"الجنوب هو الساحة الخلفية لدولة إسرائيل. إليه تُلقى أكوام النفايات غير المراقَبة والتي توفر الغذاء لجوقات الكلاب المتوحشة وتسبب تكاثرها بصورة مفزعة. طفلة بدوية في الرابعة من العمر، افترستها الكلاب وقتلتها، كثيرون آخرون تعرضوا لعضات خطيرة، رؤوس كثيرة من الضأن تُلتَهَم يومياً والسكان يقفون عاجزين حيال آلاف الكلاب المتوحشة وحيال إهمال السلطات الرسمية التي لا توفر أي حل... روائح كريهة قوية جداً تزكم الأنوف حال الوصول إلى قرية بيت هداج... روائح تنبعث من جثث الحيوانات المتعفنة ومن أكوام الزبالة المرتفعة جداً. لا حاجة إلى الابتعاد كثيراً عن بيوت هذه القرية البدوية في النقب، على بعد كيلومترات قليلة من مدينة بئر السبع، لتلتقي وجهاً لوجه بالساحة الخلفية لدولة إسرائيل: أكوام كبيرة جداً من الخردوات، من النفايات ومن جيف الحيوانات المتعفنة الملقاة في المنطقة".
هذا التوصيف المختزل، لكن المكثف، لأحد جوانب المأساة اليومية التي يكابدها المواطنون العرب في النقب، هو الذي يفتتح به روني زينغر تحقيقه الصحافي المنشور في موقع "مركز شومريم" (الحُرّاس)، الذي يعرّف نفسه بأنه "مركز للإعلام والديمقراطية؛ جسم إعلامي غير سياسي غايته تعزيز أسس الديمقراطية في إسرائيل من خلال المشاريع الإعلامية والتعاون مع وسائل الإعلام الإسرائيلية الأخرى"، تحت عنوان لافت ومثير يتساءل: "أتريدون فهم إهمال البدو الذي يقود إلى الجريمة؟"، ثم يجيب: "ابدأوا بالكلاب"!
ولئن كانت علامات الاستغراب، بل الاستهجان وربما الاستنكار، قد ترتسم على وجه القارئ العادي لمجرد مطالعة هذا العنوان، فيتساءل عن الرابط ما بين "الإهمال" و"الكلاب"، بين "النفايات" و"الجريمة"، فمن شأن قراءة هذا التحقيق الصحافي أن تضع كثيراً من النقاط على عدد من الحروف المركزية التي تقود، في نهاية المطاف، إلى الخلاصة الأساسية ومؤداها أن سياسة التمييز، الحرمان، الحصار، التضييق والإهمال تشكل ركناً أساسياً وسبباً مركزياً ـ واحداً فقط، من جملة أسباب عديدة وأخرى بالطبع ـ في كل ما يُطلق عليه "الجريمة في المجتمع العربي" عموماً، وفي المجتمع العربي في النقب خصوصاً، وهو الذي يتعرض لحملة شعواء من التحريض الرسمي، الحكومي والإعلامي، تحت مسميات وعناوين تأجيجية مثل "الفلتان الأمني"، "غياب السيادة"، "حلة الحكم"، "الخطر الاستراتيجي" وغيرها من المصطلحات التي تضع المجتمع العربي في النقب، على وجه الخصوص، في موقع "العدو المباشر والخطير لدولة إسرائيل وسلطتها وسيادتها"!
المناسبة والسياق
من الجلي بالتأكيد أن توقيت إعداد هذا التحقيق الصحافي ونشره لم يأت صدفة، على الإطلاق. فهو يأتي (نُشر يوم الجمعة الأخير، 17 كانون الأول الجاري) بعد أيام قليلة من زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، (يوم 6 كانون الأول الجاري) على رأس عدد من وزراء حكومته وقيادة شرطة إسرائيل وعدد من رؤساء السلطات المحلية اليهودية، إلى منطقة الجنوب تحت عنوان "التصدي لتصاعد الجريمة في المنطقة"، وما تخلل هذه الزيارة من تصريحات تحريضية مباشرة على المواطنين العرب في النقب، كجزء لا يتجزأ من، بل ذروة أخرى في سلسلة وأجواء التحريض العام المستمر على العرب في النقب، بمشاركة وزراء في الحكومة وأعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية يهودية، يقودهم جميعاً "الإعلام" الإسرائيلي المجنّد تماماً لكل "جُهد" تحريضي ضد العرب في هذه البلاد.
وفيما ادعى البيان الرسمي الذي صدر عن رئاسة الحكومة بأن زيارة بينيت ووزرائه إلى جنوب البلاد جاءت "في إطار خطة مكافحة الجريمة والعنف العربي في المنطقة"، قال بينيت نفسه خلال لقائه مع رؤساء السلطات المحلية اليهودية هناك إن حكومته "ملتزمة بحل المشاكل في منطقة الجنوب، وعلى رأسها مكافحة الجريمة وبسط سلطة الدولة وقوانينها"! وقال، وهو يقف على تلة مرتفعة تطل على مدينة رهط، كبرى البلدات العربية في النقب: "جئنا إلى هنا، إلى جنوب البلاد، كجزء من خطة مكافحة الجريمة التي تفشت في المجتمع العربي في هذه المنطقة"؛ مهدداً متوعداً بـ "نحن نتصرف وسنواصل التصرف بقبضة حديدية، لكي يستعيد السكان هنا شعورهم بالأمان"! أما "السكان" الذين يريد لهم بينيت "أن يستعيدوا شعورهم بالأمان"، فهم السكان اليهود أساساً، بل حصرياً على الأرجح.
ذلك أن هذه الزيارة، المدججة بالحضور الرسمي، السياسي والأمني، تأتي في أوج حملة التحريض المكثفة التي يتعرض لها المواطنون العرب في النقب في الآونة الأخيرة، وخصوصاً بعد انضمام "الإعلام" الإسرائيلي ورؤساء سلطات محلية يهودية إليها، بعد أن بدأتها جمعيات يهودية متطرفة قامت، في إطارها، بنشر تقارير إعلامية وتنظيم مظاهرات احتجاجية وإنشاء مجموعات وصفحات خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة مهمتها الأساس التحريض على المواطنين العرب، حتى أن بعضها قد بلغ حد التحريض على القتل، بصورة مباشرة وصريحة تماماً. وقد جاءت هذه الحملة لتنشر حالة من الهوس حيال "فزع السكان اليهود من فوضى السلاح والجريمة لدى العرب في النقب" والتي تُهدد أمنهم وحياتهم، الفزع من كون السكان اليهود "محاطين بهذا الكم من العرب الخارجين عن القانون"، أو كما وصفهم بينيت ذاته بالـ "ميلشيات التي تعمل كما في الغرب المتوحش". ودائمًا ما يقترن هذا الخطاب العنصري المفزوع، الشكوى من فوضى السلاح والعنف والجريمة، بالشكوى من "فوضى البناء لدى بدو النقب" وفوضى ما يصفونه بـ"غزو البدو لأراضي الدولة"، لتأتي المطالبة بـ "القضاء على ظاهرة العنف والجريمة في المجتمع العربي في النقب" وبـ "إعادة فرض سلطة الدولة وبسط سيادتها على المنطقة" لأن "البدو قد استولوا على الأرض في النقب وأشاعوا فيه حالة من عدم الأمن والأمان والاستقرار"!
لكنّ تصوير النقب وكأنه "غابة لا يحكمها أي قانون"، بغية إثارة الرأي العام اليهودي والتحريض ضد العرب في النقب، وسط تجاهل وتغييب تامّين لعنف الدولة والشرطة الرسميين تجاه المواطنين العرب في النقب، والذي يتجسد أولاً وأساساً في الإهمال والحرمان من أبسط الخدمات الأولية ومقومات الحياة الأساسية، ناهيك عن أعمال الهدم المتكررة بحق مئات البيوت العربية في النقب، والاعتداءات البوليسية المتكررة، إلى جانب اعتداءات الشبان اليهود على شابات عربيات وعلى سيارات عربية في مدينة بئر السبع، إنما يندرج ـ كما يؤكد قادة السكان العرب في النقب ـ ضمن خطط ترمي إلى محاصرة بدو النقب في غيتوات للنوم فقط والسيطرة على أراضيهم وسلبها، رغم أن العرب في النقب لم يعودوا يمتلكون سوى 3% فقط من الأرض هناك.
ليس من التجني على الحقيقة القول إن ما أدلى به رئيس الحكومة يشكل ترجمة واضحة لمخططات السيطرة على الأرض في النقب؛ وهو ما دعا إليه أيضاً وبكل وضوح رئيس بلدية بئر السبع، روبيك دانيلوفيتش، الذي قال إنّه "قد حان الوقت لاتخاذ القرار وتنفيذه: استعادة القدرة على الحكم على الفور، بكل قوتنا وبدون تنازلات، والبدء بتنظيم توطين البدو". وهو الذي أفصحت عنه، أيضاً، وزيرة الداخلية، أييلت شاكيد، في قولها، خلال الجولة إياها في الجنوب، إن "هناك خطة منظمة لإقامة 12 بلدة استيطانية يهودية جديدة في النقب يجري العمل عليها الآن". وأوضحت شاكيد أن الخطة المذكورة ستضمن "إعادة الأرض إلى دولة إسرائيل، ثم البدء بتجميع البدو المشتتين من المناطق المفتوحة في النقب إلى المناطق القانونية، بدلاً من التوسع الوهمي القائم". وقالت إنّ "الخطة تضع شرطًا سيتم بموجبه "إخلاء" السكان البدو و"تركيزهم" في "مناطق سكنية ثابتة"؛ وهي (الخطة) التي اعتبر رئيس مجلس إقليميّ لبلدات يهودية في الجنوب أنها "ستمنع الجريمة، في النهاية"، مضيفاً أن "تعزيز الاستيطان اليهودي هو في مصلحة البدو، أيضاً"!!
غير أن مخطط "تجميع وتركيز البدو في النقب" عبر إقامة تجمعات سكنية جديدة لهم، على جزء صغير من مسطحات الأراضي التابعة للقرى المحرومة من الاعتراف الرسمي، ووضع اليد على غالبيتها العظمى لصالح المشاريع الاستيطانية والتهويدية ومشاريع البنى التحتية القُطرية، والذي يجري العمل على تنفيذه تحت ستار كثيف من دخان التحريض كما ذُكر أعلاه، هو الذي دفع "لجنة التوجيه العليا لعرب النقب" إلى التحذير من "ازدياد وتيرة الترحيل والتهجير وهدم البيوت العربية في النقب"، معتبرةً أن "حملة التحريض العنصرية المنفلتة ضد الأهل في النقب التي تقودها عصابة من العنصريين والفاشيين ترمي إلى نزع الشرعية عن الأهل في النقب وتسهيل تنفيذ مخططات الترحيل والتهجير وهدم البيوت"!
غياب السيادة الحقيقية و"دولة عالم ثالث"!
يستعيد تحقيق "شومريم" حادثة/ مأساة انقضاض مجموعة من الكلاب المتوحشة على الطفلة بُشرى أو لقيمة، ابنة السنة وتسعة أشهر فقط، في نيسان العام الماضي، بينما كانت تلهو أمام بيت عائلتها في قرية بير هداج. انقضت الكلاب على الطفلة فعضتها مرات عديدة وأصابتها بجروح خطيرة نُقلت على أثرها إلى مستشفى بئر السبع وهناك فارقت الحياة بعد يومين اثنين فقط. "ببساطة، الكلاب افترست بُشرى"، يقول سلمان بن حميد، مدير عام مجلس "نفيه مدبار" التي تتبع بير هداج إلى منطقة نفوذه وسلطته، ويضيف: "الأطفال يخشون الخروج من منازلهم والأهالي يخافون السماح لأولادهم بالتجول خارج المنازل، لأن هذه الكلاب، التي تُعدّ بالمئات، تفترس المواشي وتهاجم الأطفال باستمرار". ويقول: "المشكلة الأكبر من مشكلة الكلاب هي أن ليس ثمة عنوان يمكن التوجه إليه"! أما والد الطفلة بُشرى، عودة أبو لقيمة، فيقول إن "هذا كان متوقعاً... فجوقات الكلاب الخطيرة هذه تتجول في المنطقة على الدوام وبكامل الحرية، بدون أن تحظى شكاوى المواطنين المتكررة بأي اهتمام أو علاج من الجهات الرسمية المسؤولة".
ليست المسألة محصورة في "ظاهرة الكلاب المفترسة التي تتجول بحرية تامة وبصورة خطيرة جداً والتي خرجت عن السيطرة تماماً"، يقول د. يهوشواع شكيدي، العالِم الرئيس في "سُلطة الطبيعة والحدائق"، و"إنما هي قضية انعدام السيطرة وغياب السيادة التامّين. الدولة غائبة تماماً في هذا الموضوع"! وهو ما يؤكده أحد مواطني قرية بير هداج فيقول: "ليست هناك دولة في قرانا البدوية. نحن نعيش هنا وحدنا، بقدراتنا نحن وبقوانا الذاتية فقط". ثم يعود شكيدي ليشدد على أن "جوقات الكلاب التي تتكاثر هنا دون أي سيطرة، فيما هي تتغذى على أكوام النفايات التي تتراكم دون أي رقابة أو معالجة، هي التجسيد البصري الأبرز لانسحاب الدولة من ساحتها الخلفية في منطقة الجنوب بشكل عام، ومن حياة سكان المنطقة البدو بشكل خاص... موت الطفلة بُشرى هو، في نهاية المطاف، موت نتيجة إهمال الدولة"!
يقارن التقرير بين مأساة وفاة الطفلة بشرى و"تسميم النسور"، فيقول إن "وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تُفرد لمقتل بُشرى سوى كلمات قليلة جداً، بينما تتصدر حالات تسميم النسور العناوين، كما يردد المواطنون البدو في النقب". ويضيف أن "موت 13 نسراً في الصحراء جراء التسمم قد حظي بتغطية إعلامية واسعة فعلاً". ويجزم: "عملية التسميم هذه كان يمكن تجنبها، كما يؤكد جميع العاملين في المجال، لو أن الدولة كلفت نفسها عناء معالجة قضية الكلاب السائبة وشكاوى المواطنين البدو الذين يعانون من جرائها كثيراً". ثم يورد هنا ما يقوله رئيس "وحدة الدوريات الخضراء"، المسؤولة عن تطبيق القانون في المناطق المفتوحة، أوري مالكا، الذي يؤكد أن "البدوي في المنطقة يعاني من مجموعات الكلاب السائبة التي ربما تهاجم أولاده أو حيواناته الخاصة في زرائبها، بالقرب من المنازل. وحين لا يجد هذا البدوي أي رد أو مجرد اهتمام من أية جهة رسمية مسؤولة، فربما يلجأ عندئذ إلى حل التسميم. مقصد البدوي وهدفه هو تسميم الكلاب وليس إيذاء الحيوانات البرية". أما مديرة منظمة "دعوا الحيوانات تعيش"، ياعيل أركين، فتقول إن "البدوي الذي يسمم كلباً ينتهك القانون بالتأكيد، لكنني أستطيع تفهمه عندما يقول إنه لا يجد من يصغي إليه ويعالج مشكلته، بل ليس لديه عنوان يتوجه إليه أصلاً. إن عجز الدولة وتقصيرها هما المشكلة الأساس... انعدام السلطة وغياب السيادة هما المصيبة الكبرى".
في هذا السياق، يلفت المسؤولون العاملون في المجال ميدانياً إلى أن "عدد الكلاب السائبة في منطقة النقب ارتفع بصورة مذهلة، من نحو 3000 كلب قبل بضع سنوات إلى نحو 50 ألف كلب الآن، وهذا من مجموع نحو 80 ألف كلب سائب في إسرائيل برمّتها"؛ ويلفتون إلى حقيقة أن "منطقة الجنوب لا تتصدر مناطق البلاد كلها من حيث عدد الكلاب السائبة فقط، وإنما من حيث عدد الذين تعرضوا للعض من هذه الكلاب، التي قد تكون مصابة بمرض الكَلَب، أيضاً". ففي العام الماضي سُجلت في وزارة الصحة 1764 حالة عضّ من كلاب كهذه (خمس حالات في اليوم، تقريباً)، بينما "يؤكد المواطنون البدو في الجنوب أن عدد حالات العضّ هذه لا تُعد ولا تُحصى عندهم، إذ أن العدد الأكبر منها لا يجري التبليغ عنها للطبيب البيطري المسؤول.... لأن الغالبية الساحقة من البلدات البدوية في النقب ليس فيها طبيب بيطري"!
عند الحديث عن الكلاب السائبة، يسارع مسؤولو "سلطة الطبيعة والحدائق" إلى الحديث عن "النفايات التي تملأ المنطقة فتجعل إسرائيل، من هذه الناحية، دولة عالم ثالث... دولة غير نظيفة إطلاقاً"، كما يقول د. شكيدي ويضيف: "هذا أمر مثير للغضب الشديد، هذا التقصير المرعب من جانب الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة التي لا تحرص على جمع النفايات ودفنها في مدافن خاصة وبعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان". ويقول: "نحن، سلطة الطبيعة والحدائق، قمنا بإخلاء النفايات من قرية بير هداج لأن الدولة لا تقوم بهذا ولأن تراكم النفايات يؤدي إلى تزايد الكلاب".
تكشف مديرة منظمة "دعوا الحيوانات تعيش"، ياعيل أركين، أن "مسح الكلاب" الذي أجرته منظمتها قبل سنوات قليلة أظهر أن في إسرائيل 0.4 كلب لكل مئة مواطن بالمعدل القُطري، بينما المعدل في القرى البدوية غير المُعترف بها في النقب هو 35 كلباً لكل مئة مواطن. وهذا دون توفر أطباء بيطريين، إطلاقاً.
ويختم مركز "شومريم" تحقيقه الصحافي هذا بما يقوله مواطن عربي من قرية بير هداج: "صحيح أن لدينا مشكلة نفايات حادة، لكن أحداً لم يُقم هنا مزبلة منظمة وبمواصفات لائقة. لا يستحق البدو العيش بهذه الصورة. صحيح أن الكلاب تضايق رفيفيم ورتميم، البلدتين اليهوديتين المجاورتين لنا، لكن الفرق أن البدو هنا يشعرون بأن ليس ثمة عنوان يمكنهم اللجوء إليه ونقل شكواهم إليه، وليس ثمة من يمكن أن يضع الحلول وينفذها، لأننا لا نهمّ أحداً في هذه الدولة... مثل الكلاب، تماماً"!