تسعى إسرائيل إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة والانسحاب منه من خلال إبرام اتفاقيات إقليمية ودولية لا تكون حماس طرفا في أي منها. وذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الاثنين – 5.1.2009، أن "المطبخ الصغير"، الذي يضم رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، ايهود باراك، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، قرر خلال اجتماع، عقد أمس، أن تحاول إسرائيل التوصل إلى حل سياسي للعملية العسكرية الواسعة في قطاع غزة يكون مؤلفا من اتفاقيات إقليمية ودولية وأن لا تكون حماس طرفا فيها.
وأضافت الصحيفة أن أولمرت وليفني سيبلغان هذه الرسالة للرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الذي سيصل اليوم إلى إسرائيل، ووزراء خارجية التشيك، التي تترأس حاليا الاتحاد الأوروبي، والسويد وفرنسا ومفوضي السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا وبنيتا فيريرو فالندر. وقالت هآرتس إن إسرائيل توصلت إلى نتيجة مفادها أنه لا توجد لديها مصلحة بالتوصل إلى اتفاق تهدئة جديد مع حماس بواسطة طرف ثالث، لأن اتفاقا كهذا من شأنه أن يمنح حماس شرعية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "حماس أثبتت أنها ليست شريكا عندما خرقت التهدئة". وبدلا من اتفاق تهدئة، تتطلع إسرائيل إلى التوصل إلى اتفاقيات مع الدول العربية المعتدلة والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي. ورأى المصدر السياسي الإسرائيلي أن "المجتمع الدولي هو الذي سيبادر إلى الاتفاقيات ويمليها على حماس". وأضاف أن "الاتفاقات ستكون مع السلطة الفلسطينية ومصر، وعندها فإنه في حال لم توافق حماس (على الاتفاقات) فإنها ستدفع الثمن وخصوصا من خلال عزلها بشكل اكبر".
وبحسب هآرتس فإن الاتفاقيات التي تسعى إسرائيل إليها تتعلق بتهريب الأسلحة والمعابر ووقف إطلاق النار. وفيما يتعلق بتهريب الأسلحة فإن إسرائيل تسعى إلى إبرام اتفاق مع مصر تكون الولايات المتحدة ضالعة فيها ويتطرق إلى الأنفاق تحت محور فيلادلفي، بين القطاع ومصر، ويكون هدف اتفاق كهذا منع إعادة تسلح حماس. من جهة ثانية تريد إسرائيل تجديد وتعديل اتفاق المعابر في القطاع، الذي تم توقيعه في العام 2005 مع السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي ومصر. وستطالب إسرائيل أن تعمل في معبر رفح قوات تابعة للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ومراقبين أوروبيين. وتشترط بأنه في حال لم توافق حماس على ذلك فإن المعبر سيبقى مغلقا. وفيما يتعلق بوقف إطلاق النار فإن إسرائيل تطالب بأن تبلور مع الولايات المتحدة وفرنسا والدول العربية المعتدلة قرارا يصدر عن مجلس الأمن الدولي، ويتم من خلاله الإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأن يشمل قرارا كهذا أكثر ما يمكن من المصالح الإسرائيلية ويؤيد اتفاقيات أخرى سابقة، وأن يسمح القرار لإسرائيل بأن تهاجم حماس في كل مرة يتم فيها خرق وقف إطلاق النار.
وأشار المحلل السياسي في هآرتس، ألوف بن، إلى أن إسرائيل تسعى للخروج من الحرب في غزة من خلال نظام جديد تشارك فيه إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية ومصر. ولفت بن إلى أن الاتصالات بين إسرائيل والإدارة الأميركية تجري بواسطة الاتصالات الهاتفية والبريد الالكتروني، لكن الإدارة الأميركية تمتنع في هذه الأثناء عن إيفاد مبعوثين إلى المنطقة. وأضاف أن الاقتراح الإسرائيلي يذكر ب"تفاهمات عناقيد الغضب" بخصوص لبنان، التي تم التوصل إليها بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في ربيع العام 1996. فقد تم حينئذ تشكيل لجنة إشراف مؤلفة من إسرائيل ولبنان وسورية وفرنسا والولايات المتحدة. وكان يفترض بهذه اللجنة أن تراقب الاتفاق الذي قضى بحظر إطلاق النار على مدنيين. ولم يكن حزب الله في حينه جزءا من الاتفاق لكن الافتراض كان أنه بإمكان سورية التأثير على الحزب.
وقال بن إنه في حال الموافقة على الخطة الإسرائيلية للخروج من الحرب على غزة، فإن "إسرائيل ستحاول إظهار إنشاء النظام الأمني على أنه انجاز يثير الإعجاب وأنه من أجل التوصل إليه كان الأمر يستحق شن عملية عسكرية واسعة". لكن بن خلص إلى أن "تجربة الماضي تثير شكوكا، إذ أن اللجنة الأمنية الرباعية التي تم تشكيلها قبل بضع سنوات لم تحقق شيئا باستثناء الذرائع. كما أن تفاهمات عناقيد الغضب لم تجلب الهدوء".