تبادر وزارة الخارجية الاسرائيلية لإبرام <<معاهدة دولية ضد العمليات الانتحارية>>. وأنهى القسم القضائي في الوزارة العمل على صياغة مسودة المعاهدة، وينوي توزيعها بين الحكومات الأجنبية ودفع التوقيع عليها كاتفاق دولي. وستُعرض المسودة في الأيام القريبة على وزير الخارجية الاسرائيلية الجديد، سيلفان شالوم، بعد أن حازت الفكرة على مباركة الوزير السابق، بنيامين نتنياهو.
وبموجب <هآرتس>، تدعو المعاهدة المقترحة إلى <<تأسيس حكم دولي ضد المحرضين والداعمين لـ "المخربين الانتحاريين">>، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
• سيُعرّف التحريض على العمليات الانتحارية كجريمة دولية، بما في ذلك مد يد العون للعمليات، مثل خياطة أحزمة للمتفجرات.
• منع الدعم المالي من دول وجهات، لعائلات <<المخربين الانتحاريين>>، بهدف ضمان معيشة العائلات.
• إقامة تنظيم دولي جديد، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، يزود المعلومات والمساعدة للدول، من أجل محاربة ظاهرة <<الارهاب>> والانتحاريين.
وقد بادر لصياغة المعاهدة المستشار القضائي لوزارة الخارجية الاسرائيلية، المحامي ألن بيكر. وقد توصل إلى إستنتاج بأن الاتفاقات الدولية القائمة لا تغطي ظاهرة <<ارهاب الانتحاريين>>، وكأقصى حد، تخلق معايير قضائية ثابتة ضد <<المخربين>> انفسهم، من دون التطرق للمساعدين. وشارك في كتابة المسودة أشخاص من الوزارة ومختصون في القانون الدولي من الأكاديمية.
وتفحص وزارة الخارجية الاسرائيلية الآن، كيفية دفع التوقيع على المعاهدة الى أمام. ولم يُقرر بعد ما إذا كانت إسرائيل نفسها ستقف في واجهة الحملة، أم أنها ستستعين بالولايات المتحدة وبدول أخرى. ولم توزع المسودة بعد على الحكومات الأجنبية، ولكن خلال الاتصالات التي أجراها بيكر مع المستشارين القضائيين التابعين لوزارات الخارجية الأمريكية، والروسية، والتركية والهندية، أبدوا هناك إهتمامًا كبيرًا بالموضوع.
وتوجد اليوم في الأمم المتحدة 12 معاهدة دولية، مسجلة ضد <الارهاب>. وغالبيتها تتطرق إلى أمن الطيران المدني، وقد وُقّعت كعبرة من ظاهرة خطف الطائرات والهجومات على المطارات في السبعينيات.
وتبادر إسرائيل اليوم لمعاهدة جديدة لأمن الطيران، تفرض تقييدات قوية جدًا على الاتجار وإستخدام صواريخ الكتف ضد الطائرات، في أعقاب محاولة إسقاط طائرة "أركيّاع" الاسرائيلية في مومباسا في كينيا، في الثامن والعشرين من تشرين الثاني 2002. وما زالت المسودة في مرحلة الصياغة، وستُقدم إلى تنظيم الطيران المدني العالمي (ICAO).
وقد صادقت الحكومة السابقة (حكومة شارون الاولى) في واحدة من جلساتها الأخيرة على إنضمام إسرائيل إلى معاهدتين دوليتين بُلورتا في التسعينيات: معاهدة قمع التفجيرات <<الارهابية>> والمعاهدة ضد تمويل <<الارهاب>>. وقد أخرت إسرائيل إنضمامها إلى المعاهدتين فترةً طويلةً، نتيجة إطالة النقاشات والفحوصات القضائية، لكن العقبات أزيلت بضغط من وزير الخارجية، الذي ادعى أنه على إسرائيل أن تكون في واجهة العراك القضائي والدبلوماسي ضد <<الارهاب>>. وقد اشترط إنضمام إسرائيل بالتحفظ من عدة بنود، مثل <<جهاز التحكيم الالزامي>> المنصوص عليه في المعاهدتين.
وتنص معاهدة قمع التفجيرات <<الارهابية>> من سنة 1997، والتي بدأ سريانها قبل سنتين، على أن العمليات <<الارهابية>> هي جناية دولية - يقوم بها من يشارك في التخطيط لها، في التوجيه لها أو في دعمها. وهي تلزم الدول الموقعة عليها بالاهتمام بتحقيق داخلي ضد <<الارهاب>> ومحاكمة أو تسليم منفذي العمليات. وبحسب تعريفات الأمم المتحدة، فإن المعاهدة تؤسس لمحاكمات دولية <<ضد إستخدام المواد المتفجرة والوسائل الأخرى، في أماكن عامة، بغرض القتل، الإصابة أو إحلال اضرار كبيرة>>.
وتلزم المعاهدة ضد تمويل <<الارهاب>> من سنة 1999، التي بدأ سريانها السنة الماضية، الدول الموقعة عليها، بمنع تمويل <<الارهاب>> والعمل ضد مصادره، حتى لو اختبأت تلك من وراء غطاء تنظيمات خيرية، وتدعو إلى البحث عن أموال <<الارهاب>> ومصادرتها.
وإضافةً إلى إسرائيل، فإن ليبيا والجزائر فقط إنضمتا إلى المعاهدتين، من بين دول المنطقة. وقد وقعت مصر على المعاهدتين ولم تثبت توقيعها، فيما ثبّتت السودان توقيعها على ماهدة التفجيرات فقط. كما وقعت السعودية والأردن على معاهدة التمويل فقط، ولم تستكملا بعد عملية التثبيت. ولم توقع ايران والعراق ولبنان على المعاهدتين.
وعلى الرغم من مكانتها الدولية كـ <<ضحية إرهاب>>، إلا أن إسرائيل لم تنضم إلى كل المعاهدات الدولية المعدة للجمه. وقد وقعت إسرائيل على المعاهدة ضد احتجاز الرهائن، ولكنها لم تثبت التوقيع عليها نتيجة بند يستثني من ذلك <<أعمال من أجل تحرر قومي>>. وفي العقد الأخير تؤخر إسرائيل تثبيت معاهدة دمغ المواد المتفجرة "البالستية"، والتي أعدت للتسهيل في التشخيصات على المعابر الحدودية والمطارات، كعبرة من إنفجار طائرة "بان ام" فوق لوكربي في العام 1986. ووقعت إسرائيل على الوثيقة، لكن التثبيت يتأخر، خاصة نتيجة المماطلة القضائية في الجهاز الأمني الاسرائيلي.