عبر عوزي أراد، رئيس مجلس الأمن القومي والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عن تقديره بأنه سيكون من الصعب التوصل إلى تسوية إسرائيلية فلسطينية بدعوى أن العرب لا يعترفون بالحق التاريخي لإسرائيلي بالوجود. وقال أراد في مقابلة أجرتها معه صحيفة هآرتس ونشرتها اليوم، الجمعة – 10.7.2009، إنه "لم أصادف شخصية عربية قادرة على القول بهدوء وبوضوح أنه أو أنها تقبل بحق إسرائيل في الوجود بالمفهوم التاريخي وبوعي عميق، ولذلك فإنه سيكون من الصعب التوصل إلى تسوية إسرائيلية – فلسطينية حقيقية تزيل معظم مكونات الصراع". وأضاف أنه "لم ننجح حتى الآن في جعل العرب يستوعبون حقنا في الوجود. والرفض العربي والإسلامي للاعتراف بشرعية إسرائيل هو أحيانا مكبوت ومعتم وأحيانا يكون فظا وعنيفا لكنه (رفض) جارف".
وتابع أراد "إنني لا أرى وجود عملية لدى الفلسطينيين للاقتراب من التسليم بوجود إسرائيل وصنع سلام مع إسرائيل. كما أني لا أرى قيادة فلسطينية ونظاما فلسطينيا وإنما منظومة غير منظمة من القوى والفصائل. لكن قد يحدث أن تقوم دولة فلسطينية في العام 2015 وستكون هشة". واعتبر أن "كل من لديه عينين في رأسه يرى أنه يوجد فشل قيادي فلسطيني. ولا يوجد سادات فلسطيني" في إشارة إلى الرئيس المصري السابق أنور السادات الذي بادر لزيارة إسرائيل من أجل إبرام سلام معها، "ولا يوجد مانديلا فلسطيني" في إشارة إلى الزعيم الجنوب أفريقي نلسون مانديلا.
ورأى أراد أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، "ليس فظا مثل (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات وليس منفلتا ومتطرفا مثل حماس. وبالإمكان أن يكون هناك أسوأ منه. لكن حتى عنده لا ألاحظ وجود اهتمام وإرادة للوصول إلى نهاية الصراع مع إسرائيل، بل على العكس فهو يحافظ على ادعاءات أبدية ضدنا ويشعلها". وأضاف أنه "بعد أن عرض عليه (رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق ايهود) أولمرت كل شيء تقريبا، يقول إن الفجوات (بين مواقف الجانبين) ما زالت واسعة، وعندها تصل إلى الاستنتاج بأنه يوجد هنا، فعلا، تراجعا في الأفق. فكلما ذهبت إسرائيل نحو الفلسطينيين هم يبتعدون، وهم يبتعدون لأنه حتى المعتدلين بينهم لا يريدون في الحقيقة التوصل إلى تسوية، وفي الحد الأقصى هم يسعون إلى اتفاق من أجل استئناف المواجهة مستقبلا من موقع أفضل".
واعتبر أراد أنه "لا يوجد لدى الفلسطينيين الآن قادة حقيقيون للسلام. لكني لست ماديا ولا أعتقد أن الأمر مدموغ في جينات الفلسطينيين. وأريد أن اصدق أنه ستنشأ لدى الفلسطينيين في المستقبل قيادة من نوع آخر، وآمل أن يكون هناك الفلسطيني الذي سيعرف كيف يعترف بأنه يوجد القليل من العدل الإسرائيلي".
وتطرق أراد إلى موضوع السلام مع سورية وقال إن "معظم الحكومات في إسرائيل أصرت على أن إسرائيل ستبقى في هضبة الجولان، وهذا هو أيضا موقف غالبية الجمهور وموقف غالبية أعضاء الكنيست. والموقف هو أنه إذا تم التوصل إلى تسوية إقليمية فإنها تسوية ستُبقي إسرائيل في هضبة الجولان وفي عمق هضبة الجولان". وأضاف أنه حتى بعد تحقيق سلام في المنطقة يجب أن تبقى إسرائيل مسيطرة في الجولان "لأسباب إستراتيجية وعسكرية واستيطانية، ومن أجل الماء والمناظر والنبيذ".
وفي رده على سؤال حول "أنت تقول بصورة واضحة نعم للسلام ولا للانسحاب من الجولان" قال أراد "هذا صحيح". ونفى أراد وجود ما يعرف ب"وديعة رابين"، وهي تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحاق رابين، بالانسحاب من الجولان. وقال إن "نتنياهو طلب من (وزير الخارجية الأميركي) وورن كريستوفر في العام 1996 بأن تتم إعادة الوديعة إلى إسرائيل وهذا ما حصل. وقد تعهد كريستوفر في رسالته بأن الوديعة لم تعد سارية المفعول". وأضاف أن "موقف نتنياهو كان (خلال فترة ولايته الأولى في رئاسة الحكومة بين الأعوام 1996 و1999) أن على إسرائيل البقاء في هضبة الجولان في عمق بضعة أميال. وبضعة أميال هي كيلومترات أكثر. وإذا رسمت خطا من جبل الشيخ وحتى الحمة (قرب بحيرة طبرية)، سترى أن هذا سيبقي منطقة كبيرة من الجولان (بأيدي إسرائيل) من الجنوب حتى الشمال".
وحول موقف الحكومة الإسرائيلية الحالية قال أراد إن "موقف الحكومة هو الاستعداد لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة وفي الوقت نفسه يعرف كل طرف موقف الآخر. والسوريون يعرفون أن حكومة نتنياهو ومعظم الجمهور لن ينسحبوا من الجولان". وقال فيما يتعلق بالموقف الأميركي إنه "بينما يبدي الأميركيون إصرارا وحزما في الموضوع الفلسطيني فإنه لا توجد تصريحات كهذه فيما يتعلق بالموضوع السوري".
ورأى أراد أنه ينبغي حل الموضوع الإيراني قبل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لثلاثة أسباب، الأول هو أن الملف الإيراني ملح أكثر والثاني هو أنه "في حال نجحنا هناك سيكون الوضع أسهل هنا" والثالث هو أنه "إذا لم ننجح هناك فلن ننجح هنا، وإذا امتلكت إيران سلاحا نوويا فإن كل ما ربما يتم تحقيقه مع الفلسطينيين سيزول بين ليلة وضحاها".
وقال أراد إن "إيران تجاوزت نقطة اللاعودة التكنولوجية في برنامجها النووي، والمتمثلة بأنه أصبح لدى إيران القدرة على استكمال دائرة الوقود النووي بقواها الذاتية، وهي النقطة التي يوجد فيها كافة المركبات لإنتاج مواد انشطارية من دون التعلق بالأجانب، وإيران أصبحت اليوم في هذه المرحلة".
لكن أراد اضاف أنه ما زال بالإمكان منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي وأنه لدى المجتمع الدولي متسع من الوقت لمنعها من الوصول إلى قدرات نووية عسكرية، لأنه "حتى لو كان لدى إيران مواد انشطارية لصناعة قنبلة نووية واحدة فإنها ما زالت في مستوى تخصيب يوارنيوم متدني. وإذا أرادت إجراء تجربة نووية فإنه لن يبقى لديها ولو حتى قنبلة نووية واحدة، ولذلك فإن إيران ليست نووية من الناحية العسكرية".
وأوضح أن "التخوف الأساسي لدى الأوساط المهنية (أي أجهزة الاستخبارات) هو مِن أن تقتحم إيران بعد امتلاكها سلاحا نوويا السدود وتتسبب بانتشار السلاح النووي في المنطقة. وبحسب هؤلاء الخبراء فإنه لدى مصر والسعودية قدرات نووية معينة، وسورية وليبيا والجزائر حاولت الحصول على قدرات كهذه، ولذلك فإنه إذا تقدمت إيران باتجاه قدرة نووية عسكرية فإن هذه الدول ستدرس إمكانية أن تكون التالية في الدور" للحصول على قدرات نووية عسكرية. "ولذلك فإن المسألة ليست إيران نووية فقط وإنما شرق أوسط نووي. وهذا كابوس بالنسبة لمنطقة متوترة وغير مستقرة". واعتبر أنه "كلما كان الخيار العسكري ضد إيران موجودا على الطاولة وملموسا أكثر كلما قل احتمال الاحتياج إليها".
المصطلحات المستخدمة:
هآرتس, مجلس الأمن القومي, عوزي, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو