تالانسكي يؤكد في إفادته أمام المحكمة، أمس، أنه منح أولمرت مبالغ نقدية بقيمة مئة وخمسين ألف دولار من جيبه الخاص لتمويل إجازات الأخير في إيطاليا وواشنطن ونيويورك وغيرها وتحسين مستوى رحلاته الجوية وغير ذلك من المصاريف الشخصية، إضافة إلى ثلاثمئة وثمانين ألف دولار دفعتها شركات تابعة له لتسديد ديون على جمعية "القدس متكتلة" التي أدارت تمويل حملته الانتخابية لرئاسة بلدية القدس
"المشهد الإسرائيلي"- خاص
يدرس رئيس حزب العمل ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إمكان أن يدعو رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، إلى الإعلان عن تعذر قيامه بمهام منصبه، بعد مشاورات أجراها الليلة الماضية في أعقاب إفادة المليونير الأميركي اليهودي موريس تالانسكي أمام المحكمة المركزية في القدس ضد أولمرت.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأربعاء - 28.5.2008، أن باراك هاتف وزراء حزب العمل، بعد المشاورات التي أجراها مع مستشاريه الليلة الماضية، وأبلغهم بأن العمل سيعبر اليوم عن "موقف أخلاقي" من إفادة تالانسكي.
وقال تالانسكي في إفادته أمام المحكمة، أمس، إنه منح أولمرت مبالغ نقدية بقيمة 150 ألف دولار من جيبه الخاص لتمويل إجازات الأخير في إيطاليا وواشنطن ونيويورك وغيرها وتحسين مستوى رحلاته الجوية وغير ذلك من المصاريف الشخصية، إضافة إلى 380 ألف دولار دفعتها شركات تابعة له لتسديد ديون على جمعية "القدس متكتلة" التي أدارت تمويل حملته الانتخابية لرئاسة بلدية القدس.
وكانت القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي قد كشفت، في ساعة متأخرة من ليلة أمس، عن أن المستشار الإستراتيجي، رؤوفين أدلر، هو الذي نصح باراك بدراسة دعوة أولمرت إلى الاستقالة أو الإعلان عن تعذر قيامه بمهامه، بسبب التطورات الحاصلة في تحقيق الشرطة ضد أولمرت بشبهة حصوله على رشى مالية من تالانسكي. ويشار إلى أن أدلر كان المستشار الإستراتيجي لرئيس الحكومة السابق أريئيل شارون وهو الآن المستشار الإستراتيجي لباراك، كما تتحدث وسائل إعلام عن تقديمه مشورات في السر لوزيرة الخارجية والقائمة بأعمال رئيس الحكومة تسيبي ليفني، التي توترت علاقاتها مع أولمرت بصورة بالغة مؤخرا على خلفية التحقيق وامتناعها عن دعمه.
ويرجح أن يعقد باراك مؤتمرا صحافيا في الكنيست ظهر اليوم يعلن فيه أن أولمرت لا يمكنه الاستمرار في القيام بمهام منصبه. ونقل موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني عن مستشار لباراك قوله إن الأخير "لا يعتزم إبقاء الوضع ضبابيا. باراك سيجري مشاورات، قد تكون هاتفية، مع أعضاء كتلة حزب العمل وسيعلن موقفا". وأوضح المستشار ذاته أنه "لا يتوجب بث أجواء درامية مبالغ بها، فباراك لن يستقيل".
وبحسب يديعوت أحرونوت فإن باراك قال في اجتماع مغلق إن "الجلوس حول طاولة هذه الحكومة صعب علي ولم أخفِ في الماضي تخبطي حيال ذلك. تخبطت قبل صدور تقرير لجنة فينوغراد وتحدثت عن ذلك في الإعلان في سدوت يام (على إثر فوزه برئاسة حزب العمل). ولم أخف موقفي".
إفادة تالانسكي
وقال المليونير الأميركي اليهودي موريس تالانسكي خلال إفادته أمام المحكمة المركزية في القدس أمس الثلاثاء إن شركات تابعة له سددت ديون حملات رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت الانتخابية في الماضي وعرض على المحكمة وثائق تدل على أن مبلغ هذه الديون وصل إلى 380 ألف دولار. إضافة إلى ذلك قدر، خلال إفادته في إطار تحقيق بشبهة حصول أولمرت على رشى مالية، أن مجموع المبالغ التي منحها لأولمرت بصفة شخصية بلغت قرابة 150 ألف دولار واعتبر أنها قروض، لكنه أكد أن أولمرت لم يسددها حتى اليوم.
وتبين من وثائق قدمها تالانسكي أمام المحكمة أن شركات بملكيته سددت ديون بمبلغ 380 ألف دولار على جمعية "القدس متكتلة" التي دعمت أولمرت كمرشح لرئاسة بلدية القدس.
وأضاف أن صديق أولمرت وشريكه السابق في مكتب محاماة، المحامي أوري ميسر، كان يحضر إليه وثائق وقع عليها وقال إنه لم يكن يعلم فحوى هذه الوثائق.
وتابع أن ميسر قال له "اعتمد علي فأنا محاميك ومحامي الجمعية"، وقال تالانسكي أمام المحكمة إنه أخطأ عندما وقع هذه الوثائق.
وقال تالانسكي في نهاية إفادته، التي امتدت سبع ساعات، "لم أفهم المنهج جيدا لكنت كنت لا أزال أشعر بأن شيئا ما ليس صحيحا... لم أتوقع أي شيء (مقابل الأموال) وأنا لست بحاجة لهذا".
وأضاف "كان لدي شعور بالمسؤولية وقد تحطم طوال فترة التحقيق الذي كان... عنيفا، فقد تسببوا بأن أشعر أني مثل مجرم" وانفجر باكيا.
وتابع "دمرتم عائلتي ولاحقوا أحفادي، كيف يمكن أن يحدث أمر كهذا فهؤلاء الأشخاص لا يمكن الصفح عنهم لأنهم دمروا ثقة أولادي بوالدهم".
وقال تالانسكي إن أولمرت حاول مساعدته في دفع أعماله في إسرائيل من خلال توجيهه إلى رجلي أعمال إسرائيليين يملكان فنادق ليبيعهما آلات مياه معدنية لكنه لم ينجح في إبرام صفقات معهما.
وبحسب تالانسكي فإنه التقى أولمرت مرة أو مرتين منذ توليه رئاسة الحكومة.
وقبل ذلك اعترف تالانسكي خلال إفادته بأنه منح أولمرت قروضا مالية لتمويل احتياجات شخصية وقدر أن مجموع المبالغ التي أعطاها له بلغت قرابة 150 ألف دولار.
يذكر في هذا السياق أن أولمرت أعلن لدى السماح بالكشف عن تفاصيل من التحقيق ضده في 8 أيار الحالي أنه لم يتلق أموالا لجيبه الخاص.
وبحسب تالانسكي فإنه حول لأولمرت مبلغا يتراوح ما بين 25 إلى 30 ألف دولار لتمويل إجازة في ايطاليا في العام 2003 لكن أولمرت لم يسدد هذا المبلغ حتى اليوم. وأضاف أنه دفع 4700 دولار مقابل مكوث أولمرت في فندق "ريتش كارلتون" في واشنطن لمدة ثلاثة أيام، وقال إن هذا المبلغ عبارة عن قرض ولم يتم تسديده حتى اليوم وعرض أمام المحكمة فاتورة الفندق التي شملت الإقامة وغسل ملابس ومحادثات خارجية واستئجار شريط فيديو. وأكد خلال إفادته أنه لم يسترجع أبدا القروض التي منحها لأولمرت رغم أنه طالبه بها.
وانفجر بالبكاء خلال إفادته أمام المحكمة عندما طلب العودة إلى الولايات المتحدة ليكون إلى جانب زوجته المريضة وذلك عندما تم طرح اقتراح بمواصلة الاستماع لإفادته غدا.
وقال تالانسكي ايضا إنه دعا أولمرت لحفل زفاف ابنه في نيويورك وطلب منه إلقاء كلمة خلال الحفل إلا أن أولمرت طلب منه 3000 دولار.
وأضاف تالانسكي "سألته لماذا؟ لقد جئت لحضور حفل خاص؟" لكن أولمرت أجابه بأنه لم يتم دفع مصاريف السفر للولايات المتحدة وبعد ذلك تم جمع المبلغ من المتواجدين في الحفل وسلم بمغلف لأولمرت.
وقال إن أولمرت كان يطلب منه الحصول على أموال نقداً وليس عبر شيكات وإن الأموال التي سلمها له استخدمها لتحسين مستوى سفرياته الجوية من الدرجة التجارية إلى الدرجة الأولى. وتابع أن "أولمرت أحب الأقلام والسيجار والساعات" وأنه طلب تمرير أموال التبرعات لأولمرت بواسطة شيكات، لكن الأخير طلب أن يحصل عليها نقداً.
وقال إن "أولمرت طلب قروضا وقد أعطيته، وفي حفلات جمع أموال كان يتم وضع مغلفات للمتبرعين على الكراسي ويضع المتبرعون المال فيها وكنت أحضر المغلفات إلى أولمرت وزاكين" في إشارة إلى مديرة مكتب أولمرت، شولا زاكين.
وأضاف الشاهد، خلال إفادته أنه سأل أولمرت عن امتناعه عن جمع أموال بواسطة فرع حزب الليكود في الولايات المتحدة فأجابه إنه إذا فعل ذلك فإن المال سينتقل لتسديد مصاريف الحزب. وتابع أنه مرر أموالا لأولمرت خلال منافسته على رئاسة بلدية القدس في العام 1993 وذلك بعدما صرف شيكات. وشدد على أن هذا "مال شرعي" وأنه لم يحصل أبدا على مقابل لقاء هذه الأموال ولم يتوقع الحصول على مقابل كهذا.
ويذكر أن القانون الإسرائيلي يحظر تلقي مرشحين أموالا نقدا من متبرعين.
وقال تالانسكي إنه "عندما رشح أولمرت نفسه لرئاسة بلدية القدس، قال إنه سيوحد المدينة ويبنيها أكثر من (رئيس البلدية السابق) تيدي كوليك، وكان أولمرت يمثل بالنسبة لي قيادة جديدة وشعرت أنه كان قادرا على تجسير الشروخ في المجال الديني داخل المجتمع وهي شروخ أدت إلى دمار الهيكلين الأول والثاني". وأقر بأنه مرر أموالا إلى أولمرت عندما شغل الأخير منصب وزير الصناعة والتجارة وتم تسليم مغلفات المال التي احتوت في كل مرة على مبالغ تتراوح ما بين 3000-8000 دولار إلى مديرة مكتبه شولا زاكين.
وأضاف "كنت أبقى معه ما بين 10 إلى 15 دقيقة ثم أذهب، وقالوا لي إن المال هدفه تسديد مصروفات وأنا اعتقدت أن الحديث عن مصروفات متعلقة بالانتخابات مثل إعلانات ولافتات". وقدّر أنه سلم أموالا في نصف زياراته لوزارة الصناعة والتجارة.
وقال تالانسكي "كنت معجبا بإيهود أولمرت وأحببته وكنت أقدره كثيرا" وأن أولمرت كان يبادله الشعور نفسه "فقد كان يعانقني دائما وأهداني بطاقة معايدة في يوم ميلادي السبعين ودعاني إلى حفل زفاف ابنته".
من جانبه قال المدعي العام الإسرائيلي، موشيه لادور، بعد انتهاء إفادة تالانسكي إنه "في هذه المرحلة لا يوجد قرار في القضية والتحقيق في أوجه ولا يمكننا تقدير وضع الإفادة المبكرة التي أدلى بها تالانسكي اليوم قبل الاستماع إلى الاستجواب المضاد" الذي سيجريه محامو أولمرت ومديرة مكتبه شولا زاكين.
وأوضح لادور أن "القرار بخصوص تقديم أو عدم تقديم لائحة اتهام سيتخذ عند انتهاء التحقيق".