وجهت منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان رسالة وصفتها بأنها حادّة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، طالبته فيها بوقف استخدام القوة الفتاكة ضد أشخاص فلسطينيين أضرّوا أو حاولوا الإضرار أو كانوا مشتبهين بهم بالإضرار بأشخاص آخرين في الوقت الذي لم يعودوا يشكّلون فيه خطرًا، كما طالبته بإيقاف متوالية الإعدامات المرعبة في الشارع.
وقال بيان أصدرته هذه المنظمة إن المدير التنفيذي لبتسيلم حغاي إلعاد كتب في رسالته إلى رئيس الحكومة ما يلي:
"تسمح الحكومة التي تترأسها بل وتشجّع أفراد الشرطة وحتى المدنيين المسلحين على التحوّل إلى قضاة وجلادين. ويدعي المسؤولون أنّه لا يوجد أيّ تغيير في أوامر إطلاق النار وأن قوات الأمن تؤدّي عملها ضمن استخدام قوة معقولة لا تتجاوز ما هو مطلوب لوقف منفّذي العمليّات، ويبدو بديهيًا أنّ إطلاق النار على شخص مصاب لا يشكّل خطرًا هو أمر غير قانونيّ. لكن على أرض الواقع، فإن الدعم الكامل لعمليات القتل غير القانونيّة التي تم توثيقها يعبّر كما يرسخ شرعيّة لواقع مختلف تماما في جوهره. في فترة تولّيك رئاسة الحكومة، تبلور واقع يبدو ذا معياريّة جديدة، وينصّ على أنّه "يجب إطلاق النار بقصد القتل"، في أي حال، وفي أي وضع، حتى عندما لا يعود المشتبه به أو بها يشكل أي خطر. إن هذا الواقع هو نتيجة مباشرة للخطاب الحماسي لدى مسؤولين في الحكومة وممثلين منتخبين في ائتلافكم، والذين يحوزون على دعم عبر صمتك. إن الفرد الذي يدمج بين مظهر عربيّ وبين سكّين له نهاية واحدة فقط- الإعدام في الشارع".
وأضافت الرسالة أنه بالتزامن مع توجيهها إلى رئيس الحكومة، قام شرطي في القدس بإطلاق النار على فتاة في الـ16 من عمرها من قلنديا بينما تمدّدت على الأرض مصابةً وبلا حراك. وأطلِقت النار على ابنة خالها في نفس الحادث حتّى بعد أن أصيبَت من الرصاصة الأولى وسقطت ممّا أدّى إلى قتلها. وفي اليوم السابق، أطلق الجنود النار على فتاة من نابلس وأردوها قتيلة، بعد أن أصيبت جرّاء دهسها. وفي القدس، قُتل في شهر تشرين الأول شابان وتواصل إطلاق النار صوبهما حتّى إصابتهما. في كل من هذه الحالات الخمس، يدور الحديث حول أشخاص كانوا "مشلولي الحركة"، ورغم ذلك أُطلقت النار عليهم مرات أخرى. من بين الخمسة، لقي أربعة مصرعهم وأصيبت واحدة بجروح بليغة. وسواء دار الحديث عن أشخاص حاولوا تنفيذ عمليّة أم لا، فإن الأمر لا يحجب الحقيقة المرّة وهي أن المسألة تتمحور حول تنفيذ إعدام في الشارع، دون قانون ودون محاكمة، وبشكل فوريّ وعلنيّ، وهناك اشتباه بأنّ حالات أخرى تنضمّ إلى هذه الحالات المذكورة.
وتابعت الرسالة:
إن القانون الجنائي لدولة إسرائيل ألغى عقوبة الإعدام على جرائم القتل منذ أكثر من ستين عامًا، وذلك في العام 1954. وعلى وجه الخصوص، لم يُنصّ بأي حال على عقوبة الإعدام في مسائل تتعلّق بالشروع في قتل أو اعتداء خطير. وفي كلتا الحالتين، حتى لو كانت هذه السلطة قائمة في القانون الإسرائيلي، فإنّ القرار بشأنها يعود إلى المحاكم. و"إسرائيل بيتنا"، الحزب الذي أخذ على عاتقه مسؤوليّة تشريع الأمر في الانتخابات الأخيرة، فشل في محاولة تحريك الأمر قدمًا. وجميع الكتل البرلمانيّة باستثناء كتلة الحزب المذكور - 94 عضوًا في الكنيست مقابل 6 أعضاء - صوتت ضد مشروع القانون. من يصمت في الوقت الذي تتصرّف فيه قوات الأمن خارج نطاق القانون، لا يمكنه أن يكون نظيف اليدين. لا يمكنك أن تقول إنّ أذنيك لم تسمع أو أن فمك لم يأمر. إن صمتك المتواصل في ضوء الأحداث، إلى جانب الثناء العام على عمل قوات الأمن، يوضّح السياسة التي تتبناها وتدعمها. كما أن صمتك في ضوء تصريحات وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، بأن "كل مخرّب يجب أن يعرف أنه لن ينجو من العمليّة التي سينفّذها" يصادق على هذه السياسة غير القانونيّة. وصمتك بعد تنفيذ هذه السياسة هو دعم لاحق.
وأكدت الرسالة "أن موجة الهجمات ضد الإسرائيليين أمر مروع وأن قوات الأمن ملزمة بحماية الجمهور. وتبعًا للظروف، فإنّها ملزمة باستخدام القوة اللازمة لتحقيق هذا الهدف". لكن في الوقت نفسه أكدت أنه يجب على أفراد الشرطة والجنود ألا يتصرفوا بمثابة قضاة وجلادين وأن من يضغط على الزناد يتحمّل مسؤوليّة أفعاله وفي نهاية المطاف فإنّ رئيس الحكومة هو من يتحمّل المسؤوليّة.
وكانت عدة منظّمات لحقوق الإنسان في إسرائيل قد أصدرت في وقت سابق بيانا أكدت فيه أن دعوة السّياسيين الإسرائيليين لعناصر الشّرطة والجنود إلى القتل بدلاً من الاعتقال هي استباحة دماء.
وجاء في هذا البيان:
"منذ بداية جولة العنف الحالية، نشهد ظاهرة خطيرة لإطلاق النار بهدف قتل فلسطينيين مسوا بإسرائيليين أو اشتُبه بهم في ذلك. ويدور الحديث عن سلسلة حالات تمّ توثيقها ونشرها، تثير مخاوف من أن النهج الذي تمّ اختياره للتعامل مع هذه الحالات هو الأسوأ، وبهذا كانت النتيجة قاتلة أو للأسف لا لزوم لها. في الحالات التي كان المشتبه بهم يهودًا لم يُطلق الرّصاص عليهم.
هناك ساسة ومسؤولون في الشرطة، لا يعملون على تهدئة الجو العام العاصف، بل على العكس من ذلك يدعون علنا إلى قتل المشتبه بهم دون محاكمة، وأن يقوم المدنيّون بحمل السلاح. هذا على سبيل المثال، ما نُقل على لسان اللواء موشيه إدري، قائد شرطة لواء القدس، قائلا: "كلّ من يطعن اليهود أو يصيب أبرياء بأذى - حكمه القتل". وقال وزير الأمن الداخلي إردان "كل مخرّب عليه أن يعرف أنه لن ينجو من العملية الموشك على تنفيذها". وقال عضو الكنيست يائير لبيد "من يُخرجُ سكينًا أو مفكًا يجب إطلاق النار عليه وقتله". وتجنّد جزء كبير من وسائل الإعلام الإسرائيلية لتعزيز نهج مماثل، والمصادر المسؤولة التي من المفترض أن تراقب عمل الشرطة – مثل النيابة العامة وقسم التحقيقات مع الشرطة - لم تحرّك ساكنًا في مواجهة هذه الأمور.
لا خلاف حول خطورة الأحداث الحاصلة في الأيام الأخيرة، وحول الحاجة إلى حماية الجمهور من الطعن وغيرها من الهجمات. لكن يبدو أنه في حالات كثيرة جدا، بدلا من التصرف بطريقة تتناسب وطبيعة كل حدث، يهرع رجال الشرطة والجنود إلى إطلاق النار بقصد القتل. إن الدعم السياسيّ والشعبيّ لهذه العمليات يعني استباحة دماء الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.
بدلا من اتخاذ إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة، على الحكومة الإسرائيلية العمل على إنهاء واقع القمع المتواصل واليومي لما يقارب أربعة ملايين إنسان يعيشون من دون أي أمل في التغيير، وفي غياب أفق بإنهاء الاحتلال والعيش بحرية وكرامة".
ووقعت البيان المنظمات التالية: جمعية حقوق المواطن في إسرائيل؛ أمنستي إنترناشيونال (منظمة العفو الدولية)- فرع إسرائيل؛ بتسيلم؛ غيشاه (مسلك)؛ اللجنة العامّة لمناهضة التعذيب في إسرائيل؛ هموكيد - مركز الدفاع عن الفرد؛ يش دين- منظمة متطّوعين لحقوق الإنسان؛ عدالة- المركز القانونيّ لحقوق الأقليّة العربيّة في إسرائيل؛ أطباء لحقوق الإنسان- إسرائيل.