المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • أحزاب وحركات سياسية
  • 1135

شارون لم يمنح متسناع طرف الخيط الى "حكومة الوحدة العلمانية" * محللون: الانقلاب الحقيقي حدث بعد الانتخابات - "العمل" بالذات، الذي اعتاد الناس على ألا يتوقعوا منه شيئًا، يصر حاليًا على مواقفه. بينما يذهب "شينوي"، "حزب المبادئ"، ويأتي بين مواقفه، ويُسيّل اللعاب في الطريق إلى الائتلاف. شارون لن يلغي من أجل "شينوي" الوضع القائم مع الحريديم، مما يفتح المجال أمام احتمالين: إما أن يبقى "شينوي" في المعارضة ويقبل بزعامة زعيم المعارضة متسناع، وإما أن يتنازل عن مواقفه وينضم للحكومة. لكن هذه ستكون نهايته - خلال أسبوع ستظهر الاستطلاعات أن نسب دعم "شينوي" ستنخفض وستصل إلى أربعة مقاعد. هذا ما يتمنونه في "العمل": أن يسببوا لـ "شينوي" ما سببه لهم (ولـ "ميرتس") في السنتين الأخيرتين..

من المنتظر ان يكلف الرئيس الاسرائيلي موشيه قصاب زعيم "الليكود" ورئيس الوزراء الحالي ارئيل شارون بتشكيل الحكومة الاسرائيلية القادمة. ويتوقع ان يصدر التكليف عن قصاب يوم الاحد القادم.
وفي اللقاءات التي اجراها قصاب يوم الاثنين مع ست من اصل 13 كتلة برلمانية ممثلة في الكنيست السادس عشر، اوصت اربع كتل تمثل 71 نائبا بتكليف شارون بمهمة تشكيل الحكومة القادمة. وجاءت التوصيات من ممثلي احزاب شينوي، الليكود، شاس والاتحاد القومي، في حين ابلغ ممثو "العمل" و "ميرتس" الرئيس قصاب بأنهم لن يوصوا امامه بتكليف شارون بهذه المهمة.

والتقى قصاب ايضا (الثلاثاء 4 شباط) ممثلي "المفدال"، الذين اكدوا امامه انهم لن ينضموا الى حكومة وحدة علمانية، لكنهم أوصوا بشارون ليكون رئيس الحكومة القادم، ليصل عدد النواب الذي اوصوا به 77 نائبا من اصل 120!

وتتواصل لقاءات قصاب مع ممثلي الاحزاب حتى نهاية الاسبوع، في وقت تنخفض فيه احتمالات مشاركة "العمل" في حكومة وحدة وطنية، بعد تمسك عمرام متسناع زعيم "العمل"، في لقائه الاول مع شارون بعد الانتخابات (الاثنين 3 شباط) برفض المشاركة في حكومة تخطط مواصلة السير بموجب خطوط العريضة لحكومة شارون الاولى، وترفض ازالة المستوطنات من قطاع غزة، وتتمسك ببقائها في الضفة الغربية ايضاً.

وعلى رغم موقف متسناع الواضح حيال مسألة "الوحدة"، الا ان هناك اصوات في "العمل" تؤمن بامكان التوصل الى "تفاهم" مع شارون في هذه النقطة، كان ابرزها صوت سكرتير عام "العمل" عضو الكنيست اوفير بينس. ويتحفظ عمرام متسناع من تصريحات بينس حول استعداد "العمل" الدخول في "حكومة وحدة علمانية" برئاسة شارون.

* لقاء متسناع – شارون: دروس في الاستيطان!

بدلا من الخوض في تفاصيل "الحكومة العلمانية" مع شارون، وجد متسناع نفسه يستمع الى محاضرة حول "اهمية الاستيطان" في قطاع غزة و "الاهمية الكبرى" للاستيطان اليهودي في الخليل. لذلك بدا متسناع، بعد اللقاء، كمن تنفس الصعداء. وقد إعترف بذلك في تصريحاته الصحفية، وبمنتهى الصراحة. ويخيل أن أكثر ما كان يخشاه متسناع عند قدومه إلى مكتب رئيس الحكومة، هو أن يقابل شاروناً معتدلاً، "لا يعارض فكرة إخلاء مستوطنة أو اثنتين". بدلا من ذلك، اضطر لسماع محاضرة من شارون عن أهمية "نتساريم" الاستراتيجية ("تحمي ميناء غزة")، وعن أهمية "كفار فراديم" التاريخية والرمزية ("شهادة حية على قوة الصمود")، وطبعًا عن <<أهمية الخليل الدينية والعاطفية، مدينة الاباء، لشعب إسرائيل>>.

كل هذه "الأهميّات" زودت متسناع بالذخيرة التي أمل في الحصول عليها. متسناع أسرع في جمع كتلته، ليخبر "الجماعة"، بأنه خرج "مصدومًا" من اللقاء. أعضاء الكنيست الذين وجدوا أنفسهم مقيدين مرة أخرى على يد من يعتبرونه "مبتدئًا" وفريسة سهلة، اضطروا للوقوف إلى جانبه. حتى شمعون بيرس، "فارس الوحدة الوطنية"، لم ينبس ببنت شفةٍ طوال الجلسة. من السهل التخمين ما كان بيرس سيفعله لو أعطي طرف خيط، لو أعطي أمرًا ما ليعمل عليه، ولكن بحسب رواية متسناع، شارون كان بخيلاً بالخيوط.

عن هذا اللقاء كتب يوسي فرتر في "هآ’رتس" (4 شباط":

<<الانسان العادي سيقول إن أقوال شارون (لمتسناع) شكلت موقف البداية تمهيدًا لبدء المفاوضات الائتلافية الطويلة. لكن على رجل تكتيك فذ كشارون، أن يكون مختصًا نفسانيًا بعض الشيء، وأن يعرف من أي مادة صُنع غريمه. متسناع لا يتعامل مع الترميزات الصغيرة. الـ "لا" عنده تعني لا. وإذا اعتقد شارون بأن متسناع سيعود إلى كتلته وسيعرض عليها البدء بمفاوضات، فإنه فشل في قراءة الخارطة؛ إذا اعتقد أن متسناع سيلاقي المعارضة في الكتلة، فعلى أي أساس؟ لعل شارون يائس من متسناع كشريك مستقبلي، وهو ببساطة يتمتع بتعذيبه بمحاضرة عن المستوطنات.

فورًا بعد اللقاء، بدأت اللعبة المتوقعة جدًا، المعروفة جدًا، بإلقاء "حبة البطاطا الملتهبة" من يد إلى أخرى: متسناع ألقى باللوم في عدم الوحدة على شارون، على الرغم من أنه التزم بنفسه عشية الانتخابات بعدم الدخول إلى حكومة برئاسة شارون؛ ولكي يلقى الاعجاب بين الجمهور التوّاق للوحدة، وعد متسناع بأن يكون "معارضة رسمية"، وأن يفكر في الانضمام إلى "كابينيت الطوارئ".

رجال شارون من جهتهم شغّلوا سلاح "الطوارئ"- الكلمة التي تبعث الجميع على الوقوف إستعدادًا. في اللقاء مع متسناع، عرض عليه شارون، بحسب البيان الصحفي الذي أصدره مكتب رئيس الحكومة، تعيين ممثلين "لاستيضاح موضوع الاولويات في ميزانية الدولة، ولدراسة الحل السياسي الذي تنشغل الحكومة فيه اليوم". هذه الصياغة الأكاديمية المريحة تحولت بعد الظهر، على يد كبار في "الليكود" مقربين من المفاوضات الائتلافية، إلى ما لا يقل عن "إقامة طواقم تبحث في خطة الطوارئ الاقتصادية، وفي خطة الطوارئ السياسية"!

وستُدعى إلى خطة الطوارئ هذه – التي تبدو كاختراع لمستشار استراتيجي فذ - بحسب كبار "الليكود"، كل الاحزاب، بما في ذلك "العمل" و"شينوي"، وستكون هذه الخطوة عملية موازية للمفاوضات الائتلافية. عن طريق هذا الأمر، هذا التجديد السياسي، يأملون في "الليكود" بإدخال "العمل" إلى الائتلاف من دون أن يشعر بذلك.

في "العمل" ينظرون حاليًا بتلذذ إلى ما يحدث في "شينوي". فقد وجد أعضاء كتلة يوسف لبيد أنفسهم، يتقلبون مثل سمكة في أكواريوم مليء بالمياه، عندما طُلب منهم أن يوضحوا حيثيات التقلبات في الموقف، مرتين في أقل من أسبوع واحد: مرةً أولى عندما تراجعوا عن موقفهم القاطع بأنهم سيجلسون فقط في حكومة تجمع "الليكود" و"العمل"؛ ومرة ثانية عندما أعلن لبيد عن موافقته على منح يعقوب ليتسمان، من "يهدوت هتوراه"، رئاسة لجنة المالية في الكنيست.

ويتضح أن الانقلاب الحقيقي حدث بعد الانتخابات: "العمل" بالذات، الذي اعتاد الناس على ألا يتوقعوا منه شيئًا، يصر حاليًا على مواقفه. بينما يذهب "شينوي"، حزب المبادئ، ويأتي بين مواقفه، ويُسيّل اللعاب في الطريق إلى الائتلاف. شارون لن يلغي من أجل "شينوي" الوضع القائم (مع الحريديم- المحرر)، مما يفتح المجال أمام احتمالين: إما أن يبقى "شينوي" في المعارضة ويقبل بزعامة زعيم المعارضة متسناع، وإما أن يتنازل عن مواقفه وينضم للحكومة. لكن هذا سيكون نهايته- خلال أسبوع ستظهر الاستطلاعات أن نسب دعم "شينوي" ستنخفض وستصل إلى أربعة مقاعد. هذا ما يتمنونه في "العمل": أن يسببوا لـ "شينوي" ما سببه لهم (ولـ "ميرتس") في السنتين الأخيرتين.>>

 

المصطلحات المستخدمة:

الكتلة, الليكود, شينوي, الكنيست, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات