المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1246


اليهود المنتمون إلى التيارين الإصلاحي والمحافظ في إسرائيل يشكلون ربع نسبة المنتمين إلى التيار الأرثوذكسي

 

 

بقلم: حنان كوهين وتمار هيرمان (*)

 

 

توطئة

 

يشكل التياران الإصلاحي والمحافظ مكونا مركزيا في الجاليات اليهودية في الشتات، ولا سيما في الولايات المتحدة. في المقابل فإن عدد المتماثلين مع هذين التيارين في إسرائيل ليس كبيرا، كما أن المعلومات البحثية المتعلقة بسماتهم تعتبر شحيحة جداً.

وبغية التعويض قليلا عن هذا النقص، فقد استخدمنا معطيات "مؤشر الديمقراطية" للعام 2013، وذلك من أجل رسم عدد من الخطوط والملامح الديمغرافية والمواقفية للإصلاحيين والمحافظين في إسرائيل. ولا بد من التنويه مسبقا بأنه وفيما يتعلق بجزء من المسائل التي قمنا بتفحصها، تبين أن العدد القليل للمشتركين في الاستطلاع الذين عرفوا أنفسهم كمنتمين للتيارين المذكورين، لا يتيح التوصل إلى استنتاجات قاطعة من ناحية إحصائية.

 

 

 

عدد الإصلاحيين

والمحافظين في إسرائيل

 

السؤال الأول الذي قمنا بتحليله هو: هل تشعر بالانتماء إلى أحد التيارات في اليهودية، وإذا كانت الإجابة نعم فإلى أي تيار؟

2ر3% من الذين وجه لهم هذا السؤال قالوا إنهم ينتمون للتيار المحافظ، وقال 9ر3% إنهم ينتمون للتيار الإصلاحي، وقال 5ر26% إنهم ينتمون للتيار الأرثوذكسي، فيما قال الباقون إنهم لا يشعرون بالانتماء لأي تيار (7ر9% لم يكن لديهم موقف محدد أو رفضوا الإجابة عن السؤال).

بعبارة أخرى، فإن الإصلاحيين والمحافظين يشكلون معا- وفق هذه المعطيات- 1ر7% من الجمهور الإسرائيلي اليهودي، وبالتالي فإن وزنهم الديمغرافي يبلغ ربع نسبة الإسرائيليين اليهود المنتمين للتيار الأرثوذكسي. هذه النسب تبدو موثوقة، ذلك لأن استطلاعا سابقا أجراه "مركز غوتمان" و"صندوق أفيحاي" حول "المعتقدات والمحافظة على التقاليد والقيم لدى اليهود في إسرائيل، العام 2009"، أظهر أن 8ر3% من الذين وجه لهم السؤال في الاستطلاع يعرفون أنفسهم كإصلاحيين، وأن 8ر3% يعتبرون أنفسهم محافظين. ويدل التشابه في معطيات الاستطلاعين بشأن هذه المسألة على أن الحجم الديمغرافي لهاتين المجموعتين في صفوف الجمهور الإسرائيلي- اليهودي، يتراوح تقريبا، بالفعل، ما بين 7% و 8%.

 

الأصول الطائفية

للإصلاحيين والمحافظين

 

ثمة ميل في إسرائيل إلى الافتراض بأن غالبية الذين يعرفون أنفسهم إصلاحيين ومحافظين، يأتون من بلدان ناطقة بالانكليزية، وخاصة من الولايات المتحدة الأميركية، ومع أن تحليل معطيات الاستطلاع الحالي يبين أن نسبة الإصلاحيين والمحافظين القادمين من دول أوروبا وأميركا (وهم مهاجرون أو أبناء مهاجرين من هذه الدول) أعلى من المتوسط في مجمل العينة (38% من الإصلاحيين و33% من المحافظين، مقارنة مع 25% من أوروبا وأميركا في مجمل العينة)، إلا أن نسبة القادمين من آسيا وإفريقيا في صفوف الذين عرفوا أنفسهم كإصلاحيين أو محافظين كانت أيضا أكبر من نسبتهم في مجمل العينة (25% من الإصلاحيين و25% من المحافظين مقابل 19% في مجمل العينة). في المقابل، اتضح أن نسبة القادمين من الاتحاد السوفياتي سابقا، وكذلك مواليد إسرائيل (هم وآباؤهم) في صفوف الإصلاحيين والمحافظين، كانت منخفضة نسبيا عن نسبتهم في مجمل العينة.

في استطلاع غوتمان- أفيحاي من العام 2009، تبين أن الانقسام الطائفي للإصلاحيين والمحافظين مشابه للانقسام الطائفي في مجمل العينة. وعلى الرغم من التباين القائم بين معطيات الاستطلاع السابق (2009) والاستطلاع الحالي (2013)، إلا أن كلا الاستطلاعين على حد سواء يقودان إلى الاستنتاج بأن الحديث لا يدور على مجموعة أنجلو سكسونية تميل أكثر من المجموعات الأخرى نحو الاتجاه الإصلاحي والمحافظ، بل إن هذين التيارين في إسرائيل يتسمان بالتنوع من ناحية الأصل الطائفي لأولئك الذين يرون أنفسهم كمنتمين لأحد التيارين. من هنا، ثمة حاجة إذن لتفحص ما إذا كانت قد نشأت في إسرائيل طائفتان، إصلاحية ومحافظة، إسرائيليتان محليتان، ليستا فقط " استيراداً" لأنماط سلوك وتقاليد من بلدان أنجلو سكسونية.

 

هل يعتبر الإصلاحيون والمحافظون

"متدينين" وإلى أيّ حد؟

 

كما هو معروف، فإن السلم المألوف في إسرائيل لتحديد درجة التدين يميز بين حريديم، متدينين، تقليديين وعلمانيين. وبما أن ما يهمنا هنا هو معرفة وفهم التعريفات السائدة من ناحية درجة التدين في صفوف الإصلاحيين والمحافظين، فقد حللنا المسألة فيما يتعلق بهاتين المجموعتين بناء على السلم المذكور، والذي طرح السؤال في الاستطلاع بمقتضاه.

وتبين المعطيات أن معظم الذين وصفوا أنفسهم كمحافظين (67%) اعتبروا أنفسهم "تقليديين"، في حين انقسم الإصلاحيون بالتساوي بين الذين يعرفون أنفسهم كـ "تقليديين" (41%) وبين الذين يعرفون أنفسهم كـ "علمانيين" (41%). وقد بلغت نسبة الذين يعتبرون أنفسهم متدينين في كلتا المجموعتين حوالي 10%.

وكان استطلاع غوتمان - أفيحاي، من العام 2009، قد أظهر أيضا وجود نسبة عالية بشكل خاص من الذين اعتبروا أنفسهم "تقليديين" (62%) في صفوف المحافظين بينما وجدت في صفوف الإصلاحيين نسبة مرتفعة من الذين اعتبروا أنفسهم "علمانيين" (66%). وبلغت نسبة الذين اعتبروا أنفسهم متدينين، وفق الاستطلاع ذاته، 2% في صفوف المحافظين، و1% في صفوف الإصلاحيين. ويتضح من الاستطلاعين (2009 و 2013)، رغم الفوارق بينهما، أن الإصلاحيين والمحافظين في إسرائيل يميلون إلى عدم تعريف أنفسهم كـ "متدينين".

 

ميول الإصلاحيين والمحافظين

الاقتصادية والسياسية

 

فيما يتعلق بالأنظمة الاقتصادية - الاجتماعية، يتضح من تحليل إجابات المشتركين في الاستطلاع الحالي (2013) والذين عرفوا أنفسهم كإصلاحيين ومحافظين، أن هناك ميلا قويا أكثر لدى المنتمين للتيار الإصلاحي، مقارنة مع مجمل العينة، للمواقف الاشتراكية- الديمقراطية في المجال الاقتصادي- الاجتماعي، إذ أعرب 50% من الإصلاحيين عن تأييدهم لانتهاج سياسة اشتراكية - ديمقراطية في إسرائيل، وذلك مقابل 39% في مجمل العينة أيدوا مثل هذه السياسة.

في المقابل انقسم المحافظون تجاه هذه المسألة، بصورة مشابهة للانقسام الذي ظهر في مجمل العينة، مع ميل أقوى قليلا نحو الوسط (أعرب 46% من المحافظين عن مواقف وسطية فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي- الاجتماعي المفضل من وجهة نظرهم، مقابل 41% في مجمل العينة عبروا عن موقف مماثل).

على الصعيد السياسي- الأمني، يظهر التحليل، وفقا للتيارات، للإجابات عن سؤال: "من ناحية سياسية- أمنية، كيف تعرف نفسك؟"، أنه وبما يشبه معطيات استطلاع غوتمان- أفيحاي من العام 2009، وبالمقارنة مع مجمل العينة، فإن أتباع التيار المحافظ ما زالوا يبدون تماهيا أكبر من مجمل العينة، مع اليمين السياسي الإسرائيلي (أعرب 67% من المحافظين عن تماثلهم مع مواقف اليمين السياسي). في المقابل، تبين أن أتباع التيار الإصلاحي، وكما كانت عليه الحال في استطلاع العام 2009، هم الأقل ميلا للتماثل مع اليمين السياسي من سائر التيارات الأخرى في اليهودية - الإسرائيلية، وأن تواجدهم في المركز (الوسط) وإلى حد ما في خانة اليسار أقوى (أعرب 42% من الإصلاحيين عن تماثلهم مع مواقف المركز، مقابل 27% في مجمل العينة، فيما أعرب 19% من الإصلاحيين عن تماثلهم مع مواقف اليسار، مقابل 18% في مجمل العينة).

 

موقف الإسرائيليين تجاه مساواة مكانة

مختلف التيارات في الدولة

 

تبين من تفحص مسألة من الذي يؤيد أو يعارض حاليا في إسرائيل مساواة المكانة القانونية في الدولة للتيارين الإصلاحي والمحافظ مع مكانة التيار الأرثوذكسي، أن 59% من مجمل العينة المشمولة في الاستطلاع يؤيدون مساواة المكانة القانونية للتيارات الثلاثة، فيما عارض 41% تغيير الوضع القائم على هذا الصعيد. وكما هو متوقع فقد أيدت نسبة كبيرة من الذين يعرفون أنفسهم كإصلاحيين أو محافظين مثل هذه الخطوة (أيدها 72% من الإصلاحيين و70% من المحافظين)، في المقابل لم يؤيد ذلك سوى أقلية (27%) من أتباع التيار الأرثوذكسي. ونالت مسألة مساواة مكانة التيارين الإصلاحي والمحافظ تأييداً أكبر في صفوف المتماثلين مع اليسار والمركز أكثر من المتماثلين مع اليمين السياسي (أيد ذلك 84% من أتباع اليسار و76% من أتباع المركز مقابل 44% من أتباع اليمين).

وبطبيعة الحال، فإن التعريف الذاتي لدرجة التدين مرتبط أيضا بنسبة التأييد لمساواة المكانة القانونية في الدولة للتيارين الإصلاحي والمحافظ، إذ لم يؤيد ذلك في صفوف الذين يعرفون أنفسهم كـ "حريديم"، سوى 17%، وفي صفوف الذين يعرفون أنفسهم كـ "متدينين" أيد ذلك 31%، في حين بلغت نسبة المؤيدين لهذه الخطوة في صفوف الذين يعرفون أنفسهم كـ "تقليديين" 53%، وفي صفوف الذين يعرفون أنفسهم كعلمانيين 78%.

ويشير تحليل للإجابات، بناء على العمر، إلى أن نسبة التأييد لمساواة المكانة القانونية للتيارين الإصلاحي والمحافظ، كانت منخفضة أكثر في صفوف الشبان بالذات، إذ بلغت هذه النسبة لدى الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عاما و34 عاما 51%، مقابل 61% في صفوف الإسرائيليين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 عاما و54 عاما، و66% في صفوف الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً.

إن أحد التفسيرات الممكنة للفجوة بين المجموعات العمرية في هذه المسألة، ربما يكمن في نسبة التواجد الديمغرافي المرتفعة للحريديم والمتدينين في صفوف المجموعات العمرية الشابة. من جهة أخرى، يظهر تحليل المسألة بناء على الأصل الطائفي أن الإسرائيليين من الجيل الثاني ومن أبناء الطوائف الشرقية (من آسيا وإفريقيا) يميلون لتأييد مساواة مكانة التيارين القانونية في الدولة، بصورة أقل من الإسرائيليين الذين تعود أصولهم إلى الاتحاد السوفياتي سابقا ودول أميركا وأوروبا (أيد مساواة المكانة 51% من يهود آسيا وإفريقيا في إسرائيل، و56% من الإسرائيليين أبناء الجيل الثاني، و62% من القادمين من الاتحاد السوفياتي سابقا، و69% من القادمين من أوروبا وأميركا).

_______________________

 

(*) باحثان من "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية". المعطيات الواردة في هذا التقرير مأخوذة من استطلاع "مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية- 2013"، الذي أجري في الفترة بين 8/4/2013 و 1/5/2013. وقد شمل الاستطلاع 854 شخصا يشكلون عينة تمثيلية لمجمل السكان اليهود البالغين في إسرائيل.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات