لمناسبة يوم حقوق الإنسان العالمي، الذي صادف في 10 كانون الأول الماضي، أصدر مركز عدالة القانوني لحقوق العرب في إسرائيل تقريرًا خاصًا استعرض فيه القضايا التي عمل فيها خلال العام 2007.
وقال المركز إنّ هذه القضايا بينت انتهاكات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين، مواطني إسرائيل، والفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفيما يلي أبرز هذه القضايا:
لمّ الشمل
في بداية العام 2007 صادق الكنيست مرّة أخرى على تمديد فترة سريان "قانون المواطنة" من العام 2003 لثلاثة أشهر إضافية. وما لبث عدالة أن قدّم التماسًا على قرار التمديد، حتى صادق الكنيست، في آذار 2007، على تعديل جديد لقانون المواطنة (التعديل رقم 2) الذي يوسّع المس في حقوق الإنسان، إذ أضاف هذا التعديل قيودًا أخرى على الزواج. اليوم وبحسب هذا القانون يُمنع الفلسطينيون مواطنو الدولة من العيش مع أزواجهم الفلسطينيين من الأراضي المحتلة في إسرائيل، ومع أزواجهم إن كانوا من الدول "المعادية لإسرائيل" لبنان وسورية والعراق وإيران.
الحق في التعليم لليهود فقط
هناك في إسرائيل 25 مدرسة رسمية يهودية خاصة للفنون: 17 مدرسة رسمية مصنفة كمدرسة إقليمية و6 مدارس رسمية مصنفة كمدارس قطرية ومدرستان مصنفتان كمدارس رسمية دينية قطرية، وجميع هذه المدارس موزّعة في القدس وتل أبيب وحيفا وبئر السبع وعكا وأشكلون ورحوفوت والخضيرة والنقب الغربي ومتسبي رمون وبيتح تكفا وغفعات أولغا وحولون وعطيرت ويفني وجفعتايم وهرتسليا.
بعد رفض بلدية حيفا ووزارة التعليم طلب عدالة وجمعية تطوير التعليم العربي في حيفا بإقامة مدرسة فنون ابتدائية رسمية خاصة قطرية للطلاب العرب في إسرائيل، التمس مركز "عدالة" في أواخر آب 2007 المحكمة العليا الإسرائيلية باسم جمعية تطوير التعليم العربي في حيفا و33 من أولياء أمور الطلاب في المرحلة الابتدائية لإقامة أول مدرسة فنون ابتدائية رسمية خاصة قطرية للطلاب العرب في إسرائيل. طالب الملتمسون العليا بإقامة مدرسة عربية رسمية خاصة للفنون في حيفا، تخدم أبناء الملتمسين والطلاب العرب في منطقة حيفا والشمال، وتمكن الأطفال العرب الذين قصدوا في العام الفائت روضة الأطفال للفنون في مدرسة "الكرمة ب" في حيفا من استكمال دراسة الفنون في نفس المدرسة.
يشير هذا الالتماس إلى مدى التمييز والفجوة الكبيرة بين جهاز التعليم العربي وجهاز التعليم اليهودي في إسرائيل. في حين تدعم وزارة التعليم عشرات المدارس الخاصة الحكومية في مجالات كثيرة، مثل الفن والموسيقى والديمقراطية والعلوم والتكنولوجيا والإدارة الذاتية والإعلام ومجالات أخرى، ما زالت المؤسسات العربية تناضل من أجل إقامة رياض للأطفال ومدارس ابتدائية عادية.
الخدمة العسكرية
قدمت جامعة حيفا في أواخر العام الفائت استئنافًا للمحكمة العليا، على قرار المحكمة المركزية في حيفا في دعوى قدمها مركز عدالة، جاء فيه أن استعمال معيار الخدمة العسكرية، عند توزيع مساكن الطلبة في جامعة حيفا، غير قانوني ويميّز ضد العرب على أساس قومي، وعليه يجب إبطاله. قُدمت الدعوى باسم ثلاث طالبات جامعيات عربيات رُفضت طلباتهن للسكن في مساكن الطلبة التابعة لجامعة حيفا، بالرغم من أوضاعهن الاقتصادية الصعبة وصعوبة الوصول إلى الجامعة من أماكن سكناهن بواسطة وسائل النقل العامة. لم تقرر العليا بعد في استئناف جامعة حيفا، المستمرة في محاولات تشريع استعمال معيار "الخدمة العسكرية" الذي يمنح الطالب الذي يقدم طلبًا للسكن في مساكن الطلبة 35% من مجمل النقاط المطلوبة. وتُمنح هذه النسبة من النقاط فوريًا لكل من أدى "الخدمة العسكرية" أو "المدنيّة"، الفقراء منهم والأغنياء، حتى إن كانوا قد أدوا هذه الخدمة قبل 20 سنة أو أكثر.
الأرض والمسكن - لجان القبول الإقليمية
تقوم لجان القبول الإقليمية بانتقاء المرشحين للإقامة في البلدات المجتمعية في إسرائيل. يتعارض وجود هذه اللجان مع حق المواطن باختيار مكان إقامته في أي بلدة تقام في البلاد، وبخاصة عند الحديث عن بلدات لم تنشأ لصالح فئات سكانية ذات ميزات ثقافية خاصة مثل المتدينين وغيرهم.
بعد زواجهما في صيف 2006 تقدّم الزوجان فاتنة وأحمد زبيدات بطلب لبلدة "ركيفت" الخاضعة لسلطة المجلس الإقليمي "مسغاف" للسكن في البلدة. بحث الزوجان عن بلدة صغيرة غير مكتظة بالسكان وتوفر خدمات بمستوى رفيع حيث يستطيعان بناء بيتهما كيفما تملي عليهما رؤيتهما المعمارية، وتربية أطفالهما في المستقبل. بحسب الأنظمة المستمدّة من قرار المجلس الإداري لدائرة أراضي إسرائيل رقم 1015، طُلب من الزوجين اجتياز مرحلة القبول حيث كان عليهما الخضوع لمعيار "الملاءمة الاجتماعية"، والذي يعتبر أحد معايير القبول للبلدات المجتمعية. بعد اللقاء مع أعضاء هذه اللجنة، أخبرتهم اللجنة بأنّ طلبهما قد رُفض بسبب عدم ملاءمتهما الاجتماعية.
في أيلول 2007، قدم عدالة التماسًا للمحكمة العليا ضد دائرة أراضي إسرائيل ولجنة القبول الإقليمية في بلدات المجلس الإقليمي "مسغاف" و"ركيفت" - القرية المجتمعية- المنظمة التعاونية للاستيطان محدودة الضمان- حيث طلبت عائلة زبيدات الإقامة فيها. طالب الالتماس إلغاء لجان القبول الإقليمية التي تقوم بدور انتقاء المرشّحين للإقامة في البلدات المجتمعية في إسرائيل دون غيرهم. أصدرت العليا، في تشرين الأول 2007، أمرًا احترازيًا يُجبر بلدة "ركيفت" على تحصين قسيمة سكن لفاتنة وأحمد زبيدات، حتى إصدار قرار آخر في الالتماس.
الأراضي لليهود فقط!
يسيطر صندوق أراضي إسرائيل ("الكيرن كييمت") على مئات آلاف الدونمات التي كانت بملكيّة الفلسطينيين، وقامت إسرائيل بعد نكبة عام 1948 (في العامين 1949 و1953) بنقل ملكيّة ما يقارب مليوني دونم للـ"كيرن كييمت". في العام 2004 التمس مركز عدالة للمحكمة العليا لإلغاء سياسة دائرة أراضي إسرائيل التي تمنع العرب من الاشتراك في المناقصات التي تُنشر لتسويق أراضي الكيرن كييمت التي تٌديرها دائرة أراضي إسرائيل. وجاء في ادعاءات عدالة أن دائرة أراضي إسرائيل، كمؤسسة عامة أقيمت وفق قانون خاص، غير مخولة بتبني مواقف أو أهداف تتناقض مع مبادئ المساواة والتقسيم العادل للموارد، وأن مسألة التعاون مع طرف ثالث لا تلغي سريان القانون الدستوري. وجاء في التماس عدالة أن استمرار سياسة دائرة أراضي إسرائيل ستسبب بخلق مناطق تعتمد على الفصل العنصري: بلدات وحارات يسكنها اليهود فقط، ويمنع باقي المواطنين من شراء حقوق في هذه الأراضي أو بناء البيوت عليها. "هذه السياسة تؤدي إلى خلق مناطق فصل عنصري مشابهة لما كان في حكم الأبرتهايد في جنوب أفريقيا والولايات المتحدة في بداية القرن العشرين"، كما شدد عدالة.
وبينما لم تقرر المحكمة العليا في الالتماس آنف الذكر، صادق الكنيست الإسرائيلي في تموز 2007 بالقراءة الأوليّة على اقتراح القانون العنصري الذي قدّمه عضو الكنيست أوري أريئيل (الاتحاد الوطني- المفدال) والذي ينص على أنّه سيتم تخصيص أراضي "الكيرن كييمت" لليهود فقط. وصوت أغلبيّة أعضاء الكنيست على القانون (64 عضوًا) بينما صوّت 16 عضو كنيست ضد القانون وامتنع عضو واحد عن التصويت.
تملك "الكيرن كييمت" ما يقارب الـ 6ر2 مليون دونم، أي 13% من أراضي الدولة، الموجودة في مختلفة المناطق والألوية في الدولة. منذ العام 1948 استولت إسرائيل على مساحات كبيرة من الأراضي، إما بواسطة مصادرة الأراضي من العرب ونقلها إلى ملكيّة الدولة، وإما بسبل أخرى. واستولت مؤسسات صهيونيّة أخرى، تُجاهر بأنها أقيمت لخدمة اليهود فقط، كالوكالة اليهوديّة أو "الكيرن كييمت" مثلاً، على مساحات كبيرة من الأراضي. تسيطر إسرائيل اليوم على ما يقارب ألـ 93% من أراضي البلاد، علمًا بأنّ الأرض هي من أهمّ الموارد وأكثرها تأثيرًا على التطوّر الاجتماعي والاقتصادي.
مصادرة أراضي اللجون
تمتد أراضي قرية اللجون المهجرة، التي تقع بالقرب من مجيدو، على ما يقارب مائتي دونم، وتُعرّف بالقسيمة 20240. صادرت إسرائيل هذه الأراضي، مع مساحات أخرى، في الخامس عشر من تشرين الثاني 1953، بموجب بيان أصدره وزير المالية في حينه، ليفي أشكول، وفقًا لصلاحيته بحسب البند 2 من قانون امتلاك الأراضي (مصادقة عمليات وتعويضات) من العام 1953، من أجل "احتياجات الاستيطان والتطوير الحيوية". وحتى اليوم، كان الاستخدام الوحيد للأراضي المذكورة إقامة منشأة صغيرة لشركة "مكوروت للمياه"، وغرس الأحراش في قسم منها. رفضت المحكمة المركزية في الناصرة، في آذار 2007، طلب 300 شخص من سكان من أم الفحم بإلغاء مصادرة أراضيهم في القرية المهجرة اللجون، وأصدرت المحكمة أمرًا يقضي بتسجيل الأراضي باسم دولة إسرائيل. استأنف مركز عدالة على القرار للمحكمة العليا في أيار 2007، ولم تصدر العليا قرارها في الاستئناف بعد.
انتهاكات حقوق الإنسان في غزّة
أغلقت إسرائيل معبر "كارني"، وهو المعبر الأساسي الذي يتم من خلاله نقل البضائع من وإلى غزّة، منذ الرابع عشر من حزيران 2007. ما زالت إسرائيل تسيطر على المعابر الحدوديّة التي تربط غزّة بالعالم الخارجي وبالتالي فإنّ من واجب إسرائيل وفقًا للقانون الدولي والقانون الإسرائيلي أن تضمن سلامة وأمن السكّان في القطاع، وذلك وفقًا للقانون الدولي الذي يفرض على إسرائيل واجبات منها عدم المس في المدنيين والعمل على ضمان احتياجات السكّان الإنسانيّة وتمكينهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي. قدم مركز عدالة التماسًا للمحكمة العليا مطالبًا بإعادة فتح معبر كارني من أجل تمكين توفير المواد الغذائيّة والمواد الأساسيّة الضروريّة لسكّان قطاع غزّة. اقتنعت العليا بادعاء الدولة حول عدم وجود أزمة إنسانيّة في القطاع، ونصحت الملتمسين بسحب الالتماس.
في بداية كانون الأول 2007 صادقت المحكمة العليا الإسرائيليّة، في إطار النظر في التماس قدمه مركز عدالة مع تسع مؤسسات حقوق إنسان، على قرار الحكومة الذي يقضي بتقليص كميات الوقود والمحروقات التي تزودها إسرائيل لقطاع غزّة. وتضمن قرار الحكومة أيضًا بندًا يقضي بتقليص الكهرباء الذي تزوده إسرائيل لقطاع غزّة. أمرت العليا الدولة بتقديم المزيد من المعلومات بخصوص خطة تقليص الكهرباء، وافترضت أن الدولة لن تنفذ قرارها بخصوص البدء بتقليص الكهرباء، إلا بعد أن تقدم لها المعلومات المطلوبة وتنظر المحكمة في القضية.
يشكل هذا القرار انتهاكًا لمبادئ القانون الإنساني الدولي، الذي يمنع إلقاء العقوبات الجماعية على المدنيين أو استخدام المدنيين لأغراض سياسية.
الأسرى السياسيون
في تشرين الأول 2007، تعرض الأسرى السياسيون في سجن "كتسيعوت" إلى هجوم عنيف من الحراس الإسرائيليين، بعد أن قام الحراس بإجراء التفتيش في السجن مصطحبين معهم قوات الوحدة الخاصة "مسادا". وقد لقي الأسير محمد ساطي محمود حتفه، وجُرح العديد من الأسرى، واندلع حريق في السجن، ففقد الأسرى الكثير من ممتلكاتهم الشخصيّة. توجّه مركز عدالة واللجنة ضد التعذيب، في 21 تشرين الثاني 2007 برسالة لضابط الوحدة القطريّة للتحقيق مع السجانين في شرطة إسرائيل مطالبين بإجراء تحقيق جنائي في شكاوي الأسرى المفصلّة ومحاكمة السجانين المسؤولين عما حدث. كذلك، وفي رسالة مشتركة أخرى طالبت المؤسستان، عدالة واللجنة ضد التعذيب، مأمور سلطة السجون، بذل الجهود اللازمة من أجل توفير ظروف حياة مناسبة للأسرى في سجن "كتسيعوت"، وذلك في ظل الظروف غير الإنسانية التي يعاني منها الأسرى هناك.