تمتنع إسرائيل، بصورة منهجية، عن منح حق اللجوء لأي شخص أو مجموعة، إذا لم تكن يهودية أو توجد لديها نية بالتهود. كما أن السلطات الإسرائيلية لا تتردد في طرد أجانب وصلوا إليها بصورة رسمية، للعمل أو للسياحة، في حال انتهاء مدة تأشيرة وجودهم، وحتى لو تزوجوا من مواطنين إسرائيليين يهود وأنجبوا أولادا. وذلك إلى جانب التعديل على "قانون المواطنة"، الذي يمدده الكنيست كل عام منذ العام 2002، ويقضي بعدم منح المواطنة، ولا حتى الإقامة، لفلسطينيين متزوجين من مواطنين عرب في إسرائيل، وبذلك تمنع إسرائيل لم شمل آلاف العائلات الفلسطينية.
يغيب عن المعركة الانتخابية الحالية في إسرائيل موضوع العملية السياسية واحتمالات التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ويأتي ابتعاد الخطاب الانتخابي الإسرائيلي عن هذا الموضوع استمرارا للمعارك الانتخابية السابقة، وعلى ضوء ظهور الموضوع الاجتماعي – الاقتصادي في الأجندة الانتخابية هذا العام والأعوام الماضية. واللافت أن الناخب الإسرائيلي، بشكل عام، لا يربط بين استمرار الاحتلال والميزانيات التي تُرصد من أجل ترسيخه وتعميقه، وبين تراجع الوضع الاقتصادي لدى شرائح واسعة، من اتساع لدائرة الفقر وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار السكن.
الإنجيليون المحافظون يسيطرون على الكثير من مفاصل الحكم في إسرائيل!
*يرسم هذا التحقيق خارطة العلاقات الواسعة والمتشعبة، لكن المخفية عن الأنظار والأسماع، بين أوساط رسمية واسعة في إسرائيل، حكومية وبرلمانية، ومجموعات الإنجيليين المحافظين التي تؤثر على العديد من المجالات، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، في إسرائيل تبدأ من علاقاتها الخارجية مع الدول والمجتمعات المختلفة حول العالم، مرورا بالبرلمان / السلطة التشريعية (الكنيست)، العديد من أعضائه وجدول أعماله، ثم بمسائل تمس العلاقة المتوترة بين الدين والدولة وانتهاء بالنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، المناطق الفلسطينية المحتلة، المستوطنات وآفاق حل النزاع*
تشهد السنوات الأخيرة، خصوصا، تغلغلا وتأثيرا متعاظمين، باستمرار، للوبي المسيحية الإنجيلية (البروتستانت المحافظون) في الدولة الإسرائيلية وعليها، في مناح عدة ومستويات مختلفة، بعيدا عن أعين وسائل الإعلام وآذانها، ثم بعيدا عن نظر الجمهور الواسع وسمعه، حتى يكاد لا يعرف شيئا، البتة، عن هذه المسألة الخطيرة جدا، سواء في مساراتها / دهاليزها الحالية أو في إسقاطاتها وأبعادها المستقبلية.
وتتمثل المفارقة، كما يبدو، في أنه كلما عزز هذا اللوبي المحافظ من مواقعه وتأثيره، بل سيطرته، على دهاليز المؤسسات الرسمية الإسرائيلية الأهمّ (في الحكومة وفي الكنيست)، كلما نجح، في المقابل، في إبقاء نفسه في الظل، خلف الكواليس، يعمل وينشط بدون أي ضجيج أو غبار ليكون ـ كما هو في الواقع الحالي ـ أحد أكثر اللاعبين تأثيرا في حلبة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، لكن أكثرهم على الإطلاق صمتا ومجهولية.
ويتوزع تأثير هذا اللوبي على العديد من المجالات، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، في إسرائيل تبدأ من علاقاتها الخارجية مع الدول والمجتمعات المختلفة حول العالم، مرورا بالبرلمان / السلطة التشريعية (الكنيست)، العديد من أعضائه وجدول أعماله، ثم بمسائل تمس العلاقة المتوترة بين الدين والدولة وانتهاء بالنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، المناطق الفلسطينية المحتلة، المستوطنات وآفاق حل النزاع.
هذه هي العناوين القصيرة للتحقيق الشامل والصادم الذي أجراه مركز "مولاد - مركز لتجديد الديمقراطية" الإسرائيلي حول تأثير اللوبي الإنجيلي على المنظومة السياسية الإسرائيلية ومؤسساتها المختلفة ونشره، الأسبوع قبل الماضي، في تقرير خاص.
التوقيت – أهميته ودلالاته
يعالج هذا التحقيق، كما ورد، مسألة بدأت منذ سنوات عديدة، نسبيا، لكنها تشهد اتساعا وتعاظما كبيرين في السنوات الأخيرة تحديدا، ولا تزال تجري من وراء حجاب كثيف من الصمت والتستر الإعلاميين، غير أن ثمة ما هو لافت في توقيت نشر هذا التقرير، الذي يتضمن تفاصيل التحقيق ونتائجه، علما بأن إجراء مثل هذا التحقيق يستغرق وقتا طويلا جدا. وسواء كان الأمر مخططا ومتعمدا أم محض صدفة لا غير، فإن لتوقيت النشر أهمية قصوى ودلالات كبيرة.
إن هذا التقرير يصدر الآن في أوج فترة من التوتر الشديد غير المسبوق في علاقات التحالف والتعاون الإستراتيجية الراسخة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، على خلفية إصرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على الوقوف أمام الكونغرس الأميركي وإلقاء خطاب في مقارعة موقف الإدارة الأميركية، بل تحديه، في مسألة الاتفاق الآخذ في التبلور بصدد المشروع النووي الإيراني، على الرغم من معارضة البيت الأبيض الصريحة، العلنية والحازمة، بل الغاضبة، ومطالبته بالإحجام عن هذه الخطوة، خاصة وأنها تأتي عشية الانتخابات البرلمانية في إسرائيل للكنيست الـ 20 (في 17 آذار 2015). وقد ذهب بعض المراقبين والمحللين، الإسرائيليين والأميركيين على حد سواء، إلى حد اعتبار هذا الخطاب "خطرا، لا أقل، على العلاقات بين دولة إسرائيل وحليفتها الأقرب والأهمّ"!
ورغم أن هذا التوتر يبدو في الظاهر "شخصيا" ـ بين رجلين / زعيمين لا يطيق أحدهما الآخر، باراك أوباما وبنيامين نتنياهو – إلا أنه، في الحقيقة، يمتد عميقا ليعكس تباينا، في أقل توصيف، للتوجهات والرؤى السياسية حيال قضايا جوهرية ومركزية في منطقة الشرق الأوسط، يظهر على سطحها المشروع النووي الإيراني، لكن ما تحته أدهى وأشدّ، وهو ما يعكس بالتالي تباينا في المصالح الإستراتيجية لكل من البلدين الحليفين / الصديقين.
المعتقد الديني والترجمة السياسية
سنرى هنا، وكما يكشف تحقيق "مولاد" لاحقا، أن للوبي المسيحي الإنجيلي هذا دورا مركزيا وأساسيا في موقف نتنياهو الصدامي، وجها لوجه، مع إدارة الرئيس باراك أوباما، حاليا، وإصراره (نتنياهو) على إلقاء خطابه أمام الكونغرس، بالرغم من معارضة أوساط واسعة في الساحة السياسية والمؤسسات الرسمية الأميركية (فضلا عن البيت الأبيض نفسه)، وكذلك معارضة اللوبي اليهودي الأميركي ومؤسساته المختلفة.
ففي خضم هذه الضجة الكبرى حول هذا الخطاب موضع الخلاف، يبرز وقوف طرف واحد ووحيد في الساحة السياسة الأميركية إلى جانب نتنياهو بكل قوة وحزم، وبصورة تظاهرية لافتة، هو اليمين الإنجيلي المحافظ. لا بل، يقول تقرير "مولاد" إن ممثلي هذا اللوبي كانوا ناشطين فعالين من وراء الكواليس في تنظيم هذا الخطاب وتوجيه هذه الدعوة لنتنياهو. ويفسر تقرير "مولاد" ذلك بأن للإنجيليين المحافظين مصلحة واضحة في هذا الخطاب: ليس أنهم غير معنيين بالاتفاق العيني الآخذ في التبلور مع غيران فقط، بل إنهم يتمنون اندلاع حرب واسعة وشاملة في الشرق الأوسط أيضا. وليس هذا نتاجا لـ، أو تعبيرا عن، الموقف اليميني الكلاسيكي المتشكك في، بل المعارض، أية تسويات سياسية من هذا القبيل، وإنما هو موقف مسياني يتمثل في الاعتقاد والتصريح بأن ظهور المسيح مرة أخرى مشروط بنشوب حريق شامل في منطقة الشرق الأوسط. وطبقا للمعتقد الديني لدى الإنجيليين وتفسيراته، سيكون الخلاص هذه المرة مشروطا بموت ملايين من اليهود وهكذا، فقط، يمكن أن تتحقق نبوءات الكتب المقدسة.
تقارب متزايد، تماثل الرؤى وتقاطع المصالح
بدأ التقارب الجدي، أو ما يمكن اعتباره علاقة صداقة مباشرة، بين أوساط رفيعة جدا في الحلبة السياسية الإسرائيلية، في مؤسسات مختلفة، من جهة، وجماعة المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة الأميركية، من جهة أخرى، منذ نحو عقد من الزمن تقريبا، وذلك من خلال اتصالات ولقاءات مباشرة أجراها رئيس الحكومة، نتنياهو، في فترة ولايته الأولى في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي. وقد شكّلت تلك اللقاءات العلنية مع الإنجيليين، بالنسبة إلى نتنياهو وفي منظوره، وسيلة بين يديه لممارسة الضغط على الرئيس الأميركي آنذاك، بيل كلينتون (وخاصة بعد المواجهات التي تلت حفر النفق تحت المسجد الأقصى في القدس في أيلول 1996). وفي إطار تلك الاتصالات واللقاءات، أصبح الزعيم الديني الأبرز في مجموعات الإنجيليين المحافظين، جون هيجي، الشخصية الأقرب إلى نتنياهو، علماً بأن هيجي هذا (الذي قال ذات مرة إن "هتلر حقق إرادة الربّ"!) هو صديق مقرب من الثري اليهودي الأمريكي، شيلدون أديلسون، صديق نتنياهو الشخصي وصاحب صحيفة "يسرائيل هيوم" التي تصدر يوميا في إسرائيل منذ سنوات وتوزع مجانا وتشكل البوق المركزي لنتنياهو وسياسيته.
ومنذ ذلك الحين، يواصل نتنياهو التقرب من هؤلاء الإنجيليين وزعمائهم وتوثيق العلاقات معهم، ليس على الصعيد الشخصي فحسب، بل أيضاً على الصعيد الرسمي، الحكومي والبرلماني، من خلال ضم مسؤولين سياسيين إسرائيليين آخرين إلى هذه الدائرة باستمرار. وقد صرح نتنياهو، أكثر من مرة، بأن "المسيحيين الإنجيليين هم أصدقاء إسرائيل الأكثر إخلاصا ووفاء"!
وخلال العقد الأخير، تحديدا، سجل هذا التقارب في العلاقات بين الأوساط السياسية الرسمية الإسرائيلية والقيادات الإنجيلية ذرى جديدة تشمل مستويات عدة ومناحي مختلفة في إسرائيل، كما يستعرضها تحقيق مركز "مولاد": المجموعات الإنجيلية تفرض وتحدد الأجندة السياسية لعدد كبير من أعضاء الكنيست، تؤثر في علاقات إسرائيل الخارجية وتستثمر أموالا طائلة جدا في بناء وترسيخ شبكات تنظيمية متخصصة تتيح لها التدخل والتأثير، المباشرين والقويين، في الوضع السياسي العام في الشرق الأوسط وفي كل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وتحظى هذه المجموعات المنظمة بحضور دائم، وإن يكن خفيا وصامتا، في المؤسسات الرسمية المختلفة في الدولة، بعيدا عن أعين المواطنين وأسماعهم، وهم الذين يدفعون ثمن هذا التغلغل والتأثير من جانب التيار الإنجيلي في كل مناحي حياتهم وفي وجهات مستقبلهم ومصير أبنائهم.
ويقدم تحقيق "مولاد" عرضا تفصيليا لمبنى هذا اللوبي، الهيئات والمؤسسات المرتبطة به والتي ينشط من خلالها في إسرائيل وطرق وأساليب عملها. ثم يعرض معطيات تفصيلية عن الهيئات الإنجيلية، المرتكزات الأيديولوجية ـ الدينية التي تنطلق منها، مصادر تمويلها، حلفائها وأصدقائها المركزيين والأبرز وسبب بقائها في الظل وخلف الكواليس رغم نشاطها الواسع والمتشعب.
وتدار أنشطة هذا اللوبي شبه السرية تماما، في إسرائيل، تحت غطاء الدعم غير المشروط لدولة إسرائيل، بينما الحقيقة أن هذا الدعم أضيق وأقل بكثير مما هو معلن، إذ أن ما تضعه الجماعات الإنجيلية المتشددة نصب أعينها هو، في حقيقة الأمر، رؤية سياسية ودينية محددة وواضحة، هي المتماثلة تقريبا وإلى حد بعيد مع اليمين الاستيطاني اليهودي. وفي هذا ما يفسر جزءا كبيرا من العلاقات الاقتصادية والسياسية الوثيقة القائمة، فعليا وفي ترجمة عملية على أرض الواقع، ما بين الأوساط اليمينية والاستيطانية الإسرائيلية، أحزابا سياسية وجمعيات مدنية ومجالس بلدية وغيرها، من جهة، وبين مجموعات اللوبي الإنجيلي من الجهة الأخرى.
ومن الواضح أن الحديث في مجمله يدور هنا عن تحالف سياسي حديث العهد نسبيا، يقوم على تقاطع مصالح بين الطرفين. وفي سياق الحديث عن المصالح وعن الرؤية السياسية والدينية المتماثلة تقريبا، كما ذكرنا أعلاه، تجدر الإشارة هنا إلى أن الإنجيليين يرفضون ويعارضون بالمطلق، كما المستوطنين وأحزابهم وقادتهم، ما يطلقون عليه "تقسيم أرض إسرائيل" باعتباره أحد الحلول المطروحة والمحتملة للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
لكن الإنجيليين، وخلافا للمستوطنين الإسرائيليين وأحزابهم السياسية، يقومون بذلك كله انطلاقا من معتقدات دينية تقول بأن انتشار المستوطنات اليهودية في كل بقعة من بقاع "أرض إسرائيل التوراتية" هو شرط أولي ضروري، بل حتمي، لظهور / قدوم المسيح مرة أخرى. ذلك أن هذه الرؤية / النبوءة المسيانية تقول بأن هذا الظهور المتجدد لا يمكن أن يتحقق من غير أن يواجه "الشعب اليهودي في أرض إسرائيل" مصيرا مأساويا، بل كارثيا، يستدعي هذا الظهور المخلّص - إبادة ثلثيّ الشعب اليهودي هنا، على الأقل، في حرب يأجوج ومأجوج!
وزبدة "النبوءة" المسيانية التي تقوم عليها عقيدة الإنجيليين تقول: إن ظهور المسيح المتجدد، مرة أخرى، يتوقف على الشعب اليهودي الذي يضطلع بدور مركزي في هذا الشأن. فلكي يظهر المسيح، من جديد، ينبغي أن يُباد ثلثا "الشعب اليهودي في أرض إسرائيل"، على الأقل، في حرب يأجوج ومأجوج التي ستندلع هنا. ولكن، لكي تندلع هذه الحرب، ينبغي أن يكون شعب إسرائيل سيداً على كامل "أرض إسرائيل التوراتية"، أن يبني الهيكل ("المعبد المقدس") من جديد (فوق المسجد الأقصى وقبة الصخرة وعلى أنقاضهما، تحديدا)، ثم أن يدنّسه. ويوظف الإنجيليون لهذا الغرض (بناء الهيكل) أموالا طائلة يضعونها تحت تصرف مجموعات يمينية واسيتطانية يهودية مختلفة. غير أن ما يعيق بناء الهيكل من جديد، الآن، هم العرب! وعلى هذه القاعدة، انطلقت علاقات التعاون، في تقاطع للمصالح، بين الإنجيليين المحافظين وبين الأوساط اليمينية والاستيطانية في إسرائيل.
ومن هنا، فإن كلا الطرفين، اليمين الإنجيلي واليمين الاستيطاني، يعتمدان لغة مشتركة تجد ترجمتها الفعلية وتجسيدها الميداني في أجندات سياسية واجتماعية موغلة في تعصبها وفي محافظتها، إلى جانب عداء وكراهية متوقدّين ضد الإسلام، بوجه عام.
ويشكل الإنجيليون المحافظون عاملا مركزيا في تعزيز المشروع الاستيطاني في المناطق الفلسطينية، خلال السنوات الأخيرة تحديدا، من خلال رصدهم مبالغ طائلة جدا (يقول تحقيق "مولاد" إنها بلغت عشرات ملايين الشواكل) لتمويل مشاريع مختلفة في المستوطنات، بدءا بإقامة وبناء مؤسسات جماهيرية عامة، مرورا بشراء معدات حربية مختلفة، وانتهاء بإنشاء مصالح تجارية واقتصادية مختلفة. وهذا كله، إلى جانب تجنيد أعداد كبيرة من "المتطوعين" الأجانب للعمل في مساعدة المزارعين في مناطق الاستيطان المختلفة، بما في ذلك "البؤر غير القانونية".
غير أن الجانب الأكثر أهمية في هذا التحالف بين جماعات المسيحية الإنجيلية واليمين الإسرائيلي يتمثل، راهنا، في تأثير هذه الجماعات على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، إذ تضطلع هذه الجماعات، التي تمتلك شبكة تنظيمية واسعة ومتطورة جدا وموارد مالية هائلة، بدور مركزي وحاسم في العديد من التحركات والإجراءات الدبلوماسية المصيرية بالنسبة إلى إسرائيل وفي طرح رؤية ومواقف اليمين الاستيطاني الإسرائيلي على جدول الأعمال الأميركي، بصورة حادة وبقوة غير مسبوقة. وفي إطار ذلك، تمارس هذه الجماعات ضغوطا هائلة وغير مسبوقة على الإدارة الأميركية وبيتها الأبيض، سواء كان الرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا لا فرق، للامتناع عن لعب دور فاعل ومجدٍ يؤدي إلى تحقيق تسوية سياسية ـ سلمية لحل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
"معهد الاستراتيجيا الصهيونية": الاستعراض المفصل والدقيق للمعطيات والمواقف يساهم في بلورة سياسة عامة وشاملة لمواجهة تفاقم "ظاهرة
الأجانب والمتسللين"!
توطئة
تثير ظاهرة الأجانب و"المتسللين" الذين يعيشون في إسرائيل، من دون أن يكونوا مواطنين فيها، أصداء وردود فعل شعبية واسعة في الدولة العبرية. على الرغم من ذلك، يبدو أن الخطاب العام المتعلق بهذه الظاهرة يعتريه نقص وقصور، نظرا لاستناده في غير مرة على معطيات جزئية ومنقوصة.
تظهر استطلاعات الرأي خلال معركة الانتخابات الحالية للكنيست حدوث تراجع كبير في شعبية حزب "يسرائيل بيتينو" ("إسرائيل بيتنا") برئاسة وزير الخارجية،أفيغدور ليبرمان. وتوقعت جميع الاستطلاعات هبوط تمثيل هذا الحزب من 13 عضو كنيست في الدورة الحالية، و15 عضو كنيست في الدورة السابقة، إلى ما بين 4 إلى 6 أعضاء كنيست في الدورة المقبلة، ما يعني أن هذا الحزب قد يلامس نسبة الحسم.
ويعزو المحللون سبب هذا الهبوط في شعبية حزب "يسرائيل بيتينو" إلى فضيحة الفساد الكبرى، التي يشتبه عدد كبير من قياديين وأعضاء بارزين في هذا الحزب بالتورط فيها. وترددت أنباء في الأيام الأخيرة، قالت إنه ليس مستبعدا أن تطال الشبهات في قضية الفساد هذه ليبرمان نفسه.
تخشى وسائل الإعلام الغربية انتقاد "الإرهاب" الإسلامي، وفي هذا السياق فإن تظاهرة الاحتجاج والتضامن المليونية التي جرت في العاصمة الفرنسية باريس، يجب أن لا تخفي أو تطمس الحقيقة. فقد انتصر الإرهابيون الذين قتلوا الصحافيين العاملين في صحيفة "شارلي إبدو"، واليهود في متجر الأطعمة اليهودية (هيبر كاشير) في ضواحي باريس.
الصفحة 22 من 23