المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ساهم يوسي سريد، بتأييده لادعاء إيهود باراك بأنه "لايوجد شريك في مفاوضات السلام"، مساهمة كبيرة في تقويض صدقية معسكر السلام وبضمنه حركة "ميرتس". وينتهج سريد اليوم (وكذلك الحال مع المرشح لخلافته في زعامة الحركة ران كوهين) موقفًا اكثر تشدداً من موقف يوسي بيلين الذي ساند في حينة الشعار الكاذب حول "اقتراحات باراك السخية" بعد مؤتمر كامب ديفيد. ولايزال سريد يصرح، حتى عقب تراجع أو ضمور "ميرتس" في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، بأنه "لايمكن اقناع الجمهور بضرورة التفاوض مع الفلسطينيين" (هآرتس 10/2/2003). وينضم اليه ران كوهين في التقدير بانه كان يتوجب على "ميرتس" التحفظ من عرفات قبل فترة طويلة من تعبيرها عن هذا الموقف. في المقابل يعتقد بيلين ان التنصل من عرفات ما كان ليحول دون فشل "ميرتس" في الانتخابات، ويشير الى ان "عرفات" هو المفتاح لكل زعامة السلطة الفلسطينية.

بقلم: برفيسور كالمان التمان
ساهم يوسي سريد، بتأييده لادعاء إيهود باراك بأنه "لايوجد شريك في مفاوضات السلام"، مساهمة كبيرة في تقويض صدقية معسكر السلام وبضمنه حركة "ميرتس". وينتهج سريد اليوم (وكذلك الحال مع المرشح لخلافته في زعامة الحركة ران كوهين) موقفًا اكثر تشدداً من موقف يوسي بيلين الذي ساند في حينة الشعار الكاذب حول "اقتراحات باراك السخية" بعد مؤتمر كامب ديفيد. ولايزال سريد يصرح، حتى عقب تراجع أو ضمور "ميرتس" في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، بأنه "لايمكن اقناع الجمهور بضرورة التفاوض مع الفلسطينيين" (هآرتس 10/2/2003). وينضم اليه ران كوهين في التقدير بانه كان يتوجب على "ميرتس" التحفظ من عرفات قبل فترة طويلة من تعبيرها عن هذا الموقف. في المقابل يعتقد بيلين ان التنصل من عرفات ما كان ليحول دون فشل "ميرتس" في الانتخابات، ويشير الى ان "عرفات" هو المفتاح لكل زعامة السلطة الفلسطينية.

اذا كانت "ميرتس" لاتستطيع التحرر من هذه المواقف الكارثية ضد السلام فانها ستمضي بلا شك في تدهورها وانحدارها المحتوم نحو الهاوية السياسية التامة. مع ذلك فانني لا اتفق مع الاستنتاج القائل بأن معسكر اليسار ومعسكر السلام القديمين قد عفا عليهما الزمن. فمعسكر السلام وجماعات الاحتجاج الاجتماعي ورافضي التجنيد والخدمة في المناطق المحتلة سيكتسبون حتماً المزيد من القوى والتنامي ازاء السياسة المفلسة التي يتبعها شارون وازاء الواقع الاجتماعي الذي يواجهنا.

والحقيقة التي لا مراء فيها هي ان هذه الحركات سوف تتمتع اعتبارًا من الآن بتمثيل برلماني مقلص، الامر الذي سيجعل من الصعب التأثير على الرأي العام لجهة رفض الخيارات العسكرية الشارونية.

الموضوع الاساسي لهذا المقال هو تحليل التطورات الداخلية في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) خلال الانتخابات العامة الاخيرة. وفي هذا الصدد سوف اورد الارقام التالية، التي نشرتها لجنة الانتخابات المركزية، مع مقارنات بين نتائج الانتخابات للكنيست الـ16 (2003) والكنيست الـ15 (1999).

مجموع الاصوات التي حصلت عليها قائمة الجبهة + التغيير (الطيبي) في انتخابات الكنيست الـ16 هو: 93819. ومجموع الاصوات لقائمة الجبهة في انتخابات الكنيست الـ15: 87022 (مجموع الاصوات لقائمة الجبهة في اللكنيست الـ14: 129455)

وعلى افتراض ان وجود الطيبي في قائمة "التجمع الوطني الديمقراطي" في الانتخابات للكنيست الـ15 جلب 20 الف صوت (هذا الرقم اقل من مقعد – وقد كان في الحساب النهائي وفق طريقة بدر - عوفر، في الانتخابات الحالية نحو 24500 صوت) فاننا سنجد ان مجموع الاصوات التي اعطيت لـ قائمة الجبهة والطيبي في انتخابات 1999 بلغ تقريبا 107 الاف صوت. وعليه فقد تقلص عدد الاصوات التي حصلت عليها الجبهة والطيبي في الانتخابات الاخيرة بنحو 13 الف صوت (حتى لو افترضنا ان الطيبي ادخل عبر القائمة المشتركة بشارة – الطيبي في العام 1999 مايعادل نصف مقعد فقط (12 الف صوت) فان ذلك لا ينفي ان هبوطا قد طرأ على عدد الاصوات الاجمالي).

(لكي تكتمل الصورة يجب الاشارة الى ان نسبة التصويت في صفوف الناخبين العرب في هذه الانتخابات كانت 62%، وفي الانتخابات السابقة 69%. في المقابل فقد انضم في هذه المرة عدد كبير من الشبان الذين مارسوا الانتخاب للمرة الاولى).

ادى الهبوط الملموس في التأييد للقائمة المشتركة، الجبهة - الطيبي، الى تقليص تمثيلها في الكنيست من (4) مقاعد (الجبهة 3، الطيبي 1) الى 3 مقاعد (الجبهة 2 الطيبي 1).

(كان للجبهة فائض اصوات كبير انتقل الى قائمة (التجمع - عزمي بشارة) بموجب اتفاق فائض الاصوات بين القائمتيين والذي اكسب "التجمع" مقعدا اضافيًا. في انتخابات العام 1999 حصلت القائمة العربية الموحدة على مقعد اضافي من فائض اصوات الجبهة).

وفيما يتعلق بالناخبين اليهود فقد كان تراجع التأييد (للجبهة) في صفوفهم كبيراً جداً. فيما يلي اعداد الناخبين اليهود في التجمعات البلدية (القائمة لا تشمل يافا وحيفا وعكا وبئر السبع واللد والرملة والناصرة العليا، ولا تشمل المغلفات المزدوجة ايضاً). الارقام المسجلة بين قوسين تمثل عدد ناخبي الجبهة في العام 1999.

- ايلات 36 (49)، بيت شيمش 10 اصوات (10)، نحشون 0 ( 15)، نافية شلوم 19 (0)، مبسيرت تسيون 33 (45)، كريات غات 7 (11)، عراد 12 (27)، عومر 10 (18)، عسقلان 24 (31) ، كفار مناحيم 11 (12)، اشدود 36 (48)، رحوبوت 37 (64)، ريشون لتسيون 64 (99)، نيس تسيونا 15 (11)، بات يام 68 (127)، حولون 57 (130)، رمات غان 129 (261)، بني براك 18 (35)، اور يهودا 10 (14)، غبعات شموئيل 0 (10)، غفعات يام 67 (89)، هرتسليا 79 ( 114)، روش هعين 7 (13)، هود هشارون 23 (47)، رمات هشارون 43 (81)، بيتح تكفا 60 (123)، رعنانا 42 (94)، كريات اونو 28 (46)، كفارسابا 64 (81)، نتانيا 22 (48)، الخضيرة 17 (27)، زخرون يعقوب 5 (10)، نيشر 9 (12)، كريوت: آتا – بياليك، موتسكين، طبعون وكريات يام – 66 (102)، نهاريا 44 (36)، العفولة 9 ( 14)، كرميئل 41 (31)، صفد 28 ( 30)، طبرية 7 (16).

مجموع الناخبين في التجمعات البلدية: 1257 (2031) وهي تشكل 61,9% مقارنة مع الكنيست الـ 15.

القدس (بدون ابو غوش): 760 (1195) تشكل 63,6% مقارنة مع الكنيست الـ15.

تل ابيب (بدون يافا ).. 1250 (1800) تشكل 69,4% مقارنة مع الكينست الـ15.

في المدن المختلطة المشار اليها وفي المغلفات المزدوجة يصعب الفصل بين الناخبين اليهود والعرب ولذلك لم تحسب ضمن العينة المحدودة المذكورة اعلاه والتي نلاحظ فيها هبوط الصوت اليهودي الى 65%، من 5026 الى 3267. ولا يدور الحديث عن عدد كبير من الناخبين، فهؤلاء يشكلون اقل من مقعد واحد .

هذا علماً ان الكثيرين من هؤلاء الناخبين كانوا ولا زالوا نشطاء في جماعات الاحتجاج والسلام المختلفة، والذين شعروا، حتى ولو لم يكونوا أعضاء في الجبهة، بأن قائمة حداش (الجبهة) تعبر عن مواقفهم وتشكل متحدثاً بلسانهم. وكانت "الجبهة" قد حافظت على مدى سنوات كثيرة على انصارها ومؤيديها الذين ازداد عددهم ببطء بعدما كادوا يتلاشون اثر الانشقاق في الحزب الشيوعي الاسرائيلي عام 1965.

خلال العامين الاخيرين، اي منذ اندلاع الانتفاضة الحالية برزت ظاهرة واضحة اشارت الى ازدياد وتئامي نفوذ الجبهة ونسبة التاييد لها بصورة ملموسة في اوساط جماعات السلام والاحتجاج المختلفة. بيد انه، وفي اعقاب التغيرات الجوهرية التي طرأت على قائمة الجبهة قبيل الانتخابات للكنيست (الضغط على تمار غوجانسكي لتستقيل لأسباب تتعلق بالنظام الداخلي، ثم استبدال دوف حينين ليحل مكانة احمد الطيبي في المكان الثالث بالقائمة) انتكست هذه العملية بصورة حادة.

فالزيادة المتوقعة او المأمولة في الصوت اليهودي انقلبت الى هبوط بنسبة 35%. الكثيرون ممن صوتوا، رغم ذلك، لقائمة الجبهة، اقدموا على ذلك فقط بعدما اقتنعوا ان الامتناع عن التصويت يضعف من فرص انتخاب دوف حينين للمكان الرابع. وتأثر البعض منهم بتعهد محمد بركة امام مجلس الجبهة (الذي نجح خلاله بركة في ادخال الطيبي الى المكان الثالث) بأنه، وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فان كتلة الجبهة ستحافظ على تركيبتها العربية - اليهودية. وفي حال لم يوافق احد على التخلي عن مقعده في الكنيست (ولا توجد حاليا مؤشرات على وجود ميل كهذا لدى اي من نواب الجبهة) فان كتلة الجبهة (الحزب الشيوعي الاسرائيلي) في الكنيست ستغدو وللمرة الاولى منذ العام 1948، كتلة عربية وحسب، وبالتالي قد نشهد غيابًا شبه تام لتأييد كتلة الجبهة في اوساط الناخبين اليهود.

(هذا المقال يرى النور في العدد الجديد القادم – التاسع - من فصلية "قضايا اسرائيلية" الصادرة عن "المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية" في رام الله. الترجمة العربية: سعيد عياش، "مدار").

*محاضر في التخنيون بحيفا ونشيط في حركات السلام

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات