المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

مع أن موضوع العراق لم يأخذ حيّزاً واسعاً من المقابلة التي أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، للصحيفة الإسرائيلية الاولى، "يديعوت أحرونوت"، (الجمعة 9/4)، إلا أنه إستغل المقابلة ودعا الإسرائيليين إلى عدم زيارة العراق في هذه الفترة "كون الوضع لا يبشر خيرا". وتُعتبر هذه هي المرة الاولى التي يتطرق من خلالها وزير إسرائيلي ما الى الإسرائيليين المتواجدين او الذين يسافرون الى العراق بشكل علني. فقد إكتنف هذا الموضوع الكثير من الغموض في الماضي. وأضاف موفاز: "الولايات المتحدة ستتغلب على محاولة قلب العراق الى دولة إرهابية". وعلى الرغم من الوحل الذي تغوص فيه البرامج الأمريكية هناك أكد موفاز أن الإحتلال الامريكي كان له أثر صحي على المنطقةً، مشيراً الى "الإعتدال" في مواقف ليبيا، وإلى ما أسماه "ردع حزب الله وسوريا وإيران نتيجة الحرب". لكن موفاز لم يستبعد الإنسحاب الأمريكي من دون نتائج، وعقب على احتمال مثل هذا الأمر قائلاً: "إذا كان على الامريكيين الإنسحاب في أعقاب الإرهاب، فستكون هذه بداية لنظام عربي خطير ".

إلى ذلك أجمع الإعلام الإسرائيلي على ان الأمريكيين متورطون حتى النخاع، والعناوين تحدثت عن ذلك بصريح العبارة، وقد حضر بقوة،مثلا، مصطلح "فيتنام 2" في عدد كبير من المقالات السياسية والتحليلات والتقارير ومنها الإقتصادية أيضاً.

البروفيسور ايتان جلبوع، محاضر في العلوم السياسية من جامعة "بار إيلان"،كتب في مقالة تحت عنوان " دومينو أمريكي في العراق" (يديعوت،الجمعة 9/4) يقول:"لا يستطيع بوش اليوم إعادة الجيش الأمريكي، ولا يستطيع أن يكمل في مسيرته ايضا ، فهو يعمل حسب إستراتيجية تجمع بين المركب العسكري (رد فعل قوي ضد كل إكتشاف للإرهاب)، ومركب سياسي (ممارسة الضغط على الشخصيات الشيعية المعتدلة كي يطلبوا من شعبهم التوقف عن اعمال العنف) ولكن ليس من الواضح الى أي مدى ستنجح هذه الإستراتيجية".

وفي تحليل إخباري تحت عنوان،"هل عادت فيتنام؟" يوضح المعلق الصحفي عوفر شيلح في "يديعوت أحرونوت" من خلال العناوين، الحالة المأساوية التي يعيشها الامريكيون في العراق. ويؤكد خلال المقالة ان القوة التي تستعملها امريكا في قمع الثورة هي أساليب القوة السائرة على مبدأ: "إذا لم تنفع القوة فستنفع قوة أكبر منها"! ويتفق شيلح مع غالبية الصحفيين الإسرائيليين على ان نهاية "الصراع الامريكي الشيعي" لن يكون قريباً، وأن "الامريكان متورطون".. ومع نهاية المقال يشير هذا المعلق الى أن من الصعب تنفيذ ولو الحد الأدنى من الأهداف التي وضعتها الولايات المتحدة نصب عينيها. كما يستبعد نجاح بوش في الإنتخابات القادمة للولايات المتحدة.

أمريكا في العراق وإسرائيل في لبنان...

في نفس هذا يوم 9/4 ،ولكن قبل عام، سقطت بغداد في أيدي الغزاة الأمريكان، وباتت صور المارينز وهم يعيثون القساد في القصور والمتاحف الملكية العراقية مهيمنة في الإعلام الإسرائيلي . هذا الوضع شبهه المحللون السياسيون الاسرائيليون بقضية لبنان، فقد استعرض العديد منهم اجتياح القوات الإسرائيلية الى لبنان، وكيف أنه بعد سقوط بيروت واحتلالها "عاش الجيش الاسرائيلي واقعاً صعباً ومهيناً وأصبح الهروب من هناك هو الإنتصار"، على حد قول أحد المعلقين.

الكاتب يوئيل ماركوس كتب مقالته الأسبوعية بعنوان " ست ملاحظات على الوضع"( هآرتس 9/4). وجاء في ملاحظته الخامسة وباسلوب ساخر: "وجه الشبه بين دخولنا الى لبنان ودخول القوات الامريكية الى العراق يثير العجب. إستقبل جنودنا هناك بحفاوة كبيرة ورشوا الرز لقدومهم، كما إستقبلت الجيوش الامريكية بفرح كبير وتحطيم تماثيل صدام. نحن أردنا ان نجدد النظام في لبنان، وهم أرادوا نظامًا جديداً في العراق. وبعد فترة طويلة رفع الشيعة عندنا وعندهم رؤوسهم، وقالوا هنا وهناك ان الوضع مثل "فيتنام"، نحن خرجنا من دون ولا إنجاز يذكر، في وقت غرق فيه بوش في بحر من الدماء. لو كنت مكانه لأرجعت صدام حسين الى العراق فهو الوحيد الذي يعرف كيف يعيد الصدر الى عشه"!

المقارنة بين الاحتلال الأمريكي في العراق وبين الإحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان تصدرت ايضاً التحليل الاخباري الذي كتبه عوفر شيلح في "يديعوت أحرونوت" وذكرناه سابقًا. فهو يقول: "في الاسبوع القادم سيسافر اريئيل شارون الى الولايات المتحدة، وإذا كان عند بوش وقت للإصغاء، وإذا كان لدى شارون وقت لإستعادة الذكريات فإنه (شارون) يستطيع أن يمنحه تحليلا من عندنا، كيف خرجنا الى حرب ومن بعدها كيف حاولنا أن نبني نظامًا جديداً لسياسة لم نفهم منها شيئاً، كيف أيقظنا الشبح الشيعي من سباته، وكيف بنينا قائداً شاباً يملك كاريزما على حساب الإحتلال وفي نهاية المطاف هربنا من المعركة، نحن وأصدقاءنا الامريكيين، فهم جاءوا الى هناك عام 83 كي يبنوا دولة من حطامها".

بعد عام من سقوط بغداد، هل انقلبت وجهات النظر؟

لا يتضامن الإعلام الإسرائيلي بعد عام بالضبط من سقوط بغداد مع جيش الغزو الأمريكي بشكل واضح كما كان. فلو عدنا إلى الوضع قبل عام واحد لوجدنا أن الاسرائيليين بمن فيهم غالبية الكتاب والصحفيين يؤيدون الهجوم على العراق.. وثمة من اليسار الإسرائيلي من اعتبر ان "الشرق الاوسط الجديد" لا بد أن يأتي بعد سقوط النظام في العراق، واليمين الاسرائيلي سارع إلى التحليل الإخباري بأن "نهاية صدام ستعقبها نهاية عرفات". ونستذكر كيف قال إيهود يعاري، معلق التلفزيون الاسرائيلي للشؤون العربية، في مقابلة خاصة لـ "المشهد الإسرائيلي" في حينه "إن دور عرفات سيأتي حتماً بعد خسارة صدام". وأضاف: "من ناحية سياسية خسر ياسر عرفات السلطة لأبي مازن ودحلان، وصدام حتماً سيسقط، وسيبني الامريكيون نظاماً جديداً لسلامة العراقيين والشرق الاوسط" لكن المواقف إختلفت تماماً.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, عوفر شيلح, هآرتس, اريئيل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات