قال المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل أمس الاثنين إن الأحاديث التي أجراها في الأيام القليلة الفائتة مع عدة جهات عسكرية واستخباراتية رفيعة المستوى كشفت عن معارضة هذه الجهات لادعاءات حركة حماس بأن المسؤولية عن تصعيد الأوضاع الأمنية في منطقة الحدود مع قطاع غزة خلال الأسبوع المنصرم تقع على عاتق "شباب غاضبين". وبالرغم من ذلك أشار هرئيل إلى أن الادعاء السائد في المؤسسة الأمنية هو أن الأحداث الأخيرة بالقرب من السياج الحدودي تعبّر في الأساس عن ضعف سيطرة حركة حماس على ما يجري في القطاع.
وأكدت هذه الجهات الأمنية، بحسب ما أورد هرئيل، أنه إذا لم يبادر زعيم حماس في غزة يحيى السنوار للتغلب على هذا الضعف لديه الكثير ليخسره، فالتسهيلات الأكثر أهمية بالنسبة إلى حماس تأتي تحديداً من مصر. والمعبر بين رفح وسيناء مفتوح حالياً في معظم أيام الأسبوع. وفي الوقت نفسه، من خلال اتفاق صامت مع إسرائيل تستخدم مصر مؤخراً معبراً كبيراً آخر للبضائع في منطقة رفح، تمر منه بضائع كثيرة إلى قطاع غزة، بينها مواد غذائية ومواد بناء، وتفرض حماس ضريبة على حركة البضائع في هذا المعبر، وهو ما يثمر مداخيل إضافية تقدَّر بعشرات ملايين الشواكل في الشهر.
ومضى هرئيل قائلاً: بالإضافة إلى ذلك، قدمت إسرائيل تسهيلات لا يعرف الجمهور الإسرائيلي تفاصيلها، بينها تزويد القطاع بالكهرباء بمعدل نحو 16 ساعة يومياً (في مقابل 4 ساعات فقط قبل بضعة أشهر)، وانتهجت سياسة أكثر تساهلاً حيال دخول آلاف الغزاويين إلى إسرائيل بغطاء رسمي كرجال أعمال، على الرغم من أن أغلبيتهم من العمال. وقلصت إسرائيل أيضاً نحو 30% من المواد الثنائية الاستخدام، الممنوع استيرادها إلى القطاع، لأنها يمكن أن تُستخدم في بناء أنفاق، وقواعد عسكرية أو وسائل قتال. في المقابل حدث تقدم معين في بدء العمل في عدة مشاريع بنى تحتية للمدى البعيد، بينها وصل أنبوب مياه إضافي، والتحضير لوصل خط الكهرباء رقم 161. وأكد أن كل ذلك يوفر أسباباً لحماس لمواصلة الامتناع عن اندلاع مواجهة عسكرية واسعة. والسؤال الأساسي في هذه المرحلة هو هل هذه التسهيلات تكفي الجمهور الغزاوي، أم أن خيبة الأمل من عدم تحقيق المبادرات أوسع بكثير وستؤدي إلى موجة واسعة من محاولات هجمات؟، وفي هذه الحالة، وسواء تسيطر حماس على ذلك أم لا، النتيجة يمكن أن تكون الانزلاق إلى مواجهة عسكرية أخرى.
في غضون ذلك واصلت إسرائيل التهديد بشنّ عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة.
وقال وزير الطاقة وعضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية (الكابينيت)، يوفال شتاينيتس، أمس، إن الحكومة تخطط لعملية عسكرية واسعة في غزة، لكن لديها جبهة أخرى وهي منع تموضع عسكري إيراني في سورية.
وأضاف شتاينيتس أنه لم يكن لدى أي من الجنرالات السابقين حل طويل الأمد لمشكلة غزة ولن يكون حل كهذا.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في قيادة الجيش الإسرائيلي إن الجيش يستعد لمواجهة احتمال استمرار إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية خلال الأيام المقبلة، وذلك على الرغم من عدم وجود تحذيرات ملموسة في هذا الشأن. وأضافت هذه المصادر أن "فرقة غزة" التابعة للجيش الاسرائيلي تعلمت دروساً من محاولات التسلل الأخيرة، إذ تم تمييز المسلحين الذين حاولوا التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية أخيراً من مسافة عشرات الأمتار داخل قطاع غزة. وأشارت المصادر نفسها إلى أن التقديرات السائدة لدى المؤسسة الأمنية تؤكد أن الهجمات ومحاولات التسلل في منطقة الحدود مع قطاع غزة في الأيام الأخيرة هي عبارة عن مبادرات فلسطينية فردية من غزة وليست من طرف حركة حماس. وأكدت أن حماس معنية بشكل أساسي بالهدوء، لكن هناك دائماً من يعارض هذا الهدوء.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أكد أول أمس (الأحد) أنه إذا لزم الأمر ستشن إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة من دون أي علاقة بالانتخابات العامة التي ستجري يوم 17 أيلول المقبل، وأكد أنه يعمل بتعاون تام وبحزم وحكمة مع قادة المؤسسة الأمنية ولن يتردّد في فعل كل ما هو ضروري للدولة.
وتأتي تصريحات نتنياهو عقب سلسلة أحداث أمنية شهدتها منطقة الحدود بين إسرائيل يوم السبت والأسبوع الفائت وتم خلالها قتل 3 مسلحين من غزة من جانب الجيش الإسرائيلي بعد محاولتهم التسلل عبر السياج الحدودي. كما تم قتل مسلح حاول التسلل إلى إسرائيل من قطاع غزة الأسبوع الفائت.
وتمت محاولة التسلل هذه بعد ساعات قليلة من إطلاق 3 قذائف صاروخية في اتجاه جنوب إسرائيل من القطاع الساحلي. وتم اعتراض اثنتين منها في حين سقطت الثالثة خارج منزل في سديروت وتسببت بإلحاق أضرار طفيفة من دون وقوع إصابات بشرية. كما جاءت في وقت تصاعد العنف بين إسرائيل وغزة بشدة في الأسابيع الثلاثة الماضية. وفي ليلة الجمعة الفائتة أطلق فلسطينيون من القطاع صاروخاً واحداً على الأقل في اتجاه إسرائيل تم اعتراضه بواسطة منظومة "القبة الحديدية"، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي. ورداً على ذلك قصف الجيش الإسرائيلي موقعين تحت الأرض تابعين لحركة حماس.
وشهدت الأسابيع الأخيرة عدة محاولات تسلل إلى داخل إسرائيل. وفي غضون 10 أيام نجح 6 مسلحين فلسطينيين في تجاوز السياج الحدودي المحيط بقطاع غزة قبل أن تقوم القوات الإسرائيلية بقتلهم. وفي إحدى الحالات التي وقعت يوم 1 آب الحالي، فتح مسلح النار على جنود إسرائيليين، الأمر الذي تسبب بإصابة ثلاثة منهم قبل إطلاق النار عليه وقتله.