المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
البنوك الإسرائيلية: أرباح قياسية في سياق قانوني مختل. (فلاش 90)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 50
  • برهوم جرايسي

أجمعت التقارير الاقتصادية الإسرائيلية على أن البنوك الإسرائيلية الخمسة الكبرى سجلت في العام الماضي 2024 ذروة أرباح صافية ضخمة، بتقدير أنها ستبلغ 30 مليار شيكل كربح صاف (8.33 مليار دولار)، زيادة بنسبة 18.5% عن أرباح 2023، ولكن هذه زيادة بنسبة فاقت 67% خلال الأعوام الأربعة الماضية؛ إذ استفادت البنوك من الفائدة البنكية الأساسية العالية، إذ تزيدها على القروض، وتنتقص منها على الإيداعات، وسط غياب أنظمة وقوانين تلجم البنوك، وهذا ما يقود إلى انتقادات للبنوك، لكن بشكل خاص انتقاد للبنك المركزي. وفي سياق الاقتصاد، دلّ تقرير جديد على ارتفاع معدّل الأجور في العام الماضي، بأكثر من نسبة التضخم، لكن عدد المنضمين إلى سوق العمل كان قليلا، بفعل تجنيد جيش الاحتياط للحرب.

وبدأت البنوك التجارية في إعلان بياناتها عن العام الماضي، وكانت أعلى الأرباح لدى بنك ليئومي، المصنّف ثانيا بين البنوك الإسرائيلية الكبرى، وبلغ حجم أرباحه الصافية 9.8 مليار شيكل (2.72 مليار دولار)، زيادة بنسبة 40%، عن أرباح العام الذي سبق، 2023. وكان البنك قد وزع أرباحا على المساهمين، بلغت ما يقارب 4 مليارات شيكل.

ويؤكد تقرير البنك أن مصدر الزيادة الكبيرة في الأرباح نابع من ارتفاع الفائدة، وأيضا من التضخم المالي، إذ إن الكثير من القروض مرتبطة أيضا بالتضخم المالي.

وبرز بين البنوك بنك "مزراحي طفاحوت"، الذي قفز في العامين الأخيرين ليكون البنك الثالث من حيث الحجم، محتلا مكانة بنك ديسكونت، إذ أعلن عن أرباح صافية بقيمة 5.5 مليار شيكل، زيادة بنسبة 12% عن أرباح العام الذي سبق، وبلغت في حينه 4.9 مليار شيكل، وقبل أعوام قليلة سابقة كانت أرباح هذا البنك السنوية تتراوح ما بين مليار إلى ملياري شيكل.

وأعلن بنك هبوعليم، أكبر البنوك الإسرائيلية، أن أرباحه الصافية بلغت في العام الماضي 7.6 مليار شيكل، زيادة بنسبة 3.7% عن العام الذي سبق. وفي خطوة ليست مألوفة، وقد تُعد سابقة في قطاع البنوك الإسرائيلي، فقد تضمّن تقرير بنك هبوعليم أهداف ربح للعامين الجاري، 2025، بقيمة 8.5 مليار شيكل، كربح صاف، و9.5 مليار شيكل في العام المقبل 2026.

وفي حين أن أرباح البنوك الخمسة الكبرى بلغت نحو 30 مليار شيكل في العام الماضي، فقد بلغت في العام 2023، نحو 25.6 مليار شيكل، وفي العام 2022 أكثر من 23 مليار شيكل، وفي العام 2021 كانت الأرباح قد سجلت ذروة أيضا ببلوغها 18.3 مليار شيكل، بالرغم من أزمة الكورونا، بمعنى أن أرباح 2024 مرتفعة بنسبة 67% عن تلك التي كانت في العام 2021.

وتستفيد البنوك من الفائدة الأساسية العالية التي يفرضها بنك إسرائيل المركزي، وهي منذ أكثر من عامين عند 6% تقريبا، منها 1.5% ثابتة، وقرر بنك إسرائيل في نهاية شباط الماضي إبقاءها، على حالها حتى إعلان الفائدة التالي، في النصف الأول من شهر نيسان المقبل، وسط توقعات بأن لا يخفض البنك الفائدة، حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري.

وتشكل الفائدة البنكية العالية عبئا آخر على الجمهور، إذ إنه حسب تقارير سابقة، فإن كل نسبة 1% للفائدة، تدر على البنوك التجارية سنويا مداخيل بقيمة تفوق 5.2 مليار شيكل (1.45 مليار دولار).

وتفرض البنوك نسب فوائد أعلى من الفائدة الأساسية، وأحيانا تفوق ضعفها، على القروض، فيما تمنح فوائد أقل من الفائدة الأساسية على الإيداعات، كما أنها تمتنع عن منح فائدة على الأموال في الحسابات الجارية.

وتقول التحليلات الاقتصادية، إن الفجوة بين الفائدة التي تجبيها البنوك على القروض والسحب الزائد، وبين تلك التي تدفعها في مقابل التوفيرات، تعد ضخمة جدا، وهذه هي مصدر جدي للأرباح، إذ بحسب تقديرات بنك إسرائيل المركزي، فإن معدّل الفائدة على القروض في الفترة الحالية نحو 9.4% سنويا، بينما الفوائد التي تدفع على التوفيرات، خاصة على شكل إيداع مالي دفعة واحدة، لمدة عام أو عامين، بالكاد تتجاوز نسبة 4%.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن القانون الإسرائيلي يفرض ضريبة تتراوح ما بين 15% وحتى 25% على الأرباح من الفوائد البنكية، ما يقلل جدوى التوفير في البنوك، وتفضيل بقاء الأموال في إطار سيولة نقدية لاستخدامها من دون قيود.

وفي خطوة ليست مألوفة، وعلى ضوء الحجم الضخم للأموال في الحسابات الجارية، أطلق بنك إسرائيل المركزي في الأسبوع الماضي، حملة إعلانية، يشجع فيها الجمهور على إيداع الأموال الفائضة في الحسابات الجارية في برامج توفير، واللافت أن هذه الحملة كانت أيضا باللغة العربية، وانتشرت في شبكات التواصل.

ودعا البنك المركزي، في نهاية الشهر الماضي، البنوك التجارية لتقديم 1.5 مليار شيكل للجمهور، في كل واحد من العامين الجاري 2025 والمقبل 2026، على أن يكون هذا من خلال تخفيف الفوائد على القروض والسحب الزائد، وأيضا منح فائدة على الأموال في الحسابات الجارية.

وكانت محاولات في الكنيست لسن قانون يفرض ضريبة زائدة على الأرباح الاستثنائية التي تحققها البنوك نتيجة لارتفاع الفائدة العالية، لكن البنك المركزي تدخل لإحباط المبادرة التي لاقت أغلبية بين النواب، وبادرت البنوك الكبرى لتقديم 2.6 مليار شيكل للخزينة العامة، عن العام الماضي، لكن ليس كضريبة وإنما كمبادرة من البنوك. وليس واضحا ماذا سيكون هذا العام، على ضوء هذا الارتفاع الحاد في الأرباح.

ويقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "معاريف" يهودا شاروني إن حقيقة أن الفائدة في بنك إسرائيل لم تنخفض ​​وبقيت عند 6%، من شأنها أن تديم الفوارق المرتفعة في الفائدة بين القروض والتوفيرات. ولذلك فإن أرباح البنوك ستستمر في الارتفاع في الملخص السنوي.

ولفت شاروني، إلى أن أرباح البنوك سترتفع، لأن نحو 240 مليار شيكل (قرابة 67 مليار دولار) "راكدة" في الحسابات الجارية، لأن أصحابها لا يجدون جدوى في ايداعها في حساب توفير، بسبب الفوائد الهشّة، بينما البنوك تستفيد من هذه الأموال الضخمة، وتستثمرها. ونشير هنا إلى أنه قبل نحو 3 أعوام كان الحديث عما يقارب 500 مليار شيكل، موجودة في الحسابات الجارية.

ويقول شاروني: "لقد اعتدنا القول في كل عام إن البنوك بالغت هذه المرة في الأرباح المفرطة، ويجب عليها التخفيف منها، وأن يتم خلق منافسة لها. من المرجح أن يُستأنف هذا المهرجان الخطابي مع الانتهاء من نشر تقارير 2024، لكن كيف يقال عادة؟ الكلاب تنبح والقافلة تسير. أو بلغة كرة القدم يلعبون حتى الدقيقة 90 وفي النهاية تفوز البنوك".

معدل الرواتب

قال تقرير جديد لمكتب الإحصاء الحكومي، في الأسبوع الماضي، إن معدل الأجور في إسرائيل في العام الماضي 2024، بلغ 13514 شيكلا (نحو 3753 دولارا)، زيادة بنسبة 5.1% عن معدل الأجور في العام 2023، وهذه زيادة أعلى من نسبة التضخم المالي في العام الماضي، التي بلغت 3.2%، وأعلى من نسبة النمو الاقتصادي، المعلنة حتى الآن، 1%. إلا أنه بحسب التحليلات الاقتصادية، فإن ارتفاع معدل الأجور نابع من مؤثرات اقتصادية ليست ثابتة.

وكان أعلى معدل للرواتب في قطاع التقنية العالية، إذ بلغ معدل الرواتب 31858 شيكلا (8850 دولارا)، ويبلغ عدد العاملين في هذا القطاع أكثر بقليل من 400 ألف شخص.

وقال المحلل الاقتصادي في صحيفة "ذي ماركر"، ناتي طوكر، إن ارتفاع معدل الأجور قد يكون نابعا من أحداث اقتصادية عابرة وليست ثابتة، مثل تطبيق اتفاق رفع الحد الأدنى من الأجر، وارتفاع الأجور في القطاع العام. وفي المقابل كان التجنيد الواسع لجيش الاحتياط، ما زاد عدد جنود الاحتياط، الذين، كما يستدل من تقرير الكاتب، رواتبهم تكون أعلى.

ويقول طوكر إنه على الرغم من ارتفاع معدل الرواتب، فإن عدد الأجيرين في سوق العمل الإسرائيلية ارتفع بنسبة 0.7%، وهي أقل من نسبة التكاثر السكاني، التي كانت، بحسب الكاتب، 1.1%، بينما قالت تقارير أخرى إنها 1.3%، وكلا النسبتين أقل من معدل الأعوام الأخيرة 2%.

وبلغ عدد الأجيرين في العام الماضي 4 ملايين و19 ألف شخص، وهذا لا يشمل العاملين المستقلين، من ذوي المهن الحرفية الخاصة، أو أصحاب المصالح، إذ بحسب تقارير أخرى فإن عدد المنخرطين في سوق العمل الإسرائيلية يفوق 4.25 مليون شخص.

المصطلحات المستخدمة:

كرة القدم, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات