المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بحسب هؤلاء المسؤولين، فإن النمو الاقتصادي في السنوات الأربع الأخيرة وتراجع البطالة وتراجع الدين العام من شأنهم أن يخففوا من انعكاسات الأزمة العالمية * كبار أثرياء إسرائيل خسروا 40% بالمعدل من قيمة ثرواتهم * أزمة جدية تعصف بالمصالح الصغيرة والمتوسطة

حسب هؤلاء المسؤولين، فإن النمو الاقتصادي في السنوات الأربع الأخيرة وتراجع البطالة وتراجع الدين العام من شأنهم أن يخففوا من انعكاسات الأزمة العالمية *كبار أثرياء إسرائيل خسروا 40% بالمعدل من قيمة ثرواتهم *أزمة جدية تعصف بالمصالح الصغيرة والمتوسطة

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

توقع مسؤولون في وزارة المالية الإسرائيلية، في أحاديث لوسائل إعلام وصحف إسرائيلية، أن لا يكون تأثر إسرائيل بالأزمة المالية العالمية في الأشهر القادمة، وعلى مدى العام 2009، كارثيا، وهذا على ضوء المعطيات الاقتصادية "الجيدة" التي شهدها الاقتصاد الإسرائيلي مع بدء هذه الأزمة، في حين قال مسؤول "كبير" في وزارة المالية إن الجهاز البنكي في إسرائيل حصين أمام انهيار مالي كما جرى في بنوك في دول العالم، ومن بينها الولايات المتحدة.

لكن بحسب تلك التصريحات، فإن القلق في الاقتصاد الإسرائيلي ملحوظ، ولا نقاش حول أن الاقتصاد سيتضرر من الأزمة العالمية، إلا أن هذا الضرر لن يكون بمقاييس خطيرة تهدد بانهيار اقتصادي، بل إن الأمر سيظهر على شكل تباطؤ في النمو الاقتصادي والحركة التجارية.

وجاء أيضا أن إسرائيل شهدت في السنوات الأربع وحتى الخمس الأخيرة نسب نمو اقتصادية عالية جدا، مقارنة مع نسب النمو في الدول المتطورة في العالم، في حين أن البطالة تراجعت خلال هذه السنوات من قرابة 11% إلى 6%، وهو تراجع سريع وملحوظ خلال فترة ليست طويلة، بمقاييس اقتصادية.

كذلك فإن إسرائيل بدأت مسيرة تراجع في حجم الدين العام، مقارنة بالناتج العام لإسرائيل الذي سجل في السنوات الأخيرة ارتفاعا متواصلا، وقد انخفض الدين العام من 81% من مجمل الناتج العام إلى اقل من 77%، في حين أن الهدف هو تخفيضه في غضون ست سنوات إلى نسبة 60% من الناتج، لتكون نسبته ملائمة للنسبة ذاتها في الدول المتطورة والغنية في العالم.

واستبعد مسؤول كبير في بنك إسرائيل المركزي أيضا أن يكون تأثر الاقتصاد الإسرائيلي كارثيا، وقال إن المنتوجات الإسرائيلية ما زالت مطلوبة في الأسواق العالمية، في إشارة إلى استمرار وتيرة الصادرات الإسرائيلية إلى الخارج، رغم أن هذا يتعارض مع تقديرات أخرى تستند إلى تقرير معهد التصدير الإسرائيلي يشير إلى أن الصادرات الإسرائيلية بدأت تتضاءل وتيرتها، وحتى أنها تراجعت للولايات المتحدة.

خسائر ضخمة

على الرغم من هذه التصريحات التفاؤلية، إلا أن تقريرا أعدته صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية أشار إلى أن كبار أثرياء إسرائيل خسروا في الأشهر القليلة الماضية ما لا يقل عن 5ر15 مليار دولار نتيجة الضربات التي تلقتها أسواق المال العالمية.

وقالت الصحيفة إنه تبين لها أنه لدى أغنى 35 ثريا في إسرائيل تم إدراجهم في قائمة أعدتها في شهر حزيران الماضي، تراجعت قيمة ثرواتهم بنسبة 40%، إذ كانت ثروتهم مجتمعة نحو 40 مليار دولار، وتراجعت الآن إلى مستوى 26 مليار دولار.

ومن أبرز الخاسرين عائلة عوفر التي سجلت خسائر بقيمة 5ر3 مليار دولار، إذ كانت ثروة العائلة حتى قبل ثمانية أشهر نحو 5ر5 مليار دولار وتراجعت في هذه المرحلة إلى نحو ملياري دولار.

كذلك الأمر بالنسبة للثري أركادي غايداماك، الذي كانت ثروته قبل ثمانية اشهر نحو ملياري دولار، وهي اليوم في حدود 500 مليون دولار، ويواجه سلسلة من قرارات المحاكم، التي فرضت حجزا على بعض ممتلكاته وأسهمه في عدد من الشركات، ويجري الحديث عن اقتراب حدوث انهيار اقتصادي كبير لديه.

أما الثري ليف ليفاييف الذي كانت ثروته في حدود 5ر4 مليار دولار، فقد هبطت خلال بضعة اشهر إلى مستوى 25ر2 مليار دولار، أي أنه مُني بخسائر بنسبة 50%.

وتشمل القائمة أيضا اسم الثري يتسحاق تشوفا، التي كانت ثروته تقدر بنحو 6ر2 مليار دولار، لتهبط الآن إلى مستوى 2ر1 مليار دولار.

إلا أن الخسائر لا تتوقف عند كبار الأثرياء، بل إنها تضرب أيضا وبقوة المصالح الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، التي تطالب الحكومة بإعداد خطة طوارئ لإنقاذها، لأن انهيار قسم كبير منها يعني خروج آلاف العاملين إلى البطالة.

ويقول رئيس قسم الحرفيين في اتحاد المصالح الصغيرة والمتوسطة، إنه توجه مباشرة إلى وزير المالية ومحافظ بنك إسرائيل المركزي، بطلب اتخاذ إجراءات دعم مالية وتسهيلات للمصالح الصغيرة، قبل أن تستفحل الأزمة التي يواجهونها.

وقالت مصادر في اتحاد هذه المصالح إنه خلافا لدول كثيرة في العالم، فإنه لا يوجد في إسرائيل تعريف قانوني واضح لمصطلح "مصلحة صغيرة"، ولكن حسب ما هو متعارف عليه، فإن المصلحة الصغيرة جدا هي تلك التي لديها خمسة عاملين، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوي نحو 10 ملايين شيكل، أما المصلحة الصغيرة، فهي تلك التي لديها حتى 50 عاملا، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوي حتى 25 مليون شيكل. ويتم تعريف المصلحة المتوسطة بتلك التي لديها حتى 100 عامل، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوي حتى 100 مليون شيكل. ويتضح أن 75% من المصالح الصغيرة والمتوسطة تعمل في مجالي التجارة وتقديم الخدمات، في حين أن 10% تنشط في مجال البنى التحتية، و7% في مجال الصناعة، و4% في مجال السياحة و4% في مجال الزراعة.

وأعلنت السلطة الحكومية لإدارة شؤون المصالح الصغيرة والمتوسطة أنها بصدد الانتهاء من خطة دعم لهذه المصالح، وستطرحها على جدول أعمال الحكومة في الأيام القادمة من أجل إقرارها، ولكنها لم توضح طبيعة هذا الدعم، الذي تقدر أوساط مطلعة بأنه سيشمل تسهيلات ضريبية وقروض بشروط سهلة.

وقال رئيس سلطة دعم المصالح الصغيرة إن دولا أوروبية والولايات المتحدة قدمت للمصالح الصغيرة والمتوسطة لديها دعما لمنع انهيارها، وبشكل خاص في مجال ضريبة الدخل، وإن هذا الدعم بات في دول أوروبية جزءا واضحا في إطار الإجراءات التي اتخذتها هذه الدول لمواجهة الأزمة المالية العالمية.

ومن الجدير ذكره أن هناك حالة ترقب شديدة يشهدها الاقتصاد الإسرائيلي لانعكاسات الأزمة المالية العالمية عليه، والأجواء العامة تشير إلى أن تباطؤا اقتصاديا سيضرب البلاد، ولهذا سارعت بعض قطاعات الاقتصاد إلى اتخاذ إجراءات وقائية، تركزت بالأساس في فصل عاملين لديها، وتقليص في المصروفات العامة، قبل أن يبدأ التأثير المباشر لهذا الأزمة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات