يبدو أن حظوظ حكومة أريئيل شارون الثانية لدى الجمهور الإسرائيلي <سيئة>. ويقول استطلاع جرى مطلع الاسبوع ان 14،7% من الاسرائيليين يقدّرون بأن التحالف الجديد سينجح في معالجة المشاكل الاقتصادية في إسرائيل <بقدر كبير أو كبير جداً>، في حين يرى 46،8% انه سيحقق نجاحاً <متدنياً أو قليلاً> في هذه القضية.
وفي المجال السياسي يفكر 23،6% من الاسرائيليين أن حكومة شارون الثانية ستبذل <الى حد كبير او كبير جداً> جهوداً في إيجاد حل للصراع بين اسرائيل والفلسطينيين، بينما افترض 38% ان استثمارها في ذلك سيكون <قليلاً أو قليلاً جدًا>.
وبموجب نتائج الاستطلاع، يؤيد 50،6% من الجمهور إبقاء الاحزاب الدينية خارج التحالف الحكومي، مع ذلك، حظي هذا الاجراء في اوساط ناخبي <الليكود> بتأييد أقل – 47،3%.
فقد أدى فض التحالف بين شارون و <الحريديم> إلى خلق شعور غير مريح في <الليكود>. وما كان يبدو وكأنه كسر للتحالف بين شارون وبين سيلفان شالوم (وزير المالية الذي صار، يا للمفاجأة، وزيراً للخارجية)، والطريقة المهينة التي تصرف بها شارون مع مؤيديه، أثارا الكثيرين في <الليكود> وليس فقط فيه. فمسألة <"العفريت الطائفي> المستهلكة خرجت من القمقم وسيطرت على الأجندة الجماهيرية. وقد أغضب منح حقيبة الداخلية لـ <شينوي> رؤساء المدن من <الليكود>، الذين أملوا في إيصال <رجال منّا> إلى الوزارة المهمة بالنسبة لهم، عشية الانتخابات البلدية. وبدلا من <رجال منّا> حصلوا على <شخص مبدئي> على شاكلة أفرهام بوراز من <شينوي>، الذي لا يدين لهم بشيء، لأنه لا ينوي الترشح في مركز <الليكود>.
وقد نفذ الجو العكر الذي يرافق عملية تركيب الحكومة إلى جمهور المصوتين أيضًا، الذين تعبوا من الانتخابات ومن التقارير المنهكة عن <مهمة التركيب>. وتدل نتائج إستطلاع <ديالوغ>، بإشراف بروفيسور كميل فوكس، والذي أجري يوم الاثنين الأخير (24 شباط)، على إنعدام الحماس جارف عند الجمهور من حكومة شارون الثانية.
ولا يقتصر الانعدام على الحماس فقط: نفس الدمج الذي منح شارون ثقة جارفة لا يؤمن بقدرة الحكومة على دفع الأهداف المهمة والطارئة جدًا لدولة إسرائيل وحتى أنه لا يؤمن باحتمالات بقاء الحكومة. <الجمهور> لا يهوّن الحياة على نفسه، ولا يسمح لنفسه بأن يخطئ بأوهام أو بانتشاء لحظوي. الجمهور يراوح بين التشاؤم الشكاك وبين الاكتئاب.
وكما ذُكر، المعطى الأكثر أهمية في الاستطلاع يتطرق إلى تقدير الجمهور لقدرة الائتلاف العلماني - اليميني على دفع عملية السلام مع الفلسطينيين. حوالي 24% فقط، أي أقل من الربع، من المستَبيَنين يعتقدون أن الحكومة ستستثمر كثيرًا في الموضوع، على الرغم من ذكر <خطاب هرتسليا> الذي ألقاه شارون، في الخطوط العريضة. و38% فقط من مصوتي <الليكود> يؤمنون بنية شارون، المترئس للاتئلاف، دفع العملية السلمية.
وتحصل الحكومة في الموضوع الثاني الحارق، الاقتصاد، على علامة فشل حتى قبل قيامها: 15% فقط من المستبينين يتوقعون علاجًا ناجحًا للمشاكل الاقتصادية. 47% يتوقعون للحكومة الفشل. وموقف مصوتي <الليكود> لا يختلف عن ذلك كثيرًا: ثُلثلهم فقط يؤمنون بقدرة حكومة شارون على إشفاء الاقتصاد.
كما أن الجمهور يرفض ايضًا وبشدة تفضيل شارون لأيهود أولمرط كوزير للمالية. أولمرط يحصل على العلامة الأكثر إنخفاضًا بين المُستبينين (5.4%)؛ يعقوب فرنكل، محافظ بنك إسرائيل السابق، على رأس القائمة، ومع فارق هائل (44.8%). حتى مصوتي <الليكود> لا يؤمنون بأولمرط- وهم يمنحونه الثقة بنسبة 4.3%. ولماذا عليهم أن يؤمنوا؟ أولمرط لا يُستوعب كشخصية إقتصادية. لم يكن وزيرًا إقتصاديًا وترك من ورائه مدينةً غارقةً بالديون.
يوسي فرتر (هآرتس9 27 شباط): <هذه "فرحة فقراء" بالنسبة للوزير الحالي: سيلفان شالوم يحظى بنسب دعم أكبر بقليل من نسب أولمرط. ولكن ليس هناك ما يدعو للاحتفال. فبنيامين نتنياهو، الذي عُرضت عليه حقيبة المالية، يحصل على 19% فقط؛ أقل بكثير من فرنكل. توق الجمهور إلى فرنكل، على الرغم من تورطه مع تركه البنك المركزي، يدلل على أن الناس ملت من السياسيين وهي تريد رؤية شخص مهني في هذه الوظيفة المهمة، شخص أثبت نفسه في المناصب الاقتصادية سابقًا ولم يأتِ من وراء كشك للسجق في مركز "الليكود".>.
ولم يُسأل الجمهور في هذا الاستطلاع عن موقفه في مسألة حكومة الوحدة مع <العمل>، لكن ليس هناك من شك بأن هذه الوحدة ما زالت الخيار المفضل عند غالبية الجمهور. الاستقبال البارد الذي يبديه الجمهور للحكومة الجديدة، ينبع فيما ينبع من إنعدام حكومة وحدة. وفي غياب حكومة وحدة، واحد فقط من كل خمسة مُستَبينين (19%) يؤمن بأن الحكومة ستبقى بتركيبتها الحالية إلى حين نهاية فترة ولايتها. هذا السؤال طُرح على أساس الفرضية أن <الليكود>، و <المفدال> و <شينوي> تؤلف الائتلاف، ولكن ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بتباين في الاجابات، كان يمكن أن ينتج بعد ضم <الاتحاد القومي>. 16% يمنحون الائتلاف بتركيبته الحالية أقل من نصف سنة وفي المحصلة، يعتقد ما يقرب من ثُلثي الجمهور أن هذا الائتلاف لن يدوم أكثر من سنتين.
الخاسر من كل الموضوع، على الأقل على المستوى الاعلامي، هو رئيس حزب <العمل>، عمرام متسناع. حوالي ثُلثي الجمهور، وهي غالبية كبيرة، يعتقدون أن متسناع لم يكن صادقًا في نيته الدخول إلى الحكومة ولم يبحث إلا عن طريقة <لإسقاط الملف> على شارون. حتى أن 56% من مصوتي <العمل> لم يقتنعوا بصدق نية متسناع، المنظور إليه كرجل صادق ومستقيم حتى عند غريميه. ليس هناك ما يمكن أن يفسر هذا الأمر، سوى الانطباع القوي الذي تركه إلتزام متسناع، عشية الانتخابات، بعدم الدخول بأي شكل من الأشكال إلى حكومة مع شارون. وقد صدق الجمهور هذا الالتزام أكثر مما جاء بعده. وبالتأكيد، فإن تكتيك متسناع الاعلامي كان أقل نجاعةً من ذلك الذي شغله شارون. ففي مجال <الحشوات> (تعبير إسرائيلي شائع مأخوذ عن الانجليزية (سْبين) يعني الاختلاقات الاعلامية التي يخلقها طرف سياسي لجذب إنتباه الاعلام إلى قضية معينة، أو لصرف نظره عن قضية أخرى) ما زالت هذه الحكومة أفضل الجميع.