يتعاظم القلق في الأوساط الاقتصادية الإسرائيلية من وتيرة التضخم السلبية في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، ولكن ليس فيها فقط، بل هذه الوتيرة تميّز الأشهر الـ 12 الأخيرة، التي تراجع فيها التضخم بنسبة 6ر1%، وهي وتيرة لا يذكرها الاقتصاد الإسرائيلي.
فقد فاجأ التضخم في شهر أيار الأوساط الاقتصادية، بعد أن تراجع بنسبة 3ر0%، بحسب ما أعلنه مكتب الإحصاء المركزي في الأسبوع الماضي، وهذا التراجع الثاني على التوالي وبذات النسبة، بمعنى أنه في شهر نيسان تراجع التضخم أيضا بنسبة 3ر0%، بعد أن كان قد ارتفع في شهر آذار، أيضا بصورة مفاجئة بنسبة 4ر0%.
وقد تراجع التضخم في الأشهر الخمسة الأولى بنسبة 7ر0%، وهذه نسبة قريبة من توقعات بنك إسرائيل المركزي للعام كله، ولكن كما يبدو فإن التضخم سيتراجع بنسب أكثر، لأنه بموجب وتيرة التضخم في العقدين الأخيرين، فإن الارتفاع يكون أساسا في النصف الأول من كل عام، بينما النصف الثاني يلجم أو يتراجع فيه التضخم.
ما يقلق الأوساط الاقتصادية هو أنه إذا كان التراجع القائم مرتبط بالأزمة الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا، فإن هذه الأزمة لم تكن إذ حسبنا الأشهر الـ 12 الأخيرة الماضية، إذ تراجع فيها التضخم بنسبة 6ر1%. وكان التضخم في العام الماضي قد سجل ارتفاعا طفيفا بنسبة 6ر0%.
وحسب التحليلات، فإن تراجع التضخم يعكس حالة تباطؤ في السوق، وقلق المواطنين من المستقبل، ما يجعلهم يعيدون حسابات الصرف، رغم أنه منذ العام 2014 ولاحقا فإن وتيرة التضخم تقل عن الحد الأدنى الذي حدده بنك إسرائيل 1% سنويا والأعلى 3%.
المشكلة تتفاقم، حينما نرى أنه لم تعد أدوات بين المؤسسات المالية الرسمية للتدخل في وتيرة التضخم، وأساسا الفائدة البنكية، التي أقدم بنك إسرائيل المركزي يوم 6 نيسان الماضي على خفضها من 25ر0% إلى 1ر0%، وهي النسبة التي كانت قائمة حتى نهاية تشرين الأول من العام 2018، بعد أن استمرت 45 شهرا. وتعد الفائدة الجديدة صفرية، إلا أن المواطنين لن يشعروا كثيرا بهذا التخفيض، لأن البنوك التجارية رفعت الفوائد على القروض على المواطنين بنسب هائلة، بذريعة الأوضاع الاقتصادية. وجاء قرار بنك إسرائيل، في محاولة لتحرير الاقتصاد من أعباء الفوائد، إلا أن هذه الفائدة تبقى فائدة أساسية يتعامل بها بنك إسرائيل مع البنوك التجارية، وسيشعر من لديهم قروض سابقة بانخفاض طفيف في الأقساط الشهرية.
انكماش الاقتصاد في الربع الأول بنسبة 8ر6%
قال مكتب الإحصاء المركزي، في تقرير معدّل جديد له صدر في الأيام الأخيرة، إن الاقتصاد الإسرائيلي سجل في الربع الأول من العام الجاري انكماشا بنسبة 8ر6%، وليس بنسبة 1ر7% بموجب التقرير الصادر عن المكتب في شهر أيار الماضي. وقال التقرير إن الربع الأول شهد حالة تراجع حادة في الاستهلاك الفردي، في مختلف المجالات على خلفية أزمة كورونا، وبرز في هذا التراجع تراجع بيع السيارات بنسبة 49% في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام.
وقال تقرير مكتب الإحصاء إن تعديل انكماش الاقتصاد للأفضل، جاء بعد وصول تقارير أكثر دقة من التقارير التي قادت الى البيان الأول الصادر في الشهر الماضي، وهذه ظاهرة مألوفة في البيانات الاقتصادية الرسمية. إلا أن المكتب قال إنه يتوقع أن يكون هناك تعديل أكثر جديا في تقريره الذي سيصدر في منتصف شهر تموز المقبل، حينها تكون التقارير الاقتصادية عن الربع الأول من هذا العام أكثر وضوحا.
ويشار إلى أن بنك إسرائيل المركزي يتوقع انكماش الاقتصاد بنسبة 5ر4%، وهذه نسبة تقل عن تقديرات وزارة المالية التي تحدثت عن انكماش أعلى، ولربما يصل الى 8%.
وجاء في التقرير أن الاستهلاك الفردي في الربع الأول من العام الجاري تراجع بنسبة زادت بقليل عن 20%. كما أن استيراد البضائع الاستهلاكية الحياتية اليومية شهد تراجعا في الربع الأول من هذا العام بنسبة 4ر23%، بعد أن كان هذا الاستيراد قد سجل في الربع الأخير من العام الماضي 2019 ارتفاعا بنسبة 4ر11%. وحسب التقرير، فإن الانخفاض الأكبر كان في استيراد الخدمات، بنسبة 52%، مقارنة مع الربع الأول من العام الماضي 2015.
في المقابل، فإن الصادرات سجلت في الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا يلامس 3%، ولكن صادرات البضائع وحدها ارتفعت بنسبة أكثر بقليل من 24%، بينما صادرات الخدمات انخفضت بنسبة حادة، لامست 65%، على ضوء تراجع السياحة وحتى توقفها.
وكان تقرير لشركات وكلاء بيع السيارات الجديدة قد قال إن الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري شهدت انهيارا بنسبة 49% في بيع السيارات، مقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي 2019. فمنذ نهاية آذار وحتى منتصف أيار الماضي، كان التراجع بنسب أكبر في ظل حالة الإغلاق التي شهدتها السوق.
وجاء في التقرير أن التراجع في بيع السيارات الخاصة بلغ 49%، بينما كان التراجع في بيع السيارات التجارية 35%. وبحسب التقديرات، فإن التراجع في العام الجاري كله قد يصل الى 41% في بيع السيارات الخاصة، و38% في بيع السيارات التجارية.
وكان العام الماضي 2019 قد شهد تراجعا بنسبة 1ر5% في بيع السيارات، مقارنة مع مبيعات العام 2018، وهو تراجع للسنة الثالثة على التوالي، بعد مبيعات العام 2016، التي سجلت ذروة غير مسبوقة وتجاوز فيها عدد السيارات الجديدة 300 ألف سيارة.