المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • أحزاب وحركات سياسية
  • 25597

خلافا لسلسلة الانتخابات الداخلية لعدد من الأحزاب الإسرائيلية التي جرت في الأشهر الأخيرة، فإن نتيجة انتخابات رئاسة حزب "كاديما" التي ستجري في السابع والعشرين من الشهر الجاري، آذار، ليست محسومة

 

*خلافا لانتخابات الأحزاب الأخرى النتائج ليست مضمونة لأي من الاثنين والنتيجة الوحيدة المعروفة هي فشل آفي ديختر *"كاديما" ربح رهانات البقاء في المشهد السياسي ولكن في انتظاره رهانات أشد*

  

خلافا لسلسلة الانتخابات الداخلية لعدد من الأحزاب الإسرائيلية التي جرت في الأشهر الأخيرة، فإن نتيجة انتخابات رئاسة حزب "كاديما" التي ستجري في السابع والعشرين من الشهر الجاري، آذار، ليست محسومة، إذ لا تستطيع تسيبي ليفني أن تطمئن لنتيجتها أو أن تضمن استمرارها في منصبها، الذي وصلت اليه في خريف العام 2008، كما أن شاؤول موفاز الذي زاد في الأسابيع الأخيرة الكثير من فرصه لا يستطيع هو أيضا الاطمئنان لفوزه، ولكن من يستطيع أن يكون واثقا من نتيجته هو المرشح الثالث آفي ديختر، الذي حصل في انتخابات رئاسة "كاديما" التي جرت قبل ثلاث سنوات ونصف السنة على 7%، وحتى هذه النسبة سيكون عليه إبداء جهد كبير للثبات عليها.

 

لكن تبقى هذه انتخابات هامة ستساهم في حسم مصير حزب "كاديما" كحزب المعارضة الأول، وكما أن النتائج ليست واضحة، فكذا أيضا من الصعب معرفة مصير الحزب، فاستطلاعات الرأي تنبأت في الأشهر الأخيرة بفقدانه نسبة هائلة من مقاعده، ما بين 40% إلى 50% من أصل 28 مقعدا، ولكن تلك الاستطلاعات تبقى بعيدة نوعا ما عن الواقع، كونها كانت تجري مباشرة بعد حدث حزبي، مثل الانتخابات لرئاسة "العمل"، ثم "الليكود"، وبعد أن أعلن الصحافي التلفزيوني يائير لبيد خوضه السياسة، ولهذا فإن استطلاعات الرأي تبدأ في الاستقرار بعد الانتهاء من الانتخابات الداخلية لحزب "كاديما".

 

على الرغم من ذلك، هناك سلسلة من النقاط التي تبرر للرأي العام في إسرائيل أن لا يتجه أكثر نحو "كاديما"، واحتمالات ضعفه انتخابيا تبقى واردة، وعلى رأس هذه النقاط أن كتلة الحزب لم تظهر كقوة تتميز عن حزب "الليكود" الحاكم، على الصعيدين السياسي والاقتصادي بالقدر الكافي، والكثير من نواب الحزب كانوا ينافسون أحزاب اليمين المتشدد في مواقفه، وفي المبادرات للقوانين العنصرية، وقد بزّ جميع نواب "كاديما" في القوانين العنصرية والمناهضة للديمقراطية وحقوق الإنسان، كل من يسرائيل حسون، وهو نائب رئيس سابق لجهاز الأمن العام "الشاباك"، ورونيت تيروش ويوليا بيركوفيتش، والكثير من نواب "كاديما" وقعوا دعما لقوانين في غاية من العنصرية.

 

لكن في الأشهر الأخيرة ثارت ضجة، حينما بادر آفي ديختر ذاته إلى مشروع عنصري واسع، يلغي مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، وفيه الكثير من البنود التي فيها اعتداء على مكانة المواطنين العرب، تحت غطاء يهودية الدولة، وفقط بعد ضجة إعلامية ساعدت رئيسة الحزب تسيبي ليفني في ممارسة الضغوط، جمّد ديختر تشريع القانون.

 

 

"كاديما" ربح رهانات

ويواجه أخرى

 

 

مع تشكيل حزب "كاديما" في خريف العام 2005، كثرت الرهانات حول مستقبله بعيد المدى، خاصة بعد أن سقط مؤسسه أريئيل شارون على فراش المرض بعد 42 يوما من تأسيسه، وهو لا يزال غارقا في الغيبوبة منذ نحو ست سنوات وثلاثة أشهر، إلا أن الحزب ربح الرهان الأول وحقق فوزا كبيرا في الانتخابات البرلمانية في العام 2006، وقاد حكومة لم تصمد أكثر من ثلاث سنوات.

 

وقد سهّل فوزه البرلماني في اجتياز رهان آخر، وهو انتخابات المجالس البلدية والقروية، في خريف العام 2008، ويومها حقق فوزا معينا، ساهم في تثبيت حضوره في المشهد السياسي، ثم خاض انتخابات العام 2009 البرلمانية، وفاز بالمرتبة الأولى من بين الكتل البرلمانية.

 

لكن على الرغم من كل هذا، فإن "كاديما" ما زال حزب الكتلة البرلمانية، بمعنى أن هيئاته الحزبية، وخاصة المجلس المركزي، كما في الأحزاب الكبرى الأخرى، ليست ملموسة وهو غائب عن المشهد الحزبي، وهذا ما يبقي بعض علامات السؤال حول مأسسته كحزب ليضمن بقاءه مدة أكبر على الساحة السياسية.

 

وفي ظل غياب مؤسسات حزب وكوادر ظاهرة ميدانيا، يبقى الانطباع السائد هو أن التصويت له هو عبارة عن تصويت للحزب "البديل" لحزب الليكود الحاكم، وهذا الانطباع يجعله واقعًا تحت طائلة التهديد بفقدان الكثير من قوته في أي أجواء يظهر فيها بديل أقوى.

 

وبالفعل فإن "كاديما" يواجه تهديدا محدودا، نوعا ما، من حزب "العمل" الذي كما يبدو بدأ ينتقل إلى مرحلة استقرار ما في مؤسساته، رغم أن ضعف هذا الحزب حاليا لا يشجع الكثير من "مقاولي" الأصوات، أو من أصحاب "الأصوات العائمة"، المتقلبة، على الإسراع للتصويت له.

 

والساحة السياسية، وبشكل خاص وسائل الإعلام، تنشغل في هذه الأيام بالصحافي يائير لبيد، الذي يجري الحديث عنه منذ أكثر من عام بأنه ينوي خوض السياسة. ولبيد هو نجم إعلامي، ونجل صحافي راحل، تومي لبيد، الذي خاض السياسة لفترة قصيرة جدا، وفي أول استطلاعات للرأي ظهرت بعد إعلانه خوضه السياسة بشكل نهائي، "تبين" أنه سيحصل على ما بين 8 إلى 12 مقعدا، ولكن هذه معطيات ليست واقعية، تأتي تحت تأثير الضجة الإعلامية، ولكن حتى لو خاض لبيد الانتخابات بشكل مستقل، واجتاز نسبة الحسم، فإنه سيقتطع الكثير من الأصوات من حزب "كاديما".

 

بمعنى آخر، أن "كاديما" مهدد في الانتخابات القادمة من ثلاث جهات: "العمل" ويائير لبيد، وأيضا من مقاولي أصوات راهنوا في الانتخابات السابقة على بقاء "كاديما" في الحكم، ولن يراهنوا في الانتخابات القادمة عليه.

 

أما التهديد الرابع، فهو استمرار وحدة الحزب، لأن كل الاحتمالات واردة في جميع النتائج المفترضة، ففي حال فازت ليفني، فإن موفاز تعهد مسبقا بالبقاء في الحزب، ولكن آفي ديختر مرشح للخروج منه، لكن في حال فاز موفاز، فإن بقاء ليفني في الحزب أو في الحياة السياسية ليس واضحا، ولكن هذا أمر يبقى سابقا لأوانه، خاصة وأن الانتخابات ستجري بعد أيام، وكما يبدو فإنها ستحسم من الجولة الأولى، استنادا إلى دستور الحزب الذي يقر بفوز من حصل على أكثر من 40% في حال وجود أكثر من متنافسين اثنين.

 

وفي ما يلي نبذة عن المرشحين الثلاثة لرئاسة "كاديما".

 

 

تسيبي ليفني

 

من مواليد 8/7/1958 في مدينة تل أبيب.

 

حاصلة على اللقب الأول في الحقوق، وبعد تخرجها في العام 1980 عملت لمدة أربع سنوات في جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، "الموساد". وفي تقرير صحافي سابق في إحدى الصحف الإسرائيلية قال مسؤول كبير سابق في الموساد، "إن الجهاز أسف" لاستقالة ليفني من الموساد، لأن هناك من كان يتوقع لها مستقبلا ناجحا.

 

ظهرت ليفني على الساحة السياسية حينما رشحها زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو في العام 1999 لتكون في الأماكن المضمونة في قائمة الحزب للانتخابات البرلمانية، باعتبار أنها من الوجوه الشابة التي استحضرها الحزب ليمنع سقوط وشيك له، تم بالفعل في انتخابات ربيع ذلك العام، إلا أن ليفني نجحت في الحصول على مقعد برلماني من أصل 19 مقعدا لليكود.

 

وفي تلك الدورة الأولى، وعلى الرغم من حالة الإحباط التي دبت بالليكود بعد هزيمته النكراء، نجحت ليفني في أن تكون في الصف الأمامي للمعارضة لحكومة إيهود باراك، ونجحت في تسليط الأضواء الإعلامية عليها طيلة تلك الدورة.

 

في منتصف الدورة البرلمانية الأولى لليفني، في شتاء العام 2001، أطاح زعيم الليكود الجديد (في حينه) أريئيل شارون برئيس الحكومة إيهود باراك، في الانتخابات الوحيدة في إسرائيل التي جرت لمنصب رئيس حكومة، وشكل حكومة بديلة، وعلى الرغم من الازدحام بعدد الشخصيات التاريخية في الليكود، إلا أن شارون أسند "للشابة" ليفني منصب وزير من دون حقيبة، ثم برزت كشخصية مقربة من شارون.

 

وبعد انتخابات مطلع العام 2003، حصلت ليفني على حقيبة التعاون الإقليمي، ولكن خلال تقلبات حكومة شارون الثانية تنقلت ليفني في عدة حقائب، أبرزها حقيبة العدل، ولكن وزنها في الحكومة برز جدا على ضوء حالة الانقسام التي نشأت مع الجدل حول خطة إخلاء مستوطنات قطاع غزة، إذ كانت من مؤيدي الخطة ومدافعة عنها.

 

وبعد انقسام مجموعة شارون عن الليكود، وتشكيل حزب "كاديما"، وما تبع هذه الخطوة بعدة أيام، بسقوط أريئيل شارون على فراش المرض لأول مرة، ظهرت ليفني كمنافسة لأولمرت على منزلة الشخصية الثانية بعد شارون، وقيل حينها في وسائل الإعلام إن شارون حسم الأمر، وجعل أولمرت ثانيا وليفني ثالثة.

 

وبعد سقوط شارون كليا على فراش المرض في مطلع العام 2006، أصبحت ليفني الشخصية الثانية في الحزب، وعلى مر عامين ونصف العام، وأمام العواصف المتعددة التي ضربت بحكومة أولمرت، برزت كشخصية من الصف الأول تنافس على المكانة الأولى بين الجمهور.

 

وعلى مر الدورة البرلمانية الحالية، كزعيمة معارضة، أظهرت ليفني ضعفا بالاستمرار في تماسك الكتلة البرلمانية، لتلتف من حولها، لكنها إلى حد ما نجحت في اسكات المعارضة، ومنع حالات انشقاق، كانت تتوقعها الحلبة السياسية في الأشهر الاولى بعد انتخابات 2009.

 

شاؤول موفاز

 

من مواليد العام 1948 في إيران وهاجر إلى إسرائيل في العام 1957.

 

طيلة حياته كان موفاز عسكريا لينهي خدمته العسكرية في منتصف العام 2002، رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي، بعد أن أمضى أربع سنوات في هذا المنصب، وقبل هذا بعام كان نائبا لرئيس الأركان.

 

لكن مواقفه اليمينية المتشددة برزت في وسائل الإعلام منذ أن وصل إلى قمة قيادة الجيش، ولمّحت أوساط إعلامية وسياسية في حينه إلى أن رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتنياهو عمل على ترقية موفاز إلى منصب نائب رئيس أركان ومن ثم رئيسا للأركان نتيجة لهذه المواقف.

 

ما كاد موفاز يخلع بزته العسكرية في منتصف العام 2002، حتى تولى بعد بضعة أشهر منصب وزير الدفاع، في خريف العام 2002، حين كانت حكومة أريئيل شارون الأولى حكومة انتقالية، ثم استمر في هذا المنصب بعد انتخابات مطلع العام 2003، ولكنه لم يترشح لعضوية الكنيست، واستمر في منصبه هذا حتى نهاية الولاية البرلمانية في ربيع العام 2006، حين كان إيهود أولمرت رئيسا لحكومة شارون بعد سقوطه في غيبوبة على فراش المرض.

 

على المستوى الحزبي انضم موفاز في العام 2003 إلى حزب الليكود، ولكنه كما ذكر لم يرشح نفسه لعضوية الكنيست، وفي الجدل في حكومة شارون حول إخلاء مستوطنات قطاع غزة اتخذ موقفا مؤيدا مع تحفظ ما، وكان شديد التقلب.

 

لكن تقلبات موفاز برزت عند انشقاق مجموعة شارون عن الليكود، فخلال بضعة أيام كان موفاز قد أعلن رفضه التام لانشقاق المجموعة وهاجمها بشدة، ولكن حينما رأى أن مكانته ليست مضمونة بالشكل الذي يريد في حزب الليكود بزعامة نتنياهو، وعلى ضوء نتائج الاستطلاعات التي توقعت انهيارا لليكود، انتقل موفاز بسرعة إلى حزب "كاديما" الناشئ، وواجه كثيرا من الانتقادات والسخرية، وهذه التنقلات لم تضمن له مقعدا متقدما جدا في الحزب الجديد.

 

وأصبح موفاز عضو كنيست لأول مرة في العام 2006، ولكنه لم يحظ بحقيبة الدفاع في حكومة إيهود أولمرت، وتولى منصب وزير مواصلات، وهذا أضعف من صورته في الرأي العام كعسكري ورئيس أركان سابق، ولكن قبل أكثر من عام، تولى رئاسة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، بدلا من النائب تساحي هنغبي، الذي اضطر للاستقالة بسبب محاكمته بتهم فساد.

 

 

آفي ديختر

 

من مواليد 14/12/ 1952 في مدينة عسقلان (أشكلون).

 

أمضى طيلة حياته في سلك جهاز الأمن العام (الشاباك)، وظهر لأول مرة في وسائل الإعلام مع تسلمه منصب رئيس الجهاز في النصف الثاني من العام 2000، خلفا لعامي أيالون، واستمر في منصبه هذا خمس سنوات.

 

خلال عمله رئيسا للشاباك أظهر ديختر مواقف سياسية متشددة، وكان واضحا ان وجهته بعد أن ينهي مهامه في الجهاز ستكون الحلبة السياسية، ولم تكن الرهانات صعبة بأنه سيتوجه إلى معسكر اليمين.

 

وبعد أشهر من انتهاء ولايته في "الشاباك" التي تم تمديدها، انضم ديختر إلى حزب "كاديما" الناشئ حديثا بزعامة أريئيل شارون، في خريف العام 2005، كداعم عسكري للحزب، وتبوأ منصب وزير الأمن الداخلي، القريب جدا من مجال عمله الاستخباراتي، في حكومة إيهود أولمرت في العام 2006.

 

طيلة الدورة الحالية أظهر ديختر مواقف متباينة إزاء رئيسة الحزب تسيبي ليفني في كثير من الأحيان، وقلل جدا الظهور في المشهد المعارض لحكومة بنيامين نتنياهو، وقد أوضح نواياه في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه ترشحه مرّة ثانية لرئاسة "كاديما" قائلاً إنه في حال فوزه سينضم مع حزبه الى حكومة نتنياهو.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات