دعت بعض المقالات التحليلية لنتائج انتخابات الرئاسة المصرية المسؤولين في إسرائيل إلى إجراء حوار مع "الإخوان المسلمين" بعد فوز مرشحهم محمد مرسي، وفي الوقت نفسه دعت إلى الإسراع في تسوية النزاع مع الفلسطينيين.
وكان أبرزها مقال بقلم الوزير وعضو الكنيست السابق يوسي بيلين ظهر في صحيفة "يسرائيل هيوم"، وأكد فيه أن حوارًا كهذا "سيمكننا من أن نشرح لهم (لـ "الإخوان") نظرتنا إلى العلاقات بين الدولتين، وكيف يمكننا أن نخدم المصلحة المصرية. وتكون هذه مناسبة كي نفهم جيداً موقف الإخوان من الوضع بعد وصولهم إلى السلطة" في مصر.
وأضاف: "نستطيع أيضًا أن نقترح إجراء محادثات مع الفلسطينيين على الأراضي المصرية، وسيشكل هذا تحدياً للسلطة المصرية الجديدة، كما أنه سيعطيها دوراً في هذا الموضوع المهم بالنسبة إلينا، وربما سيمنحها إنجازاً سياسياً في حال كان في الإمكان تحقيق تقدم مهم نحو حل هذا النزاع الذي لا ينتهي".
وقال الأستاذ الجامعي دانيئيل فريدمان، وزير العدل السابق، في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن إسرائيل دفعت، في مقابل اتفاق السلام الذي أبرمته مع مصر في العام 1979، ثمناً باهظاً للغاية تمثل في الانسحاب من شبه جزيرة سيناء، وإخلاء المستوطنات التي أقامتها هناك، والتنازل عن مبدأ عدم الانسحاب إلى حدود 1967. غير أنها في الوقت نفسه حظيت بما يلي: اتفاق سلام مع أكبر الدول العربية وأقواها؛ جعل سيناء منطقة منزوعة السلاح؛ سيطرة الهدوء على منطقة الحدود الجنوبية على مدار الأعوام الـ 33 الفائتة؛ بقاء قطاع غزة في يدها.
وأضاف: ليس من المبالغة القول إن الإنجاز الأهم لهذا الاتفاق كامن في الهدوء المسيطر على الجبهة الجنوبية منذ توقيعه. من ناحية أخرى فإن اتفاق السلام مع مصر جعل القضية الفلسطينية تتصدر جدول الأعمال الإقليمي، وذلك في ضوء بقاء قطاع غزة في يد إسرائيل، وفي ضوء تطرق الاتفاق أيضاً إلى ضرورة منح الفلسطينيين في منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة حكماً ذاتياً بصورة كاملة. مع ذلك فإن الحكومة الإسرائيلية التي وقعت الاتفاق (برئاسة مناحيم بيغن) وكل الحكومات التي جاءت بعدها استمرت في إقامة المستوطنات في هاتين المنطقتين. وبسبب هذه المستوطنات نشأ في الضفة الغربية وضع يعيش فيه نوعان من السكان يخضع كل نوع منهما لمنظومة قانون تختلف عن الأخرى، إذ يخضع المستوطنون اليهود لمنظومة القانون الإسرائيلية المدنية، بينما يخضع الفلسطينيون لمنظومة القانون العسكرية. وهو وضع لا يُطاق، ويتيح إمكان توجيه انتقادات قاسية وصعبة ضد إسرائيل في شتى المحافل القانونية الدولية. ومع أن احتمال التوصل إلى اتفاق دائم بين إسرائيل والفلسطينيين في الوقت الحالي يبدو ضئيلاً للغاية، إلاّ إن الهدوء المسيطر على الضفة الغربية يجب ألاّ يضللنا، وفي الوقت نفسه ثمة احتمال بأن تتحرك الولايات المتحدة لدفع عملية التسوية قدماً بعد انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني المقبل، ويمكن أن تتخذ مصر في ظل سلطتها الجديدة خطوات مماثلة. وبناء على ذلك فإن تسوية النزاع مع الفلسطينيين على وجه السرعة تنطوي على مصلحة إسرائيلية داخلية وإقليمية ودولية.
وأكد إيتان هابـر، مدير ديوان رئيس الحكومة الأسبق إسحاق رابين، في تعليق ظهر في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن على إسرائيل أن تسعى لإجراء محادثات مع حركة "الإخوان المسلمين"، على الرغم من كونها من ألد أعداء إسرائيل، وليس لديها ما تخسره.
ورأى يوئيل غوجانسكي، الباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، في مقال نشر في صحيفة "معاريف"، أن انتخاب مرشح "الإخوان المسلمين" للرئاسة المصرية لا يدل بالضرورة على وجود خط سياسي جديد في القاهرة، أو على منعطف في الموقف المصري من إيران، وذلك نظراً إلى عدم وجود توافق في آراء "الإخوان" إزاء إيران.
وأضاف: ثمة مصلحة مزدوجة لإسرائيل في أن تواصل مصر مساعيها لوقف تهريب السلاح عبر أراضيها من السودان إلى غزة، وفي أن تظل تشكل حاجزاً سياسياً في وجه محاولات إيران دعم المعسكر الراديكالي. وثمة شك في أن تكون مصر مستعدة لدفع ثمن إعادة الحرارة إلى علاقاتها مع إيران، ليس فقط من علاقاتها مع الولايات المتحدة بل أيضاً من علاقاتها مع السعودية، التي تعتمد مصر على مساعداتها الاقتصادية، والتي لن ترضى عن هذا الأمر. وفي حال تحسنت العلاقات بين مصر وإيران، فإن هذا سيكون قصير المدى، إذ ستبقى العلاقات بينهما باردة على المدى البعيد، ولا سيما إزاء تنافس الدولتين على تحقيق الهيمنة الإقليمية. من هنا فإن صعود "الإخوان" إلى السلطة لن يغير دفعة واحدة العقيدة العسكرية المصرية، وسيظل يُنظر إلى إيران وإلى عملائها في المنطقة على أنهم أعداء للمصلحة القومية المصرية.