المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 851

بقلم : أسعد تلحمي
فيما رأى معلقون إسرائيليون بارزون في الشؤون الحزبية أن من شأن توصية المدعية العامة الاسرائيلية، عدنا أربيل، للمستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، باعداد لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة، ارييل شارون، بالفساد، ان تكبل تحركاته السياسية وأنها أدخلت الدولة العبرية في حال ترقب لما سيقرره المستشار، ألمح النائب "اليساري" يوسي سريد الى ما يمكن أن يرتكبه شخص مثل شارون يوشك أن يفقد كل شيء من أجل أن يحتفظ بكرسيه. وهو، أي سريد، سبق له أن حذر من أن يقدم رئيس الحكومة على تصعيد الاوضاع على حدود اسرائيل مع لبنان وسورية والاستشراس أكثر فأكثر مع الفلسطينيين بهدف صرف الانظار عن متاعبه الشخصية، وهذا ما حذر منه أيضا وزير شؤون المفاوضات الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، أمس، معربا عن خشيته من قيام شارون بمزيد من الاغتيالات والاقتحامات واراقة دماء الشعب الفلسطيني.

 
والواضح أن السؤال الذي وجهه سريد لشارون، في اثناء حضور الاخير اجتماع  لجنة الخارجية والامن البرلمانية: "كيف يمكنك تصريف شؤون الدولة فيما سحابة داكنة من الشبهات بالارتشاء تحوم فوق رأسك؟"، لم يأت من باب التساذج أو القلق على صحة رئيس الحكومة بقدر ما هو دعوة واضحة له بالاستقالة للتفرغ للدفاع عن نفسه وتبرئة ساحته. " وشارون ليس سوبرمان قادرا على اداء مهمتين صعبتين في آن- ادارة أمور الدولة والصراع من أجل البقاء"، أضاف سريد.
 
من جهته حاول شارون بث الإنطباع بأنه غير متأثر بتوصية المدعية العامة  وحضر الى اللجنة البرلمانية ليسوّق خطته للإنفصال، ولوّح بتشكيل حكومة جديدة في حال انسحب من الحكومة الحالية الحزبان اليمينيان المتشددان "الاتحاد القومي" و"المفدال"، احتجاجًا على إقرار الخطة. لكن معلقين رأوا أنه لن يكون بمقدور شارون التحرك في هذا الاتجاه قبل أن يبت المستشار القضائي في التوصية مشيرين الى أن الوزراء المعارضين للخطة يدركون ذلك جيدًا ويستبعدون أن يطرح شارون خطته للتصويت في الحكومة قبل أن يصدر قرار المستشار وقبل تبيان "المقابل السياسي" الامريكي لقاء الانسحاب المخطط  له.
 
وتوقع المعلق في الاذاعة العبرية، حنان كريستال، أن يسبق قرار المستشار بحث الحكومة لخطة شارون والتصويت عليها، لافتًا أيضًا الى أن كبار معاوني شارون أخفقوا في إنجاز تفاهمات مع الادارة الامريكية بشأن المردود السياسي للانسحاب من قطاع غزة. وزاد أن توصية المدعية العامة بتوجيه الاتهام لشارون بالفساد عززت جناح المعارضين لخطته في الحكومة، كما أنها تحول دون انضمام حزب "العمل" المعارض الى حكومة جديدة في حال انسحاب حزبي اليمين المتطرف،معتمدا على إعلان رئيسة كتلة "العمل"، داليا إيتسك، أمس الاثنين، بأن "العمل" لن يتحرك نحو حكومة جديدة قبل أن ينطق مزوز بقراره. وتابع المعلق أن وزراء كبارا في حزب "ليكود" الحاكم باتوا شبه مقتنعين بأن مصير رئيسهم، شارون، هو الاستقالة أو التنحية وان معركة خفية انطلقت أول من أمس بين المرشحين لخلافة شارون: بنيامين نتنياهو وإيهود اولمرت وسيلفان شالوم وليمور ليفنات. وختم بالقول إن الاستقبال الحار الذي ينتظر شارون في إجتماع مركز "ليكود" (مساء اليوم) لن يغير من التوقعات بأفول نجم رئيسه وسقوطه الوشيك.
 
في السياق ذاته كتب يوسي فيرتر في صحيفة "هآرتس" أن شارون بات "رئيس حكومة تحت التوصية" وأن هذه الحقيقة ستلاحقه أينما توجه. وكتب أيضًا أنه الى حين حسم المستشار القضائي في التوصية "فإن شيئا لن يتزحزح" وأنه لن يكون بوسع شارون تمرير خطته للانفصال في الحكومة بعيد عودته من واشنطن، منتصف الشهر المقبل. وأضاف أن الأمريكيين أيضًا سيطلبون، عبر قنوات سرية ومن جهات مطلعة على حقيقة الأوضاع  في اسرائيل، إيضاحات عن الوضع القانوني لشارون. وينقل هذا المعلق عن مصدر سياسي اسرائيلي تقديره بأن الرئيس الأمريكي، جورج بوش، قد يواجه حرجًا ووضعًا معقدا اذا ما أعلن دعمه العلني لمن قد يصبح بعد أيام ليست كثيرة من المؤتمر الصحفي المشترك في "البيت الأبيض"، متهما بقضايا جنائية.
 
 وفي يوم أمس تعزز الاعتقاد بأن يقر المستشار القضائي توصية المدعية العامة، اولا نظرا لمكانتها الرفيعة في الادعاء العام وحقيقة أن الغالبية العظمى من أعضاء الطاقم الخاص الذي عالج هذا الملف أيدتها في توصيتها. ثم في أعقاب الكشف عن أن ما أقنع المدعية العامة بوجوب تقديم شارون الى المحاكمة بتهمة الارتشاء تبليغه رجل الأعمال المتهم بدفع الرشوى، دافيد آبيل، خلال أحد لقاءاتهما، أن "الجزيرة اليونانية أصبحت في أيدينا". ورأت آربيل في هاتين الجملتين، اللتين وردتا في شريط مسجل في أثناء التنصت السري على المحادثة بين الرجلين، إثباتا على وجود " نية جنائية" لدى شارون الأب، أي علمه أن توسطه لدى السلطات اليونانية يندرج في إطار صفقة رشوى بين نجله ورجل الأعمال المذكور. ورأى خبراء في القانون في قول شارون "الجزيرة في أيدينا" إدانة شخصية واضحة لا يمكن للمستشار مزوز التغاضي عنها باعتبارها " دليلا قاطعا سيقود الى إدانة  شارون في المحكمة".
 
ونقلت إذاعة الجيش الاسرائيلي (غالي تساهل) عن أوساط قريبة من شارون أنه سيغادر كرسي رئيس الحكومة في حال قرر مزوز تقديم لائحة اتهام ضده، لكنه لم يقرر بعد اذا ما كان ينوي الاستقالة نهائيا أو تعليق منصبه لمئة يوم.
 
وتوقعت مصادر أخرى أنه في حالة استقالة شارون يحتمل أن يقوم حزبه (ليكود) باختيار زعيم جديد له يكلف بتشكيل حكومة جديدة، وسط توقعات بفوز وزير المالية، نتنياهو، بالمنصب خصوصًا إذا تم الانتخاب بمشاركة جميع الأعضاء في "ليكود"، بينما تتعزز فرص وزير الخارجية، سيلفان شالوم ووزير الصناعة، إيهود أولمرت، في حال تقرر حصر حق التصويت في أعضاء اللجنة المركزية لحزب "ليكود". أما وزير الدفاع، شاؤول موفاز، فيبقى خارج الصورة لأن القانون الاسرائيلي لا يجيز لمن هو ليس عضوا في الكنيست أن يترأس الحكومة. كذلك لا يستبعد أن تقوم الكنيست بحل نفسها والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.               

  

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات