المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

المحامي أفيغدور فيلدمان يهاجم،في حديث مع "المشهد الاسرائيلي"،النيابة العامة وايضًا وسائل الاعلام العبرية لمشاركتها في الضغط السريع على زناد الاتهام داعيا الى تعديل القانون الاسرائيلي الذي يبيح اليوم تقديم لائحة اتهام ضد اي شخص استنادا الى اعترافه فقط بما ينسب اليه من تهم ودون حجج مادية مساندة عملا بتوصيات " لجنة غولدبرغ" قبل سنوات التي ارادت ان تعتمد اسرائيل النظام القضائي البريطاني من ناحية تأمين الادلة الحسية الرابطة بين الجريمة وبين من توجه لهم التهم، الى جانب الاعترافات

كتب وديع عواودة:

" ياما في بالسجن مظاليم - عبارة سمعتها ورددتها مئات المرات لكنني لم اكن ادرك مدى مرارة طعمها الا بعد ان تجرعتها بشكل شخصي وبعدما احاكت السلطات (الاسرائيلية) تهمة القتل ضد ابني يوسف "، هذا ما قاله الحاج محمد حمد صبيح من قرية كفركنا ل " المشهد الاسرائيلي " فور الافراج عن نجله يوسف سوية مع شابين اخرين ، شريف عيد وطارق نجيدات، اعتقلوا ثلاثتهم في 3.08.03 الماضي بتهمة اختطاف جندي اسرائيلي ، هو اوليج شايحت ، من نتسيرت عيليت في 21.07.03 وقتله وانتزاع بندقيته.

وكانت المحكمة المركزية في مدينة نتسيرت عيليت قد استجابت ، الأحد، لطلب محامي الدفاع بالافراج عن المتهمين الثلاثة الذين اضطروا للاعتراف بالقتل شفاهة وكتابة واعادة تمثيل العملية تحت التهديد والتعذيب . وقد رافقت عملية اعتقالهم حملة تحريض واسعة ضدهم وضد المواطنين العرب بلغت حد ادانة الشبان الثلاثة بالعملية قبل شروع المحكمة بمقاضاتهم، شاركت فيها اوساط سياسية واعلامية برزت خلالها دعوة الوزير غدعون عزرا من على منصة الكنيست الى اخلاء قرية كفركنا وطرد سكانها. اما عملية الافراج عن الشبان الثلاثة فجاءت بعد حادثة قتل الشاب محمد خطيب في مفرق كفركنا قبل ثلاثة اسابيع والتي ما زالت تفاصيلها قيد الكتمان بأمر قضائي. هذه التطورات العرضية هي التي قادت الى الافراج عن المتهمين الثلاثة وهذا ما تطرق اليه محاميهم افيغدور فيلدمان في المحكمة حيث اكد انه لولا عملية اطلاق النار على سيارة الشرطة لكانت النيابة قد استمرت في غيها، ما سيؤدي الى بقاء ثلاثة ابرياء خلف القضبان عشرات السنين كما حصل في قضيتي عاموس برانس وداني كاتس. وفي المحكمة هاجم فيلدمان النيابة العامة التي تسارع الى الضغط على زناد اسلحتها وزناد الاتهام وادانة المواطن في حالة كونه عربيا مركزا انتقاداته على نائبة المدعية العامة في لواء الشمال شلفا لفين وعلى المدعية العامة عيدنا اربيل التي انتخبت قبل ايام قاضية في العليا لقيامهما بفرض رأيهما وتقديم لوائح اتهام رغم عدم توفر ادلة معقولة وخلافا لموقف الشاباك. ويشار الى ان النيابة العامة لم تلغ بعد لائحة الاتهام.

كما هاجم فيلدمان وسائل الاعلام العبرية لمشاركتها في الضغط السريع على زناد الاتهام داعيا الى تعديل القانون الاسرائيلي الذي يبيح اليوم تقديم لائحة اتهام ضد اي شخص استنادا الى اعترافه فقط بما ينسب اليه من تهم ودون حجج مادية مساندة عملا بتوصيات " لجنة غولدبرغ" قبل سنوات التي ارادت ان تعتمد اسرائيل النظام القضائي البريطاني من ناحية تأمين الادلة الحسية الرابطة بين الجريمة وبين من توجه لهم التهم، الى جانب الاعترافات.

في حديث ل"المشهد الاسرائيلي" اعتبر فيلدمان ان قضية الشبان الثلاثة الكناويين تشكل طبعة اخرى من قضية " داني كاتس". وزاد " منذ ان تسلمت الملف قلت في سري ها انا امثل مجددا امام داني كاتس رقم 2 ". وردا على سؤالنا عما اذا كانت هناك فرية دم مدبرة خلف التهم الموجهة للشباب الثلاثة افاد فيلدمان انه لا يعتقد ذلك مشيرا الى وقوع النيابة العامة في اسر عقلية خاطئة وتمسكها باعترافات متناقضة قدمها احد الشباب الثلاثة، لافتا الى ان الشرطة والنيابة حتى الان ورغم الافراج عن الشبان الثلاثة لم تلغ بعد لوائح الاتهام. كما ان قائد الشرطة في لواء الشمال رفض خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده صباح الاثنين الاعتذار للشباب الكناويين ولذويهم.

وعن تفسيره لقيام طارق نجيدات بتقديم بحر من التفاصيل اثناء اعادة تمثيل عملية قتل لا علاقة له بها اجاب " بالتأكيد هذه مسألة مثيرة يصعب على العقل استيعابها ولكن ادبيات القضاء الاسرائيلي والعالمي تنطوي على ظواهر متطابقة"، مشددا على رغبة المستجوبين بالافلات من ضغوطات المحققين بواسطة الاعتراف وترديد ما تناقلته الالسن او ما تمليه الشرطة. وأضاف: "لو انني شخصيًا خضعت للاعتقال والتحقيق مدة 100 ساعة متواصلة لكنت كتبت انا ايضا الاعتراف بقتل عشرة اشخاص".

وداخل قاعة المحكمة كانت ممثلة الادعاء العام شلفا لفين قد بدت متلعثمة وفي حالة ارتباك واضح خلال ردها على هجوم محامي الدفاع فيلدمان زاعمة انه تمت معاينة الادلة من قبل جهات مختلفة منها المحكمتان المركزية والعليا والمدعية العامة عيدنا اربيل، ما حتم تقديم لوائح الاتهام في 15.09.03 التي ستبقى قائمة طالما لم ينته التحقيق في قضية اخرى، وهي تقصد حادثة استشهاد محمد خطيب في مفرق كفركنا. . وقاطع فيلدمان اقوال لفين بالقول " لا تقولي المزيد من الاقوال كي لا تضطري إلى التراجع عنها لاحقا فقد زعمت طيلة ثمانية شهور بان الشاباك مخطىء واليوم تبين انك كلك خطأ وتسببت بظلم كبير".

في حديث ل " المشهد الاسرائيلي " افاد طارق نجيدات انه اضطر للاعتراف بعملية قتل واعادة تمثيلها وكتابة تفاصيلها بخط يده تحت التعذيب موضحا ان المحققين كانوا يحرمونه من الاكل والشراب والنوم طيلة ايام، علاوة على تهديده باستحضار والدته وشقيقاته وتعريتهن امامه وامام المحققين. اما والده محمد نجيدات فقد اكد ل " المشهد" ان ما جرى يشكل فضيحة لكل جهاز القضاء في اسرائيل. وتساءل عن قيام دولة تزعم الديموقراطية بتلبيس المواطنين ملفات وتلفيق اتهامات باطلة عن سبق الاصرار والترصد من اجل مراضاة الرأي العام الاسرائيلي الذي طالب الشرطة بالكشف السريع عن قتل الجندي اوليغ شايحت العام الماضي او من اجل رفع احتمالات فوز قائد لواء الشمال بالقيادة العامة للشرطة على حسابنا. وتساءل " لماذا يعقد المؤتمر الصحافي غداة الافراج عن الشبان الثلاثة ؟ ولماذا لم يطلق سراحهم قبل اسبوعين طالما ان تطورات درامية حصلت اثر حادثة اطلاق النار في مفرق كفركنا قبل نحو الشهر؟ وما يثير حقا ان ممثلة النيابة العامة عيدنا اربيل التي صادقت على تهمة باطلة في حينه قد تمت ترقيتها قبل ايام واصبحت قاضية في محكمة العدل العليا". وزاد والدمع قد غالبه " منذ ان هبطت علينا هذه التهمة لم اعرف طعما للحياة ومرت ليال كثيرة دون ان اغمض عيني، سيما بعد ان شاهدت فظائع التعذيب بحق السجناء العراقيين فصرت اتخيل ان طارق يخضع للاهانة والضرب".

وكان قائد لواء شرطة الشمال ، يعقوب بوروفسكي، قد اكد في مؤتمر صحفي عقده صباح أمس الاثنين ان المرحوم محمد خطيب من كفركنا حاول سوية مع زميله علاء موسى من كفرمندا تنفيذ عملية فدائية ضد قوات الامن وذلك استنادا الى اعترافات الاخير واعترافات معتقلين اخرين افادوا ان الشهيد خطيب قتل الجندي اوليج شايحت ببندقيته العام الماضي واستخدمها ايضا في اطلاق النار على دورية الشرطة الشهر الماضي في العملية التي قتل بها.

في حديث ل "المشهد" علق ربحي امارة، رئيس السلطة المحلية في كفركنا، على التهم الجديدة بالقول " سبق أن اكدنا اننا نعارض بشدة استخدام وسائل غير قانونية لخدمة قضايانا العادلة ولا مجال لتفهم اي شواذ في هذا السياق، لكننا نفضل الانتظار ريثما تبت المحكمة بالتهم الجديدة فلنا اكثر من سبب لابداء الشكوك في مواقف الشرطة ومزاعمها".

المصطلحات المستخدمة:

عزرا, الكنيست, فرية دم

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات