المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بعد أن تنصرف البلدوزرات، هذا إذا ظهرت أصلا في قلب الناصرة، وبعد أن تُهدم أساسات الباطون لما خُطط ليكون مسجد "شهاب الدين"، من المفترض أن يُبنى في الموقع "ميدان سياحي عام"؛ هذا ما أمرت به الحكومة الاسرائيلة قبل سنة، وفي الطريق إلى تنفيذ هذا المخطط أمرت المحكمة، يوم الخميس (6 آذار)، بهدم المبنى <غير القانوني> الذي يمتد على مساحة 450 مترًا. ويقول موظفون حكوميون، إن هناك خططًا مفصلةً للميدان الجديد في الجوارير، وهناك ميزانية أيضًا؛ إلا أن الأساسات الإسمنتية القائمة إلى جانب الخيمة الاحتجاجية التي أقامتها الحركة الاسلامية على الأرض المتنازع عليها منذ سبع سنوات، ما زالت تبدو من داخل الخيمة متينة وراسخة.

بعد أن تنصرف البلدوزرات، هذا إذا ظهرت أصلا في قلب الناصرة، وبعد أن تُهدم أساسات الباطون لما خُطط ليكون مسجد "شهاب الدين"، من المفترض أن يُبنى في الموقع "ميدان سياحي عام"؛ هذا ما أمرت به الحكومة الاسرائيلة قبل سنة، وفي الطريق إلى تنفيذ هذا المخطط أمرت المحكمة، يوم الخميس (6 آذار)، بهدم المبنى <غير القانوني> الذي يمتد على مساحة 450 مترًا. ويقول موظفون حكوميون، إن هناك خططًا مفصلةً للميدان الجديد في الجوارير، وهناك ميزانية أيضًا؛ إلا أن الأساسات الإسمنتية القائمة إلى جانب الخيمة الاحتجاجية التي أقامتها الحركة الاسلامية على الأرض المتنازع عليها منذ سبع سنوات، ما زالت تبدو من داخل الخيمة متينة وراسخة.

<<هنا قلب الناصرة، قلب المسلمين>>، يعلن إمام المسجد المرتجل، الشيخ ناظم أبو سليم. <<كل عربي يعرف أن شهاب الدين يتبع للمسلمين. أنا لا أعرف إلى أي حد ستصل ردود فعل السكان في الشارع، وإلى أي مستوى من إراقة للدماء، من حقنا أن ندافع عن مكاننا المقدس هذا. بإمكان الدولة أن تعلن هنا عن حكم عسكري، وأن تضع الدبابات من حولنا - ولكننا سنواصل الصلاة>>.

وكما في فصول القضية السابقة، وبعد أن أمهلت المحكمة الاسرائيلية الوقفَ الاسلامي ثلاثة أيام لهدم طابق الملجأ في المسجد، تجددت الآن أيضًا التحذيرات من <<حرب أديان>>، وصرخ عضو الكنيست عبد المالك دهامشة ("القائمة العربية الموحدة") أن <<إسرائيل تعلن حربًا على الإسلام>>.

لكن رياح الحرب تهبّ قبل الميعاد، كالعادة. ليس فقط لأن هناك شخصيات عربية مسيحية، ومنها رئيس البلدية رامز جرايسي، تحرص على مواصلة صمتها العلني في القضية - بل لأن البلدوزرات اليهودية، وبالأساس، تنتظر إلى حين إتضاح ما سيؤول إليه الاستئناف الذي ينوي الوقف تقديمه ضد الحكم الذي أصدرته محكمة الصلح. الاصطلاح <<حرب على الإسلام>> يمكن أن يكون مُضللاً، لأنه، وفي أعقاب أحاديث مع العناصر الضالعة في القضية، إتضح أن الاسلام يحوي أكثر من موقف واحد ويميل الآن للتناقش بينه وبين نفسه.

وقد بدأت المشكلة في العام 1995، بعد أن هدمت بلدية الناصرة مدرسة إسلامية قديمة في قلب المدينة، وخططت لإقامة حديقة عامة بدلا منها، وترميم قبر شهاب الدين (إبن أخت صلاح الدين) الموجود هناك. وقد عارض الوقف والحركة الاسلامية ذلك وطالبا ببناء مسجد، بدعوى أن الحديث هو عن أرض وقفية من تحتها مسجد واسع؛ وقد عارض المسيحيون تنفيذ بناء المسجد، تحت كنيسة البشارة. في نيسان 1999، وفي ظل مواجهات عنيفة بين المسلمين والمسيحيين، عيّنت حكومة نتنياهو لجنة وزارية برئاسة موشيه قصاب، صادقت على إقامة المسجد على غالبية المساحة. وقد صادقت حكومة براك (التي تلتها) على القرار.

قبل سنتين، وبعد أن فعّل الرئيس الأمريكي، جورج بوش، ضغوطات على رئيس الحكومة، أريئيل شارون، لمنع بناء المسجد، بدأ الوقف في بناء الأساسات للمسجد. وجرّت هذه الخطوة أحادية الجانب دعاوى قضائية، إلى جانب تهديدات من جانب الفاتيكان بدهورة العلاقات بين إسرائيل والعالم المسيحي. وكردّ فعل، عيّن شارون لجنة وزارية برئاسة نتان شرانسكي، وقامت هذه اللجنة بقلب ظهر المجن على القرارات السابقة بتوصيتها منع إقامة المسجد. ومؤخرًا، بدأت الحكومة بدفع الخطة التي تبنتها، بإقامة ميدان سياحي.

صُوريًا، الجانب الاسلامي في هذه القضية هو أحمد حمودي، المعروف بكنيته "أبو نواف"، رئيس الوقف الاسلامي (في الناصرة). وهو الممثل الاسلامي المسؤول عن الموقع، وهو الذي طُلب منه هدم المبنى. وصحيح أن "أبو نواف" امتنع عن إصدار امر بالهدم منه شخصيًا، حتى الاحد 9 آذار، حيث انتهت المهلة المخصصة لذلك، إلا أنه يطلب التوضيح: <<سأقول لك كلمة>>، يقول الرجل إبن الـ 76، <<يجب أن أنهي هذا الموضوع بسلام، ويجب ألا نصل إلى مواجهات مع الشرطة، فهذه دولتنا. أنا مستعد للسير في الطرق السلمية>>. من الممكن أن تكون إحدى هذه الطرق الاستجابة للعرض الذي تلقاه من الحكومة، وبحسبه يحصل الوقف على قطعة أرض كبيرة، مجاورة، من أجل بناء المسجد، وبينما يُبنى الميدان العام حول قبر شهاب الدين الُمرمَم. "أبو نواف"، الذي تجول مؤخرًا في المواقع الأخرى المقترحة، يقول إنه <<يجب التحدث مع الأعضاء>> في اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء. وهو يعتقد أن أمر الهدم هو نتاج المواقف المتطرفة التي عبّرت عنها عناصر سياسية حول المسجد، ومن بينها إمام المسجد، الشيخ ناظم. <<يجب طرده من المسجد>>، يقول "أبو نواف"، <<هو ضد الحكومة والقانون، ويجب علينا أن نمتنع عن التحدث ضد الحكومة، هذه حكومة إسرائيلية>>.

في اللقاء الذي تمّ في ساحة "شهاب الدين" تواجد أيضًا نواف حمودي، إبن ونائب رئيس الوقف. كان واضحًا أنه غير مرتاح من الأمور. ويصر حمودي الابن على الادعاء، الذي رفضه القاضي في الأسبوع الماضي، بأن المبنى بُني بترخيص، ويشدد: <<نحن، من اليوم الأول، قلنا إننا لن نبدّل ‘شهاب الدين‘ بأية أرض أخرى. لن نترك المكان، هذه بنايتنا. وإذا جاء بلدوزر فسأكون أول من يخرج إليه. هذه أرض وقف، ولن نتنازل عنها>>. هذه الملاحظة دفعت أيضًا بالأب ليقول: <<أنا لن أبدّل ‘شهاب الدين‘ بكل مرج إبن عامر>>.

ويقول رؤوساء الوقف مرارًا وتكرارًا <<إننا لن نُدخل السياسة إلى ‘شهاب الدين‘>>، إلا أن السياسة مصبوبة صبًا في المكان مثل أرضية الباطون التي في مركزه. وقد رفعت القضية من قوة الجناح الجنوبي في الحركة الاسلامية، الذي قاد الموضوع؛ وكاد مرشح الحركة في المدينة، سلمان أبو أحمد، أن يفوز برئاسة بلدية الناصرة في العام 1998. الآن، وفي ضوء أمر الهدم، يرغب الجناح الشمالي بالذات في تعميق ضلوعه في المسجد. وعلى أثر دعوة رئيس هذا الجناح، الشيخ رائد صلاح، نهاية الأسبوع الماضي، لعقد إجتماع طارئ للجنة "المتابعة"، أوضح مصدر في حركته أن <<الجناح الجنوبي فشل في مهمته في الدفاع عن ‘شهاب الدين‘>>.

في الجناح الجنوبي، مقابل ذلك، يتهمون الشيخ رائد صلاح بتشجيع أتباعه بمقاطعة الانتخابات للكنيست. وعبّر مصدر رفيع في الجناح الجنوبي عن قناعته بأن عناصر حكومية دفعت بالمحكمة للحسم بسرعة ضد الوقف في الناصرة، بسبب التزامن مع هزيمة حركته في الانتخابات، وفي ضوء الاعتقاد الرائج أن قوتها في الشارع العربي ضئيلة. وقال المصدر رفيع المستوى، إن قرار المحكمة <<يقع ضمن مسؤولية هؤلاء الكاملة، والقصد بالأساس عن الجناح الشمالي، الذين دعوْا المسلمين لمقاطعة الانتخابات للكنيست>>.

وبحسب أقوال معلق سياسي، فإن الفترة القادمة ستزيد من المناوشات الكلامية بين الجناحين. <<مطلب التسوية الصادر عن الطرف الاسلامي>>، يقول، <<سينتج أناسًا يطرحون مواقف متطرفة أكثر لكي يعرضوا أنفسهم على أنهم فرسان الأماكن المقدسة>>.

وفي هذا الخضم، من الصعب التحرر من الانطباع بأن أحمد حمودي ونواف حمودي، يخشيان الضعط المتزايد. وبعد أن تجول "أبو نواف" مع رجال لجنة التخطيط، بثّ معارضوه في الناصرة شائعات مفادها أنه وإبنه <<يبيعان أرض الوقف>>. وقد فكر حمودي الابن عندما سئل عمّا إذا تحولت المسؤولية عن المسجد إلى <<وجع رأس>>، وقال: <<يضغطون علينا بألا نبدّل أرض الوقف، وهناك الكثير من الشباب، والمصلين، دمهم حار. لكننا لن نُدخل السياسة إلى ‘شهاب الدين‘>>.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات