المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 944
  • سامي بيرتس
  • برهوم جرايسي

ارتفاع الأسعار من المفترض أن يحد من الطلب. وعلى الرغم من ارتفاع كلفة المعيشة، والتذمر المتكرر من ارتفاع الأسعار في كل البلاد تقريبا، فإن الاستهلاك الخاص في ارتفاع مستمر. يشكون ويشترون. يصرخون ويستهلكون.

هناك عدة أسباب لذلك: خفض معدل الفائدة الأساسية؛ تضاعف أسعار البيوت خلال العقد الماضي، وإحساس أصحاب البيوت بالثروة يزيد من الميل إلى الاستهلاك؛ وبالطبع يلعب انخفاض معدل البطالة وارتفاع الأجور دورا رئيسيا في زيادة الاستهلاك، لأن المزيد من الناس يعملون ويكسبون رزقهم.

حتى أن هناك ادعاء بأن الارتفاع في أسعار الشقق زاد الاستهلاك الخاص من جانب آخر. فالشباب الذين لا يستطيعون شراء شقة بسبب الأسعار المرتفعة مقتنعون أنه عند مستوى الأسعار الحالي ليست لديهم فرصة لشراء شقة، لذلك يحولون دخلهم المتاح إلى الاستهلاك. إذا لم يكن هناك مال للشقة، فنحن على الأقل نستمتع بالمطاعم والعطلات والتسوق.

وهناك مجال يظهر فيه التناقض الداخلي بين كلفة المعيشة والطلب المرتفع بشكل خاص: سوق السيارات. السيارات والوقود غالي الثمن، خاصة بسبب الضريبة المرتفعة، من المفترض أن يكون له أثر عكسي، الحد من استخدام السيارات الخاصة والانتقال للمواصلات العامة، إلا أن هذا لا يحدث.

ومع ذلك، هناك أسباب وجيهة تجعل الجمهور الإسرائيلي يفضل السيارة الخاصة. وهناك حافزان لاستخدام السيارات الخاصة في إسرائيل: توافرها الكبير بسبب تطور سوق التأجير في السنوات الأخيرة والقروض بفوائد متدنية لشراء السيارات؛ ونقص وسائل النقل العام الفعالة.

وبحسب مكتب الإحصاء المركزي، ارتفع الاستهلاك الخاص بنسبة 7% في الربع الأول من العام الجاري، مما يعكس زيادة قدرها 1ر5% في نفقات الاستهلاك الخاص بالقيمة السنوية، كما في السنوات السابقة.

وفي هذا السياق، قررت وزارة المالية إجراء تغيير في صيغة الضريبة الخضراء على المركبات مرة واحدة كل عامين، وهذا ما يرفع الأسعار، لذلك هناك تقلبات في مبيعات السيارات بين الفصول وتأثير قوي على بيانات الاستهلاك. ومع ذلك، حتى بدون التغيير في الضريبة الخضراء، كان شراء السيارات مكونا مهما في الزيادة في الاستهلاك الخاص في السنوات الأخيرة، بسبب انخفاض القروض لشراء السيارات في البنوك وخارج النظام المصرفي. ونتيجة لذلك، حذرت المراقبة على البنوك، الدكتورة حيدفا بار، البنوك في تموز 2017، من مخاطر الائتمان لشراء سيارة، مما أدى إلى وقف الزيادة في قروض السيارات، وانخفاض طفيف في أعداد السيارات المباعة.

في السنوات الأخيرة، توقف نمو حجم الائتمان الاستهلاكي، ووصل في نهاية الربع الأول من العام الجاري، إلى 198 مليار شيكل، على غرار الحجم في العام السابق. وهذا دليل على أن الاستهلاك لا ينبع من زيادة استهلاك الأسر. في العقد الماضي، ارتفع معدل الائتمان للأسر فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي من 38% في عام 2007، إلى 42% في عام 2017.

 شيكل قوي، مستهلك قوي

 من المشكوك فيه أن تكون كلفة المعيشة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية المقبلة. وهذا على الرغم من أن كل شيء هنا باهظ الثمن، وكل شيء غال. هذا هو الرأي السائد لدى كل إسرائيلي تقريبا، وهذا هو الواقع أيضا؛ معظم المنتجات هنا غالية الثمن: الشقق، السيارات، الوقود، الطعام، الفنادق، مواقف السيارات، الغاز الطبيعي. في المقارنات الدولية، فإن الأسعار هنا تزيد بنسبة 20 إلى 25% عن متوسط أسعار دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. أي شخص يزور الخارج يكتشفها بسرعة.

في النصف الأول من عام 2019، غادر 8ر3 مليون من حملة الجنسية الإسرائيلية إلى الخارج. زيادة قدرها 4ر7% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2018، وقفزة بنسبة 58% في أربع سنوات. فمخطط "السماء المفتوحة" في مجال الطيران، لكسر الاحتكارات وخفض الأسعار، زاد من عدد الرحلات الجوية من إسرائيل. كما أن تعزيز قيمة الشيكل مقابل الدولار أدى إلى تحسين القدرة الشرائية للإسرائيليين في الخارج، مما سمح لأولئك الذين يسافرون إلى الخارج بأن يلمسوا بسهولة فجوات الأسعار بين إسرائيل والوجهات الدولية الرئيسية والمساهمة في زيادة الاستهلاك الخاص ليس فقط في إسرائيل ولكن أيضا في الخارج.

في الواقع، لا يتعين عليك السفر إلى الخارج لتلاحظ ذلك، يكفي التسوق عبر الإنترنت في المواقع العالمية، وهو اتجاه استهلاك آخر زاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، من أجل تحقيق ذلك وتحقيق القوة الشرائية القوية للشيكل.

في الأشهر الأخيرة، زادت القوة الشرائية للإسرائيليين نتيجة لضعف العملات الرئيسية. إذ يتم تداول الدولار حاليا عند 53ر3 شيكل، مقارنة بـ 78ر3 شيكل في نهاية عام 2018؛ وانخفض اليورو إلى 95ر3 شيكل، مقارنة بـ 32ر4 شيكل في نهاية عام 2018. ومن المفترض أن يعمل الشيكل القوي على انخفاض الواردات وكلفة المعيشة، ولكن العديد من القطاعات الاقتصادية تعاني من الاحتكارات العالية، وهذا ما يرتد على المستهلك.

عند دراسة أسباب الزيادة في الاستهلاك، ليس هناك شك في أن أحد المكونات الرئيسية هو معدل التوظيف، الذي يتزايد بالتوازي مع الزيادة في الأجور. في أدنى الفئات العشرية، يتم توجيه كل زيادة تقريبا في الدخل المتاح إلى الاستهلاك.

معدل البطالة انخفض بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، وفي نيسان 2019 وصل إلى مستوى منخفض بلغ 2ر3% (في الأعمار العاملة الرئيسية، 25 إلى 64 عاما)، مقارنة بـ7ر5% في منتصف عام 2013. خلال تلك الفترة، ارتفع معدل التوظيف تدريجيا وبدون صدمات، من 74% إلى 7ر77%.

هذا الأمر له أهمية كبيرة: إنه يوفر شعورا بالأمان في سوق العمل، مما يؤثر بدوره على الاستهلاك. والأهم من ذلك، أن هذا يحدث مع زيادة الأجور، خاصة في العامين الماضيين. من ناحية أخرى، فإن نسبة عالية من المنخرطين في سوق العمل، والأجور التي في ارتفاع، تؤدي إلى ارتفاع الاستهلاك الخاص بشكل كبير.

يجد بنك إسرائيل صلة وثيقة بين ارتفاع الأجور والزيادة في الاستهلاك، لكن في تحليلاته يحاول تحييد الضوضاء الناتجة عن التقلبات في سوق السيارات. وينصب تركيزه على الاستهلاك بدون سلع متينة (مثل السيارات والثلاجات)، ويجد أن الزيادة تتفق مع الزيادة في مدفوعات الأجور في الاقتصاد. هذا منطقي، لكن من وجهة نظر البنك المركزي، هذا استنتاج مهم يُظهر أنه لا توجد فقاعة استهلاك هنا، أي أن الاستهلاك مرتبط بتطوير الأجور ولا يعتمد بشكل كبير على الإحساس بثروة مالكي المنازل أو الرفع المفرط للأسر. استنتاج بنك إسرائيل هو أنه إذا ظلت هذه العلاقة ضيقة، فإن الاستهلاك الخاص لن ينمو بشكل كبير، لأن سوق العمل تقترب من تحقيق إمكاناتها.

مصدر قلق آخر محتمل هو أن انخفاض سعر الفائدة يجعلنا ندخر أقل وتخصيص حصة أكبر من التوفير الخاص للاستهلاك. لا يعطينا البنك سعر فائدة كبيرا على المدخرات. ويؤدي هذا إلى قيام بعض الناس بتحويل الأموال إلى الاستثمار في الشقق وسوق رأس المال، لكن البعض الآخر يزيد أيضا من الاستهلاك. في هذه الحالة أيضا، لا نرى أي بيانات مهمة تشير إلى ذلك.

لا تزال هناك أسئلة حول القدرة على العمل لخفض كلفة المعيشة طالما أن الطلب والاستهلاك مرتفعان. في الواقع، فإن تصويت الجمهور الإسرائيلي بأرجلهم، السفر إلى الخارج، شراء السيارات، الوقوف في طوابير في المطاعم، هو عامل يقلل بشكل كبير من الضغط على الحكومة لخفض تكلفة المعيشة.

هذا يذكر بقصة الطلاب الذين احتجوا على الرسوم الدراسية العالية وهددوا بالإضراب حول الازدحام في مواقف السيارات بالقرب من الجامعة، فكيف يمكنك أن تشكو من الرسوم الدراسية عندما تنفجر مواقف السيارات بسياراتك؟

____________________________

(*) محلل اقتصادي. عن "ذي ماركر".

 

المصطلحات المستخدمة:

الشيكل, دورا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات