المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
لافتة مكتوب عليها بالعبرية "400 يوم عار على نتنياهو" خلال مسيرة تطالب بصفقة تبادل أسرى، في 9 تشرين الثاني 2024.  (أ.ف.ب)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 110
  • سليم سلامة

ترى أغلبية ضئيلة (53,6 بالمائة) من اليهود مواطني دولة إسرائيل أنّه قد أصبح في مقدور حكومتهم "أن تجيز لنفسها تليين مواقفها إزاء حركة حماس في قطاع غزة من أجل تسهيل مهمة التوصل إلى صفقة تضمن إطلاق سراح المخطوفين" الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي منذ 13 شهراً على التوالي.

وفي مُعطًى مُكمِّل لما ذُكر، مما حملته نتائج استطلاع الرأي الأخير الذي نشر نتائجه "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" في نهاية الأسبوع الأخير (7 تشرين الثاني)، تبين أن أغلبية ضئيلة أخرى، مماثلة تقريباً (52,8 بالمائة)، من الجمهور اليهودي في إسرائيل، تعبّر عن تفاؤلٍ ما حيال مستقبل الأمن القومي الإسرائيلي، بينما لا يعبر عن مثل هذا التفاؤل من بين العرب مواطني دولة إسرائيل سوى أقلية لا تتجاوز 21,8 بالمائة منهم فقط. مع ذلك، نرى بين الجمهور الإسرائيلي عامّةً تقدماً طفيفاً لأصحاب الشعور بالتشاؤم (49,3 بالمائة) مقابل أصحاب الشعور بالتفاؤل (47,5 بالمائة) حيال وضع الأمن القومي الإسرائيلي في المستقبل المنظور. 

هذا ما بيّنته أبرز النتائج التي حملها استطلاع "مؤشر الصوت الإسرائيلي" لشهر تشرين الأول الأخير؛ وهو استطلاع يجريه "مركز فيطربي" (في إطار "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية") للرأي العام والسياسات في إسرائيل مرة كل شهر، ابتداء من نيسان 2019. وشمل استطلاع المؤشر للشهر الأخير عينة من المستطلَعين قوامها 750 شخصاً من الذكور والإناث (600 منهم من اليهود و150 من العرب، في سن 18 سنة وما فوق) تم استطلاع آرائهم في الأيام ما بين 28 تشرين الأول المنصرم حتى 3 تشرين الثاني الجاري. وتناول استطلاع الشهر الأخير جملة من المواضيع والأسئلة المتداولة في الإعلام والمطروحة على جدول الأعمال الإسرائيلي، وأبرزها: 1. "المزاج القومي"، الذي يتكرر في جميع استطلاعات "مؤشر الصوت" ويتكوّن من مركّبين أساسيين: أ. الشعور حيال وضع النظام الديمقراطي في إسرائيل في المستقبل المنظور؛ ب. الشعور حيال وضع الأمن الإسرائيلي في المستقبل المنظور؛ 2. أداء قيادة "الجبهة الداخلية" خلال الفترة الأخيرة، وخصوصاً إزاء التصعيد الواضح الذي تشهده إسرائيل في عدد ووتيرة ونوعية الصواريخ التي يضربها حزب الله من لبنان وأنصار الله من اليمن والمقاومة الإسلامية في العراق، إضافة إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة؛ 3. الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الأخير الذي شنّته إيران ضد إسرائيل؛ 4. "الجبهة الجنوبية"، أي حرب الإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، "بعد رحيل السنوار"؛ 5. "الجبهة الشمالية"، أي الحرب العدوانية ضد لبنان، "ماذا بعد؟"؛ 6. دول العالم ـ أيّ الدول هي الصديقة وأيّها هو العدو؟؛ 7. انتخابات الرئاسة الأميركية: هاريس أم ترامب؟ (قبل إجراء الانتخابات وفوز ترامب، بالطبع). 

 الأمن والديمقراطية ـ التشاؤم بالمستقبل سيّد الشعور

تبيّن إجابات المشاركين في استطلاع الرأي العام على السؤال حول الشعور حيال مستقبل الوضع الأمني في إسرائيل في المستقبل المنظور، أن الشعور بالتشاؤم هو سيد الموقف: نحو النصف (49,3 بالمائة) من الجمهور الإسرائيلي عامّة يعبّرون عن التشاؤم ـ 30% متشائمون جداً و19,3% متشائمون كثيراً. وفي توزيعة المتشائمين حسب الانتماء القومي، تبين أن 43,3% من اليهود هم متشائمون (31,4% متشائمون جداً و11,9% متشائمون كثيراً) مقابل أغلبية ساحقة من العرب ـ 78,1% منهم متشائمون (55,1% متشائمون جداً و23% متشائمون كثيراً). أما المتفائلون بشأن مستقبل الوضع الأمني في إسرائيل في المستقبل المنظور فيشكلون 47,5% من مجمل المشاركين في الاستطلاع ـ 52,8% من اليهود متفائلون (41,2% متفائلون جداً و11,6% متفائلون كثيراً) مقابل 21,8% فقط من العرب متفائلون (18,4% متفائلون جداً و3,4% متفائلون كثيراً). 

تفيد هذه النتائج بأنّ تحسناً ملحوظاً قد طرأ على الشعور العام حيال الوضع الأمني الإسرائيلي في المستقبل المنظور، مقارنة بنتائج استطلاع "مؤشر الصوت الإسرائيلي" خلال الأشهر الماضية، وهو ما يعزوه معدّو الاستطلاع، ترجيحاً، إلى "النجاحات العسكرية التي حققتها إسرائيل في لبنان" و"ربما، أيضاً، عقب صدّ الهجوم الإيراني وإنهائه بخسائر وأضرار قليلة". كذلك الحال، أيضاً، بالنسبة للسؤال حول الشعور بشأن النظام الديمقراطي في إسرائيل في المستقبل المنظور: 58,7 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع و53,9 بالمائة من المشاركين اليهود و82,5 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع ـ متشائمون حيال مستقبل النظام الديمقراطي؛ مقابل 38,7 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع و42,9 من المشاركين اليهود و17,5 بالمائة من المشاركين العرب ـ متفائلون. 

نرى من هذه النتائج، هنا، أن الفوارق ما بين اليهود والعرب بقيت على حالها: عند الحديث عن الأمن القومي الإسرائيلي، ثمة أقلية ضئيلة من اليهود (نحو 53 بالمائة) تنظر إلى المستقبل بتفاؤل (مقابل 30 بالمائة في تموز و43 بالمائة في آب الماضيين). وهي الحال أيضاً عند الحديث عن مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل، إذ يظهر ارتفاع بسيط في نسبة المتفائلين مقارنة بنسبتهم خلال الأشهر السابقة. أما بين العرب، في المقابل، فإنّ نسبة المتفائلين تبقى متدنية، بل متدنية جداً، في كلا المجالين (الأمن القومي والنظام الديمقراطي) على امتداد الاستطلاعات المتتالية كلها. لا بل أكثر من ذلك: فبينما لم يطرأ على نسبة العرب المتفائلين بشأن مستقبل الأمن القومي أي تحسن (21 بالمائة في آب و22 بالمائة في تشرين الأول)، طرأ تراجع (انخفاض) على نسبة العرب المتفائلين بشأن مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل: من 15 بالمائة في تموز، ثم 24 بالمائة في آب إلى 17 بالمائة في تشرين الأول ـ الاستطلاع الأخير. 

يورد معدّو الاستطلاع سبباً آخر، إضافياً، محتملاً للتحسن في مزاج/ شعور الجمهور اليهودي بشأن مستقبل الأمن القومي يتمثل في أداء قيادة "الجبهة الداخلية". فقد سُئل المشاركون في الاستطلاع: "على سلم من 1 (سيء جداً) إلى 5 (ممتاز)، أية علامة تعطي لقيادة الجبهة الداخلية على أدائها في إدارة الدفاع عن الجبهة الداخلية حتى الآن؟". وعلى هذا، جاءت الإجابات على النحو التالي: الأغلبية الساحقة من المشاركين اليهود (82,2 بالمائة) تقيّم أداء قيادة الجبهة الداخلية بأنه في الدرجتين 4 (جيد جداً ـ 39,1 بالمائة) و5 (ممتازـ 43,1 بالمائة). كذلك، كان تقييم المشاركين العرب في الاستطلاع لأداء قيادة الجبهة الداخلية مرتفعاً، لكن أقل منه لدى اليهود: 23,1 بالمائة منهم (العرب) ـ ممتاز (5)، 16,6 بالمائة ـ جيد جداً (4) و28,6 بالمائة ـ جيد (3). 

الجبهتان: الجنوبية (قطاع غزة) والشمالية (لبنان)

سُئل المشاركون في الاستطلاع: إلى أي مدى قرّبَ قتلُ يحيى السنوار دولةَ إسرائيل من تحقيق أحد أهدافها المعلنة لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وهو هدف القضاء على حركة حماس؟ اللافت في الإجابات هنا أن أغلبية واضحة من بين مجمل المشاركين في الاستطلاع (55,4 بالمائة) ومن بين المشاركين اليهود فيه (62,5 بالمائة) قالت إن قتل السنوار قرّب إسرائيل نحو تحقيق هدفها المذكور، مقابل أقلية ضئيلة (20,9 بالمائة) من بين المشاركين العرب في الاستطلاع: قرّبها بدرجة كبيرة جداً (19,2 بالمائة من مجمل المشاركين و21,3 بالمائة من المشاركين اليهود، مقابل 8,8 بالمائة فقط من المشاركين العرب في الاستطلاع) أو بدرجة كبيرة (36,2 بالمائة من مجمل المشاركين و41,2 بالمائة من المشاركين اليهود، مقابل 12,1 بالمائة فقد من المشاركين العرب).

في المقابل، قال 37.9 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع و32,5 بالمائة من المشاركين اليهود، مقابل 64,3 بالمائة من المشاركين العرب، إن قتل السنوار لم يقرّب إسرائيل نحو تحقيق هدفها المذكور (القضاء على حركة حماس) سوى بدرجة قليلة جداً (24,4 بالمائة، 24,2 بالمائة، مقابل 25,5 بالمائة ـ على التوالي) أو أنه لم يقرّبها نحو ذلك بتاتاً، على الإطلاق (13,5 بالمائة، 8,3 بالمائة، مقابل 38,8 بالمائة ـ على التوالي).

ورداً على سؤال عمّا إذا كان بإمكان إسرائيل أن تجيز لنفسها قدراً أكبر من الليونة في مواقفها مقابل المقاومة الفلسطينية من أجل تسهيل مهمة التوصل إلى صفقة تضمن إطلاق المخطوفين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، جاءت الإجابات على النحو التالي: 55,8 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع أجابوا على السؤال بالإيجاب، وكذا فعل 53,6 بالمائة من المشاركين اليهود، مقابل 67,1 بالمائة من المشاركين العرب. أما بالسلب، فقد أجاب على السؤال: 36,4 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع، 39 بالمائة من المشاركين اليهود و23,2 بالمائة من المشاركين العرب. 

في مقابل السؤالين المذكورين آنفاً اللذين تضمنهما الاستطلاع حول ما يُسمى إسرائيلياً بـ "الجبهة الجنوبية"، أي: حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، تضمن الاستطلاع ثلاثة أسئلة حول ما يسمّى ـ إسرائيلياً أيضاً ـ بـ "الجبهة الشمالية"، أي: العدوان الإسرائيلي الوحشي على لبنان. كان السؤال الأول عن "الهدف الذي ينبغي على إسرائيل تركيز جهودها لتحقيقه في لبنان، في الوضع الحالي"، وجاءت الإجابات عليه على النحو التالي: 1. تحقيق تسوية سياسية ـ 46,6 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع، 38 بالمائة من المشاركين اليهود و88 بالمائة من المشاركين العرب!!؛ 2. مواصلة القتال في لبنان ضد حزب الله (العدوان على لبنان يشمل، بالأساس، تدمير القرى وقتل وتهجير المدنيين!!) ـ 45,8 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع، 53,9 بالمائة من المشاركين اليهود و6,5 بالمائة من المشاركين العرب. 

ثم كان السؤال الثاني حول المدة الزمنية التقديرية التي سيتمكن خلالها النازحون من مستوطنات الشمال في إسرائيل من العودة إلى منازلهم، وكانت الإجابات: 1. في مدة أقصاها شهر واحد ـ 5,8 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع، 3,1 بالمائة من المشاركين اليهود و18,9 بالمائة من المشاركين العرب؛ 2. في مدة تتراوح بين شهر واحد وثلاثة أشهر ـ 16,6 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع، 16,4 بالمائة من المشاركين اليهود و17,5 بالمائة من المشاركين العرب؛ 3. في مدة تتراوح بين 3 أشهر حتى 6 أشهر ـ 22,3 بالمائة من مجمل المشاركين، 23,2 بالمائة من المشاركين اليهود و17,9 بالمائة من المشاركين العرب؛ 4. في مدة تتراوح بين نصف سنة وسنة واحدة ـ 25,7 من مجمل المشاركين، 26,7 بالمائة من المشاركين اليهود و20,9 بالمائة من المشاركين العرب؛ 5. في مدة تزيد عن سنة واحدة ـ 13,9 من مجمل المشاركين، 16,2 بالمائة من المشاركين اليهود و13,6 بالمائة من المشاركين العرب. 

وكان السؤال الثالث: من هي الجهة التي يُفضَّل أن تسيطر على جنوب لبنان عسكرياً بعد انتهاء الحرب؟ وكانت الإمكانيات المطروحة أمام المشاركين هي التالية: 1. إسرائيل، بصورة دائمة ـ 26 بالمائة من مجمل المشاركين، 30,5 بالمائة من المشاركين اليهود و4,3 بالمائة من المشاركين العرب؛ 2. قوة عسكرية دولية متعددة القوميات ـ 34,5 بالمائة من مجمل المشاركين، 37,7 بالمائة من المشاركين اليهود و18,7 بالمائة من المشاركين العرب؛ 3. الجيش اللبناني ـ 27,1 بالمائة من مجمل المشاركين، 21,4 بالمائة من المشاركين اليهود و55 بالمائة من المشاركين العرب؛ 4. حزب الله ضعيف (أي، بعد إضعافه بفعل الحرب) ـ 1,7 بالمائة من مجمل المشاركين، 0,8 بالمائة من المشاركين اليهود و5,7 بالمائة من المشاركين العرب. 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات