المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"المشهد الإسرائيلي" – خاص

تصاعد القلق في إسرائيل جراء إطلاق إيران قمرا اصطناعيا إلى الفضاء. ونقلت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الاثنين – 18.8.2008، عن مسؤولين إسرائيليين وصفهم إطلاق إيران القمر الاصطناعي، فجر أمس، بأنه "حدث بالغ الأهمية ومقلق جدا ويشكل ارتقاء بالغا" في قدرات إيران الصاروخية. ويشارك مسؤولون أميركيون نظرائهم الإسرائيليين في هذا القلق. وتجدر الإشارة إلى أن القلق الإسرائيلي والأميركي نابع بالأساس من أن إطلاق القمر الاصطناعي يكشف عن قدرات إيران الصاروخية، وأنه في حال تم تحويل الصاروخ الذي تم بواسطته إطلاق القمر الاصطناعي إلى صاروخ أرض – أرض عابر للقارات فإنه سيكون بإمكانه ضرب كل عاصمة في أوروبا.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن رئيس مركز أبحاث الفضاء الإسرائيلي في معهد فيشر، طال عنبار، قوله إن إطلاق القمر الاصطناعي الإيراني يشكل "نقطة انعطاف. ويوجد لهذا الأمر انعكاسات بعيدة المدى على أمن إسرائيل". وأضاف أن "تطوير منصة إطلاق قمر اصطناعي هو غطاء رائع لتطوير قدرات تتعلق بصواريخ أرض – أرض طويلة المدى ومتطورة جدا". كذلك نقلت صحيفة معاريف عن عنبار قوله إنه "في اللحظة التي تمتلك فيها القدرة على إطلاق صاروخ إلى الفضاء، فإنه بإمكانك استخدام هذه القدرة في مجال صواريخ أرض – أرض لآماد بعيدة جدا. والجميع يشعرون الآن تماما مثلما شعر الأميركيون في العام 1957 عندما أطلق السوفييت إلى الفضاء (القمر الاصطناعي السوفييتي) سبوتنيك. (عندها) كان الغرب في حالة ذهول. ليس بسبب القمر الاصطناعي، وإنما بسبب الصاروخ الذي أخذه إلى الفضاء". واعتبر عنبار أن "الإيرانيين يبذلون جهودا من أجل تطوير قدرات صواريخ الأرض – أرض لديهم، وهم يقومون بذلك بمسارات متعددة، تماما مثل يفعلون في برنامجهم النووي".

ويشار إلى أن الصاروخ الذي حمل القمر الاصطناعي الإيراني إلى الفضاء يعمل على مرحلتين. في المرحلة تم إطلاق صاروخ طويل المدى من طراز "شهاب – 3"، ويحمل قذيفة صاروخية تنطلق في المرحلة الثانية ويتحرك اعتمادا على وقود سائل متطور من النوع الذي تستخدمه روسيا والصين. وقال خبراء إسرائيليون إنه سيكون بإمكان إيران إضافة مرحلة ثالثة إلى عملية إطلاق قمر اصطناعي في المستقبل، وعندها سيتمكن الإيرانيون من إطلاق أقمار اصطناعية أكبر إلى الفضاء وسيكون بالإمكان استخدامها لأغراض التجسس.

وفي غضون ذلك، أفادت معاريف بأن الجيش الإسرائيلي أجرى مؤخرا تقييما للوضع الاستراتيجي للعام 2009، وسيتم تقديمه إلى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية، قريبا، وخلص هذا التقييم إلى أن إيران تشكل أكبر خطر استراتيجي على دولة إسرائيل. وبرز في هذا التقييم الاستراتيجي، الذي سيتم تقديمه لصناع القرار في إسرائيل، أنه تم الفصل بين "الخطر الإيراني" وبقية "الأخطار" التي تهدد إسرائيل. وأشارت المداولات في هذا السياق، والتي جرت في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، بموجب تعليمات رئيس أركان الجيش، غابي أشكنازي، إلى أن إيران تشكل اليوم الخطر الأكبر على وجود إسرائيل.

واعتبرت تقييمات هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أن الدمج بين المجهود الذي تبذله إيران في المجال النووي وقدراتها في مجال الصواريخ العابرة للقارات و"انشغالها المكثف في نشر الإرهاب في العالم عموما وحول إسرائيل خصوصا"، يمنح إيران "المكانة الأعلى" حاليا في كل ما يتعلق بالمخاطر التي تهدد إسرائيل.

من جهة أخرى أشارت معاريف إلى أن آراء الخبراء والمسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي متباينة حيال أهمية إطلاق القمر الاصطناعي الإيراني. من جهة، يرى قسم من الخبراء بإطلاق القمر الاصطناعي انجازا إيرانيا، ومن الجهة الأخرى يحاول خبراء آخرون تقزيم هذا الإنجاز. وقال مسؤول أمني أن "الحديث يدور عن خطوة بالغة الجدية في الصناعات الفضائية الإيرانية"، فيما رأى المتحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، شلومو درور، أنه "يوجد الآن خردة إضافية في الفضاء". وأضاف درور، الذي قلل من أهمية إطلاق القمر الاصطناعي الإيراني، "علينا أن نتذكر أنه لو تم إطلاق كل صاروخ سكاد، مثل الصواريخ التي تم إطلاقها باتجاه إسرائيل خلال حرب الخليج الأولى، في العام 1991، بزاوية 90 درجة لكان سيخرج إلى الفضاء. ولا يوجد سبب للانفعال من التجربة الإيرانية. فهناك أولاد في التخنيون (أي معهد الهندسة التطبيقية في إسرائيل) أرسلوا إلى الفضاء صاروخا أصغر مع قمر اصطناعي صغير". ونقلت معاريف عن خبراء إسرائيليين قولهم إن إيران ما زالت بعيدة عن التوصل للقدرات المطلوبة لبناء وإطلاق قمر اصطناعي حقيقي إلى الفضاء. وأضاف الخبراء أن "الحديث يدور بالأساس عن إنجاز دعائي غايته تمجيد الانجازات التكنولوجية للثورة الإسلامية في وقت تواجه إيران فيه ضغوطا متزايدة من جانب المجتمع الدولي".

ورأى المحلل العسكري في يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، أن الجديد في إطلاق القمر الاصطناعي الإيراني هو "الحقيقة بأن الإيرانيين لا يتوقفون للحظة واحدة عن بناء التهديد الاستراتيجي. فإذا أدت ضغوط دولية إلى وقف مؤقت في مجال ما، مثل تطوير رأس نووي متفجر، فإنهم يبذلون جهودا بوتيرة متصاعدة في مجالات أخرى. مثلا، في مجال الأقمار الاصطناعية، وهو مجال شرعي بالكامل، أو في مجال أقل شرعية، مثل تخصيب اليورانيوم. لكن في النهاية فإن كل هذه المجالات ستصب في نقطة واحدة (وصول إيران إلى قدرات نووية عسكرية وصاروخية متطورة). لكن العالم الغربي لا يؤمن بأن هذا ما سيحدث".

وأضاف فيشمان أنه "لن يكون بالإمكان لجم هذا المشروع الإيراني الهائل بالإغارة على هذه المنشأة النووية أو تلك (في إيران). ففي بغداد كان هناك هيكل مفاعل نووي واحد في مطلع الثمانينيات، وفي اللحظة التي تم فيها تدميره تم القضاء على المشروع أيضا. أما هنا فإن الحديث يدور عن وحش يتم بناؤه أمام أعيننا وأعين العالم. وربما من شأن قناعة دولية بالغة جدا وحدها أن تحرفه عن مساره".

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, التخنيون

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات