المراقبون باتوا يتوقعون أن يتجاوز التضخم للعام الجاري، كما العام الماضي، سقف 3% الذي حددته الحكومة الإسرائيلية * أهم مؤثرات التضخم الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية * قطاع البيوت بدأ يترك تسعيرة الدولار لأول مرة في تاريخ إسرائيل
المراقبون باتوا يتوقعون أن يتجاوز التضخم للعام الجاري، كما العام الماضي، سقف 3% الذي حددته الحكومة الإسرائيلية * أهم مؤثرات التضخم الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية * قطاع البيوت بدأ يترك تسعيرة الدولار لأول مرة في تاريخ إسرائيل
سجل التضخم المالي في إسرائيل، في الشهر الماضي، آذار، ارتفاعا بنسبة 3ر0%، رغم أن التوقعات كانت تشير إلى تراجعه وليس ارتفاعه بنسبة مماثلة، ما أدى إلى ظهور توقعات عديدة، بأن يجتاز التضخم المالي حاجز 3% مع نهاية العام الجاري 2008، وذلك للعام الثاني على التوالي، إذ كان التضخم في العام 2007، أعلى من سقف 3% الذي حددته الحكومة، ووصل إلى نسبة 6ر3%.
وبقي العامل الأساس لارتفاع التضخم المالي هو ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بما فيها الخضراوات والفواكه، كما هي الحال بالنسبة لأسعار الوقود، لكن ما أدى إلى ارتفاع التضخم وعدم هبوطه في الشهر الماضي هو أن قطاع بيع وتأجير البيوت أصبح يسجل أسعاره بالشيكل، متخليًا لأول مرّة في تاريخ إسرائيل عن تسعيرة الدولار.
وكان التضخم المالي يتراجع في العامين الأخيرين بفعل تراجع سعر صرف الدولار، الذي كان ينعكس مباشرة على أسعار البيوت من بيع وتأجير وصيانة، إضافة إلى أسعار السيارات والمعدات الكهربائية البيتية وغيرها من البضائع المستوردة.
ونتيجة للتخلي عن تسعيرة الدولار سجل قطاع البيوت في الشهر الماضي ارتفاعا بنسبة 4ر0%، مما ساهم في رفع التضخم وليس تراجعه.
وبذلك يكون التضخم المالي في الربع الأول من العام الجاري قد سجل ارتفاعا بنسبة 1ر0%، ورغم هذه النسبة الضئيلة إلا أن التوقعات بتجاوز حاجز 3% تتكاثر، خاصة وأنه في الأشهر الـ 12 الأخيرة سجل التضخم المالي ارتفاعا بنسبة 7ر3%، مما يدل على توجه بالعودة إلى وتائر تضخم أعلى من وتائر السنوات الست الأخيرة.
كذلك فإن مؤشر التضخم المالي المتعلق بتجارة الجملة، والذي سجل في الشهر الماضي ارتفاعا بنسبة 2ر2% في الصناعات الموجهة للسوق المحلية، مما يعني ارتفاعا مستقبليا لهذه الأسعار في السوق، يعدّ من مؤشرات ارتفاع التضخم المالي مستقبلا.
وعلى الرغم من ذلك هناك من يتوقع أن يتم لجم التضخم المالي في إسرائيل بتأثيرات عالمية، كما يرى الخبير الاقتصادي في شركة توظيف الأموال "اكسلانس"، شلومو معوز.
وبحسب معوز فإن الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة سيؤدي إلى تقليص حجم الطلب، وبالتالي سيتراجع الطلب على الطاقة والمواد الغذائية، وإذا ما حصل هذا فإنه سيتم لجم التضخم المالي في إسرائيل.
وفي المقابل فإن الخبير الاقتصادي في الشركة المالية "هارئيل"، ميخائيل شارئيل، يرى العكس، ويقول: حتى وإن استقرت أسعار النفط والمواد الغذائية في العالم، فإن التضخم المالي في إسرائيل سيواصل ارتفاعه، بفعل ارتفاع أسعار البيوت والطاقة، التي في ظل مثل هذه الوضعية ستسجل زيادات كبيرة، خاصة بعد أن يبدأ الدولار في مسار ارتفاع سعر صرفه أمام الشيكل وسائر العملات في العالم.
ويقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، موطي بسوك، إنه على ما يظهر فإن عميد بنك إسرائيل، ستانلي فيشر، لن يكون بمقدوره الحفاظ على مجال التضخم المالي، الذي حددته الحكومة للعام الجاري، ويتراوح ما بين 1% إلى 3%، وهو ما حصل أيضا في العام الماضي- 2007.
ويضيف بسوك مشيرا إلى أن فيشر لم يفشل فقط في حماية التضخم، بل إن محاولاته لوقف تدهور سعر صرف الدولار أمام الشيكل لم تنجح حتى الآن، فقد عاد الدولار وهبط إلى ما دون حاجز 5ر3 شيكل.
أزمة أسعار المواد الغذائية والخضراوات
قال تقرير أعدته صحيفة "ذي ماركر" إن التضخم المالي منذ شهر آذار من العام الماضي، 2007، وحتى نفس الشهر من العام الجاري، سجل ارتفاعا بنسبة 7ر3%، إلا أن أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية سجلت ارتفاعا بنسبة 7ر12%، أي أكثر بثلاثة أضعاف من مجمل التضخم، وما منع ارتفاع التضخم بنسب أعلى هو انهيار سعر صرف الدولار أمام الشيكل في نفس الفترة بنسبة 16% وأكثر، ومنذ مطلع العام 2007، بأكثر من 20%.
ومن بين المواد الأساسية التي سجلت أسعارها ارتفاعا كانت الخضراوات والفواكه بنسبة 25%، وهناك أصناف تضاعفت أسعارها، وارتفعت أسعار منتوجات الطحين بنسبة 60%، والألبان والأجبان بنسبة تتراوح من 13% إلى 17%، والزيت النباتي (عدا زيت الزيتون) ارتفع بنسب وصل بعضها حتى 55%.
وسجل معدل أسعار لحوم الماشية والطيور والأسماك ارتفاعًا بنسبة 5ر2% بالمعدل، لكن أسعار اللحوم الطازجة سجلت ارتفاعا يتراوح ما بين 10% إلى 12%.
ويعزو الخبراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، وخاصة الحبوب في الأسواق العالمية، بفعل سلسلة من العوامل أبرزها تغيرات في استهلاك الطعام في الشرق الأقصى، الذي بدأ يشتري أصناف حبوب لم يكن يشتريها بكميات كبيرة في أعقاب تغير أنماط الغذاء في تلك المنطقة من العالم، وهذا إلى جانب توجيه محاصيل ضخمة بمقاييس دولية لصناعة استخراج الوقود من بعض أصناف الحبوب مثل الذرة، ويضاف إلى كل هذا الأحوال الجوية وشحة الأمطار في العالم هذا العام، والتي أدت إلى انخفاض مستوى المحاصيل.
أما بالنسبة لأسعار الخضراوات والفواكه فقد رأى المراقبون أنها ارتفعت بسبب الأحوال الجوية، وشحة الأمطار التي لم تتعد بالمعدل نسبة 60% من معدلاتها السنوية في البلاد، ولكن ما زاد الطين بلة هو توجه الكثير من المزارعين لتصدير منتوجاتهم الزراعية إلى الأسواق الأوروبية، على حساب السوق المحلية، ما قلل عرض بعض المنتوجات ورفع أسعارها.
وهذا الوضع أدى إلى أن يرتفع التضخم في الأشهر الـ 12 الأخيرة، بالنسبة للشرائح الفقيرة، بنسبة 6ر4%، في حين أن معدله العام كان 7ر3%، أما بالنسبة للشرائح ذات المداخيل الأعلى فقد ارتفع التضخم بالنسبة لها بنسبة 3ر3%، وهذا عوضا عن أن مداخيلها المرتفعة لا تجعلها تشعر بهذه النسبة.
ويؤكد مراقبون أن هذه المعطيات المتراكمة من شهر إلى آخر، إلى جانب عوامل أخرى مثل اتساع رقعة العمل الجزئي هربا من البطالة، وبالتالي فإن المداخيل لا تنقذ العائلة من دائرة الفقر، والانخفاض المستمر للمخصصات الاجتماعية، التي إن لم تتقلص فإن قيمتها في تراجع مستمر، ستؤدي حتما إلى اتساع دائرة الفقر وزيادة حدته، بعد أن أشار آخر تقريرين للنصف الأخير من العام 2006 والنصف الأول من العام 2007، إلى لجم الفقر وعدم ارتفاعه بنسب عالية.
وهذا يعني أيضا استمرار اتساع الفجوات الاجتماعية في إسرائيل بين أصحاب المداخيل العالية وأصحاب المداخيل المنخفضة. وقد أشارت سلسلة من التقارير الرسمية المحلية، وحتى الصادرة عن مؤسسات اقتصادية عالمية، إلى أن الفجوات الاجتماعية في إسرائيل تعتبر الأكثر اتساعا من بين الدول المتطورة.