المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
الطريق السريع 6: اختناقات مرورية وتلوث.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1963
  • تسفرير رينات ونير حسون
  • عن "هآرتس"، ترجمة خاصة

تثير الإطلالة المتمعّنة على المشهد البيئي في إسرائيل، اليوم، التفكير بأن هناك خطايا لا يكفر عنها حتى يوم الغفران (العبري). من بينها تلويث الهواء والتربة والجداول والبحر؛ تصفية وتقطيع أوصال المساحات المفتوحة لصالح بناء البلدات والأحياء والطرق والتقاطعات الجديدة؛ الاختناقات المرورية الدائمة؛ ازدهار الصناعات البتروكيماوية بالقرب من المدن؛ اقتصاد طاقة ملوّث وعفا عليه الزمن؛ بحيرة الحولة المنقرضة والبحر الميت الذي يسير نحو مصيرها؛ البناء على الساحل الذي يسد الشواطئ؛ الكائنات الحيّة الغازية التي تكتسح البلاد أكثر فأكثر.

طلبت "هآرتس" من عدد من الخبراء والمدافعين عن البيئة إبداء آرائهم لتحديد أخطر الأخطاء التي ارتكبت في تاريخ السياسة البيئية في إسرائيل.

تلقينا العديد من الإجابات وصنفناها وفرزناها ضمن أبرز عشرة أعمال حماقة. حاولنا تلبية الشروط التي وضعتها باربرا توخمان، مؤلفة كتاب "موكب الحماقة"، ووفقاً لتوخمان، لكي يتم تعريف السياسة على أنها حماقة، يجب عليها استيفاء ثلاثة شروط. الأول، "أن النتائج السلبية ستكون واضحة للعيان في الوقت الحقيقي". نحن سعينا إلى تجنب الحُكم والاستنتاج بأثر رجعي والحكم المتحجّر على القرارات التي اتُّخذت في ظل ظروف مختلفة وفي ظل نظام قيم مختلف. أما الشرط الثاني فهو أنه كان أمام متخذي القرار مسار عمل بديل وقت اتخاذ القرار. والشرط الثالث، استمرار السياسة لفترة طويلة - وليس فشلاً قصير المدى لشخص واحد في فترة واحدة.

لا تستوفي كل الأخطاء والخطايا جميع الشروط الثلاثة، لكنها كلها أخطاء فادحة جعلت إسرائيل في العقد الثالث من الألفية مكاناً أسوأ بكثير للحيوانات والنباتات وبالأخص للبشر.

تجفيف الحولة

كانت بحيرة الحولة ثروة طبيعية على المستوى الدولي، حيث كانت تغطي مساحة 55000 دونم – أي بما يعادل مساحة تل أبيب. إنها مزيج فريد من بحيرة ضحلة ومستنقعات متناثرة توفر مساحة معيشية لعدد وافر من الأنواع الحيوانية والنباتية، والتي كان بعضها موجوداً في البلاد فقط. إن تجفيفها هو بلا شك إحدى الخطوات التي تسببت في أكبر ضرر سببه البشر للطبيعة المحلية. كان الغرض من نشاط التجفيف، الذي تم إجراؤه في الخمسينيات كمشروع وطني للدولة الفتية، هو التمكين من العمل الزراعي للأرض. تم إسناد المهمة إلى الصندوق القومي اليهودي. وبالعودة إلى الوراء، تبين أن إسرائيل فقدت ثروة طبيعية وربحت أرضاً زراعية ظهرت فيها العديد من مشاكل التلوث التي وصلت إلى بحيرة طبريا. وفقاً لشروط توخمان، لقد حذر البعض مسبقاً من الضرر الذي قد يحدث.

كان الإصلاح الجزئي لاحقاً هو إعادة غمر جزء من المنطقة وخلق بركة الحولة. وهي تجذب الكثير من أنواع الطيور، لكنها تظل عاجزة عن استعادة ما فقدناه. كانت النتيجة الإيجابية الوحيدة لتجفيف الحولة هي بزوغ حركة حماية الطبيعة، والتي تشكلت حول النضال ضد العملية. كما أدى نشاط التجفيف إلى إنشاء أول محمية طبيعية في إسرائيل. لكنها ما زالت حتى يومنا هذا بقايا صغيرة فقط بما لا يقارن مع ما كان موجوداً من قبل.

حماية المساحات المفتوحة

أدرك صناع القرار في إسرائيل وسلطات التخطيط، بحلول التسعينيات، تماماً أنهم يواجهون مشكلة حادة تتمثل في ندرة موارد الأراضي. تحدث المخططون عن الحاجة إلى منع إنشاء مستوطنات جديدة وحماية المساحات المفتوحة المتبقية قدر الإمكان. على هذه الخلفية، تم إعداد خطة رئيسة وطنية للتنمية سميت تاما 31، حيث سُمح بمنح بعض المناطق المفتوحة صفة محمية جزئياً من البناء. اشتهرت بشكل خاص سلسلة من القرارات التي اتخذتها إدارة أراضي إسرائيل، وأطلق عليها اسم بوينج بسبب أرقامها (بالأساس القرارات 727-737) كما أفسح المخطط الهيكلي الوطني المجال أخيراً لإنشاء وحدات سكنية على مستوى الأرض، على حساب المساحات المفتوحة. في الوقت نفسه، واصلت الدولة سياستها في إقامة مستوطنات جديدة، خصوصاً في الجليل والنقب. والنتيجة التي ترتبت على ذلك هي أضرار واسعة النطاق في المناطق المفتوحة، مع تفتيت وفصل مناطق مفتوحة أخرى. الأضرار التي لحقت بالمناظر الطبيعية ومساحات المعيشة للحيوانات والنباتات وسكان إسرائيل الذين يبحثون عن مساحات مفتوحة للترفيه والتنزه، هي أضرار لا توصَف. وفي الوقت نفسه، حدثت أضرار إضافية على شكل تكثيف الضواحي وتشجيع استخدام وسائل النقل الخاصة وتلويث الهواء وتلويث الضوء وإلحاق أضرار بالمدن القديمة وغير ذلك. وكل هذا ترافق مع إهدار موارد ضخمة في بناء بنية تحتية مصممة لخدمة عدد قليل من السكان. في السنوات الأخيرة، استقر الاتجاه إلى حد ما مع نشر شبكة حماية واسعة النطاق. لكن ضغوط البناء لا تزال مستمرة، والنضال من أجل حماية المساحات المفتوحة في تراجع مستمر.

فصانعو القرار في لجان التخطيط يواصلون الموافقة على الخطط التي تفضل إلحاق الضرر بالمناطق المفتوحة على تكثيف التجمعات السكانية القائمة - بما في ذلك التلال القريبة من القدس والمساحات الرملية في السهل الساحلي. لقد كانت الخطيئة الأصلية ولا تزال الرؤية المشوهة لدى صانعي القرار، كأنه من الممكن في إسرائيل تكريس ثقافة الإسكان والبناء على مستوى الأرض، بمثل هذا النطاق الواسع.

البحر الميت

فوق كل الثروات الطبيعية التي حظيت بها البلاد، هاك واحدة فريدة ومميزة: البحر الميت، أكثر البحار ملوحة والأدنى مستوى عن سطح البحر في العالم، المحاط بالمناظر الطبيعية الخلابة للصحراء. لكن إسرائيل وجارتها الأردن دمرتا هذه الثروة. على مدى عقود، كان البحر الميت يجف بمعدل يزيد عن متر في كل عام. امتلأت شواطئه بعشرات الآلاف من الحفر (البالوعات)، وأصبح الوصول إلى مياه البحر الطبيعي شبه مستحيل. في الوقت نفسه، اختفت النظم البيئية الفريدة التي كانت ممتدة على طول الساحل وتغيرت مناظرها الطبيعية إلى الأبد.

لا يوجد هناك قرار واحد تسبب في هذه الكارثة البيئية. فالمشكلة الرئيسة للبحر تتمثل في أنه يقع في قعر الاقتصاد المائي لملايين الأشخاص الذين يعيشون على المنطقة الممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى الحدود الشرقية للمملكة الأردنية. المياه التي كان من المفترض أن تصل إليها من خلال النظم الطبيعية، تُستخدم لأغراض الشرب والري. ولكن حتى في ظل هذا الوضع، كان يمكن عمل الكثير للحفاظ على البحر. على سبيل المثال، يرتبط حوالي 20% من انخفاض مستوى مياه البحر الميت بالتجفيف المتعمد لإنتاج البوتاس والبروم. إن قرار الدولة بخصخصة شركة الكيماويات العملاقة "كيل" وتسليمها منطقة شاسعة لا تسري فيها قوانين التخطيط والبيئة، ساهم بشكل حاسم في الكارثة التي تكشفت.

هناك مقترحات مخصصة لإصلاح الأضرار، مثل قناة البحار، والتي قد تظهر في قوائم الأخطاء المستقبلية التي ستُنشر بعد 30 أو 40 عاماً. فوفقاً لمعظم الخبراء اليوم، يجب أن يتم وقف أو على الأقل إبطاء معدل التجفيف عن طريق الإدارة الذكية لموارد المياه واستعادة النظام الطبيعي فيها. وبهذه الطريقة، يؤكدون، سنستفيد أيضاً من ترميم نهر الأردن.

شارع 6

تم اتخاذ قرار تمهيد الطريق السريع 6 (عابر إسرائيل) في أوائل التسعينيات. هناك خبراء في التخطيط والبيئة، حتى بين أولئك الذين شاركوا في هذا الاستطلاع، الذين يعتقدون أن هذا قرار كان ضرورياً لإنشاء نظام طرق فعال في إسرائيل. من ناحية أخرى، يعتقد العديد من الخبراء أن الطريق يحكم على الإسرائيليين بالعيش داخل سياراتهم الخاصة والاختناقات المرورية وتلوث الهواء والعيش في ضواح على النمط الأميركي. وبحسب منتقدي المشروع، منع الشارع تكثيف المدن، وتطوير المواصلات بالسكك الحديدية، والمواصلات العامة بشكل عام. كما تسبب في تجزئة كبيرة للمناطق الطبيعية ذات الأهمية العالية في التلال المحيطة بمنطقة راس العين.

بحلول الوقت الذي تم فيه شق الشارع، كان لدى صانعي القرار بالفعل معلومات كافية لفهم أنه يتعين عليهم التحرّك لفرض قيود على البناء على مستوى الأرض، وفي نفس الوقت إنشاء أنظمة للمواصلات الجماعية. إن البنية التحتية للنقل الخاص، كما يؤكد عدد لا حصر له من الدراسات في العالم، لا تلبي حاجة قائمة، وإنما تولد بذاتها هذه الحاجة. وينطبق الشيء نفسه على الشارع السريع 6: فلو تم استثمار نفس الموارد في البنية التحتية للسكك الحديدية عالية السرعة، كان سيتمتع الإسرائيليون الآن بسفَر أسرع وأقل تلويثاً بين المحيط والمركز. إلى جانب ذلك، كانت المدن ستتطور بشكل صحي وتعتمد على النقل العام.

يمكن العثور على عزاء ضئيل في إجراءات التخطيط والتنفيذ الخاصة بإحداث تحسن حقيقي في معالجة التداعيات على المناظر الخلابة لمثل هذا النشاط الهندسي المكثف. في الواقع، يعتبر تنسيق الحدائق على طول الطريق السريع نجاحاً يُشار إليه.

مع ذلك، لم يشكل بناء شارع 6 الفصل الأخير في هذا الموضوع. بعد استكماله، واصلت وزارتا المواصلات والمالية سياسة تعبيد الطرق وبناء تقاطعات للنقل الخاص، بما في ذلك طرق سريعة كبيرة في الجليل وتقاطعات ضخمة في حيفا. حالياً يتم شق شارع 16 عند مدخل القدس، والذي يحذر العديد من الخبراء من أنه لن يؤدي إلّا إلى تفاقم الاختناقات المرورية وتلويث الهواء.

تلويث وإهمال الوديان

من يريد رؤية ما هو الإهمال البيئي يمكنه زيارة وديان وجداول البلاد الساحلية الـ 14. جميعها باستثناء واحد، وادي التماسيح، تم تجفيفها من مياهها الطبيعية وتلويثها بمياه الصرف الصحي. هذا الفشل البيئي، الذي لم يتم تصحيحه حتى الآن، هو نتيجة لسياسة أعطت أفضلية مفهومة ضمنا لاستخدام المياه الطبيعية من أجل التنمية والاستيطان، ولكنها لم تأخذ في الاعتبار على الإطلاق الثمن الذي ستدفعه الطبيعة والجمهور. حتى بعد اتضاح أن إنشاء خطوط إمداد المياه داخل خط اليركون- النقب وأن "هموفيل هأرتسي" (مشروع المياه القطري) قد استنفد مصادر المياه الطبيعية، لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة. تطلب ذلك تخصيص المياه للطبيعة في حصة ثابتة والتحديث السريع لأنظمة معالجة مياه الصرف الصحي. ولكن لم يتم اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه إلا بشكل تدريجي، وما زالت النتائج غير مرضية فظلّت معظم الجداول الإسرائيلية ملوثة أو هي في طور إعادة التأهيل الجزئي فقط. يمكن أن تكون البنية التحتية لمنشآت تحلية المياه بمثابة وسيلة لتصحيح الوضع، حيث تتيح مساحة أكبر للمناورة حيث يمكن ضخ المزيد من المياه المصادر الطبيعية إلى الجداول.

إنشاء موديعين وبناء الضواحي

إلى جانب تحويل المناطق الزراعية لصالح البناء، أخطأت الدولة في إنشاء مستوطنات في الضواحي ومدن جديدة على حساب المساحات المفتوحة. كان الضرر الأكبر هو بناء مدينة موديعين على حساب إحدى أهم المساحات المفتوحة وسط البلاد، في التسعينيات. موديعين، وكذلك جارتها شوهم، تم بناؤهما كمدن ضواح متميزة، على أساس سيارة خاصة وفصل استخدامات الأرض - أو بعبارة أخرى، "مدينة مبيت". والأسوأ من ذلك، أن إنشاء موديعين حلّ محل خيار تقوية المدن المجاورة وتوسيعها تدريجياً، مثل الرملة واللد. وهكذا، اختارت الحكومة التضحية بالمساحات المفتوحة لصالح مدينة جديدة، بدلاً من الاستثمار - ليس بمبلغ أكبر - في ترميم وتكثيف المدن القائمة.

مثلما في حالات أخرى، تم دوس الموقف من البيئة في هذه الحالة لاعتبارات سياسية. كانت موديعين جزءاً من سلسلة من المستوطنات الجديدة على طول محور التلال شرقي السهل الساحلي، وهي مصممة لمنع تواصل محتمل بين البلدات العربية داخل وخارج الخط الأخضر. هكذا أقيمت سلسلة مستوطنات "النجوم" حتى منطقة أم الفحم - ومرة أخرى تم إنشاء نظام بنية تحتية يشجع على استخدام المركبات الخاصة والاستغلال المُهدر للأرض - كل ذلك على حساب المدن القديمة.

حتى اليوم، هناك خطط لتوسيع موديعين، وتستمر المدينة في التهام المساحات المفتوحة التي أصبحت نادرة جداً في المنطقة الوسطى.

في الوقت نفسه، واصلت الحكومة في السنوات الأخيرة الترويج لخطط إنشاء عدة بلدات في منطقة عراد، وكذلك مدن مثل حريش ومتسبيم في الجليل والمستوطنات في الضفة الغربية والمزارع الفردية والقرى الطلابية في النقب.

الطاقة

الأرقام لا تكذب: إسرائيل، وهي دولة مشمسة ورائدة عالمياً في مجال تقنيات الطاقة الشمسية، تنتج أقل من 10% من طاقتها من مصادر متجددة وخضراء. هذا، مقارنة بعشرات في المائة مع بلدان غربية أخرى، غائمة المناخ أكثر بكثير. بالتأكيد لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. بدأ في الخمسينيات تركيب سخانات المياه بالطاقة الشمسية على الأسطح في جميع أنحاء البلاد. حتى يومنا هذا، تعتبر إسرائيل رائدة عالمياً في هذا المجال. حتى في الثمانينيات، كانت هناك شركة اسرائيلية رائدة عالمياً في مجال بناء محطات الطاقة الشمسية. لكن تم التخلي عن هذه القضية، وفتحت الحكومات الإسرائيلية اقتصاد طاقة قائماً على الفحم. وتسبب اكتشاف الغاز في إسرائيل في أوائل العقد الأول من القرن الحالي في مزيد من الإهمال في مجال الطاقات المتجددة - حتى أن صناع القرار وعمالقة الطاقة بدأوا في تسويق الغاز الطبيعي على أنه "حل أخضر". في غضون ذلك، أخفقت إسرائيل، رائدة هذا المجال، في الانخراط في الثورة الشمسية العالمية - وفي عصر تفاقم أزمة المناخ تحديداً - وعندما أصبحت الكهرباء الشمسية أرخص من أي كهرباء أخرى ملوثة.

في السنوات الأخيرة، حاولت وزارة الطاقة وشركات من القطاع الخاص مواكبة الأمر، ويبدو أن هذا قليل جداً ومتأخر جداً. في الأشهر الأخيرة، أعلنت وزارة الطاقة حتى عن زيادة هدف الطاقة المتجددة إلى 30% بحلول عام 2030. هذا الهدف، المعروض على أنه طموح، يعتبر ضئيلاً في معظم البلدان المتقدمة في العالم، ويعتقد الخبراء أن إسرائيل يمكن أن تصل إلى 50% من الطاقة المتجددة. في الوقت نفسه، في الأسابيع الأخيرة، دخلت شركة النفط والغاز العملاقة شيفرون، التي تعتبر واحدة من ذوات السمعة البيئية الأسوأ في العالم، إلى إسرائيل. هذه الخطوة لا تساهم في تهدئة القلق على مستقبل إسرائيل الحيوي.

محطة حافلات تل أبيب المركزية

من الصعب التفكير في مشروع بناء واحد تسبب في أضرار كبيرة مثل الهيكل الضخم لمحطة تل أبيب المركزية. وفي أغلب الأحيان، فإن الأضرار المعنية في هذه الحالة هي الفشل المعماري والضرر الجمالي والأضرار التي لحقت بنوعية حياة الأحياء السكنية المجاورة وتلوث الهواء جنوبي تل أبيب. المنشأة الضخمة غير مريحة، بل إنها تهدد مستخدمي وسائل النقل العام، بعد أن كان من المفترض أن تكون القلب النابض لنظام المواصلات العامة في إسرائيل.

يعكس بناء المحطة الفاشل الموقف تجاه مجال المواصلات العامة بأكمله في البلاد، والذي تم إهماله لعقود وجعل الإسرائيليين يعتمدون على السيارات الخاصة. النتائج من حيث تلوث الهواء، وتدمير الحيز الحضري، وانعدام الظل، وتدمير المساحات المفتوحة لصالح البنية التحتية للمركبات الخاصة - كانت مدمرة.

في السنوات الأخيرة، بدأت الحكومات الإسرائيلية في استثمار موارد أكبر في المجال، وخاصة في السكك الحديدية الخفيفة في القدس والمركز. ومع ذلك، فإن المواصلات العامة هنا متخلفة جيلاً كاملاً عن البلدان الأوروبية. تنبع إحدى المشاكل غير القابلة للحل من حقيقة أن النظام لا يعمل أيام السبت، باستثناء بعض المبادرات المحدودة - مما يجعل الأمر صعباً للغاية على أي شخص يريد التنازل عن السيارة الخاصة.

التلوث في خليج حيفا

يمكن وضع مسؤولية إنشاء صناعة البتروكيماويات في خليج حيفا على عاتق المسؤولين الإمبرياليين البريطانيين. كان ميناء حيفا حجر الزاوية لأنشطة حكومة الانتداب في الشرق الأوسط. لكن لا يمكن للحكومات الإسرائيلية التهرب من مسؤوليتها عن مواصلة تشجيع النشاط الصناعي والكيميائي في الخليج، على ما فيه مما لا يحصى من الآثار الجانبية البيئية السلبية.

الخطأ الأكبر هو عدم اتخاذ القرار بشأن استمرار أنشطتها، والتردد وعدم الاتساق في التعامل مع المخاطر التي تخلقها، طالما أنها تعمل في الخليج. من ناحية أخرى، فإن السياسة التي تجمع بين إدارة المخاطر وفحص الرؤية الحضرية لمدينة حيفا، ستؤدي إلى صياغة خطوة طويلة الأمد وتدريجية لتقليل النشاط الصناعي في المنطقة، وكذلك تقليل كمية المواد الخطرة التي يمكن نقلها عبر الميناء. ومن شأن مثل هذه القرارات أن تملي شروط اتفاقية خصخصة مصافي النفط وتمنع توسيع أنشطتها التي وافقت عليها لجان التخطيط والبناء في السنوات الأخيرة. وتجري حالياً خطوة تهدف إلى تغيير الوضع في الخليج من خلال إخلاء المصافي، لكن لا يزال من غير الواضح متى وكيف سيتم تنفيذها. ومن المفارقات أن من أثر على مستقبل حيفا حتى يومنا هذا هو الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وكان أحد تصريحاته حول إمكانية مهاجمة خزان الأمونيا هو المحفز الرئيس لوقف نشاطه.

في الآونة الأخيرة، بعد انهيار هيكل التبريد التاريخي للمصافي، صرحت وزيرة حماية البيئة، جيلا غمليئيل، أن "الانهيار حدث هذه المرة عن طريق الخطأ"، لكن "في المرة القادمة سيكون متعمداً. سكان حيفا يستحقون العيش في بيئة صحية". ومع ذلك، يبدو أن هذه المشكلة تتقدم بخطوات زاحفة، هذا إن كانت تتحرك أصلا.

سائر الخطايا

فشل الخبراء في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الفشل الأخير. فيما يلي عدد من الخيارات: تشجيع الولادة، إهمال التخطيط في المجتمع العربي، البناء على الساحل، انعدام سياسة لمنع الأنواع الحيوانية والنباتية الغازية، جدار الفاصل، والافتقار إلى التخطيط طويل الأجل وغير ذلك.
*****
الخطايا البيئية للحكومات الإسرائيلية لا تعد ولا تحصى، وهي تنبع من سياسة فاشلة وضعيفة وفاسدة في بعض الأحيان وغير حكيمة في كثير من الأحيان. في نهاية المطاف، لا يتجلى فشل دولة إسرائيل في حماية البيئة الطبيعية والبيئة لسكانها في حماية الأنواع النادرة من الزواحف أو النباتات البرية - ولكن أولاً وقبل كل شيء في نوعية حياة الناس الذين يعيشون هنا. تحرم هذه الإخفاقات سكان دولة إسرائيل من حقهم في العيش دون تلوث، والوصول الحر والسهل إلى الطبيعة، والمشاركة في الموارد الطبيعية، والشوارع المظللة والآمنة، ونظام المواصلات الفعال والنظيف للحماية من أزمة المناخ المتزايدة وغير ذلك.
ربما يكون من المثير للجدل ما إذا كانت قواعد توخمان تنطبق على جميع البنود المذكورة أعلاه، وإذا كان من العدل الحكم على من اتخذ قرار تجفيف الحولة أو إنشاء خط النقب، بالنظر إلى الاحتياجات والقيم التي دفعته. لكن صناع القرار في الحكومات الحديثة لا يمكنهم الاستفادة من هذا الافتراض أو الشك. كل المعلومات لدفعها وأضرار أخطاء الماضي واضحة للعيان، والحماقة في هذه الحالة كاملة، والخطيئة لا تغتفَر.

المصطلحات المستخدمة:

الخط الأخضر, بحيرة الحولة, موديعين, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات