أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأحد – 15.3.2009، بأن رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، الذي أوفد إلى مصر، أمس، كلا من رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، يوفال ديسكين، ومبعوثه الخاص لشؤون الجنود الأسرى والمفقودين، عوفر ديكل، بعث برسالة إلى حماس حذر فيها من أنه إذا لم يتم التوصل إلى تفاهمات حول صفقة تبادل الأسرة وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة، غلعاد شاليت، فإن "نافذة الفرص الحالية ستغلق"، حيث يتوقع أن تنتهي ولاية حكومة أولمرت خلال الأيام القريبة.
وفي تطور لافت، أصدر مكتب أولمرت، مساء أمس، بيانا استثنائيا أعلن فيه عن إيفاده ديسكين وديكل إلى مصر "من أجل بذل جهد آخر لاستنفاذ إمكانية تحرير الجندي غلعاد شاليت". وأضاف البيان أن "ديسكين وديكل سيلتقيان مع مسؤولين مصريين رفيعي المستوى، الذين يتوسطون في قضية غلعاد شاليت وسيبحثون ما إذا كان بالإمكان دفع تحريره. وسيبقى الاثنان في القاهرة حتى مساء (اليوم) الأحد. وفي جميع الأحوال يعتزم أولمرت عقد اجتماع خاص للحكومة صباح (غد) الاثنين من أجل إطلاع الحكومة على مجمل الاتصالات التي جرت لمصلحة تحرير الجندي المخطوف وصورة الوضع الحالية عشية تأليف الحكومة الجديدة، على ما يبدو، خلال الأسبوع القريب". وأضاف البيان أن أولمرت أطلع رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبل، بنيامين نتنياهو، على التطورات الحاصلة في هذه القضية.
وكانت صحيفة هآرتس قد نقلت، يوم الجمعة الماضي، عن مصادر فلسطينية في مصر قولها إن إسرائيل وافقت على إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين الذين طالبت بهم حماس، وعددهم 450 أسيرا، وأن الخلاف حاليا يتمحور حول إبعاد عدد من الأسرى إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة. لكن صحيفة يديعوت أحرونوت أفادت، اليوم، بأن ديسكين وديكل توجها إلى مصر وبحوزتهما قائمة بأسماء أسرى فلسطينيين لا تشمل جميع الأسرى الذين وردت أسماءهم في قائمة حماس. ونقلت الصحيفة عن مسؤول "مقرب للغاية" من رئيس الحكومة الإسرائيلية قوله إن "ايهود أولمرت لن يوقع على صفقة تشمل القائمة الكاملة للأربعمائة وخمسين أسيرا الذين يطالب خاطفو شاليط بإطلاق سراحهم". وأضاف المصدر ذاته أن "أولمرت ذهب أبعد ما يمكن باتجاه حماس عندما وافق على شمل مئات الأسرى الذين تطالب بهم هذه الحركة إضافة إلى مئات القتلة الذين تقترحهم إسرائيل. ولا يدور الحديث عن سارقي سيارات وإنما عن إرهابيين، وافقنا على إطلاق سراحهم بأسى ورغبة في إعادة شاليط". وقالت يديعوت أحرونوت إنه خلال 48 ساعة ستتضح صورة الوضع وما إذا كانت صفقة التبادل ستخرج إلى حيّز التنفيذ أم لا.
من جهة أخرى أشار المحلل السياسي في هآرتس، ألوف بن، إلى عبر ينبغي استخلاصها حيال أداء حكومة أولمرت فيما يتعلق بقضية أسر جنود إسرائيليين. ولفت بن إلى تصريحات أولمرت بعد أسر شاليت التي قال فيها "لن أجري مفاوضات مع حماس. لم أجري مفاوضات مع حماس ولن أجري مفاوضات مع حماس. ولن أطلق سراح أسرى إلى أيدي حماس مقابل الجندي غلعاد شاليت. وإجراء مفاوضات مع حماس اليوم، والاستسلام لمطالبهم فيما يتعلق بتبادل الأسرى، يعني أنه لا حاجة بعد اليوم لأشخاص معتدلين مثل أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، الذي يعارض الإرهاب، لأنه في نهاية المطاف ستكون أيدي الإرهابيين والقتلة وأولئك الذين يؤيدون العنف الأيدي العليا".
وكتب بن أنه في نهاية المطاف تراجع أولمرت، مثل سابقيه ووافق على إجراء مفاوضات مع حماس، مثلما حدث مع حزب الله "لإطلاق سراح إرهابيين خطرين". ورأى بن أنه حتى لو لم يتم التوصل إلى صفقة تبادل قريبة فإن ثمة عدة عبر ينبغي استخلاصها من قضية شاليت. أول هذه العبر، أنه "لا توجد أية أهمية أو قيمة للتصريحات المتشددة أو "لتحديد سياسة شاملة فيما يتعلق بعمليات الاختطاف". والعبرة الثانية هي أن الحكومة تدرك أن عليها التنازل عن مبادئها، وتستدعي ضغطا جماهيريا لتستجيب له، وأحداث الأسبوع الأخير تؤكد ذلك، في إشارة إلى خيمة الاعتصام التي نصبتها عائلة شاليت وأصدقاؤه قبالة مكتب أولمرت. والعبرة الثالثة هي أنه "هكذا هي قواعد الحياة في الشرق الأوسط" وأن الأسر كان دائما أحد أدوات اللعبة المقبولة في الصراع الإسرائيلي العربي ويعتبر ورقة مساومة لتحرير أسرى في السجون الإسرائيلية.