"المشهد الإسرائيلي" – خاص
أبلغ مدير المخابرات المصرية، عمر سليمان، إسرائيل بأن حركة حماس تعهدت خلال محادثات أجراها مع قيادتها بوقف إطلاق صواريخ القسام من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل والعمل على منع الفصائل الفلسطينية الأخرى في القطاع من إطلاق الصواريخ والعودة إلى التهدئة. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأحد – 16.11.2008، إن سليمان تحدث، أمس، عبر الهاتف مع رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، وأبلغه بأن حماس تعهدت أمام مصر بوقف إطلاق الصواريخ.
وبحسب يديعوت أحرونوت، فإن مصر مهتمة لأسبابها الخاصة باستمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وأن "التخوف الأكبر في القاهرة هو من احتمال أن يؤدي استئناف الأعمال العدائية إلى إشعال حريق في المنطقة وحتى تشكيل خطر على استقرار النظام في الأردن". وأجرى غلعاد محادثات مكثفة خلال نهاية الأسبوع الماضي مع سليمان وهدد بأنه إذا استمر إطلاق صواريخ القسام وقذائف الهاون من القطاع باتجاه جنوب إسرائيل فإن "إسرائيل ستنزل ضربة عسكرية شديدة على قطاع غزة". وسقط صباح اليوم صاروخا قسام في منطقة مفتوحة في جنوب إسرائيل من دون أن يسفرا عن إصابات أو إلحاق أضرار.
وفي غضون ذلك أفادت الصحف الإسرائيلية، اليوم، بأن خلافا حاصلا بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، ايهود باراك، حول تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة. ويعارض باراك تصعيدا كهذا. ونقلت عنه يديعوت أحرونوت تحذيره خلال مداولات أمنية أجراها أولمرت، يوم الجمعة الماضي، من شن عملية عسكرية واسعة وتوغل قوات الجيش في القطاع. وقال إن لا أحد يعرف كيف ستنتهي عملية عسكرية كهذه. كما حذر باراك من "تصريحات منفلتة من جانب المستوى السياسي" في إسرائيل. وقالت الصحيفة إن "المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي ما زالوا يتمسكون برأيهم بأن التهدئة تمنح الجيش الإسرائيلي الوقت المطلوب من أجل الاستعداد لمواجهة مع حزب الله في لبنان وتهديدات أخرى مثل إيران وسورية".
وخلافا لباراك، يعتقد أولمرت أن قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، الذي تم اتخاذه في شهر حزيران الماضي، وصادق على التهدئة "كان قرار خاطئا وينبغي تصحيحه"، معتبرا أن التهدئة تتيح لحماس زيادة قوتها العسكرية والتزود بصواريخ تصل حتى مدينة عسقلان والاستعداد لمواجهة الجيش الإسرائيلي. ويقدر أولمرت أنه على الرغم من الجهود المصرية للحفاظ على التهدئة إلا أن المواجهة بين إسرائيل وحماس حتمية، ويرى أن السؤال ليس إذا كانت ستندلع مواجهة كهذه وإنما متى ستندلع. ونقلت صحيفة معاريف، اليوم، عن أولمرت قوله خلال المداولات الأمنية إن على إسرائيل زيادة العقوبات التي تفرضها على القطاع بما في ذلك إغلاق المعابر ومنع مرور بضائع ووقود بادعاء أن "حماس خرقت اتفاق التهدئة وإسرائيل لن تمر على ذلك بهدوء".
من جانبه يرى باراك أنه ينبغي الاستمرار في التهدئة وقال إن "الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن سيستمران بالعمل بحزم أمام حماس، ومن الجائز أن تكون هناك حاجة لعملية عسكرية واسعة في المستقبل، لأنه لا يمكننا القبول بالخرق المتواصل للتهدئة. لكن التصريحات المنفلتة ليست نهجا سياسيا وأنا أولي اهتماما للتهدئة ولا ينبغي الأسف على دقيقة واحدة من الهدوء". وأفاد المحلل العسكري في يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، اليوم، بأن باراك طلب قبل بضعة شهور من خبراء قانونيين التدقيق في إمكانية استئناف القصف المدفعي الإسرائيلي على القطاع. ورد الخبراء القانونيون على باراك بالقول إن قصفا مدفعيا كهذا باتجاه مناطق مأهولة بالسكان ستعتبر جريمة حرب ترتكبها إسرائيل.
كذلك تطرقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، للتصعيد الحاصل وقالت إن "القواعد حيال غزة واضحة. فإذا ساد الهدوء ولم يتم استغلال الوقت (من جانب حماس) للاستعداد للهجوم المقبل، فإن إسرائيل ستمنح الهدوء مقابل ذلك. لكن إذا تعرض مواطني إسرائيل لهجمات فإن إسرائيل سترد بقوة من أجل حمايتهم". وأضافت ليفني أن "إسرائيل ليست معنية بتدهور الوضع لكن لا يمكننا القبول بخرق متكرر لوقف إطلاق النار".
من جهة أخرى نقلت معاريف عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع اعترافه بأنه "نحن الذين بدأنا جولة العنف هذه، عندما توغلنا في الأراضي الفلسطينية (في القطاع) ودمرنا نفقا (قبل أسبوعين تقريبا). فقد قررنا حينها ألا نخاطر. والسؤال الآن هو من الذي سيقول الكلمة الأخيرة حتى الجولة المقبلة. وحماس تريد أن تكون هي التي ستنهي جولة العنف الحالية لكي تعاقبنا".
وتطرق المصدر الأمني إلى الوضع الإنساني في القطاع، وقال "إننا نقترب من قرار استراتيجي (واتفاق) بين إسرائيل ومصر، تتلقى مصر بموجبه المسؤولية على غزة. وتجري محادثات مع مصر تقضي بأن تسلم إسرائيل المسؤولية عن الوقود والمياه والكهرباء إلى مصر. وبذلك تنتقل المسؤولية الإنسانية على القطاع إلى مصر التي تخشى ذلك كثيرا".
وقال مصدر أمني إسرائيلي آخر لمعاريف، إن الأيام المقبلة ستشهد توترا ليس عاديا. لكنه رفض الدعوات في إسرائيل لشن عملية عسكرية شديدة ضد القطاع، مشيرا إلى أن "حماس لا تشكل التهديد الأساسي على إسرائيل ولذلك فإن لدينا سلم أولويات. فحزب الله يعمل على زيادة قوته. فهل نحن نهاجمه؟".
ولفت المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، ومحلل الشؤون الفلسطينية في الصحيفة، افي سخاروف، في مقال مشترك، اليوم، إلى أن حماس "أبعدت بشكل مطلق عن جدول العمل الفلسطيني الانتقادات الشديدة ضدها على اثر انسحابها من محادثات المصالحة مع حركة فتح". وأكد المحللان من الجهة الأخرى على أن "عملية عسكرية كبيرة ضد القطاع ليست مطروحة على جدول أعمال إسرائيل. وقد سارع باراك إلى توضيح ذلك أمس، عندما لسع أولمرت ورامون (النائب الأول لرئيس الحكومة، حاييم رامون) وليفني أيضا، عندما ذكر القرار المتسرع بشن حرب لبنان الثانية".
وربط المحللان بين احتمال استمرار التصعيد والانتخابات العامة الإسرائيلية التي ستجري في 10 شباط المقبل. واعتبرا أنه "يجب الأخذ بالحسبان أن ثمة إغراء آخر أمام حماس. فالتصعيد في غزة، وخصوصا عمليات انتحارية داخل الخط الأخضر، بإمكانها أن تؤثر على المعركة الانتخابية في إسرائيل أيضا. وفي العام 1996 أدت موجة العمليات في الحافلات إلى أن تكون نتائج الانتخابات لصالح (رئيس حزب الليكود اليميني) بنيامين نتنياهو والليكود. وهذا السيناريو قد يتكرر في العام المقبل ايضا، إذا اعتقدت حماس أن من شأن صعود حكومة يمينية في إسرائيل أن يحسن مكانته في الحلبة الدولية".
المصطلحات المستخدمة:
الخط الأخضر, يديعوت أحرونوت, هآرتس, باراك, الليكود, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو