المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 2090

تحدثت دراسات وتقارير عديدة عن التعامل العنصري وغير الإنساني وحتى الوحشي من جانب الجنود والضباط الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين، وأن هذه الممارسات نابعة من استمرار الاحتلال وتأثيره على المجتمع الإسرائيلي عموما. كذلك تبين استطلاعات الرأي أن الجمهور الإسرائيلي هو جمهور يميني، وبرز ذلك في نتائج الانتخابات العامة الأخيرة، وأن أفكار أحزاب اليمين المتطرف، وبضمنها حزب الليكود الحاكم، باتت تهيمن على الرأي العام. ولعل تكثيف مضامين "الهوية اليهودية" وتمريرها في المدارس الثانوية، في السنوات الأخيرة، هو أحد أسباب تنامي العنصرية في إسرائيل والتي لم تعد خافية على أحد.

وكشفت صحيفة "هآرتس"، يوم الجمعة الماضي، عن معطيات داخلية تجمعت لدى سلاح التربية والتعليم في الجيش الإسرائيلي خلال العام 2014 الفائت، تبين منها أن 80% من فعاليات "أيام السبت التربوية"، التي يشارك فيها ضباط من قادة سرايا فما فوق، مررتها جهات يمينية واستيطانية، بينها جمعيات تخضع لحركة "حباد" اليمينية المسيانية وجمعية "إلعاد" الاستيطانية التي تعمل في مجال تهويد البلدة القديمة في القدس ومحيطها. ووفقا للمعطيات، فإن الجمعيات والمؤسسات التي تدعو إلى الانفتاح والتعددية الفكرية تمرر 10% فقط من هذه الفعاليات.

وحذر مصدر مطلع على فعاليات "أيام السبت التربوية" من أن "الجيش الإسرائيلي تخلى عن التربية في الجيش لصالح منظمات ذات أجندة واضحة. وهذا أمر مشوه من الناحية التربوية ويشكل خطرا على خطاب الهوية اليهودية والإسرائيلية".

ووفقا لوثيقة داخلية في سلاح التربية، نظم معهد إسرائيلي مقره في القدس، ويرفض الجيش الكشف عن اسمه، فعالية "سبت تربوي" بمشاركة ضباط في الجيش، في شهر تشرين الثاني الماضي. وجاء في الوثيقة أنه "تم الاتفاق خلال لقاء الإعداد للسبت أنه سيتضمن محاضرة تقدمها سيدة تحمل مرتبة حاخام من الحركة اليهودية الإصلاحية، وذلك في إطار رؤية التعددية الفكرية التي تستعرض هويات متنوعة. وسعى المعهد إلى عدم تقديم المحاضرة، لأنها لم تتلاءم مع أفكاره". وتبين أنه خلال جولة للضباط المشاركين في هذه الفعالية في البلدة القديمة في القدس "أطلقت تفوهات مسيئة للدين الإسلامي، الأمر الذي مس بمشاعر ضابط بدوي، قرر مغادرة الجولة في منتصفها".
وتشير المعطيات إلى أن جمعية "أسنات"، التي مقرها في مدينة صفد وتنشط في مجال التصوف و"الكبالاه" اليهودية، نظمت 20% من الفعاليات. وتعرّف الجمعية أهدافها "بإجراء تعارف مع التجربة الروحانية اليهودية عموما، ومع تراث صفد والكبالاه خصوصا". ووفقا للموقع الالكتروني للجمعية فإن "الجيش الإسرائيلي يرسل مئات الجنود أسبوعيا إلى أيام سبت تراثية وأيام دراسية، ينكشف خلالها الجنود على جذور آبائهم". ويواصل الجيش إرسال الضباط إلى هذه الجمعية، رغم أن ضباطا في سلاح التربية انتقدوا في الماضي التعاون مع هذه الجمعية بعد أن شكا ضباط وجنود من أنها تمارس ضدهم إكراها دينيا ونشاطا تبشيريا.

ووفقا للمعطيات فإن عددا من المنظمات اليهودية الدينية المتطرفة تشارك في تنظيم فعاليات "أيام السبت التربوية". ومن هذه المنظمات "الصندوق من أجل تراث حائط المبكى"، والمعهد الديني "دارخي أفوت" (طرق الآباء) ومقرهما في القدس، وجمعية "التوراة للجيش" ومنظمة "نور للجنود" التابعة لحركة "حباد" المسيانية اليمينية.

وتبين من معطيات سلاح التربية أن 21 فعالية من "أيام السبت التربوية"، جرت في ما يسمى بـ"مدينة داوود" التي تديرها جمعية "إلعاد" في سلوان. وجرى خلال الفعالية التحدث عن "التاريخ". وقال ضابط شارك في الفعالية إنه "لم يقل أحد لنا إن هذه هي الجمعية التي تنشط من أجل تهويد مدينة داوود، ومن لم يعرف مسبقا، لن يعرف لاحقا".

وأشار ضابط سابق في سلاح التربية إلى أن سبب سيطرة الحركات والمنظمات اليهودية الأرثوذكسية على فعاليات "أيام السبت التربوية" نابع بقدر كبير من طريقة تمويلها. وقال هذا الضابط إن "الجيش الإسرائيلي يشترط تنظيم الفعاليات بأن تجمع الجهة التي تنظمها تبرعات بنفسها. وهنا مصدر الإخفاق، وهذا هو سبب النتيجة المحزنة بأن معظم الفعاليات في هذا المجال تنظمها جهات أرثوذكسية، وقسم منها ينشط عند حدود التبشير".

ورأى مصدر آخر أنه "أمر مقلق أن الجيش الإسرائيلي مستعد لأن يدفع مقابل الدبابات والطعام، لكن عندما نصل إلى مجال التربية نعتمد على التبرعات. وهذا الأمر مشابه لوضع ينشر فيه الجيش عطاء لتزويد الطعام ويشترط على من يفوز به بأن يجد متبرعا. وفي هذه الحالة، سيقرر متبرع نباتي ماذا سيأكل الجنود. وهذا يبدو مستحيلا عندما نتحدث عن الطعام، لكن هذا هو الواقع في مجال التربية". وأضاف أن "بإمكان الجيش القول إنه توجد رقابة، لكن ليس بالإمكان عزل أفكار المنظمات عن الفعاليات التي تنظمها. وهل هناك أحد ما ليس مؤمنا بأن ’مدينة داوود’ ليست مستوطنة؟".

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, تهويد, الليكود

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات