المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اعتبرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني خلال مؤتمر صحافي مع نظيرها الفرنسي برنار كوشنير في القدس الغربية يوم الأحد 18/11/2007 أن الدولة الفلسطينية ستكون عندما تقوم حلا "أيضا للعرب في إسرائيل".

وقالت ليفني إن "الدولة الفلسطينية لن تكون فقط حلا للفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ يفترض بها أن توفر حلا وطنيا شاملا لأولئك الموجودين في الضفة والقطاع وفي مخيمات اللاجئين وأيضا لأولئك الذين هم مواطنون متساوون في الحقوق في دولة إسرائيل، التي هي الدولة اليهودية من بين الدولتين".

وجاءت أقوال ليفني ردا على إقرار لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل يوم 17/11 اقتراحا بإعداد وثيقة جماعية باسم العرب في إسرائيل تعبر عن المعارضة لتعريف إسرائيل "دولة يهودية".

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت قد أعلن الأسبوع الماضي أن اعتراف السلطة الفلسطينية بإسرائيل على أنها "دولة يهودية" سيكون شرطا لمواصلة المفاوضات بين الجانبين بعد "الاجتماع الدولي" المزمع عقده في أنابوليس في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل.

واعتبر محللون إسرائيليون تصريح أولمرت بهذا الخصوص على أنه يتماشى مع طروحات زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف ووزير الشؤون الإستراتيجية أفيغدور ليبرمان الذي يطالب بإخراج أكبر عدد ممكن من المواطنين العرب خارج حدود إسرائيل وضم أكبر مساحة ممكنة من الأرض إلى إسرائيل بادعاء الحفاظ على "الطابع اليهودي" و"التوازن الديمغرافي" في إسرائيل.

وادعت ليفني موجهة كلامها للجنة المتابعة أن "كل أولئك الذين يؤيدون فكرة قيام دولة فلسطينية لإعطاء حل قومي للفلسطينيين لا يمكنهم إمساك العصا من طرفيها، أي المطالبة بإقامة هذه والعمل ضد وجود الدولة القومية لليهود من الداخل".

ومضت ليفني أن "إسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية وكل إنسان يتم انتخابه للكنيست يتوجب عليه الموافقة على المبادئ الأساسية لوجود دولة إسرائيل والمطالبة بتعبير قومي في دولة مستقلة هي مطلب ممكن لكنه ينتهي في لحظة إقامة دولة فلسطينية التي من شأنها توفير حل قومي للفلسطينيين أينما كانوا".

وكان رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل شوقي خطيب قد أشار خلال اجتماع للجنة عقد يوم 17/11 في مدينة الناصرة إلى أنّ مطلب الاعتراف بإسرائيل على أنها "دولة يهودية أصبح طلبا مكثفا على لسان قادة إسرائيل، بدءا من رئيس الدولة، مرورا برئيس الحكومة، والوزراء وقادة الأحزاب الكبيرة". وأضاف أن "وثيقة التصور المستقبلي التي أصدرتها لجنة المتابعة قبل عدة أشهر حملت موقفا رافضا ليهودية الدولة".

وأيد خطيب دعوة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي الإسرائيلي إلى إصدار وثيقة جديدة "تتركز في هذه النقطة عينيا لتحمل موقفا جماعيا للجنة".

وأثارت تصريحات ليفني عاصفة من ردود الفعل في صفوف أعضاء الكنيست اليهود اليساريين وأعضاء الكنيست العرب.

وقال الوزير العربي في الحكومة الإسرائيلية غالب مجادلة، الذي لم يُخف غضبه من أقوال ليفني، إن "جذور المواطنين العرب في إسرائيل مزروعة قبل قيام الدولة، وهم سكان البلاد وأصحاب حق ووجودهم ومواطنتهم ليسا مفتوحين للتفاوض".

وأضاف مجادلة أن "سعادة وزيرة الخارجية ليست مخولة من قبل عرب إسرائيل أن تقرر أين يعيشوا وإنما الجمهور العربي هو الذي يقرر ذلك بنفسه ومن يطرح فكرة نقل السكان العرب في إسرائيل إلى مناطق دولة فلسطين عندما تقوم هو معاد للديمقراطية ومنعزل عن الواقع وعن المجتمع الدولي".

وقال مجادلة إنه سيطالب ليفني بتوضيح "أقوالها الخطيرة".

ودعا عضو الكنيست أوفير بينيس من حزب العمل ليفني إلى التراجع عن أقوالها ورأى أن "أقوالها بدت وكأنها خارجة من فم أفيغدور ليبرمان ولا تناسبها".

وأضاف بينيس أن "دولة إسرائيل هي وطن الشعب اليهودي لكن ممنوع أن ننسى أنها أيضا وطن ودولة مواطنيها غير اليهود، والدولة الفلسطينية ستشكل حلا لقضية اللاجئين لكن ليس لعرب إسرائيل".

من جانبه قال عضو الكنيست محمد بركة وأحد المبادرين لوضع وثيقة جديدة للجنة المتابعة إن "ليفني تنحدر إلى حضيض جديد وهي وحكومتها، في الوقاحة والعنصرية، وكما يظهر فإنها لم تتعلم درس التاريخ والحاضر".

وأضاف بركة في بيان عممه "على ما يبدو فإنه حتى ما كان يسمى باليمين المعتدل في حكومة أولمرت، أصبح أكثر تطرفا من اليمين المتطرف، وبالذات ليفني التي لعبت دور المتلونين في حكومتها، عادت إلى أصلها المظلم في جهاز "الموساد" الاستخباراتي، حيث نشأت، وهي الآن تتأرجح بين عقليته وعقلية اليمين المتطرف".

وتابع بركة "على ما يبدو أن ليفني لم تتعلم قبل 20 عاما، حين كانت تعمل في جهاز الموساد درسا هاما في التاريخ وفي حاضرنا، وهو أننا نحن الفلسطينيون ولدنا في وطن الآباء والأجداد، ولم نهاجر إلى وطننا من أي مكان في العالم، وإنما إسرائيل هي التي هاجرت إلينا".

وقال عضو الكنيست جمال زحالقة إن "صورة الحل السياسي الذي تطرحه إسرائيل يهدف فيما يهدف إليه إلى تثبيت مكانة الفلسطينيين في الداخل كمواطنين درجة ثانية وسلب حقوقهم المدنية والقومية".
وأضاف أن "ليفني ومن خلال الدعوة إلى الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية تمنح الامتيازات لليهود وتميز ضد المواطنين الفلسطينيين في الداخل وتحاصر وجودهم، وهي تقترح ترحيل الحقوق القومية لفلسطينيي الداخل إلى الدولة الفلسطينية، فالعرب في نظرها هم رعايا لا يستحقون المواطنة الكاملة والحقوق القومية. هي لا تستطيع أن تمسك بالعصا من طرفيها، وتدعي أن إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية أيضا، وأن تسلب حقوق المواطنين العرب وتسوق إسرائيل على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".

ورأى زحالقة أن ليفني "بكلامها تضع علامات استفهام لا على شرعية حقوق المواطنين العرب فحسب بل على شرعية مجرد وجودهم على أرض وطنهم، وفي هذا الكلام أكثر من تشجيع على دعوات سلب مواطنة العرب ودعوات الترانسفير".

من جانبه قال عضو الكنيست أحمد الطيبي إن "أقوال ليفني الخطيرة تكشف عن وجهها الحقيقي".

واعتبر الطيبي أن "ليفني تمهد الطريق أمام طرد أكبر عدد ممكن من المواطنين العرب من أجل إبقاء إسرائيل دولة يهودية من دون عرب".

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مكتب ليبرمان "إننا نرحب بانضمام الوزيرة ليفني للمطالبة المبدئية والأساسية للوزير ليبرمان بالاعتراف بإسرائيل على أنها دولة يهودية".

وقال عضو الكنيست أرييه إلداد من كتلة "الوحدة القومية" اليمينية المتطرفة إنه "يوجد للفلسطينيين دولة في الأردن، حيث 70% من سكانها هم من الفلسطينيين وليفني تريد منح دولة أخرى للفلسطينيين، وهي تعتقد أن العرب في البلاد سوف يكتفون بذلك ولكن من يتنازل عن الضفة الغربية لن ينجح في التوقف عن التنازل عن الجليل والنقب".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات