انتهت جلسة العمل الثانية التي عقدتها المحكمة العليا الاسرائيلية للنظر في التماس "التجمع الوطني الدمقراطي" ضد قرار لجنة الانتخابات المركزية منعه من خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وقرارها منع النائب عزمي بشارة، رئيس "التجمع" من خوض الانتخابات. واعلن رئيس المحكمة العليا، القاضي اهارون براك، ان القرار سيصدر يوم الخميس القادم، دون أن يتم استدعاء الاطراف، وسيتم ارسال القرار الى الجهات المعنية عبر جهاز الفاكس.
وبدأت المحكمة بمناقشة التماس عضو الكنيست أحمد الطيبي ضد قرار لجنة الانتخابات المركزية بمنعه من خوض الانتخابات. وتناقش هيئة محكمة خاصة مؤلفة من 11 قاضيًا برئاسة رئيس المحكمة، القاضي أهارون براك استئناف الطيبي على الالتماس..
ووأجمل بشاره، في حديث صحفي، توقعاته من هيئة المحكمة العليا، قائلاً: "لدينا اساس للاعتقاد بأن قضاة المحكمة العليا ليسوا من طينة تختلف عن طينة القاضي ميشيل حيشين، رئيس لجنة الانتخابات المركزية" (ويشار الى ان حيشين رفض التوصية بشطب بشارة او الطيبي او التجمع من اللوائح الانتخابية).
وأضاف بشارة: "لقد ثبت خلال جلسة اليوم، وبناء على ما سمعناه من ادعاءات ممثلة المستشار القضائي، ان قراره وقرار لجنة الانتخابات ضد التجمع وضدي، كان قراراً سياسيا وايديولوجياً."
اما المحامي حسن جبارين، من مركز "عدالة"، الذي مثل التجمع وبشارة امام المحكمة فلخص قائلا: "لقد اتضح خلال المحكمة وجود صعوبة في هذا الملف، تتعلق بالفجوة الكبيرة، الثقافية والسياسية، بيننا وبين المدعين والقضاة". واشار جبارين الى التعامل مع مفهوم المقاومة وتفسيره، والخلط بينه وبين مصطلح الكفاح المسلح. واكد انه على ثقة بأن قضاة المحكمة سيتبنون قرار رئيس لجنة الانتخابات، القاضي حيشين، وسيعتبرون موقف المستشار القضائي للحكومة موقفا سياسيا لا يستند الى اي اساس قانوني.
وقدمت المحامية طاليا ساسون، ممثلة المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، تصريحا مشفوعا بالقسم، وقعه المستشار، قال فيه ان قراره المطالبة بمنع التجمع و بشارة من خوض الانتخابات لا يهدف الى تقليص مشاركة الجماهير العربية في الانتخابات، وانه يؤمن بالمساواة، ويقف ضد من "يمس بالقانون".
وعددت ساسون ادعاءاتها ضد بشارة والتجمع. وتطرقت الى فكرة "دولة جميع مواطنيها" فادعت "انها تشكل المرحلة الاولى من مخطط متعدد المراحل للتجمع، هدفه النهائي الغاء وجود دولة اسرائيل كدولة يهودية واقامة دولة عربية من النهر الى البحر"! وزعمت انه يمكن التوصل الى هذا الاستنتاج ليس من تقارير جهاز المخابرات والشاباك فحسب، "بل من كتابات وطروحات التجمع وقيادته"!
واعترفت ساسون في معرض ادعاءاتها بوجود قوانين اسرائيلية تفضل اليهود، حيث قالت "ان مطلب دولة جميع مواطنيها يحتم الغاء كل القوانين التي تفضل اليهود"، "وهذا يشكل خطراً على دولة اسرائيل كدولة يهودية لاننا اقمناها دولة لكل يهود العالم وليست دولة ليهودها فقط" على حد تعبيرها!
وقالت: "طالما كانت تصريحات وافكار التجمع محصورة في الكتابة والمحاضرات والمنشورات، فهذا امر ممكن السماح به، لكن الخطر ينشأ عندما تصدر هذه الافكار عن حزب يمكنه توسيع قاعدة المؤيدين لهذه الافكار وبالتالي تعزيز فرص تحقيق مبادئه". وتطرقت الى تصريحات بشارة في سوريا وقالت "ان النقاش لا يدور حول جوهر ما قيل هناك، وانما حول المكان الذي قيلت فيه تلك التصريحات وبحضور شخصيات معادية لاسرائيل"!. كما تطرقت الى مهرجان ام الفحم، وادعت "ان العديد من قادة التجمع دعموا في خطاباتهم افكار وطرق الكفاح التي يخوضها حزب الله". وقالت ساسون ان المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية لا يعتمد في التماسه ضد التجمع وبشارة على مواد القضية التي تنظر فيها محكمة الصلح ضد بشارة. واختتمت قائلة ان رفض المحكمة العليا لقرارات لجنة الانتخابات المركزية يعني منح الشرعية لفكرة "دولة جميع مواطنيها والغاء الطابع اليهودي للدولة".
وفي تسويغاتهما لمطلبي موكليهما الغاء ترشيح بشارة وشطب قائمة التجمع، زعم محامي "الاتحاد القومي" (حزب افيغدور ليبرمان والمستوطنين وانصار الترانسفير) ومحامي يسرائيل كاتس (الليكودي المتطرف الذي طرح القانون الذي يعتمد عليه طلب الغاء ترشيح بشارة والتجمع)، ان مواقف بشارة تهدد كيان دولة اسرائيل. وقال محامي ليبرمان "ان مواقف بشاره تشكل خطراً على رموز الدولة اليهودية. وان المطالبة بالغاء قانون العودة ومكانة الوكالة اليهودية يهدد كيان دولة اسرائيل، وانه اذا تحقق هذا الطرح فستكون هنا دولة، لكنها لن تكون دولة اسرائيل".
اما محامي يسرائيل كاتس، فقد دعا المحكمة الى التعامل مع بشارة من منطلق كون الدولة مهددة من جميع الجهات، خلافا للدمقراطية الاوروبية. ورآى "ان وجود غالبية يهودية فقط من شأنه ضمان استمرارية هذا الكيان، وكل مس بهذا الاساس يقوض اركان الدولة". كما دعا الى التعامل معه بصفته شخصية قيادية ومؤثرة على مجموعة جماهيرية، ولذلك يعتبره محامي كاتس "خطرا على أمن الدولة"!! مشددا على ان "المهم ليس ما قاله عزمي بشارة في ام الفحم وفي القرداحة، بل المهم ما لم يقله...!! فلماذا لم يقل بشارة انه ضد الكفاح المسلح... وهذا ينطبق ايضا على موقفه من العمليات.. صحيح انه يستنكر العمليات ضد المدنين ولكن هنا ايضا ليس المهم ما قاله بل المهم ما لم يقله.. لماذا لم يستنكر العمليات ضد الجنود وضد المستوطنين؟". وكان المحامي حسن جبارين، من مركز "عدالة"، قد اتهم المستشارَ القضائيّ للحكومة الاسرائيلية، الياكيم روبنشطاين، بمحاولة التأثير على المحكمة العليا "للبت في قضايا ما زالت تخضع للنقاش في هيئة قضائية اخرى هي محكمة الصلح في الناصرة، في القضية التي رفعتها الدولة ضد النائب عزمي بشارة". وقال: "لا يوجد اي اساس لطلب روبنشتاين منع "التجمع" من خوض الانتخابات البرلمانية.
جاءت هذه المرافعة لدى بدء النقاش في اعتراضات "التجمع" وبشارة على شطبهم من القوائم المسجلة لخوض المعركة الانتخابية التي تجري اواخر الشهر الجاري في اسرائيل.
واورد جبارين اقتباسات من تلخيص القاضي حيشين لجلسة لجنة الانتخابات المركزية، حيث اوصى بعدم شطب قائمة التجمع او الغاء ترشيح بشارة، كما اقتبس من كتابات العديد من المفكرين والمحللين الذين اعتبروا بشارة مفكراً وقائداً ساهمت طروحاته الفكرية بتجديد الخطاب الدمقراطي في اسرائيل خاصة فيما يتعلق بطرح دولة جميع مواطنيها. وقال "إن الادعاء بأن عزمي بشارة لا يعترف بحق اليهود بتقرير مصيرهم او الزعم بأنه لا يعتبرهم أمة، هي ادعاءات ومزاعم تتناقض مع المواقف الاخلاقية والمبدئية التي ينادي بها بشارة، وفي مركزها حق تقرير المصير لكل الشعوب.
وتناقش المحكمة دون استئنافات المصادقة على قرارات لجنة الانتخابات المركزية منع النائبين عزمي بشارة واحمد الطيبي من خوض الانتخابات كأفراد، وهي تعتبر قرارات غير نهائية وغير مكتملة وغير سارية المفعول قبل مصادقة المحكمة العليا. أي انها تحتاج بموجب القانون الاسرائيلي الى مصادقة المحكمة العليا لتصبح سارية المفعول.
وجرت أمام مبنى المحكمة العليا في وقت انعقادها مظاهرة احتجاجية بمشاركة مئات الأشخاص من أنصار اليسار الإسرائيلي والمواطنين العرب في اسرائيل للمطالبة بإلغاء قرار لجنة الانتخابات المركزية بشطب عضوي الكنيست العربيين. وقال المنظمون إن الهدف من المظاهرة هو "إخراج مسألة الدفاع عن الديمقراطية من أروقة المحاكم إلى الشارع الإسرائيلي". وتظاهرت قبالتها مجموعة من أنصار اليمين ضد شطب المرشح موشيه فايغلين من قائمة "الليكود" الانتخابية.
كذلك ناقشت المحكمة استئنافا ضد مصادقة لجنة الانتخابات المركزية على ترشح المستوطن باروخ مارزل ضمن قائمة "حيروت". وقال رئيس الحزب، عضو الكنيست ميخائيل كلاينر، إنه "يأمل بأن نتائج اللعبة في المحكمة العليا غير مباعة وأن يتخذ القضاة قرارهم وفق معايير قانونية".
وتقول النيابة العامة أن مارزل ما زال على علاقة بحركة "كاخ" المحظورة، وعليه يجب منعه من المشاركة في الانتخابات. أما محامي الدفاع عن مارزل، يهودا راسلر، فقد قال إن موكله "أعلن في السابق وادعى أنه غير مواقفه وآراءه وهو يعارض العنف".
* عريضة عالمية تطالب بالغاء الشطب
ونشرت جريدة "هيرالد تريبيون" (7 يناير) عريضة وقعها عشرات من أعضاء البرلمانات الأوروبية ومثقفون أوروبيون، تطالب بإلغاء قرار شطب بشارة وحزبه، وشطب احمد الطيبي من قائمة الجبهة - التغيير. وجاء في العريضة أن "قرار الشطب يمس بحق الانتخاب الذي يتمتع به المواطنون العرب في إسرائيل والذين يشكلون 20% من سكان دولة إسرائيل، وهو يشكل مساسا خطيرا بالديمقراطية".
ويتوقع ان تبت المحكمة بالاستئناف وبأمر المصادقة على قرارات لجنة الانتخابات المركزية الاخرى يوم الخميس، التاسع من كانون الثاني الجاري، بموجب القانون القاضي بمعرفة التركيبة النهائية للقوائم والمرشحين تسعة عشر يوماً قبل موعد الانتخابات.
ونظرت المحكمة العليا كذلك في قرار لجنة الانتخابات شطب اسم وزير الأمن الاسرائيلي شاؤول موفاز، من قائمة المرشحين لحزب الليكود، بسبب عدم استيفاء المدة القانونية التي يتحتم عليه المرور بها قبل خوضه المعترك السياسي، منذ تسريحه من الجيش. كما نظرت في قرار شطب المستوطن المتطرف موشيه فايغلين، من قائمة الليكود، أيضاً، على خلفية تاريخه المشين، حيث اتهم وادين في السابق بالدعوة الى التمرد. ومن ثم نظرت في قرار المصادقة على ترشيح المستوطن باروخ مارزل، من حركة كاخ، في اطار قائمة "حيروت".
المصطلحات المستخدمة:
محكمة خاصة, الوكالة اليهودية, دولة اسرائيل, كاخ, الليكود, الكنيست, يسرائيل كاتس