المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

السؤال هو ما إذا كان بنيامين نتنياهو ومئير شطريت يعرفان بالضبط إلى أين وجهتهما. هل قاما بكل التخمينات اللازمة للوضع الصعب المتوقع؟ هل هما مستعدان لمواجهة الهستدروت، والنقابات الكبرى والمعارضة في الكنيست وقسم كبير من الجمهور؟ أسوأ ما يمكن أن يحصل هو الخروج بهذه الخطة الكبيرة، ومن ثم التراجع بسرعة بعد بدء الاضراب.

في بداية ولاية كل وزير مالية، يجلب له القدر إختبارًا حاسمًا أو إثنين، بحسبه يتقرر التعامل معه: ما إذا كان وزير مالية قويًا، مبدئيًا، قادرًا على التصدي للضغوطات والطلبات - أم أنه وزير مالية ضعيف، يبحث عن التصفيق من الجمهور، غير قادر على التصدي للضغوطات، لا دعم سياسيًا له.
في الاختبار الأول، فشل وزير المالية الجديد، بنيامين نتنياهو، لأن رئيس الحكومة أريئيل شارون لم يمنحه الدعم. نتنياهو طلب من وزارة الدفاع الالتزام بالميزانية التي صودق عليها في الكنيست في كانون الأول، في إطار قانون الميزانية، لكن الجيش الاسرائيلي نجح في الحصول على أكثر من رئيس الحكومة. وادعت وزارة الدفاع أنها غير قادرة على مواجهة التقليصات. وقد أعفى الجيش نفسه من الالتزامات، وأدار الربع الأول من سنة 2003 وكأنه لا توجد حكومة ولا توجد كنيست. وهاكم، نجح الجيش الآن في الحصول على كل مطالبه تقريبًا. التقليص سيكون بقيمة مليار شيكل فقط، بدلا من ثلاثة، وسيؤجَّلُ ملياران للسنوات القادمة - أشبه ما يكون بكتابة شيك على جليد. نتيجة لهذا، فإن التقليصات في الوزارات المدنية – التربية، الثقافة، الصحة، مخصصات الأجور - ستكون أكبر بملياري شيكل من الخطة الأصلية، التي تلخصت بعشرة مليارات.

الاختبار الثاني الذي يواجهه نتنياهو الآن، وهو الاختبار الذي سيقرر مصيره كوزير للمالية، ومصير الاقتصاد في السنوات الآتية - هو تغيير سلم الأولويات في كل ما يخص علاقات العمل في المرافق الاقتصادية. وينوي نتنياهو تقليص الأجور في القطاع العام، وفصل آلاف العاملين، وتغيير إتفاقات عمل وتقليص الحقوق التقاعدية. كل واحد من هذه البنود هو إعلان حرب ضد الهستدروت والنقابات الكبيرة.

والحديث يدور عن تخفيض في الأجور يصل إلى (10-20%) في الدرجات الرفيعة، تلك الدرجات لأعضاء النقابات نفسها ولمجموعات العاملين القوية في المرافق، مثل عاملي شركة الكهرباء، و"بيزك"، ومعامل التكرير وبنك إسرائيل. بالاضافة إلى ذلك، هناك تخطيطات لفصل تنجيعي في كل أقسام القطاع العام - ليس الحديث عن فصل جماعي، ولكن عن إغلاق وحدات وأقسام. وأيضًا، هناك نية لتطبيق ثورة في إتفاقات العمل، أي إلغاء التثبيت الجارف في المكاتب الحكومية وفي السلطات المحلية، وتمكين نقل عاملين من وظيفة إلى أخرى. وإذا لم يكفِ كل ذلك، فهناك تخطيط للإساءة لشروط التقاعد: رفع جيل التقاعد بسنتين، زيادة المدفوعات الجارية، نقل إدارة الصناديق الهستدروتية، التي تعاني من عجز بقيمة 60 مليار شيكل، إلى إدارة حكومية أكثر نجاعة وأقل تبذيرًا.

لا يمكن للهستدروت أن تمرّ مرور الكرام على هذه السلسلة من الإنقلابات الأربعة في علاقات العمل. لذلك، من المتوقع بدء إضراب شامل وصعب ومتواصل في كل المرافق، يتنقل سكان إسرائيل في ذروته بين أكوام الزبالة في الشوارع، ويُغلق مينائا حيفا وأشدود والمطار أيضًا.

السؤال هو ما إذا كان بنيامين نتنياهو ومئير شطريت يعرفان بالضبط إلى أين وجهتهما. هل قاما بكل التخمينات اللازمة للوضع الصعب المتوقع؟ هل هما مستعدان لمواجهة الهستدروت، والنقابات الكبرى والمعارضة في الكنيست وقسم كبير من الجمهور؟ أسوأ ما يمكن أن يحصل هو الخروج بهذه الخطة الكبيرة، ومن ثم التراجع بسرعة بعد بدء الاضراب.

وبالاضافة إلى هذين الاختبارين، سيعرض وزير المالية سلسلة طويلة من الاصلاحات المهمة، ومن بينها: تقسيم شركة الكهرباء إلى شركتين أو ثلاث، من خلال إدخال شركاء من القطاع الخاص إلى الشركات الجديدة؛ وتقسيم معامل التكرير إلى شركتين متنافستين؛ وتسيير التنافس مقابل "بيزك"؛ ونقل صلاحيات لمديري المدارس على حساب صلاحيات المفتشين والألوية، ما سيمكن تقليص عددهم؛ وتوحيد حوالي 100 سلطة محلية؛ ونقل عيادات الأم والطفل، والخدمات النفسانية وقسم من المستشفيات الحكومية من يد الدولة إلى صناديق المرضى؛ وبالطبع، خصخصة "إل عال" وبنك "ليئومي".

نتنياهو يحب هذه الاصلاحات. لو كان قادرًا على تطبيقها في عملية سحرية سريعة، لكان فعل ذلك اليوم. وهو مؤمن بجدية بأن القطاع العام في إٍسرائيل كبير زيادة عن اللزوم، ولا يعرف كيفية إدارة الأعمال. المشكلة كامنة في تطبيق الاصلاحات. فهو قد وعد بتطبيق غالبية هذه الاصلاحات عندما كان رئيس حكومة. ولكن عندما وصل إلى ساحة المعركة الحقيقية، إلى المعركة مقابل مصالح أصحاب الرساميل والنقابات العمالية- تراجع ولم ينفذ أي شيء منها تقريبًا. الآن، الوضع أصعب، ونتنياهو دخل إلى هذا المعترك الصعب شخصيًا، وعليه أن يقنع الجمهور بصدق طريقه. وسيكون بحاجة إلى دعم مطلق من رئيس الحكومة، لتحقيق أغلبية في الكنيست، وأمام الهستدروت والمتظاهرين الذين سيتجمعون أمام بيته. هل سيكون بمقدوره مواجهة هذا الضغط؟

(هآرتس 16/3، الترجمة العربية: "مـدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات