المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

مميزان أساسيان أكثر من غيرهما في هذه الانتخابات، يطغيان على الأحزاب العربية المتناحرة فيما بينها، ومعًا مع الأحزاب الصهيونية، على أصوات المواطنين العرب في إسرائيل

مميزان أساسيان أكثر من غيرهما في هذه الانتخابات، يطغيان على الأحزاب العربية المتناحرة فيما بينها، ومعًا مع الأحزاب الصهيونية، على أصوات المواطنين العرب في إسرائيل. هذان المميزان هما:

1) وهم التجديد: على الرغم من أن الكثير من التحركات والتنقلات حصلت بين الأحزاب، والعديد من التحالفات فـُضّت وأخرى ستنبني، إلا أن الشخصيات البارزة العربية في الأحزاب لم تتغير، بل تخلدت هذه السنة أيضًا. في "التجمع الوطني الديمقراطي" لم ينافس النائب عزمي بشارة على المكان الأول أيُ مرشح في مؤتمر الحزب الذي أنعقد يومي الجمعة والسبت الماضيين. المرشح الثاني في الحزب هو د. جمال زحالقة، من أبرز شخصيات "التجمع" بعد بشارة، وانتخابه كان متوقعًا جدًا، خاصةً أنه كان المرشح الثالث في قائمة "التجمع" في انتخابات 1999، حيث منح المكان الثاني آنذاك لأحمد طيبي، رئيس "الحركة العربية للتغيير"، بعد إبرام اتفاق "تحالف المصالح" كما عرفه بشارة آنذاك.

في "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" عاد محمد بركة (لم ينافسه أحد) وعصام مخول الى المكانين الأول والثاني على التوالي، ولولا دستور الحزب الذي يمنع إعادة الترشح للكنيست للمرة الرابعة لما خرجت تمار غوجانسكي من سباق المنافسة على المنصب الثالث. في الحزب "القومي العربي" و"الجبهة الوطنية" بقي الحال على حاله من ناحية المرشح الأول. توفيق خطيب أسس حزبًا "جديدًا" لكنه بقي ذات التوفيق. في الحركة الاسلامية - الجناح الجنوبي - أعاد مجلس الشورى إنتخاب النائب عبد المالك دهامشة مرشحًا أولا في الحزب. الانطباع الفوري غير المستدرَك هو أن الأحزاب العربية تعتمد يومًا بعد يوم على الصيت والقدرة الشخصية للمرشحين، وليس على برنامج إنتخابي واضح، لأن البرامج الانتخابية للأحزاب اليوم تكاد تكون متطابقة!

من هنا، وبحسب المعطيات الموضوعية، يبدو إنتخاب سلمان أبو أحمد، نائب رئيس بلدية الناصرة، مرشحًا ثانيًا في "الاسلامية"، التغييرَ الأسطعَ والأكثر إثارة للاهتمام. فأبو أحمد كان من قياديي أزمة مسجد شهاب الدين التي طغت على انتخابات 1999، والجميع يذكر له ذلك. سيكون من المثير تتبع تصريحاته وتصرفاته، وما قد تؤول اليه الانتخابات في الشارع العربي، خاصةً إذا كانت التحالفات ستضعه في مكان غير مضمون أو مهدد كأقل تقدير.

التجديد الوحيد الحاسم في انتخابات هذه السنة هو العودة إلى التصويت بورقة واحدة، الأمر الذي يضع تحديًا كبيرًا أمام الأحزاب العربية في الحفاظ على قوّتها في الشارع العربي. كما أن تجديدًا آخر يطرح نفسه بقوة هو الأصوات اليمينية العالية التي تطالب بشطب قوائم عربية، وبالأساس قائمة "التجمع". هذا الأمر يقلق الكثير من الأوساط السياسية العربية، وبالأخص النائب عزمي بشارة. بشارة عقد أمس الاثنين إجتماعًا مع مثقفين وقياديين في "التجمع" وحوله ليتباحث معهم في هذا الموضوع نظرًا للأهمية التي يوليها له.

2) وهم النساء والشباب: لم يضع أي حزب عربي، هذه السنة أيضًا، أية إمرأة عربية في مكان مضمون. ما زال "عار" كون النائبة العربية الأولى من "ميرتس" يطارد الأحزاب العربية، خاصةً تلك التي حفرت على علمها بالبنط العريض الانفتاح والليبرالية والتقدمية. ففي "التجمع" أنتخبت أفنان إغبارية للموقع الرابع وهو موقع غير مضمون بالمرة، فيما لو خاض "التجمع" الانتخابات لوحده أو في تحالف. "الجبهة" أفشلت ترشيح عايدة توما - سليمان على المكان الثاني واكتفت بانتخاب تغريد شبيطة للمكان الرابع، وهو الآخر غير مضمون مع أو بدون تحالف. اما عن الحركة الاسلامية فحدّث ولا حرج طبعًا. في باقي الأحزاب (نستثني "العربية للتغيير" و"الاصلاح" اللذين لم ينتخبا مرشحيهما بعد) الأمر مشابه.

وفي سياق الحديث عن "دماء جديدة" فان الأمر ليس بالأفضل. فكل الأحزاب إنتخبت مرشحين فوق الأربعين عامًا، للمواقع المتقدمة، ضاربةً بعرض الحائط مهمة تقوية وصقل جيل جديد من المرشحين والقياديين يحمل الراية إلى الأمام. الراية الوحيدة التي ترفرف اليوم فوق أصرحة الأحزاب العربية هي راية "الجمود". كل ذلك تم على خلفية الدعوة الى التجديد في الأحزاب، خاصةً في المواقع التي تشغلها النساء.

وهكذا تعود الأحزاب العربية مرة أخرى إلى الصيغة المضمونة: مرشحون رجال، فوق الأربعين، على الرغم من أن الكثير منهم أثبتوا بجدارة فشلا برلمانيًا وشعبيًا ليسا بالقليلين أبدًا!

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, جمال زحالقة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات