المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
حرق النفايات وانبعاثات المصانع يتصدران أسباب التلوث المُسرطن في إسرائيل.
حرق النفايات وانبعاثات المصانع يتصدران أسباب التلوث المُسرطن في إسرائيل.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1029
  • هشام نفاع

 سلّمت وزارة حماية البيئة لجنة الداخلية وحماية البيئة في الكنيست الإسرائيلي قبل أسبوع تقريراً حول سجل انبعاث ونقل الملوثات إلى البيئة بموجب القانون، يتضح فيه أن الزيادة في انبعاث المواد المشبوهة في التسبب بأمراض السرطان قد بلغت 14%. وأهم مصدر انبعاث لهذه المواد مصانع صلب وفولاذ في الجنوب والنقب وزيادة التصنيع في معامل الأسفلت. كما أن حوالى ثلثي الانبعاثات المسببة للسرطان أو المشتبه في كونها مسرطنة في إسرائيل في العام 2020 كانت بسبب الحرق غير القانوني للنفايات، وخاصة النفايات المنزلية.

وأشارت وزيرة شؤون البيئة تمار زاندبرغ إلى أن أزمة المناخ تتجلى بالتكلفة الخارجية لتلويث البيئة والتي تُقدَّر بمليارات الشواكل. ونشرت الوزارة يوم 30.8.2021 هذا التقرير السنوي الجديد، وهو الثامن، ويشمل حوالى 570 مصنعاً ومصلحة ذات تأثير بارز على البيئة. ومثله مثل التقارير السنوية السابقة، يشمل معطيات عن انبعاث المواد الملوّثة إلى الهواء والبحر والأرض وموارد المياه.

عادة ما تحوي البيانات التي تنشرها وزارة حماية البيئة، في موقع الوزارة، المعطيات بالأرقام والخارطة الجغرافية التي تتيح بحث المعلومات عن كل مصنع ومصلحة يجب عليها تقديم تقرير سنوي للوزارة بسبب ضلوعها في التلويث. وتقول: يتيح التطبيق المتقدم القيام بتحليل المعطيات والبيانات حسب المادّة الملوِّثة ومصدر التلويث والقيام بالمقارنة بين معطيات السنوات.

تعدد الوزارة أهداف سجل الانبعاث والنقل إلى البيئة كالتالي: المساعدة في إجراءات الرقابة على المصانع والمصالح، تحديد قاعدة معلومات في وضع سياسة الوزارة لحماية البيئة، زيادة شفافية المعلومات البيئية في إسرائيل، المقارنة بين ظروف حماية البيئة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث أن قاعدة سجل الانبعاث والنقل إلى البيئة وكيفية جمع المعلومات في هذه الدول متشابهة بالنظام الإسرائيلي.

أهم نتائج سجل انبعاث ونقل الملوّثات إلى البيئة 2020

المواد المشبوهة كمواد مسرطنة: بلغت الزيادة في انبعاث المواد المشبوهة في التسبب بأمراض السرطان 14%. أهم مصدر انبعاث لهذه المواد مصانع صلب وفولاذ في الجنوب والنقب وزيادة التصنيع في معامل الأسفلت. حوالى ثلثي الانبعاثات المسببة للسرطان أو المشتبه في كونها مسرطنة في إسرائيل في العام 2020 كانت بسبب الحرق غير القانوني للنفايات، وخاصة النفايات المنزلية.

المواد العضوية المتطايرة بدون الميثان: زاد انبعاث المواد العضوية المتطايرة بدون الميثان بنسبة 4% وخاصة بسبب زيادة التصنيع في مجال الفوسفات والأسمدة الكيماوية.

غازات الدفيئة: انخفض انبعاث غازات الدفيئة في إسرائيل بنسبة 3% نتيجة تخفيض استخدام الفحم في توليد الكهرباء وتأثير أزمة وباء كورونا على تقليل استهلاك الكهرباء.

أكاسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت: تأثرت النتائج في هذا المجال بتخفيض النشاط الاقتصادي بسبب جائحة فيروس كورونا وتخفيض الطلب لمنتجات الوقود وتخفيض نشاط مجمع مصفاة النفط بنسبة 15% وتخفيض بنسبة حوالى 20% في نشاط معامل تكرير البترول.

التكلفة الخارجية الناجمة عن الانبعاث إلى الهواء: وصلت التكلفة الخارجية إلى 12.9 مليار شيكل حيث كانت 7.7 مليار شيكل بسبب انبعاث غازات الدفيئة، أي هناك انخفاض بنسبة 5.7% من التكلفة الخارجية عما هي في العام 2019.

المازوت: انخفض استهلاك المازوت بنسبة 25% خلال العام 2020 حيث انخفض استخدام هذا النوع من زيت النفط منذ العام 2012 بنسبة 91%.

تأثرت هذه المعطيات جزئيّاً بانخفاض النشاط الاقتصادي في إثر جائحة فيروس كورونا: تخفيض استهلاك الكهرباء، تخفيض الطلب على منتجات النفط وإنتاج منتجات النفط بنسبة حوالى 15% في مصفاة حيفا وحوالى 20% في مصفاة أسدود، ولكن بعض الانخفاض ناجم عن خطوات لتخفيض الانبعاث. وتقدر الجهات المهنية بأنه من الصعب عزل هذين السببين ولكن لا شك أن الانخفاض طرأ بغض النظر عن الجائحة.

تغيرات سلبية وأخرى إيجابية في انبعاث الملوثات إلى الهواء

انخفض خلال العام 2020 انبعاث بعض المواد الملوثة إلى الهواء بنسبة 7% - 18% وفي بعض المواد ازداد الانبعاث بنسبة 4% - 14% مقارنة بالعام 2019. خلال الأعوام 2012 - 2020 طرأ انخفاض بنسبة وصلت حتى 82% في انبعاث ملوثات إلى الهواء في إثر تطبيق الشروط الصارمة في ترخيص الانبعاث إلى الهواء، ونتيجة لزيادة استخدام الغاز الطبيعي وتخفيض استخدام الفحم في توليد الكهرباء.
أما انبعاث أكاسيد النيتروجين فبالرغم من بعض التخفيض الذي طرأ مع مرور السنين، ما زال انبعاث أكاسيد النيتروجين في إسرائيل ضعفَي الانبعاث المسجّل في دول في الاتحاد الأوروبي، خاصّة من محطة توليد الكهرباء في الخضيرة التي ما زال يعمل فيها عدد من الوحدات بدون منشآت متخصصة في تخفيض انبعاث أكاسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت.

زادت كميات المواد المشبوهة أو المعروفة بتأثيرها على تطوّر أمراض السرطان بنسبة 14% مقارنة بالعام 2019 وخاصة في مصانع للكيماويات المختلفة، منها السماد. وعثرت وزارة حماية البيئة في بعضها على انبعاث غازات البنزين. مصادر أخرى لزيادة المواد المتسببة في السرطان كانت معامل الأسفلت نتيجة زيادة التصنيع، وموقع طمر النفايات "غاني هداس" نتيجة القيام بتحليل الفورماهيد في مختبر معتمد ومرخص. وتقول الوزارة إنها طالبت هذه المعامل بتقديم مخططات لتخفيض انبعاث المواد الخطرة.

يشير التقرير بين التغيرات الإيجابية إلى أنه منذ العام 2012 طرأ في خليج حيفا انخفاض على انبعاث المواد الخطرة إلى الهواء بنسبة تتراوح ما بين 44% و95%. وتأثراً بجائحة فيروس كورونا انخفض في 2020 الطلب على منتجات النفط وبالتالي انخفض الإنتاج في مصفاة النفط في خليج حيفا بنسبة 15% وطرأ انخفاض بنفس النسبة في انبعاث ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت والمواد العضوية المتطايرة غير الميثان. كذلك، فإغلاق مصنع "شيمن" في حيفا أثر هو الآخر على الانخفاض في انبعاث هذه المواد. ولكن في محطة توليد الكهرباء في حيفا زاد بنسبة 10% انبعاث أكاسيد النيتروجين في إثر زيادة الانبعاث في هذه المحطة بنسبة 19%.

كان مصدر التخفيض بنسبة 11% في انبعاث المواد العضوية المتطايرة في مصفاة النفط في خليج حيفا هو تخفيض الانبعاث من الخزانات في إثر تركيب المنشآت للإغلاق المحكم وتخفيض الانبعاث من المداخن بعد تركيب منشآت غسل الغاز. مع ذلك، زادت المواد المسرطنة المنبعثة من المصانع بنسبة 2% رغم انخفاض الإنتاج في مصفاة النفط وذلك نتيجة زيادة انبعاث كل من البنزين والفورمادهيد وإثيل- بنزين.

ارتباطاً بالمحروقات، يشير التقرير إلى أنه في العام 2020 انخفض استهلاك المازوت في المصانع خضوعا لقانون سجل الانبعاث والنقل إلى البيئة حيث أوقف 13 مصنعاً استخدام المازوت في عملها، منها: نيليت، شيمن، مصنع الإسمنت هار طوف، مصنع منتجات الحليب تنوفا في رحوفوت، مصنع دشانيم، مصنع بلانتيكس. وعموماً، انخفض استخدام المازوت منذ العام 2012 بنسبة 91%. وانخفض استخدام الغاز الطبيعي بنسبة 2% نتيجة انخفاض الإنتاج في مصفاة النفط في حيفا وفي أسدود. وهذا في وقت ازداد خلاله استخدام الغاز الطبيعي منذ العامّ 2012 بنسبة 186%.

التكلفة الخارجية لانبعاث المواد الملوثة إلى الهواء

مجمل التكلفة الخارجية الناجمة عن انبعاث الملوثات إلى الهواء من جميع المصانع الخاضعة لقانون سجل الانبعاث والنقل إلى البيئة في 2020، كان 12.9 مليار شيكل بما فيها 7.7 مليار بسبب انبعاث غازات الدفيئة. مقارنة بالعام 2019 طرأ انخفاض بنسبة 5.7% - 700 مليون شيكل، نتيجة تخفيض استخدام الفحم في محطة الكهرباء في الخضيرة ومحطة أشكلون، وإغلاق مصنع فينيتسيا في نوف هجليل، ووقف إنتاج الإسمنت في بيت شيمش.

من ناحية أخرى، يرى التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في غاز الميثان أنه المسؤول الأهم في احترار العالم. معنى ذلك أن تخفيض ثاني أكسيد الكربون لا يكفي لوقف الاحترار. وتشير معطيات سجل الانبعاث والنقل إلى البيئة إلى أنّ انبعاث غازات الدفيئة في إسرائيل انخفض بنسبة 3% بينما خلال السنوات الخمس السابقة كان متوسط الزيادة بنسبة 2.2%. ولكن نسبة انبعاث الميثان للفرد في إسرائيل: 1.3 طن للفرد بينما متوسط الانبعاث في أرجاء العالم 1.07 طن للفرد وفي الاتّحاد الأوروبي 0.89 طن للفرد (معطيات البنك العالمي).

وتضيف بيانات وزارة حماية البيئة إلى أنه قد ينبعث الميثان في كل مرحلة من مراحل استخراج الغاز الطبيعي ونقلها. وتدعي أنه يجري حاليّاً رصد انبعاث الميثان من خلال الكاميرات البصرية وعينات الهواء في منصة لفياتان ومنصة تمار لاستخراج الغاز في البحر المتوسط، ولكن لا رصد في الأنابيب لنقل الغاز في البحر والبر. وزارة حماية البيئة تقول إنها تدرس إمكانية توسيع المطالبة برصد تسربات الغاز في خطوط النقل وفي المنشآت لتخفيض الضغط في إطار صلاحياتها.

أعلنت سلطة الغاز عن تسجيل فرق طفيف بين كمية التمديد وكمية الاستهلاك بسبب فوارق في إجراءات التمديد والتوزيع للغاز. لكن هذه الكمية تساوي حوالى 15% من الميثان المنبعث في إسرائيل وحوالى 1.3% من انبعاث الغازات الملوثة. موقف سلطة الغاز أن خسارة الغاز تساوي 0.002% فقط من كمية الاستخراج أي حوالى 200 طن فيما يساوي 0.08% من مجمل الميثان المنبعث في إسرائيل وحوالى 0.007% من مجمل غازات الدفيئة. وأعلنت وزارة حماية البيئة أن المعلومات واردة في تقرير لشركة نقل الغاز لم تدرسه بعد.

للتوضيح، فإن الميثان من غازات الدفيئة القوية للغاية، وهو مسؤول عن حوالى 30 في المئة من الاحترار منذ حقبة ما قبل العصر الصناعي. وتؤكد الدراسة سبب الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات دولية، حيث إن انبعاثات الميثان التي يتسبب فيها الإنسان تتزايد بوتيرة أسرع من أي وقت مضى منذ بدء تسجيلها في الثمانينيات من القرن الماضي. ووجدت دراسة تدعمها الأمم المتحدة نُشرت في أيار الفائت أنه يمكن تقليل انبعاثات الميثان الناتجة عن الأنشطة البشرية بنسبة تصل إلى 45 في المئة هذا العقد، وبالتالي المساعدة في الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية بما يتماشى مع اتفاق باريس للمناخ.

العديد من القرارات لم تنفّذ والكثير من الأهداف لم تتحقق

ازدادت كميات الأملاح في المياه المطهَّرة، التي أعيد تدويرها للاستخدام، في 2020 بنسبة 10% وبنسبة متراكمة بلغت 19% منذ 2016. مصدر الزيادة هو كثرة الأمطار في السنوات الأخيرة التي دفعت بسلطة المياه إلى ضخ مياه بحيرة طبريا كثيرة الملوحة إلى نظام المياه القطري. تخفيض الملوثات في الصرف الصحي الصناعي الذي يصل المعاهد لتنقية الصرف الصحي يصل إلى 36% حتى 85% منذ العام 2012 وذلك رغم الزيادة بنسبة 7% من المصانع التي تقدم التقارير.

وفقاً لبيانات الوزارة، انخفضت كميات إعادة تدوير النفايات البلدية في 2020 بنسبة 1.3% (تقارير المحطات الانتقالية، لا مجمل النفايات المختلطة في إسرائيل) وذلك بعد إغلاق المحطة الانتقالية عمير - الشركة لتدوير النفايات وتقليم الأشجار. في العام 2021 تم افتتاح منشأة لفرز النفايات في العفولة وذلك بدعم مالي من وزارة حماية البيئة. وأقيمت منشأتان أخريان لفرز النفايات، وفي السنوات الثلاث المقبلة يتم فتح منشآت إضافية.

تبدو القرارات الحكومية الأخيرة إيجابية في توجهها ومضمونها، ولكن يبقى السؤال طبعا في تطبيقها. فالتاريخ القريب يشير إلى أن العديد من القرارات لم تنفّذ والكثير من الأهداف لم تتحقق. ففي العام 2010، نشرت وزارة البنى التحتية، الطاقة وموارد المياه الإسرائيلية، ورقة وضعت فيها هدفاً أنه بحلول العام 2020، ستصل نسبة استهلاك الطاقة المستغلة من مصادر متجددة إلى 10% من مجمل الطاقة التي يتم إنتاجها في إسرائيل. لكن الأرقام ما زالت بعيدة عن الهدف.

للمقارنة، كما نقل موقع i24 الإخباري الإسرائيلي: بحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تعتبر الصين، التي كانت في الماضي ملوثة جداً، رائدة مجال الطاقة المتجددة، في حين أن الولايات المتحدة تحتل المركز الثاني. والدنمارك – دولة مساحتها وعدد سكانها قريب من إسرائيل– أنتجت أكثر من 7000 ميغاواط من الطاقة المتجددة في العام 2015. أما إسرائيل فقد انتجت أقل من 800 ميغاواط من مصادر طاقة متجددة – 2.6% فقط من مجمل استهلاك الكهرباء فيها.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات