قال الراب يستحاق ليفي، هذا الأسبوع، إن "المفدال" هو الجسر بين المتدينين والعلمانيين. صحيح أن هذا تعريف مقبول، ولكن في السنوات الأخيرة، ومنذ أن جنح "المفدال" إلى اليمين بقوة، فإنه يبدو معدوم المصداقية. ما العلاقة بين الجنوح إلى اليمين وبين الجَسْر؟ بحسب بحث جديد، أجرته د. زهافيت غروس من قسم التربية في جامعة بار أيلان، يتضح أن هناك علاقة.تركزت غروس، الباحثة الدولية التي تفحص المواقف والقيم عند الشبيبة في العالم، هذه المرة، في خريجات التعليم الرسمي- المتدين. وقد فحصت في البحث الذي يحمل إسم "عالم الفتيات الصهيونيات المتدينات بين الكاريزما والعقلانية"، كيفية إستيعابهنّ لأنفسهنّ ولهويتهنّ الدينية، القومية، المدنية والنسائية. وقد عرّفت 60% من الفتيات أنفسهنّ كمتدينات، قبل كل شيء، و20% عرّفنَ أنفسهنّ كمتدينات- صهيونيات قبل كل شيء، و17% كمواطنات و3% فقط كنساء.
هذه النتائج تثير القلق. هناك بلبلة، عند غالبية الفتيات، بين مصطلحي "أرض إسرائيل" و"دولة إسرائيل". أي أن الادراك القومي "يبلع" الادراك المدني. مصطلح "الصهيونية" تبلبل أكثر وأكثر، وهو أيضًا بُلع داخل المصطلح الأقوى والأكثر وضوحًا من بين الثلاثة- أرض إسرائيل. وحتى المصطلح "متديّنات" ينعكس في الواقع بشكل حصري في المصطلح "أرض إسرائيل" (وبشكل دقيق أكثر، "أرض إسرائيل الكبرى").
وقد دلت إجابات الفتيات على الاستبيانات والقطع الانشائية التي كتبنها، على أن الصهيونية المتدينة إنعسكت، في نظر معلميهن، في "الذهاب إلى المظاهرات والصياح"، لأن "أرض إسرائيل هي شأن ديني"، ولأن رابانيم كُثرًا يقولون "إنه يجب التوقف عن قول متدين- قومي. فقط متدين. من جهتنا، هذا كل ما في الأمر (أي أن الديني هو القومي، أ.غ)". وقد قالت فتيات في مدارس الفتيات الدينية ("أولبانوت") إن الرابانيم دفعوا بهنّ للذهاب إلى المظاهرات وقالوا إنه "من الواضح لهنّ أن التدين يتماشى مع اليمينية. وإلا لما كان تدينًا"، وإن السلام يُستوعب ككفر وكأمر معاكس كليةً لفكرة الصهيونية- المتدينة.
د. غروس ليست شخصية هامشية حمائمية في الجمهور المتدين- القومي. صحيح أنها ترى نفسها ملتزمةً بالبحث، أولا وأخيرًا، ولكنها أيضًا إمرأة وأم متدينة فخورة، تعيش في "السامرة" (المناطق المحتلة- المحرر). ويمكن الملاحظة أن ضلوعها في تعليم الفتيات المتدينات ليس أكاديميًا فقط، وليس سياسيًا أيضًا، بل ينبع من إلتزام إجتماعي عميق للجمهور الذي تعيش في داخله، ولموقفها المدني الساطع.
واحدة من النتائج الواردة في البحث هي أن هؤلاء الفتيات يخرجن من البوتقة ويلتقين بنهج حياة وبمنظومات حياتية، تختلف عن تلك التي في عالمهنّ- ويمرُرْن بأزمة. مواجهة الحياة المتدينة- الصهيونية، في ضوء الحداثة والمجتمع المنفتح والمتغير، التي تتطلب منهنّ أيضًا التغيّر والجَسْر على الفوارق، وهنّ يستصعبنَ ذلك، ويضعفنَ ويتبلبَلْنَ. وهكذا، فيما تحدث في الشرائح العلوية من المجتمع المتدين الصهيوني ثورة نسوية الأهم منذ حركة التثقيف، فإن غالبية الفتيات لا يجدنَ حتى الأدوات الملائمة للحياة المركبة التي تفرضها الصهيونية المتدينة.
لكن هذا هو البداية فقط. من تحت البساط، وعند نقاط الالتقاء مع المجتمع العلماني، وخاصةً مع محبي السلام الذين فيه، يختبئ الخطر: من تربّت على البلاغ الكارزماتي أحادي الأبعاد، والذي يربط الدين مع الأرض مع القومية ويطوي تحت جانحيه، عن طريق الفرض الأيديولوجي، الهوية النسوية، يمكن أن تمر بصدمة مأساوية، في اليوم الذي توقع فيه إسرائيل على إتفاقات سلام وتقرر إخلاء المستوطنات. وقد تحولت نتائج هذه الصدمة، وليدة تربية مخطوءة مشابهة، في تشرين الثاني 1995 إلى كارثة قومية (إغتيال رابين- المحرر). فمن الجدير إذن، أن يفحص "المفدال" ثانية الجسر الذي يفاخر به جدًا. ربما يكون في النهاية جسرًا ضعيفًا وضيقًا.
(هآرتس 7 آذار، ترجمة: "مدار")