس.
الصفحة 645 من 1047