المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

كشفت دراسة اسرائيلية جديدة أعدتها محاضرة في الجامعة العبرية في القدس عن تشكيلة من الوسائل النفسية والادراكية المختلفة التي يستخدمها الاسرائيليون بهدف تكريس التمييز العنصري ضد الفلسطينيين والحيلولة دون حصولهم على حصتهم في موارد البلاد بالتساوي رغم اعتبارهم رسميا مواطنين. وتشير الدراسة، المعتمدة على نظريات سيكولوجية خاصة بالمفاهيم الاجتماعية والعلاقات بين المجموعات، الى ان معظم المعيقات المانعة للمساواة بين المواطنين اليهود والعرب في اسرائيل هي معيقات بنيوية ومؤسساتية

كشفت دراسة اسرائيلية جديدة أعدتها محاضرة في الجامعة العبرية في القدس عن تشكيلة من الوسائل النفسية والادراكية المختلفة التي يستخدمها الاسرائيليون بهدف تكريس التمييز العنصري ضد الفلسطينيين والحيلولة دون حصولهم على حصتهم في موارد البلاد بالتساوي رغم اعتبارهم رسميا مواطنين. وتشير الدراسة، المعتمدة على نظريات سيكولوجية خاصة بالمفاهيم الاجتماعية والعلاقات بين المجموعات، الى ان معظم المعيقات المانعة للمساواة بين المواطنين اليهود والعرب في اسرائيل هي معيقات بنيوية ومؤسساتية. وتفيد هذه الدراسة التي وضعتها الدكتورة يفعات معوز المحاضرة في موضوع الاتصال ان واقع التمييز ضد العرب يشكل عنفا بنيويا يتناقض مع قيم التبادلية والمساواة والمعاملة الحسنة للآخر بالنسبة لقطاعات معينة من الاسرائيليين ما يدفعهم الى استحداث "وسائل دفاعية نفسية عميقة" تساعد على تجاهل او تبرير الواقع المذكور وبالتالي تصعيده ومأسسته بشكل غير رسمي.

وتلفت الدراسة الى ان المعيق الادراكي الاكثر استخداما من قبل الإسرائيليين للحفاظ على افكارهم ومعتقداتهم ومنع المساواة هو جهاز تجاهل المعلومات المناقضة والتنكر لها. وتنوه الباحثة معوز الى ان الاسرائيليين يرفدون الانكار بتكتيكات مختلفة تعين الفرد على التمسك بمعتقداته حتى لو انكشف الى شهادة مضادة. وتضيف: "على سبيل المثال اذا اراد مواطن اسرائيلي ان يحافظ على معتقده بعدم وجود تمييز ضد المواطنين العرب فإنه يميل إلى جملة من الوسائل الاساسية منها التمحور في الحالات القليلة التي تفيد بوجود مساواة وتجاهل حالات معاكسة. ومن ضمن ذلك ميل الاسرائيليين الى الاشارة الى المنازل الكبيرة والجميلة في قرى وادي عارة في منطقة المثلث وسط تجاهل الفقر والبطالة لدى المواطنين العرب اضافة الى حرمانهم من التطوير والميزانيات الحكومية". كما تشير معوز الى ميل الإسرائيليين لاعتبار المعلومات التي تدحض معتقداتهم معلومات شاذة وتشدد على ان اطلاع الفرد على حالة التمييز بواسطة تقرير شامل لا تدفعه الى تغيير معتقده خاصة اذا كانت لديه مصلحة بعدم تغييره وذلك لانه سيقنع ذاته ان الحديث يجري عن حالة شاذة لا تعكس الواقع او انه سيقوم بالتشكيك في صدقية المعلومات وبنوايا من يقف وراءها كالقول مثلا ان معدي التقرير هم "يساريون محبون للعرب".

وتتطرق الدراسة ايضا الى تبرير التمييز كمعيق سيكولوجي عند ثبوت وجوده لافتة الى ان الاعتراف به لا يعني نهاية الطريق لان معظم الاسرائيليين سيستعينون عندئذ بـ"أجهزة دفاعية" ذكية لتبرير انعدام المساواة ومنع تذويت الحاجة لتغيير الوضع. وللتدليل على ذلك تشير معوز إلى قيام الاسرائيليين بالقاء تهمة التمييز الحاصل على الضحية ذاتها على شاكلة "العرب لا يجتهدون لتحقيق المساواة" او انهم "يعتمدون أساليب غير مجدية في نضالهم نحو المساواة" او القول انهم "غير مخلصين للدولة ولا يخدمون في الجيش" أو توجيه السؤال للعرب : "اذا نشبت الحرب مع سوريا فبأي جانب تصطفون ..".

وتشدد الباحثة على أجهزة سيكولوجية تقع في صلب الانكار والتبرير للتمييز لدى الاسرائيليين أبرزها الميل الأساسي لهم لتفضيل ابناء "مجموعتهم" والذي ينعكس في اعتبارهم اصحاب السمات الايجابية الافضل اضافة الى تبرير النظام العام القائم تمهيدا لتبرير التمييز المنتهج من قبله. وتقول معوز ان هذا الجهاز الدفاعي يوجد عادة لدى الاغلبية لكنه يميز الاقلية المميز ضدها ويشكل احد أهم أسباب إحجامها عن النضال لتغيير الوضع الراهن. كذلك تلفت الباحثة الى ان صناعة الافكار النمطية عن الفلسطينيين في إسرائيل وإشاعة المشاعر السلبية تجاههم ونزع الشرعية عنهم تسهم هي الأخرى في تبرير التمييز او عرضها كأمر "طبيعي" سيما وأنها منتشرة جدا في اوساط الاسرائيليين.

وتلخص الباحثة دراستها بالاشارة الى ان المعيقات النفسية الادراكية المذكورة والتي تساعد الاسرائيليين في تجاهل او تبرير التمييز ضد المواطنين العرب تتسبب في ممارسته ضمن العلاقات اللارسمية بالمستوى الفردي والاجتماعي، في العلاقات داخل مؤسسات التعليم واماكن العمل وحول مسائل حياتية كاستئجار الشقق. وتتابع: "هذه المعيقات تكرس التمييز وتفاقمه وتنشره الى المحافل الرسمية". وفيما تحذر الباحثة من ان استمرار صيرورة التمييز من شأنها ان تدفع المواطنين العرب في اسرائيل الى تذويت الدونية المفروضة عليهم ما يؤدي الى تكريسها فإنها توصي بمواجهة هذه المعيقات باساليب عدة. ومن بين هذه الاساليب نشر اكبر كمية ممكنة من المواد المصداقة حول التمييز في الاوساط الاسرائيلية اليهودية الى جانب ايراد الامثلة والتسويغات المقنعة بأن المواطنين العرب لا يتحملون مسؤولية التمييز ضدهم وأنه وليد سياسات رسمية. كما توصي الدراسة باعتماد الترهيب والترغيب والتخجيل من خلال زيادة وعي الاغلبية اليهودية باعتماد الإسرائيليين على "الأجهزة النفسية الدفاعية" وتسليط الضوء عليها وعلى الاشكاليات المترتبة من ناحية المس بالديمقراطية وبالتوجهات الإنسانية وبالعدل الاجتماعي ومن ناحية المس المحتمل بمصالح فردية وجماعية لليهود في حال استمر التمييز.

يشار إلى الباحثة معوز كانت قد قدمت بحثها في يوم دراسي نظمه مركز "سيكوي" في القدس من اجل تدارس امكانيات اخراج توصيات لجنتي اور ولبيد فيما يتعلق بالمواطنين العرب الى حيز التنفيذ.

المصطلحات المستخدمة:

المثلث

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات