المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 691

 سارع اليمين الإسرائيلي المتطرِّف إلى الدعوة لتبنِّي سياسة "الترانسفير" بعد أن ذكر تقرير أمريكي أن عدد الفلسطينيين سيتضاعف مرتين عن اليهود ليصبحوا غالبية في أراضيهم، وتشمل دعوة الإبعاد الفلسطينيين في داخل إسرائيل  أيضاً. وتزامن ذلك مع تقديم لجنة إسرائيلية رسمية (لجنة عبري) توصيات تدعو إلى فرض "الخدمة الوطنية" على المواطنين العرب.

 

 

وأفاد التقرير الصادر عن معهد أمريكي مرموق ونشر يوم الأربعاء ان عدد الفلسطينيين سيفوق في عام 2050 عدد الإسرائيليين في فلسطين التاريخية نتيجة للفوارق في نسبة الزيادة الطبيعية بين الطرفين. وفيما سيصبح عدد الإسرائيليين 10،6 مليون نسمة سيبلغ الفلسطينيون 11،9 مليون نسمة.  واليوم هناك 6،8 مليون نسمة داخل إسرائيل من بينهم، حسب التقرير، نحو المليون نسمة من فلسطينيي 1948 مقابل 3،8 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 

لكن التقرير يفيد ان الفلسطينيين سيضاعفون اعدادهم ثلاث مرات في غضون اقل من خمسين سنة فيما سيتضاعف عدد الإسرائيليين بمرة ونصف المرة فقط، وذلك في ضوء الفارق الكبير في الزيادة الطبيعية حيث يبلغ معدل عدد الاطفال في الاسرة الفلسطينية 5،7%  مقابل 2،9% لدى الاسرة الإسرائيلية. ويستمر النمو السكاني الفلسطيني رغم ان نسبة وفيات الاطفال لا تزال مرتفعة (اذ يتوفى 26 مولودا من بين كل الف مولود فلسطيني مقابل 5،3 لدى الإسرائيليين) ورغم ان معدل جيل الإنسان الفلسطيني ( 72 عاما) أقل من جيل الانسان الإسرائيلي (79 عاما).

 

وفي السياق ذاته تواصل الاوساط الرسمية الإسرائيلية التعبير عن خوفها من "الغول" الديمغرافي خاصة ازاء انخفاض عدد اليهود في العالم( 12،9 مليون يهودي) بنسبة 3% وانتشار ظاهرة الزواج المختلط والتي تبلغ نسبتها في بلدان شرق اوروبا 80% وفي أمريكا 50% ، كما اكد المؤتمر الاخير للمناعة القومية في هرتسليا.

 

وكان وزير المالية الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد اكد في هذا المؤتمر مخاوفه من فقدان الاغلبية اليهودية في إسرائيل وحذر من بطلانها في حالة بلغ المواطنون العرب فيها نسبة 40% داعيا إلى بلورة سياسة تؤمن "تفوقا ديمغرافيا واضحا لليهود في اسرائيل".

وتزداد مخاوف المستوى السياسي الصهيوني في الآونة الاخيرة من استمرار التراجع الكبير في عدد القادمين الجدد منذ اندلاع انتفاضة الاقصى ومن ارتفاع نسبة الإسرائيليين الذين يهاجرون مغادرين إلى أمريكا وكندا وأوروبا بحثا عن الهدوء والافق الاقتصادي. وكان آخرهم المؤرخ د. يوسي اولمرت الذي غادر إلى أميركا، ما احرج شقيقه نائب رئيس الحكومة ايهود اولمرت.

 

ويعتبر قادة الفلسطينيين في إسرائيل ان المخطط الإسرائيلي الجديد لرهن الحصول على مخصصات التأمين الوطني للاطفال وغيرها من الامتيازات بأداء الخدمة الوطنية البديلة عن التجنيد للجيش، يرمي من جملة أشياء أخرى  إلى الحد من الزيادة الطبيعية للمواطنين العرب لأن الغاء المخصصات من شأنه رفع تكاليف المعيشة وتقيدها ما يضطرهم إلى تقليل الإنجاب. واليوم تحصل الاسرة على مخصصات التأمين الوطني بعلاقة طردية مع عدد الاولاد اذ تتقاضى اسرة مكونة من خمسة اطفال على سبيل المثال 300 دولار شهريا ما اعتبرته اوساط صهيونية متزايدة دعما ل "ماكينة الإنجاب" العربية.

 

ومقابل هذه المعطيات يؤكد البروفيسور الإسرائيلي اليميني أرنون سوفير، الذي سبق وأعدّ أكثر من خطة لطرد الفلسطينيين، ضرورة تنفيذ خطة ترانسفير تضمن انقلاب الواقع في العام 2020 ويقول، كما جاء في الصحف الاسرائيلية أول من أمس: "علينا عدم الاستهتار بالوضع او تأجيل تنفيذ المخططات التي سبق وطرحناها . فكلنا يعلم ان الجيل الحالي من اليهود هو جيل غربي لا يفكر الا بذاته وتطور نفسه ويجعل شأن العائلة امرا ثانويا ولذا لا يتعدى عدد الابناء الاثنين مقابل الاربعة لدى العرب في إسرائيل وستة او حتى ثمانية لدى الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية". ويقلق سوفير ايضا التراجع الحاد في نسبة الهجرة إلى إسرائيل مقابل ارتفاع عدد المهاجرين منها. ويقول: "العديد من الشباب اليهود يسافرون بعد انتهاء الخدمة في الجيش لنزهة طويلة في الخارج وهناك الكثير منهم لا يعودون إلى إسرائيل ويفضلون العيش هناك ويصبحون جزءا من المجتمع الغربي".

وتتحدث خطة الترانسفير، التي اعدها سوفير، عن تحضير خطة لفصل كامل عن الفلسطينيين تنفذ  بإقامة شبكة حدود بين إسرائيل والأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية مكونة من أسوار وجدران مكهربة من ذلك النوع الموجود على حدود إسرائيل وسوريا ولبنان. وإقامة عدد قليل من البوابات في هذه الشبكة بحيث يمكن مراقبتها. شبكة الحدود هذه يجب ان تمر من القدس ايضا وسيكون عليها ان تسمح بوساطة ممرات بالتواصل الاقليمي بين اقسام السلطة الفلسطينية. وفصل من هذا النوع سيتطلب اخلاء عدد كبير من المستوطنات الصغيرة التي لا يمكن الدفاع عنها، وسيترتب على ضمها تمديد حدود إسرائيل بصورة غير معقولة، وكذلك الفصل في علاقات البنى التحتية التي قامت بين إسرائيل والفلسطينيين خلال 33 سنة: مياه، مجار، مواصلات ، كهرباء، اعلام ، أموال، وبنى تحتية أخرى.

 

ويأتي كل ذلك بالتزامن مع اعداد "لجنة عبري"، التي بحثت في "توسيع الخدمة الوطنية" في اسرائيل، توصيات تقضي بأن من لا يؤدي الخدمة "سيضطر الى التنازل عن حقوق اساسية مثل مخصصات الاولاد". وسيتضرر من هذه التوصيات بالاساس ابناء الاقلية العربية الفلسطينية في الداخل، المواطنين في اسرائيل. وتزعم مصادر اسرائيلية بان المتدينين اليهود (الحريديم) سيكونون بين المتضررين ايضا.

 

وقد أوصت اللجنة، التي يترأسها الجنرال ( في الاحتياط) دافيد عبري، مؤخرا، أمام رئيس وزراء اسرائيل، اريئيل شارون، بالزام المواطنين العرب والحريديم بما يسمى بـ"الخدمة الوطنية". واوصت اللجنة ايضا، بأن من لا يؤدي هذه الخدمة "لن يتمتع بحقوق اساسية، مثل مخصصات الاولاد، قروض اسكان بضمان حكومي، الحصول على قسائم ارض من دائرة اراضي اسرائيل وامتيازات اخرى".

 

وكان وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، عين "لجنة عبري" قبل نحو ستة شهور. وأوكل موفاز للجنة مهمة فحص امكانية توسيع "الخدمة الوطنية" كبديل للخدمة العسكرية لمن تم اعفاؤهم من هذه الخدمة او لمن يرفضه الجيش الاسرائيلي بسبب وجود فائض في القوى البشرية.

 

وتمت اقامة اللجنة "على خلفية تدني المحفزات بين ابناء الشبيبة اليهود للتجند في الجيش الاسرائيلي". وقالت مصادر اسرائيلية ان اللجنة اجرت لقاءات عديدة لبحث القضية. كما فحصت تجربة، هي الاولى من نوعها، على مدار السنتين الاخيرتين والتي في اطارها تطوع 300 شاب، بينهم يهود متدينون وعرب، في "الخدمة الوطنية".

 

ولم تنه "لجنة عبري" عملها بعد، لكنها صاغت توصيات اولية تم عرضها على شارون وموفاز. وقسمت اللجنة توصياتها هذه الى ثلاثة اقسام:

 

* تجنيد العرب: أوصت اللجنة بان "لا مانع من تجنيد العرب في الخدمة الوطنية"! وقالت اللجنة "ان جزءا من هذه الخدمة قد يكون في مؤسسات داخل المجتمع العربي، مثل العيادات والمراكز الثقافية. واوصت اللجنة انه "من اجل تخفيف الامر على العرب بالامكان تغيير الاسم من خدمة وطنية الى خدمة مدنية"!!

 

* تجنيد الحريديم: أوصت اللجنة بأنه اذا عارض الحريديم اداء الخدمة الوطنية فانه لا جدوى من تفعيل هذه الخدمة بتاتا. وكتبت اللجنة انه "اذا لم يتجندوا للخدمة الوطنية فانه لا جدوى ابدا من الحديث عن بديل للخدمة العسكرية".

 

* عدم التجند: في هذه الحالة اوصت اللجنة بحرمان كل من يرفض التجند لـ"الخدمة الوطنية" او لـ"الخدمة المدنية" من حقوق اساسية.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات