قالت متحدثة باسم رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، إن أولمرت لا يربط بين لقائه المرتقب مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبين تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية تجمع حركتي حماس وفتح.
وقالت المتحدثة باسم رئيس الحكومة الإسرائيلي، ميري أيسين، في تصريح خاص لـ"المشهد الإسرائيلي"، أمس الاثنين 18/9، إنه لم يتم بعد تحديد موعد للقاء أولمرت- عباس لكنها أشارت إلى أن اللقاء بين الرئيس عباس ووزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، يشكل خطوة أولى في اتجاه لقاء عباس مع أولمرت.
وأضافت أيسين أن مسألة تشكيل حكومة وحدة فلسطينية هو "شأن فلسطيني داخلي لا علاقة لإسرائيل فيه".
رغم ذلك اعتبرت أيسين أن إسرائيل ستعقب على هذه الحكومة بعد تشكيلها وفي حال تم ذلك "وخصوصا ما يتعلق بتطبيق الشروط الثلاثة التي وضعتها الرباعية الدولية" أمام حماس.
وكانت إسرائيل قد وضعت ثلاثة شروط لدى تشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة حركة حماس بعد فوزها بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني في الانتخابات التي جرت في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وقضت الشروط الإسرائيلية، التي تبنتها الرباعية الدولية لاحقا، بأن تعترف حماس بإسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وبين إسرائيل ونبذ العنف والعمليات المسلحة ضد أهداف إسرائيلية.
وقالت أيسين إنه سيتعين على حكومة فلسطينية جديدة في حال تشكيلها أن تلبي هذه الشروط الثلاثة لتجديد الاتصالات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وكان عباس قد أعلن أمس في الأردن عن أنه جمّد الاتصالات مع رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية حول تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية إلى حين عودته من زيارته للولايات المتحدة، حيث يتوقع أن يلتقي يوم الأربعاء مع الرئيس الأميركي، جورج بوش ووزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس.
وفي هذا السياق أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أمس بأن بوش سيوضح للرئيس الفلسطيني أن واشنطن تعارض تشكيل حكومة وحدة فلسطينية.
وأضافت الصحيفة أن القنصل الأميركي في القدس، جاك والاس، أبلغ عباس أثناء لقائهما في رام الله السبت الماضي بأن الإدارة الأميركية "لن تعترف بحكومة فلسطينية برئاسة حماس إذا لم تعترف بإسرائيل ولا تنبذ الإرهاب ولا تعترف بالاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية".
وتابع القنصل الأميركي قائلا لعباس، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، إنه "من جهتنا لا نرى مشكلة إذا ما انضممت لحكومة حماس، لكن عليك أن تتذكر أنه منذ اللحظة التي تصبح فيها شريكا في الحكومة من دون أن تطبق هذه الحكومة شروط المجتمع الدولي ستتلقى التعامل ذاته الذي تتلقاه حماس منا".
وأضاف والاس أن بوش ورايس يطلبان اللقاء مع عباس لتوضيح هذا الموقف الأميركي له بصورة رسمية "وتحذيره من مغامرة حكومة الوحدة الوطنية".
ووفقا ليديعوت أحرونوت فإن عباس أبلغ القنصل الأميركي أن بحوزته الاتفاق مع حماس والذي يتبين منه أن حماس وافقت على الشروط الثلاثة، وأن عباس رفض إعطاء والاس نسخة باللغة العربية للاتفاق بينما وافق على إعطائه ترجمة للاتفاق للغة الانجليزية.
ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر فلسطينية في رام الله قولها إن بحوزة الأميركيين نسخة من الاتفاق بالعربية، يبدو أنهم نجحوا بالحصول عليها من خلال "اعتراضها" أثناء إرسالها بواسطة جهاز الفاكسيميليا من غزة إلى دمشق لتطلع عليها قيادة حماس في دمشق.
ولم توضح الصحيفة الإسرائيلية سبب رفض عباس تسليم نسخة باللغة العربية من الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية للإدارة الأميركية.
من جانبها قالت مصادر سياسية إسرائيلية إن الحكومة الإسرائيلية بعثت برسالة إلى الإدارة الأميركية جاء فيها أن إسرائيل تتوقع أن يتم التوضيح لعباس بأنه لن تكون هناك أية مساومة حول الشروط الثلاثة.
وتوقعت المصادر الإسرائيلية ذاتها أن "عباس سيسمع (من بوش) أقوالا ليست سهلة وأن عليه تحقيق نتائج. فهو لا يحصل على لقاء مع الرئيس الأميركي دون مقابل".
واعتبرت المصادر ذاتها أن الموقف الأميركي الذي أبلغه القنصل الأميركي في القدس لعباس كان السبب في تجميد الاتصالات لتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية "وقد أدرك عباس أنه لا يستطيع الحضور إلى واشنطن مع حكومة كهذه".
من جهة أخرى نقلت صحيفة "هآرتس" أمس عن مستشار وزيرة الخارجية الأميركية، فيليب زيليكوف، قوله إن الولايات المتحدة تربط بين جهود تبذلها لوقف البرنامج النووي الإيراني وتقدم العملية السياسية بين إسرائيل والعالم العربي وخصوصا في المسار الفلسطيني. وجاءت أقوال زيليكوف خلال محاضرة ألقاها في المؤتمر السنوي الذي عقده "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط"، عشية انعقاد الهيئة العامة للأمم المتحدة وفي أوج الاتصالات التي تجريها الولايات المتحدة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بهدف إقناعها بفرض عقوبات على إيران لرفضها تجميد عملية تخصيب اليورانيوم في منشآتها النووية. ويشار إلى أن زيليكوف يعمل أساسا في تخطيط ووضع إستراتيجيات السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وكان قد عمل في الماضي في الإدارة الأميركية تحت الرئيسين رونالد ريغان وجورج بوش الأب وأدار لجنة التحقيق في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة. ونقلت "هآرتس" عن مصدر دبلوماسي أميركي قوله إن أقوال زيليكوف "تتناسب مع أفكار رايس".
وقال زيليكوف في خطابه إن تغييرات جارية في سياسة الولايات المتحدة لكن المجتمع الدولي لم يلتفت إليها بالشكل المناسب بعد. وأضاف أن على الولايات المتحدة ضمان حدوث تقدم في المسار الإسرائيلي - الفلسطيني من أجل أن تكون قادرة على إنشاء تحالف ضد إيران والإرهاب العالمي. ولفت زيليكوف إلى أن على هذا التحالف أن يشمل دول أوروبا وعددا من دول الشرق الأوسط. وقال إن الدول الأعضاء في هذا التحالف ترى في المسار الإسرائيلي - الفلسطيني قضية تحتم تدخلا أميركيا أكبر وأنه من دون تحقيق تقدم في هذا المسار سيكون من الصعب على هذه الدول دعم خطوات أميركية ضد إيران. وأردف زيليكوف أن الحفاظ على تحالف كهذا هو مصلحة إسرائيلية أيضا.
من جانبه اعتبر سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، داني أيالون، أقوال زيليكوف بأنها "مناورة فكرية". وأضاف بعد محادثات مع مسؤولين في الإدارة الأميركية أن تقديره "كان وما زال أنه لن يطرأ أي تغيير على السياسة الأميركية، ولن يكون هناك ربط بين الموضوع الإيراني والموضوع الفلسطيني". من جهة أخرى قالت مصادر سياسية أميركية إن "صراعا خفيا" يجري في الإدارة الأميركية حول الأجندة السياسية وإن مسؤولين مثل زيليكوف وربما رايس أيضا يتطلعون إلى تعزيز التدخل الأميركي في الصراع في الشرق الأوسط في محاولة لإيجاد حلول جديدة. وفي المقابل هناك معارضون كثيرون في الإدارة الأميركية يزعمون بأنه لا يوجد الآن شريك فلسطيني لمفاوضات ولذلك فإن رصد جهود في هذا المسار هو مضيعة للوقت. لكن المصادر الأميركية قالت إن دولا أوروبية هي التي تدفع الولايات المتحدة إلى زيادة تدخلها في العملية السياسية في المسار الفلسطيني.
وقال عضو الكنيست إفرايم سنيه (العمل)، الذي شارك في مؤتمر "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط" واستمع لمحاضرة زيليكوف، إن على إسرائيل أن تنظر إلى أقوال زيليكوف وإلى أقوال بوش في مقابلة أجرتها معه صحيفة "واشنطن بوست" بأنه يسعى لحل القضية الإيرانية دبلوماسيا على أنها "إشارة تحذير". وأضاف سنيه أن "إسرائيل قد تجد نفسها في نهاية المطاف وحيدة مقابل الخطر الإيراني".
"معركة كبح سياسي"!
وسبق أن اعتبرت إسرائيل أن قيام حكومة فلسطينية موحدة تشكلها حركتا حماس وفتح ليس كافيا لتجديد الاتصالات مع السلطة الفلسطينية.
وأفادت صحيفة "هآرتس" بأن اتصالات إسرائيلية أميركية تمهيدا للقاء وزيرتي خارجية الدولتين تسيبي ليفني وكوندوليزا رايس أظهرت أن الإدارة الأميركية تؤيد موقف إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل ستخرج إلى "معركة كبح سياسي" ضد الحكومة الفلسطينية المزمع تشكيلها "بهدف الضغط عليها للاستجابة للشروط الثلاثة التي وضعتها الرباعية الدولية والمتمثلة بالاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة ونبذ العنف".
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي تهديده بأنه "إذا لم توافق الحكومة الفلسطينية بصورة واضحة على الشروط، لن نجري معها مفاوضات ولن نجدد نقل أموال الضرائب" التي تجبيها إسرائيل لصالح الفلسطينيين وفقا لاتفاق بين الجانبين.
وتتحسب إسرائيل من اعتراف دولي بالحكومة الفلسطينية الجديدة من دون أن تلبي هذه الحكومة الشروط الثلاثة التي وضعتها إسرائيل قبل الرباعية الدولية لدى تشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس قبل ثمانية شهور.
واستمعت ليفني إلى تقييمات خبراء الاستخبارات وقسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإسرائيلية الذين حذروا مما وصفوه بـ"الاحتمال الأسوأ" وهو اعتراف دولي بالحكومة الفلسطينية الجديدة.
وقالت ليفني أثناء لقائها مع نظيرها الاسباني ميغيل موراتينوس في القدس الغربية إن على الرئيس الفلسطيني أن يختار أحد بديلين، إما تلبية الشروط الثلاثة أو رفض هذه الشروط ومواصلة المسار الحالي وهو ما يعني، بالنسبة لإسرائيل، عدم التقدم في عملية سياسية.
وحثّت ليفني موراتينوس قائلة إن "هذا هو وقت المجتمع الدولي لإثبات الحزم فيما يتعلق باستجابة الفلسطينيين للشروط الثلاثة".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلن لدى استقباله رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، عن أنه مستعد للالتقاء بعباس "فورا" و"من دون شروط مسبقة" لكن مع الإشارة إلى أن الموضوع الأول الذي سيطرح خلال لقاء كهذا سيكون إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المأسور في قطاع غزة غلعاد شليط.
واعتبر المحلل السياسي في "هآرتس"، آلوف بن "تشكيل حكومة وحدة فلسطينية سوف تعزز الدعم الشعبي لعباس في إجراء مفاوضات مع إسرائيل لكنه من الجهة الأخرى سيقلص حيّز ليونة عباس في القضايا الجوهرية وستكون قراراته خاضعة لفيتو حماس".
وقال بن إن على أولمرت أن يقرر ما إذا كان سيعمل على عرض انتهاء ولاية الحكومة برئاسة حماس على أنها "انتصار" لإسرائيل والتعامل مع عباس كمحاور تلقى الدعم من شعبه لدى انتخابه أو الادعاء بأن حكومة الوحدة هي الحكومة الحمساوية ذاتها وتتستر وراء قناع الاعتدال الذي يمثله عباس.
وأشار بن إلى أن موقف أولمرت من ذلك سيتحدد بعد لقاء ليفني مع رايس ونتائج هذا اللقاء والرسائل التي ستجلبها ليفني معها من واشنطن.
ولفت بن إلى دراسة جديدة أعدها "معهد ريئوت" الإسرائيلي للدراسات وحذر فيها من إصرار الحكومة الإسرائيلية على تلبية الفلسطينيين للشروط الثلاثة لتجديد الاتصالات بين الجانبين ومن أن هذا الأمر سيقود إلى شلل سياسي.
وأوضحت الدراسة أن لإسرائيل مصلحة في وجود سلطة فلسطينية تمارس أعمالها ومهامها في الأراضي الفلسطينية مقابل عدم وجود أي احتمال لأن تتنازل حماس عن مبادئها وتعترف بإسرائيل.
وخلصت الدراسة إلى نتيجة أنه من الأفضل لإسرائيل أن تتعلم كيف تتعايش مع حكومة فلسطينية تشارك فيها حماس وتحاول بلورة جدول العمل السياسي اليوم مقابل الفلسطينيين بما يتناسب مع الواقع.
المصطلحات المستخدمة:
يديعوت أحرونوت, هآرتس, الكنيست, حكومة الوحدة الوطنية, رئيس الحكومة