المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 843

 

أقر أقطاب بارزون في حزب "الليكود" الحاكم بأن زعيمه، رئيس الوزراء، أريئيل شارون، افتعل عن وعي وادراك تامين الأزمة مع حزب "شينوي" العلماني التي انتهت، الأربعاء، بإقالة وزرائه الخمسة وفرط عقد الائتلاف الحكومي، وهو ما ابتغاه شارون ليتمكن من تشكيل حكومة جديدة تستمد استقرارها وبقاءها حتى انتهاء الفترة القانونية أواخر العام 2006، من قاعدة برلمانية واسعة تسمح لشارون بتنفيذ خطة الفصل. لكن مراقبين رأوا ان شارون جازف بمستقبله السياسي حين رهنه بيد مركز "الليكود" الذي سيصوت قريبا على اقتراح ضم حزب "العمل" المعارض الى الحكومة الجديدة، علماً ان هذا المركز رفض فكرة كهذه في آب (اغسطس) الماضي. وفيما ستعتبر خطوة استبعاد "شينوي" عن الحكومة "ضربة معلم" في حال صوت المركز الى جانب اقتراح شارون ضـــم "العمل"، فإن الرفض سيعني الذهاب الى انتخابات مبكرة ليس مضموناً ان يكون شارون على رأس لائحة "الليكود" فيها.

 

 

وأعلن شارون ان التطورات الأخيرة على الحلبة الحزبية تضع اعضاء مركز «الليكود» امام خيارين: حكومة وحدة مع «العمل»، أو تقديم موعد الانتخابات العامة، مضيفاً ان «ليس الليكود ولا الدولة بحاجة الى انتخابات ونحن في أوج عملية سياسية وخطوات اقتصادية بالغة الاهمية ستعرقلها انتخابات جديدة». وتابع ان اتصالات جارية مع حزب «العمل» وغيره لتوسيع الائتلاف الحكومي، وان زعيم حزب «العمل» شمعون بيريس سيلعب دوراً بارزاً في الحكومة الجديدة. ولمح الى ان ضم حركة «شاس» الدينية الشرقية الى ائتلاف منوط بعدولها عن معارضتها خطة الانسحاب من غزة.

وكان رئيس الحكومة أقال وزراء «شينوي» بعد تصويتهم في الكنيست ضد مشروع الموازنة العامة للعام المقبل، ما أدى الى اسقاط المشروع. لكن من مفارقات الواقع السياسي الاسرائيلي، ان شارون بدا مرتاحاً لتفكك حكومته وتحديداً لتخلصه من شريكه المتبقي في ائتلافه المنهار. وبدا ان شارون كان يخطط منذ زمن لهذه اللحظة بعدما رأى انه غير قادر على توسيع ائتلافه الهش اذ علق بين مطرقة «الفيتو» الذي فرضه «شينوي» العلـــماني الاشـــكنازي ضد ضم المتدينين المتزمتين (الحريديم) وسندان فيتو مركز «الليكود» على ضــــم «العمل» الى الحكومة.

ويعتقد معلقون في الشؤون الحزبية ان شارون سينجح في انتزاع موافقة مركز حزبه على اقتراحه ضم «العمل» بعدما يغلفه بوجوب ضم «الحريديم» ايضاً، أي اعادة «التحالف التاريخي» بين الليكود والمتدينين والشرقيين، وهو ما يؤيده السواد الأعظم من أعضاء مركز «الليكود». ويفترض شارون ان يفضل صقور حزبه تجرع مرارة ضم «العمل» على تبكير الانتخابات لمخاوفهم من احتمال خسارتهم مقاعدهم في الكنيست الجديدة.

وفعلت خطوة شارون فعلها الفوري على عدد من أركان الحزب الذين عارضوا حتى الأمس القريب رؤية «العمل» في الحكومة، وبرر اثنان منهم، الوزيران تساحي هنغبي ويسرائيل كاتس، اللذان يتمتعان بنفوذ واسع في مركز الحزب، «تراجعهما» بتغير الظروف وبأن اشراك «الحريديم» في الحكومة العتيدة سيحد من نفوذ «العمل» فيها. لكن هذا الموقف لا ينسحب على جميع المعارضين، خصوصاً «المتمردين» الذين يدركون أن تصويتهم الى جانب ضم «العمل» يعني عملياً دعم شارون في خطته للانسحاب من غزة. ويهدد عدد من هؤلاء بعدم احترام قرار المركز في حال أيد ضم «العمل» وبالتصويت ضد الحكومة في كل ما يتعلق بخطة الانسحاب.

ووفقاً للتوقعات، فإن «الحريديم» الاشكناز (يهدوت هتوراة) سيشاركون في الائتلاف الحكومي الجديد من دون الانضمام الى الحكومة، فيما يتخبط «الحريديم» الشرقيون (شاس) في اتخاذ موقف واضح من دعوتهم الى الدخول في الحكومة، فمن ناحية أصدر زعيمهم الروحي الحاخام عوفاديا يوسيف فتوى بتحريم الانسحاب من غزة، ومن جهة أخرى تعاني مؤسسات الحزب ومدارسه الدينية من أزمة مالية خانقة تهدد وجودها في أعقاب وقف المساعدات الحكومية لها منذ عامين وبناء على طلب «شينوي». وأوحت تصريحات قادة الحركة السياسيين بأن الحاخام يوسيف قد يعدل عن رفضه ويسوغه بوجوب تنسيق الانسحاب مع الفلسطينيين.

 

في المقابل، رحب أقطاب «العمل» بدعوة شارون لإعادة الشراكة الحكومية، ولم يخف زعيم الحزب شمعون بيريس لهاثه مبرراً إياه بوجوب دعم «خطة الفصل» واعادة جنود الاحتلال في غزة الى منازلهم، لكن المسألة التي ما زالت عالقة لها صلة بالمنصب الذي سيتقلده بيريس بعدما بات واضحاً ان شارون لن يمنحه حقيبة الخارجية أو المال أو الدفاع، ما يعني تقلد بيريس ورفاقه مناصب وزارية ليست مؤثرة. وطرحت أخيرًا فكرة تفصيل «منصب وزاري جديد» يليق بمكانة بيريس الذي كان وزيراً للخارجية في حكومة شارون الأولى، ودار حديث عن تسميته «وزيراً لشؤون الانفصال»، بالاضافة الى منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة، فيما علت أصوات داخل «العمل» بدخول الحكومة الجديدة من دون حقائب وزارية.

 

خلاصة القول، انه في حال نجح شارون في تخطي العقبات وشكل حكومة جديدة، فإن هذه ستتمتع بدعم 66 نائباً من مجموع 120 (الليكود 40، العمل 21، يهدوت هتوراة 5)، مع احتمال انضمام نواب «شاس» الـ11، ربما بعد فترة من تشكيلها، ما قد يؤمن لها فعلاً الحياة حتى نهاية العام 2006.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات