المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1227

بعد 57 عاما على إعلان قيام دولة إسرائيل التي جاء في "وثيقة الاستقلال" أنها يهودية ديمقراطية لا تميز بين مواطنيها على خلفية انتماءاتهم العرقية أو الدينية، طالعتنا وزارة الخارجية الإسرائيلية ببُشرى تعيين اسماعيل خالدي، العربي البدوي، أول بدوي من "مواطني دولة إسرائيل" يعمل في السلك الدبلوماسي.

 

واللافت للنظر أن أول إطلالة إعلامية لهذا الدبلوماسي جاءت بصفته ناطقا بلسان الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية ليشرح سياستها للرأي العام العربي عبر وسائل الإعلام والفضائيات العربية، حيث أجرت قناة أبو ظبي مساء (22.8.2005) مقابلة معه عند معبر كيسوفيم للتعليق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.

وكان موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية قد سوق قبل أشهر عديدة قصة خالدي باعتبارها دليلا على الديمقراطية الإسرائيلية وعلى تساوي الفرص الممنوح أمام جميع مواطني دولة إسرائيل.

وكان خالدي بدأ قبل ثلاثة اشهر إشغال وظيفته الجديدة في قسم الصحافة العربية بوزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس. وتم ذلك بعد أن أكمل دورة لتأهيل الدبلوماسيين في السلك الدبلوماسي الإسرائيلي- ليصبح أول بدوي ينهى هذا المسار.

وُلد خالدي (ثالثا بين 11 طفلا وطفلة) في عرب الخوالد- وهي بلدة بدوية صغيرة تقع على سفوح تلال الجليل الغربي. قرية الخوالد، شأنها شأن عشرات القرى البدوية غير المعترف بها ، لا تضم مدرسة ولا كهرباء وحتى لا عيادة طبية. ويروي الخالدي أنه كل يوم, كباقي أولاد العشيرة كان يمشي مسافة 3 كم إلى قرية راس علي وصولا إلى المدرسة الابتدائية المشتركة.

قصة خالدي تستدعي جملة من الملاحظات:

إن تعيين خالدي يشكل بحد ذاته إدانة للديمقراطية الإسرائيلية المزعومة إذا كيف يُعقل لدولة تدعي الديمقراطية وتقدم نفسها نموذجا ليُحتذى به في الشرق الأوسط والعالم، ثم تفاخر بعد 57 عاما على قيامها بانضمام أول مواطن عربي إلى سلكها الدبلوماسي، مع الإشارة إلى أن الأمر ينطبق على الكثير من المؤسسات الحكومية والرسمية الأُخرى.

تعيين الخالدي يشير مرة أخرى إلى العقلية الاستغلالية والنفعية التي تحكم علاقة الدولة اليهودية ومؤسساتها بـ"مواطنيها العرب"، حيث يتم استغلال الانتماء القومي والديني للخالدي من أجل الإطلالة على الرأي العام العربي لمخاطبته.

الملاحظة الثالثة والمهمة تتعلق بالوسط الذي يأتي منه خالدي ونظرة الدولة إليه. فهذا الدبلوماسي الفخور بالديمقراطية الإسرائيلية، ينتمي إلى الأقلية العربية في إسرائيل، وإلى الوسط البدوي بشكل خاص. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه يعيش في إسرائيل اليوم أكثر من 160 ألف من العرب البدو، يتوزعون بين النقب والجليل، حيث يعيش نحو 120 ألف في النقب، ونحو 40 الف في الجليل. ومعروف أن نحو نصف بدو النقب يعيشون الآن في سبع مدن أقيمت لهم منذ مطلع السبعينيات وتم ترحيلهم إليها بعد مصادرة مضاربهم وقراهم، حيث تفتقر هذه المدن إلى أبسط مقومات الحياة، بينما يعيش الآخرون ( نحو ستين ألفا) في تجمعات لا تعترف الدولة بها، وهذا يعني أنها تفتقر إلى كل الخدمات الأساسية من مدارس ومستوصفات وماء وكهرباء وطرقات وغيرها من الخدمات التي تنعم بها الكثير من المستوطنات اليهودية التي أُقيمت لاحقا على أراضي البدو وبالقرب منهم. وقرية خالدي تحديدا واحدة من القرى البدوية في الجليل التي عانت وتعاني من هذه الأوضاع المزرية.

فضلا عن ذلك، يتعرض البدو، لا سيما بدو النقب، لشتى أنواع المضايقات من قبل السلطات من أجل ترحيلهم عن اراضيهم ومصادرتها، كما أنهم يتصدرون قائمة الفقر والبطالة في إسرائيل، وذلك كله بفضل السياسات المتعمدة من قبل السلطات، وهذه كلها حقائق مسلمة ومعروفة. وعليه من الأفضل لخالدي وأمثاله بذل جهودهم لتحسين أوضاع مجتمعاتهم وشرح السياسة الإسرائيلية تجاه العرب البدو بدل شرح سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين والمنطقة.

وبما أن خالدي أصبح ناطقا بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية ويعمل على شرح سياستها، وهو بالتالي مُرشح طبعا للإطلالة من على شاشاتنا العربي "المنفتحة" ، حبذا لو يتكرم علينا إعلاميونا بتوجيه الأسئلة إلى خالدي، المتعلقة بأوضاع البدو في إسرائيل وبشرح سياسة الدولة تجاههم وبخطة شارون لتهويد النقب وبخطة بيريس المسماة مشروع النجوم، وبخطط دائرة أراضي إسرائيل، وغيرها وغيرها من الخطط والمشاريع. وبما أن خالدي جندي سابق ومتطوع في حرس الحدود، حبذا لو يُسأل أيضا عن عمل "الدوريات الخضراء" التي تقتصر مهمتها على طرد البدو من أراضيهم ومصادرتها.

تجدر الإشارة أخير إلى أن اسماعيل خالدي هو واحد من ستة موظفين دعائيين إسرائيليين يكثرون من الظهور في وسائل الإعلام العربية بهدف شرح السياسة الإسرائيلية للرأي العام العربي. وهؤلاء هم رئيس قسم الصحافة العربية في وزارة الخارجية أميره أورون، ونائبها ليئور بن دور، وتم تعزيزهما قبيل الانسحاب من غزة بكل من خالدي، نالا شيلا وهي مهاجرة من سوريا، أمير فايسبروز الذي عمل سابقا متحدثا باسم السفارة الإسرائيلية في الأردن. كما يتولى الرائد ايتان عروسي مهمة الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية.

المصطلحات المستخدمة:

حرس الحدود, وثيقة الاستقلال

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات