القيادات السياسية العربية تخوض في هذه الايام معركة كفاحية تحت ثلاثة محاور اساسية للنضال، تتلخص في التصدي لسياسة مصادرة الاراضي والتصعيد القاهر المستمر ضد شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة، بالاضافة الى ادانة المجازر التي ترتكب بحق الشعب العراقي على يد امريكا وبريطانيا
من فراس خطيب: قررت لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في اسرائيل أن يكون يوم الاحد الموافق 30/3 اضرابًا شاملا، للذكرى السابعة والعشرين ليوم الارض. واتفقت الاوساط السياسية العربية على تسيير عدد من المسيرات الاحتجاجية وتصعيد نبرة الاحتجاج، خاصة وان ذكرى "يوم الارض" تتزامن مع تصعيد العدوان الامريكي – البريطاني على العراق.
ويرى عبد عنبتاوي، الناطق الرسمي بإسم لجنة المتابعة العليا، ان القيادات السياسية العربية تخوض في هذه الايام معركة كفاحية تحت ثلاثة محاور اساسية للنضال. ويقول ان هذه المحاور الثلاثة" تقع في صلب نضالنا في هذه الفترة، وهي تتلخص بسياسة مصادرة الاراضي التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية والتصعيد القاهر المستمر ضد شعبنا الفلسطيني في المناطق المحتلة بالاضافة الى المجازر التي ترتكب بحق الشعب العراقي جراء العدوان الامريكي".
ورأى أنه يجب "في مثل هذه الاوضاع"، قال عنبتاوي، "حريّ بنا أن نقف وقفة الرجل الواحد من اجل التصدي لهذه المهمات".
يقول عنبتاوي عن الاجراءات التي سبقت الاتفاق على اعلان الاضراب – وكانت هناك معارضة من بعض النواب العرب لذلك – ان لجنة المتابعة العليا في اجتماعها يوم 3/15 "قررت على الرغم من المعارضات هنا وهناك، أن تكون الذكرى السابعة والعشرون ليوم الارض اضرابا شاملا في الوسط العربي، وهذا ما يهم في هذه المرحلة. بالنسبة للخلافات التي حدثت داخل اللجنة فهذه أمور داخلية تقف من ورائها مصالح حزبية. فلكل حزب رأي وموقف. هذه المواقف والمصالح الحزبية عرقلت الكثير من أعمال اللجنة".
- ماذا عن النشاطات الاحتجاجية على العدوان على العراق، التي نظمتها الاحزاب العربية؟ البعض قال إنها لا تقف عند المستوى المطلوب. ما رأيك؟
عنبتاوي: "اوافق على أن المظاهرات التي جرت لم تكن كافية في ظل هذه الاوضاع التي نحياها. مع ذلك لا احد ينكر الاهمية الكامنة في مثل هذه النشاطات. وهذا صحيح ايضا ازاء ما يجري في الوطن العربي حيال العدوان. المستوى مخيب للامال. وإلا، ماذا يعني ان يخرج في اثينا وفي اسبانيا ملايين المتظاهرين ولا يتظاهر في مصر بضعة الاف من عشرات الملايين التي يعدها هذا البلد العربي؟! هذه حقيقة مؤلمة جدًا وبخاصة في ظل ما يتعرض له الشعب العراقي على يد الامريكان والانجليز.
عنبتاوي يرى ان "آلية نضالنا لم تخلتف حتى الان عما كانت عليه عام 1976، عندما بدأ العرب في اسرائيل احتجاجهم المنظم على سياسة النهب. جاء يوم الارض نتيجة سياسة الحكومة المستمرة في مصادرة الاراضي وهدم البيوت، هذه الممارسات تكررت في الفترة الاخيرة وصار علينا أن نناضل دفاعا عن وجودنا وحقوقنا المهددة. يوم الارض يعتبر من المحاور الرئيسية التي يرتكز عليها نضالنا".
ماذا تبدل في سياسة الحكومة؟
يقول عنبتاوي ان "جوهر السياسة الاسرائيلية تجاهنا كمواطنين داخل اسرائيل لم يتغير الى الان، والطريقة التعسفية التي اتبعتها الحكومة في مصادرة الاراضي ما زالت قائمة ولم تتغير بل العكس، اضيفت اليها سياسة هدم البيوت التي تُمارس اليوم بشكل وحشي. السياسة الجوهرية ما زالت قائمة ولكن الطريقة النموذجية منذ 1976 حتى يومنا هذا تبدلت، فبدلا من أن تأتي الحكومة وتصادر الاراضي العربية تتجه نحو طريقة اخرى مثل الاعلان عن تطوير الجليل وتوسيع مسطح البناء. الهدف هو نفس الهدف ومصادرة الاراضي تقع برأس سلم الاولويات الحكومي. في نهاية المطاف، هذه السياسات تصب في خندق واحد يدعى تهويد الجليل. السياسة لم تتغير لصالحنا على الاطلاق ولكن منهج التعامل معنا تغير وصاروا يضربوننا تحت غطاء التطوير والبناء غير المرخص".
ما هي الفعاليات العملية التي قررتها لجنة المتابعة العليا؟
"ستكون هناك تظاهرة الجليل في سخنين التي تعتبر ضلعًا من مثلث يوم الارض الاول، هذه المسيرة التقليدية التي تعودنا عليها بحيث سيقوم المشاركون فيها بزيارة النصب التذكاري لشهداء يوم الارض الاول. وسيقام في كفر قاسم في المثلث مهرجان شعبي للاحتجاج على سياسة هدم البيوت المتفشية، واختيار قرية كفر قاسم ليس من فراغ بل نابع عن سياسة هدم البيوت التي استهدفت كفر قاسم في الفترة الاخيرة، وتمّ هدم العشرات من بيوتها. أما في منطقة النقب فستكون هناك فعاليات تختلف عما اعتدناه بحيث ستقوم الجماهير المشاركة بشق الطرق بين القرى غير المعترف بها، وكتابة لافتات تحمل اسماء البلدات العربية من أجل إظهارها وإقامة سدود للمياه في القرى وغرس آلاف اشجار الزيتون للدلالة على تمسكنا في جذور هذه الارض وبأننا لسنا مجرد رعايا في وطننا. وسنتوجه الىالمدارس ببرنامج تعليمي يتحدث عن تاريخ يوم الارض".
وتشترك في المظاهرات التي تنظمها لجنة المتابعة العليا قوى يهودية مثل حركة "تعايش"، التي لم تنفك عن العمل الميداني في إيصال المؤن الى المناطق الفلسطينية والاحتجاج على سياسة هدم البيوت التي اتخذتها الحكومة نهجاً في معاملتنا في الفترة الاخيرة. وفي حديثنا مع د. غادي الغازي، وهو يهودي شرقي ومحاضر في جامعة تل أبيب وواحد من نشطاء حركة "تعايش"، حول ما إذا كانت الحركة تتفق مع قرارات لجنة المتابعة العليا، قال الغازي: "طبعا أعلنّا الاضراب ونحن نتفق مع قرارت لجنة المتابعة العليا. اجتمعنا في تاريخ 2/15 واتفقنا على اننا ضد الحرب الامريكية على الشعب العراقي، وبالاضافة الى هذا قمنا بنقل المواد الغذائية الى الاراضي الفلسطينية الى المناطق الواقعة بجانب الحاجز الفاصل. الالتزام بقرارٍ ما ليس كافيا، بل يجب العمل بشكل متواصل، وهذا أهم بكثير من التظاهرات والاحتجاجات".
- كيف ترى الاقبال في ظل هذا العزوف في الشارع اليهودي؟
"هناك نوع من الخمول المتوقع. الشعوب في المنطقة وخاصة في اسرائيل تفقد الامل في هذه الاثناء نتيجة سياسة شارون في اسرائيل. هذا الخمول واليأس نابع من عدم ايمان الناس والشعوب بأن السلام سيحلّ في هذه المنطقة، وطبعاً هذا تفكير شرعي في ظل ما ترتكبه الولايات المتحدة وحكومة شارون. وإذا اردنا الوقوف والتعرض لبلدوزرات شارون التي تعمل على هدم البيوت وشق المستوطنات فيجب علينا أن نرسخ اسس العدل والسلام في الارض.
"حاولنا في سنوات سابقة أن نجمع اليسار الاسرائيلي وأن نضعه داخل حلقة معارضة لسياسة شارون ولكن هناك احباطًا ويأسًا كبيرين في أوساط اليسار الاسرائيلي، ووجدنا أن هناك مشكلة.. دعَونا الاوساط العربية بأن تشاركنا نشاطاتنا لأننا نؤمن انه بالعمل المشترك يمكن نيل الحقوق الكاملة، وهذا فعل ايجابي بالتأكيد".
- أين ستتركز نشاطاتكم في يوم الارض؟
"ستكون غالبية الحركة متواجدة في كفر قاسم، التي تعرضت في الفترة الاخيرة الى الكثير من السياسات الغاشمة التي اتبعتها الحكومة من هدم للبيوت ومصادرة للأراضي. هذا بالاضافة الى نشأة حركة "تعايش" التي بدأت في تلك المنطقة. ونحن بدورنا نرى أنه من الضروري جدا أن نكون في كفر قاسم".