المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات وأراء عربية
  • 848

أدخل أريئيل شارون الليكود واليمين الاسرائيلي في دوامة انتخابية يصعب التكهن بنتائجها الآن. ولكن من الوجهة الواقعية ظل شارون يرفض استفتاء منتسبي "الليكود" حول خطة الفصل الى ان اضطر لذلك. ورغم ان الميزة الاولى التي ظهرت لقبوله اقتراح الاستفتاء تمثلت في كسب الوقت حتى صدور قرار المستشار القضائي للحكومة بشأن لائحة الاتهام في قضية "الجزيرة اليونانية"، إلا ان ما يجري في الحكومة والليكود لا يؤكد هذه الميزة. ففي اجتماع الحكومة يوم الأحد الأخير علا الصراخ والتهديد بين شارون وقادة اليمين الاقصى في المفدال والاتحاد القومي. وفي الليكود تتبلور معالم المعركة الصاخبة على خطة الفصل في ظل انقسام واضح.


واليمين الصاخب في الليكود بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى زعيم. ولدى هذا اليمين الجهاز الحزبي في الليكود والجهاز الاداري لحركة المستوطنين، وليس هناك من يشك في قدرة هذين الجهازين على العمل شرط توفير الزعيم القادر على إدارة اللعبة. واليمين يفضل زعيما خطابيا مثل بنيامين نتنياهو ولكنه يضطر لقبول أي زعيم آخر ان اقتضت الضرورة.
ونتنياهو الذي حاول يوم الأحد من خلال الاعلان عن تعديلات ضريبية نيل شيء من التأييد والبقاء في عناوين الصحف يعرف ان جمهور الليكود لا يستطيب موقفا يفسر بوجهين. اذ ان قبول نتنياهو خطة الفصل "كأمر واقع" ومحاولة "تقليص الاضرار" عبر وضع العديد من الاشتراطات لا يجعل منه زعيما للمعارضة المطلوبة. ولكن ليس في ذلك ما يضمن عدم تغيير هذا الموقف حتى نهاية الشهر المقبل. ففي السياسة الداخلية الاسرائيلية كل شيء ممكن.


ولكن إذا لم يتجرأ نتنياهو على المبادرة لتزعم المعارضة لأسباب بينها خشيته من تحمل مسؤولية ذلك لاحقا، فإن وزير الخارجية سيلفان شالوم يقترب أكثر فأكثر من الرغبة في تزعم هذه المعارضة. ويدفعه الى ذلك واقع انه يرى في نفسه خليفة محتملا لشارون. والأهم انه يرى ان شارون لا يمتلك القدرة على تحقيق خطته. وعدا ذلك، إذا كانت الاشاعات قد تحدثت عن ان بين عوامل "تمييع" موقف نتنياهو من خطة الفصل تعهد من شارون بإبقائه في وزارة المالية في أي حكومة جديدة، فإن فكرة حكومة الوحدة مع حزب العمل تزعج أكثر من أي شخص آخر سيلفان شالوم نفسه. وحسب ما أشيع حول الاتفاق بين شارون والعمل ينال شمعون بيرس في حكومة الوحدة المقترحة منصب وزير الخارجية.
فهل سيشكل ذلك حافزا لسيلفان شالوم لتزعم المعارضة ضد شارون في داخل الليكود؟ الاحتمال قائم ولكنه غير مؤكد. ويملك شالوم الكثير من القوة داخل مركز الليكود، وربما في صفوف المنتسبين، كما انه يجيد اللعبة الانتخابية الداخلية. وهذا ما يجعله مركز خطر على شارون، خصوصا ان شالوم يدافع هنا ليس عن موقف سياسي وإنما عن مصيره السياسي.

 

ومع ان هناك آخرين يطمحون لتزعم الحملة المعارضة لخطة الفصل، وفي مقدمتهم عوزي لانداو وتساحي هنغبي، فإن أنظار الليكوديين تتطلع أساسا الى الموقف الذي سيتخذه على وجه الخصوص كل من نتنياهو وشالوم ووزيرة التعليم ليمور ليفنات. ومن غير المستبعد ان يضطر هؤلاء الى اتخاذ موقف موحد أو التسابق على إعلان رفض الخطة ان شعروا بأن الميل العام في الليكود يتجه ضد الخطة. كما ان هؤلاء أو بعضهم سوف يبحثون عن حلول وسط ان شعروا عكس ذلك.


وفي هذه الاثناء يتبدى ان عوزي لانداو هو الوحيد الذي يعبر عن روحية الليكود القديمة، فهو الوحيد الذي أعلن انه لن يلتزم بتأييد خطة الفصل حتى لو أقرها أعضاء الليكود. وثمة تعاون جلي بينه وبين ما يسمى ب "القيادة اليهودية" في الليكود والتي يتزعمها موشيه فايغلين من زعماء حركة "هذه أرضنا". وتحظى "القيادة اليهودية" بدعم مالي واسع من يهود أميركيين. وحتى الآن تقف حملة المعارضة لحظة الفصل على ثلاث أرجل هي: روحية "حيروت" القديمة أو أبناء "العائلة المحاربة" ورمزهم الحالي عوزي لانداو، واليمين الايديولوجي الجديد برئاسة فايغلين واليمين الاستيطاني الذي يتغذى من قوة حركة مجلس المستوطنات.


ويمتلك هؤلاء أداة فعالة لا يجد مؤيدو شارون إزاءها من حيلة سوى الارتكاز الى قوة شارون في خلق الوقائع وعناوين الصحف. وهكذا يؤمن المقربون من شارون بأن عليه ان يحتل العناوين في الاسابيع القادمة من أجل تأكيد أفضلية السياسة التي ينتهجها. وهكذا لم يكن غريبا ان يلجأ شارون في اليوم التالي لقبوله اقتراح الاستفتاء الى تقديم أوسع محاضرة إعلامية في مبررات الفصل. كما انه استغل مقابلات عيد الفصح معه لتوجيه رسائل في جميع الاتجاهات. ويوم الأحد استغل جلسة الحكومة للتصدي لقادة اليمين الأقصى وإبلاغهم ان بوسعهم من الآن الانشقاق عن حكومته.


وبين عمل شارون لتمرير خطة الفصل في الليكود وفي اليمين عموما يجد لزاما عليه تصعيد الوضع مع الفلسطينيين ميدانيا ولفظيا. وهو من جهة يوجه الجيش وقتما يريد لتنفيذ المزيد من أعمال القتل والتدمير، ومن جهة ثانية يعيد توجيه التهديد باغتيال الرئيس ياسر عرفات. وإذا كانت هذه هي البداية يمكن توقع انه مع اقتراب موعد الاستفتاء سوف يزداد توق شارون لإثبات ان خطة الفصل في الاساس، مثل العدوان المستمر، عمل عدائي موجه ضد الفلسطينيين. وبشكل من الاشكال الاميركيون يسمحون له حينا ويغضون الطرف حينا آخر من أجل المحافظة على استقرار شارون في الحكم.

المصطلحات المستخدمة:

عوزي, الليكود, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات