ذكرت الصحف الإسرائيلية، اليوم الأحد – 17.5.2009، أن المهمة الأساسية لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الحالية إلى واشنطن ستكون تخفيف حدة الخلافات مع إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فيما يتعلق بالعملية السياسية في الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني. وأفادت صحيفة هآرتس بأن الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، طالب نتنياهو بالامتناع، بكل ثمن، عن الاصطدام مع الإدارة الأميركية.
وغادر نتنياهو إسرائيل متوجها إلى واشنطن، الليلة الماضية، ويصل إلى واشنطن وسيخصص معظم وقته اليوم لمشاورات مع مستشاريه لمواصلة الإعداد للقائه مع أوباما، صباح غد بتوقيت واشنطن. وقالت هآرتس إن نتنياهو سيقترح على أوباما تشكيل طواقم عمل مشتركة لبلورة "خارطة طريق" جديدة، بادعاء أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تقدم سياسي في المسار الفلسطيني، وبلورة إستراتيجية إسرائيلية – أميركية مشتركة ومنسقة في موضوع الملف النووي الإيراني. ويعتبر نتنياهو، بحسب الصحف الإسرائيلية، أنه بذلك سيخفف حدة الخلافات بين سياسات الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية.
كذلك سيشدد نتنياهو أمام أوباما على رغبته بإجراء عملية سياسية إقليمية "تطبع" الدول العربية في إطارها علاقاتها مع إسرائيل. ورغم أن نتنياهو لا يزال يرفض الاعتراف بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني والانسحاب من هضبة الجولان في إطار عملية سلام مع سورية، إلا أن هآرتس أشارت إلى أنه يتوقع أن يعبر أوباما عن تأييده لفكرة بدء عملية سياسية مع العالم العربي، وسيطلب من نتنياهو تقديم "مبادرة نية حسنة" أولى تتمثل بتجميد أعمال البناء في المستوطنات.
ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "الزيارة الحالية غايتها عرض مواقف أولية وحسب. وسيتم في المرحلة المقبلة عقد اجتماعات لطواقم عمل ومحاولة تقليص الفجوات بين الجانبين (الإسرائيلي والأميركي) من أجل البحث في كيفية التقدم في موضوع عملية السلام والمجالات الإستراتيجية".
من جهته مرر الجانب الأميركي رسائل تهدئة إلى الإسرائيليين. ونقلت الصحف الإسرائيلية عن مسؤولين أميركيين قولهم، خلال لقاء مع الصحفيين الإسرائيليين في حاشية نتنياهو، إن اللقاء بين أوباما ونتنياهو، غدا، "هو استمرار مباشر لعشرات السنين من العلاقات القريبة للغاية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والتعاون في قضايا كثيرة. وهذه الفرصة الأولى للرئيس أوباما للعمل على تعميق وتوسيع هذا التعاون". وأضاف المسؤولون الأميركيون، في إشارة إلى لقاءاتهم مع مستشاري نتنياهو الذين زاروا واشنطن، الأسبوع الماضي، للإعداد للزيارة، أنه "كان لدينا أسبوعا ممتازا من العمل على الإعداد للقاء، والرئيس ينظر إلى اللقاء بأهمية بالغة".
رغم ذلك فإن المسؤولين الأميركيين أكدوا على أن "التزام الرئيس يستند إلى معادلة الدولتين. وهذا هو المبدأ الذي يوجه الرئيس أوباما، وهو يرصد جل جهوده لتحقيق ذلك". من جانبه قال وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، في مقابلة أجرتها معه القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، أمس، "إنني مقتنع بأن نتنياهو مستعد لعملية سياسية يعيش الشعبان في نهايتها جنبا إلى جنب. ونتنياهو يدرك أيضا أن الهدف في نهاية العملية السياسية هو أن يعيش الشعبان جنبا إلى جنب بسلام وأمن".
وتحدث بيرس عدة مرات مع نتنياهو خلال الأسبوع الماضي، وشدد أمام نتنياهو على أنه ينبغي الامتناع عن بكل ثمن عن احتمال حدوث مواجهة إعلامية مع أوباما، على خلفية الخلاف في وجهات النظر بين الجانبين، لأنه سيكون لذلك عواقب وخيمة على الأمن القومي الإسرائيلي. وكان بيرس قد التقى أوباما في البيت الأبيض، في بداية الشهر الحالي واستمع على مواقف الرئيس الأميركي.
ونقلت هآرتس عن مصدر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية قوله إن نتنياهو سيطلب من أوباما توثيق التنسيق السياسي – الأمني. ويتوقع أن يحتل الملف النووي الإيراني مكانا مركزيا في المحادثات بين أوباما ونتنياهو، وسيشدد الأخير خلالها على أنه من دون حل الملف الإيراني سيكون من الصعب التقدم في عملية سلام مع الفلسطينيين، كما سيطلب نتنياهو أن تنسق الولايات المتحدة مع إسرائيل كل ما يتعلق بالحوار الأميركي – الإيراني. ويذكر أن اوباما يرى الأمور بشكل مختلف، بل ومعاكس، بحيث أن تحقيق تقدم في العملية السلمية سيسهل على الولايات المتحدة التقدم في الحوار مع إيران لوقف تطوير برنامج نووي عسكري.
من جهة ثانية نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن المسؤولين الأميركيين الذي التقوا الصحفيين الإسرائيليين في واشنطن، أمس، قولهم إن أوباما سيبلغ نتنياهو بأنه لا يوجد أي تغيير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل فيما يتعلق بموضوع معاهدة حظر نشر الأسلحة النووية، ما يعني أن أوباما لن يطالب نتنياهو بالانضمام على هذه المعاهدة. وكانت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية، روز غوتمولر، قد أعلنت مؤخرا أن الولايات المتحدة تتوقع من دول تمتلك سلاحا نوويا، وذكرت في هذا السياق إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية، بالانضمام إلى معاهدة حظر نشر الأسلحة النووية. وأثار إعلان غوتمولر توترا كبيرا في إسرائيل، تحسبا من رفع سياسة التعتيم المتبعة في الموضوع ومن اضطرارها إلى الكشف عن حجم ترسانتها النووية.