المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • العرب في إسرائيل
  • 1210

تجتاح حمى انتخابات السلطات المحلية في اسرائيل، المقرر أن تجري في 28 تشرين اول المقبل، الشارع العربي بشكل خاص، وتسارعت الاسبوع الماضي وتيرة الاستعدادات للمعركة الانتخابية عبر انتخاب المرشحين للرئاسة عن الاحزاب، فيما اعلن اشخاص غير حزبيين عن ترشيح انفسهم فيها. وفيما بدت المعركة الانتخابية هادئة فان الكثيرين يعتبرون ان ذلك ليس سوى "الهدوء الذي يسبق العاصفة". من جهة اخرى خيّم على انتخابات السلطات المحلية هذا العام مخطط دمج السلطات المحلية، التي جاءت ضمن الخطة الاقتصادية العامة بهدف تقليص المصروفات. وقد تم اقرار المخطط بشكل جزئي على ضوء المعارضة الشديدة التي لاقاها المخطط في الوسطين اليهودي والعربي في اسرائيل، وممارسة الضغوط على الاحزاب واعضاء الكنيست من اجل عدم اقراره.

 

كتب: بلال ظاهر

 

تجتاح حمى انتخابات السلطات المحلية في اسرائيل، المقرر أن تجري في 28 تشرين اول المقبل، الشارع العربي بشكل خاص، وتسارعت الاسبوع الماضي وتيرة الاستعدادات للمعركة الانتخابية عبر انتخاب المرشحين للرئاسة عن الاحزاب، فيما اعلن اشخاص غير حزبيين عن ترشيح انفسهم فيها. وفيما بدت المعركة الانتخابية هادئة فان الكثيرين يعتبرون ان ذلك ليس سوى "الهدوء الذي يسبق العاصفة".

من جهة اخرى خيّم على انتخابات السلطات المحلية هذا العام مخطط دمج السلطات المحلية، التي جاءت ضمن الخطة الاقتصادية العامة بهدف تقليص المصروفات. وقد تم اقرار المخطط بشكل جزئي على ضوء المعارضة الشديدة التي لاقاها المخطط في الوسطين اليهودي والعربي في اسرائيل، وممارسة الضغوط على الاحزاب واعضاء الكنيست من اجل عدم اقراره.

وفي مدينة الناصرة، كبرى المدن العربية داخل الخط الاخضر، عادت الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة الى انتخاب المهندس رامز جرايسي، رئيس البلدية الحالي، مرشحا لرئاسة البلدية دون منافس. وقد اعتبر سكرتير فرع الجبهة في الناصرة، النقابي كمال ابو احمد، ان المعركة الاساسية في انتخابات البلدية هي على مدينة الناصرة ووجهها الحضاري، وليس فقط على البلدية، من منطلق المسؤولية وضرورة تغليب العام على الخاص. اما جرايسي فرأى ان النتخابات المقبلة تأتي بعد دورة وتجربة هما الاصعب والاقسى، وايضا بعد مرحلة عكرة في حياة المدينة، منوهاً الى قضية بناء مسجد شهاب الدين، التي قسمت اهالي المدينة بشكل طائفي بغيض. واكد على انه "جاءت على المدينة غمامة استحضرتها ايدٍ غريبة لا تطلب الخير لاهالي الناصرة".

وحول الائتلاف البلدي، بين "الجبهة" و"قائمة الناصرة الموحدة" قال جرايسي انه "شكل عبئا على العمل البلدي، غير انه كان ضرورة موضوعية. فالائتلاف الذي اقيم لم ينجح بالتحول الى ائتلاف تعاون، بل يمكن وصفه بائتلاف مواجهة. غير ان هذه الخطوة حققت اهدافها المركزية، وهي نزع فتيل التوتر ووقف العنف واعادة المدينة الى مسار حياة طبيعية". وتابع جرايسي ان "الجبهة" مصرة على التعاون في مرحلة المعركة الانتخابية وبعدها، وانها تصر على مبدأ المشاركة والائتلاف، الا انه اضاف ان "نمط التصرف خلال المعركة الانتخابية سيحكم طبيعة التعاون بعد الانتخابات".

 

من جهتها لم تعلن "قائمة الناصرة الموحدة" بعد عن مرشحها لرئاسة البلدية، خصوصا في اعقاب تلقيها ضربة تتمثل في هدم اساسات مسجد شهاب الدين، وهي القضية التي "تاجرت" فيها القائمة، وخصوصا شقها الاسلامي، طوال السنوات الماضية. فبعد صدور قرار المحكمة الاسرائيلية بهدم الاساسات التي بنيت بدون ترخيص من السلطات المختصة، وايضا بسبب عدم تمكن محامي القائمة من الاثبات بأن الارض التي كان يتوجب بناء المسجد عليها هي ارض وقف اسلامي، باستثناء مقام شهاب الدين، نشبت خلافات داخل الحركة الاسلامية في المدينة وتم توجيه اصبع الاتهام الى رئيس القائمة، المهندس سلمان ابو احمد، بالتقصير. اضافة الى ذلك، فقد كان ابو احمد مرشحا في المكان الثالث في "القائمة العربية الموحدة" لانتخابات الكنيست الاخيرة التي جرت في 28 كانون الثاني الماضي، ولم تحصل القائمة سوى على عضوي كنيست، وقد حصلت القائمة في الناصرة على عدد اصوات اقل من الاصوات التي حصل عليها ابو احمد اثناء الانتخابات البلدية السابقة عندما كان مرشحا لرئاسة بلدية الناصرة، وهذا الامر دفع الكثيرين الى الاعتقاد بأن شعبية ابو احمد في الناصرة قد تراجعت. كذلك فان ثمة خلافات نشأت داخل "قائمة الناصرة الموحدة" بين شقيها المتمثلين بالحركة الاسلامية و"الحزب الدمقراطي العربي". ولعل هناك اشارة الى الخلاف الحاصل داخل "الموحدة" في حضور عضو البلدية، دياب ابو نصرة، الذي يمثل "الحزب الدمقاطي العربي" اجتماع "الجبهة" (وهي الخصم اللدود لـ"الموحدة") الذي تم انتخاب جرايسي فيه.

 

كذلك اعلن نائب رئيس بلدية الناصرة السابق، سهيل الفاهوم، عن ترشيح نفسه لرئاسة البلدية، بعد ان قام بخطوتين تمهيدا لاعلان الترشيح هما استقالته من منصبه كسكرتير للجبهة في الناصرة ومن ثم الغاء عضويته في الجبهة. كما تخوض الانتخابات في المدينة مجموعة اعلنت انها "فوق سياسية" رغم ان غالبية افرادها هم اما اعضاء بارزون في حزب "التجمع الوطني الدمقراطي" أو مؤيدون له. ولم يعلن "التجمع" عن خوضه الانتخابات المحلية في قائمة تحمل اسمه الامر الذي يؤكد ان القائمة الجديدة الـ"فوق سياسية" هي قائمة التجمع فعلا.

 

وفي مدينة ام الفحم ما زالت الاحزاب والقوى السياسية المحلية تتلمس الطريق، فيما أصدرت الحركة الاسلامية بيانا اعلنت فيه ان مرشحها لرئاسة البلدية هو الشيخ هاشم عبد الرحمن. ويذكر ان رئيس بلدية ام الفحم، د.سليمان اغبارية، يقبع في هذه الاثناء في السجن سوية مع اربعة آخرين من قيادة الحركة الاسلامية بينهم رئيسها الشيخ رائد صلاح بادعاء انهم قاموا بتبييض وتحويل اموال الى حركة "حماس". وقال الناطق باسم الحركة الاسلامية في البلدية، مصطفى سهيل، انه جرت اتصالات لاقامة مع عدد من القوائم "وليس مع جميعها" لاقامة وحدة. واوضح ان "الفكرة هي ان تكون قائمة واحدة وان يكون فيها تمثيل لكل الفئات وان تحصل كل كتلة على حقها حسب ثقلها في الشارع. اما اذا حصلت صعوبات فنية، حينئذ سنخوض المعركة لوحدنا ونفضل الوحدة بعد الانتخابات. ولكن حتى الان لم يعلن احد انه مع احد ولا احد ضد احد".

من جهة ثانية قال احد قادة "جبهة الوحدة الوطنية"، احمد سعيد جبارين: "نعمل على تحالف كل القوى الوطنية ونأمل التغيير في هذا البلد. نجري اتصالات مع كل القوى ولكن توجد عقبات مع البعض، بينما اصبحنا متقدمين في المفاوضات مع البعض الاخر". واضاف ان الحركة الاسلامية لم تتوجه الى "جبهة الوحدة" بأي اقتراح، "وانا شخصيا كنت رئيس كتلة المعارضة وتوجهت اكثر من مرة باقتراحات لاقامة ائتلاف شامل لأن ام الفحم تعاني من مشاكل كثيرة ونحن بحاجة الى التحالف وثبت هذا في قضية الاعتقالات الاخيرة. وفي جميع القضايا نجحت الحركة الاسلامية بتحقيق بعض الانجازات من خلال الوحدة والدعم الذي قدمناه".

وقال د. عفو اغبارية، من قادة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، ان "موقفنا صريح منذ البداية، نحن مع تحالف واسع يشمل كل قوى المعارضة لخلق توازن امام الحركة الاسلامية، وقد بدأنا اجراء اتصالات مع كل القوائم الممثلة وغير الممثلة في البلدية". واضاف انه "من غير الدمقراطي ان تكون البلدية مكونة من قائمة واحدة تتحكم بمصير البلد في الوضع الحرج الذي نعيشه". واشار الى امكانية معاودة التحالف مع حركة "ابناء البلد"، واذا لم يتم ذلك فان "الجبهة" ستخوض الانتخابات البلدية وحدها للرئاسة والعضوية. وحول الاتصالات مع الاسلامية قال انها لم تتصل بهم حتى الان.

اما في مدينة شفاعمرو فالوضع مختلف تماما. فالمعركة الانتخابية هنا لم تتوقف بتاتا منذ انتخاب رئيس البلدية الحالي، عرسان ياسين، في نهاية العام 1998. وتشكل كتل المعارضة في المجلس البلدي، وعدد اعضائها 9 من اصل 17 الاغلبية وقامت بانتخاب نائب للرئيس من بينهم. اذ لم ينجح ياسين في المحافظة على الائتلاف الذي شكله في بداية الدورة. والسبب الرئيسي في اتساع المعارضة لياسين يكمن في تنكره للجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب في اسرائيل وللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ومهاجمة اللجنتين ومجرد وجودهما اضافة الى علاقته مع شخصيات بارزة في حزب "الليكود" الحاكم في اسرائيل وخصوصا مع الوزير غدعون عيزرا، نائب رئيس جهاز "الشاباك" السابق، كذلك قول ياسين انه "صهيوني فخور"..

 

عدد كبير، نسبيا، من الناشطين في شفاعمرو اعلنوا عن نيتهم ترشيح انفسهم لرئاسة البلدية. ويبدو انه بالامكان ان تقون تحالفات بين العديد من الجهات، اذ يعلن الجميع ان الهدف المنشود واحد ووحيد وهو احداث التغيير في المدينة، وخصوصا تغيير رئيس البلدية، كما يقولون. ويقول المرشحون في هذا الصدد ان "شفاعمرو بحاجة الى رئيس بلدية يمثل كافة قطاعات المدينة ويحدث التغيير العملي". وآخر يقول ان "الرئيس الحالي معاد لشعبه وأمته ويدعم التجنيد للشباب العرب ويهاجم الفلسطينيين ويطالب اسرائيل بعدم التنازل عن القدس الشرقية وآن الاوان لإعادة الوجه المشرف لشفاعمرو". واردف ثالث انه "آن الاوان لاسقاط نظام عرسان".. وحتى نائب رئيس البلدية، نسيم جروس، قال ان "تجربتنا مع الرئيس الحالي تخللها الكثير من الخلل وعلينا دراسة الامكانيات الجديدة". كذلك اعلن مرشح الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة في البلدية، احمد حمدي: "لن نقف حجر عثرة في وجه اسقاط الرئيس الحلي". ولضمان اسقاط ياسين تتدارس جميع القوى وضع مرشح واحد امام ياسين لمنعه من الوصول الى كرسي رئاسة التلدية.

اما ياسين نفسه فهو على قناعة بأنه سيفوز برئاسة البلدية مرة ثانية، ويعرب عن ثقته بأن المواطن الشفاعمري سوف يمنحه الثقة مرة ثانية. كما انه ينفي الاتهامات الموجهة له من خصومه جملة وتفصيلا ويرى ان لجنتي "المتابعة" والقطرية" هما اللتان اخطأتا بحقه وايضا بحق شفاعمرو عندما نقلوا مكاتبهم من شفاعمرو وبدون اعلامه. واضاف انه "اتضح لي ان الاحزاب متسلطة على اللجنة وانا لست حزبيا"، علما ان ياسين نفسه أقر في اكثر من مناسبة انه عضو في "الليكود".

وفي مدينة سخنين فان التنافس تقليدي ويدور بين الجبهة الدمقراطية وبين مرشح من عائلة غنايم. ويدور داخل "الجبهة" صراع حول اختيار المرشح خصوصا بعد اعلان رئيس البلدية الحالي، مصطفى ابو ريا، وهو من "الجبهة" الخروج من حلبة الترشيح. ويطرح عدد من الاشخاص انفسهم كمرشحين للرئاسة. ويطرح بعض المتنافسين داخل "الجبهة" اجراء استفتاء داخلي يبين من هو الشخص الكثر شعبية وبالتالي يصبح هذا الشخص مرشح "الجبهة لرئاسة البلدية. الا ان آخرين، يرون بانفسهم مرشحين للرئاسة عن "الجبهة"، لا يرون ان الاستطلاع هو الطريقة الصحيحة لاختيار المرشح، بل يتوجب اختيار المرشح وفق الطريقة الداخلية بانتخابات داخل مجلس "الجبهة" في سخنين.

وفي قرية عبلين تبدو المنافسة شديدة للغاية. فمن جهة – هناك مرشح الجبهة، رئيس المجلس المحلي السابق وعضو الكنيست السابق، صالح سليم، ومن جهة ثانية، هناك مرشح "التجمع" المحامي نور سلمان، ومن جهة ثالثة - رئيس المجلس المحلي الحالي، عاطف الحاج، وهناك كذلك مرشح "الحركة العربية للتغيير" علي حيدر والناشط المحلي مأمون الشيخ احمد العضو في المجلس المحلي.

اربعة مرشحين يتنافسون على رئاسة البلدية في مدينة قلنسوة، وهم: رئيس البلدية الحالي، عبد الرحمن سلامة، ونائب الئيس الحالي محمد ناطور، ورئيس المجلس السابق يوسف تكروري، والاستاذ محمود خطيب.

 

توحيد 12 سلطة محلية عربية في أربع

 

كان هناك العديد من الاشخاص الذين اعلنوا عن ترشيح انفسهم لرئاسة السلطة المحلية، وسيضطرون الان لاعادة حساباتهم. والسبب هو اقرار الكنيست الاسرائيلي قانون دمج سلطات محلية واقليمية، والذي تم بموجبه دمج 29 سلطة محلية لتصبح 12 سلطة محلية بينها 12 عربية اصبحت 4 سلطات محلية. وقد صوت جميع اعضاء الكنيست من الائتلاف الى جانب القانون بعدما طلب رئيس الحكومة الاسرائيلي، اريئيل شارون، اعتبار التصويت منح الثقة للحكومة ايضا.

وبموجب القانون الجديد فانه سيتم دمج السلطات المحلية العربية على النحو التالي: مجد الكروم والبعنة ودير الاسد، يركا وابو سنان وجولس ويانوح وجت، دالية الكرمل وعسفيا، باقة الغربية وجت. اما السلطات المحلية اليهودية فسيتم دمجها وفق ما يلي: عيمق هيردين وكنيرت، حوف هكرمل وعتليت وكفار غاليم، بنيامينا وغفعات عيده، تسورين وكديمه، دروم هشارون وراموت هشافيم، سيفيون وغاني يهودا، ييهود ونافيه افراييم-مونسون، مستوطنتي موديعين ومكابيم ريعوت.

يشار الى ان اللجنة البرلمانية المشتركة بين المالية والداخلية كانت اقرت اقتراح القانون واعدته للقراءتين الثانية والثالثة. كذلك كان وزير الداخلية، ابرهام بوراز، قد اصر بعيد اقرار الاقتراح في اللجنة المشتركة على ان يعطى حسب القانون الجديد صلاحية العودة بعد ثلاث سنوات ويقرر بحسب انظمة خاصة دمج عدد جديد من السلطات المحلية ليعود بذلك الى المخطط الاصلي الذي كان قدمه قبل شهر الىاللجنة المشتركة.

كذلك اقرت الكنيست بموجب القانون الجديد خفض عدد نواب الرؤساء في السلطات المحلية، بحيث لا يكون للسلطة المحلية التي عدد مواطنيها اقل من عشرة الاف اي نائب، بينما تحصل السلطة المحلية التي يتراوح عدد مواطنيها بين 10 و 20 الفا على نائب واحد. وكانت اللجنة المشتركة اجرت تغييرات في الاقتراح المقدم وذلك بناء على ضغوطات اعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية حضروا خصيصا الى الكنيست، اذ تبين ان من حضر من الرؤساء الى ابحاث اللجنة وعبر عن معارضته للدمج استطاع منع دمج السلطة المحلية التي يرأسها ولو مرحليا.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات